تمثلت السينما الاسرائيلية في مهرجان البندقية السينمائي في دورته ال 69 التي تختتم اعمالها هذا المساء باعلان جوائز الاسد الذهبي ب 6 افلام طغى عليها الهم الاجتماعي والاقتصادي في ظل الاوضاع المتردية في الدولة العبرية وفي مقابل ستة افلام عربية عرضت في البندقية هذا العام وابتعدت الاعمال الاسرائيلية اكثر من اي وقت مضى عن تلك المتعلقة بسينما الحروب التي شغلت السينما الاسرائيلية طويلا والتي قدمت في البندقية ومهرجانات اخرى في السنوات الاخيرة. كما ان الافلام الحاضرة في البندقية تمثل سينما جديدة تمتلك خطابا مغايرا اكثر رغبة في مواجهة الواقع ومحاورة التاريخ ومحاكمته من خلال الحاضر. وعدا فيلمي عاموس جيتاي اللذين قدما في عروض خاصة فان ثلاثة من الاعمال التي قدمت في مختلف التظاهرات هي افلام اولى للمخرجين بينما تم تقديم فيلم جماعي لمخرجين فلسطينيين واسرائيليين. وضمن المسابقة الرسمية حضرت المخرجة راما بورشتاين المولودة في الولاياتالمتحدة وحمل فيلمها، الاول لها، عنوان "املأ الفراغ". اما احداثه فتدور داخل اسرة تعيش في اوساط المتدينين الاسرائيليين في الحي المشهور الذي يضمهم في تل ابيب "ميا شريم". وتعكس المخرجة المتدينة هي نفسها والتي تعلم الاخراج السينمائي للاناث حياة هؤلاء المتشددين ليس في معتقداتهم السياسية او اي شيء من هذا القبيل لكن في حياتهم اليومية وتقاليدهم العائلية في الافراح والاتراح وفي كيفية تجاوز الالم الشخصي عند حدوث مأساة. غير ان محورا آخر من محاور الفيلم الجيد البناء يرتكز على شخصية الشابة شيرا التي تبلغ الثامنة عشرة والتي تتطلع للاقتران بابن عائلة اخرى من نفس عمرها. الا ان وفاة اختها اثناء الولادة وتركها لطفل يضع المراة الشابة امام خيارين خيار العقل وخيار القلب وتقررالعائلة تزويجها بزوج اختها الراحلة. ويركز الفيلم كثيرا على الطقوس اليومية للمتدينين ويظهرهم بقالب انساني نادرا ما قامت به السينما الاسرائيلية المعروفة عالميا. كما تحاول المخرجة خصوصا مقاربة اسرار العلاقة التي تربط الرجل بالمرأة بناء على اسس روحية وتقليدية. وارتأى عدد من النقاد ان ابرز الافلام الاسرائيلية المقدمة في البندقية هذا العام فيلم امير مانور "حايوتا وبيرل" الذي قدم في تظاهرة ايام المخرجين وهو ايضا شريط اول لمخرجه. واختار مانور الحديث عن الاحباط وخيبة الامل لزوجين في الثمانينات كانا لفترة طويلة من ناشطي اليسار الاسرائيلي وعملا في الهستدروت قبل ان يدركا في الفيلم فشل الحلم الصهيوني. ويعكس الفيلم عوزهما الحالي واضطرار ابنهما للهجرة الاقتصادية الى الولاياتالمتحدة في حبكة محكمة توحي بان حكايتهما تنطبق على الكثير من العائلات الاسرائيلية الاخرى. وقدمت تظاهرة "آفاق" فيلم "الرجل قاطع المياه" للمخرج ايدان هوبيل المولود في مستعمرة نهاريا حيث تدور احداث الفيلم وهو كذلك العمل الاول لمخرجه ومحوره الازمة الاقتصادية. وهو يروي قصة رجل يقارب الستين يدعى جابي يلجأ هربا من البطالة الى العمل في شركة مياه ووظيفته قطع المياه عن المتخلفين عن تسديد الفواتيرمقابل 11 شيكل عن كل عملية قطع. وينقل الفيلم المصورعلى الطريقة الواقعية الايرانية بحبكة بسيطة وكلام قليل بؤس ذلك الرجل وبؤس عائلته التي يلتحق ابها في الخدمة العسكرية رغما عنه. ويكتسب الفيلم بعدا رمزيا في كونه يتناول اضافة الى الازمة الاقتصادية والاجتماعية ازمة المياه التي تعامي اسرائيل شحا فيها. الماء ايضا كان عنوان فيلم قدم في افتتاح تظاهرة "اسبوع النقاد" بمشاركة ثمانية مخرجين فلسطينيين واسرائيليين قاربوا موضوع المياه وهم نير سعارومايا سرفاتي ومحمد فؤاد ويونا روزنكيرومحمد بكري وتال هارينج واحمد برغوتي وبيني تاجفير. وروى كل من هؤلاء المخرجين سيرته حول موضوع المياه والتشارك بها بين الفلسطنيين والاسرائيليين. وسلط احد المخرجين الفلسطينيين الضوء على الحصة القليلة للفلسطينيين من الماء بينما روى فلسطيني آخر في وثائقي ضمن المجموعة كيفية توصيل المياه الى البيوت بالصهاريج. ويروى محمد بكري في الجزء الخاص به قصة جرت معه في تل ابيب حين انجز عملا مسرحيا مع ابنه خلاصته ضرورة الذهاب للحوار مع الآخر لاجل البقاء على تلك الارض وهي رؤية يختلف معه فيها الابن الذي يمثل في المسرحية حين يقول "الآخرهو من استولى على ارضي وهو الذي عليه ان يأتي للتحاور معي". فيلم محمد بكري يحاول رواية اختلاف الاجيال حول مسألة مواجهة الآخر والعلاقة معه. وفي عروض خاصة للمهرجان قدم شريطان للمخرج عاموس غيتاي المخرج الاسرائيلي صاحب الانتاج الاكبر والذي انجز لغاية الآن اكثر من اربعين فيلما تراوحت بين الروائي والوثائقي وتناولت واقع اسرائيل الاجتماعي والحربي والديني وايضا اليوتوبي. ويحمل الشريط الاول عنوان "كرمل" بينما يحمل الشريط الثاني عنوان "انشودة لابي" وكلاهما يتناول سيرة الاب والام من تاريخ هجرتهما الى اسرائيل الى اليوم.