تنسيق الجامعات 2025| إعلان نتيجة المرحلة الأولى «الأحد».. وموعد بدء المرحلة الثانية    المصريون بالسعودية يواصلون التصويت في انتخابات «الشيوخ»    المصريون في البرازيل يشاركون في انتخابات مجلس الشيوخ 2025    انطلاق قمة «ستارت» لختام أنشطة وحدات التضامن الاجتماعي بالجامعات لعام 2024-2025    مجلس الشيوخ المصري.. ثمرة عقود من التجربة الديمقراطية    تطوير 380 مركزا تكنولوجيا بالمحليات والقرى والمدن وأجهزة المجتمعات الجديدة    أسعار اللحوم الحمراء اليوم السبت 2 أغسطس    تعاون بين «الجمارك وتجارية القاهرة».. لتيسير الإجراءات الجمركية    النقل: استمرار تلقي طلبات السائقين الراغبين في الانضمام للبرنامج التدريبي المجاني    شركة خدمات البترول البحرية تنتهي من تطوير رصيف UGD بميناء دمياط    خلال مظاهرات تل أبيب| مبعوث ترامب يزور أهالى الأسرى الإسرائيليين بغزة    «يونيسف»: مؤشر سوء التغذية في غزة تجاوز عتبة المجاعة    "من القاهرة للإخوان.. شكرا لحسن غبائكم".. حلقة جديدة من برنامج "الكلام علي إيه" مع همت سلامة    حارس الزمالك يرفض الرحيل في الميركاتو الصيفي    مدرب نيوكاسل: أعرف أخبار إيزاك من وسائل الإعلام.. وأتمنى رؤيته بقميص النادي مجددا    القبض على البلوجر سوزي الأردنية داخل شقتها بالقاهرة الجديدة    الأرصاد: أجواء غائمة جزئياً على شمال البلاد وفرصة لأمطار خفيفة بالقاهرة    تحرير 844 مخالفة مرورية لعدم تركيب الملصق الإلكتروني    حفل أسطوري.. عمرو دياب يحقق أعلى حضور جماهيري في مهرجان العلمين    مراسل إكسترا نيوز: الوطنية للانتخابات تتواصل مع سفراء مصر بالخارج لضمان سلاسة التصويت    بأداء كوميدي وملاكمة فلاحة.. «روكي الغلابة» يحصد 6 ملايين في 48 ساعة    في 16 قرار.. تجديد وتكليف قيادات جديدة داخل وحدات ومراكز جامعة بنها    «بيت الزكاة والصدقات»: غدًا صرف إعانة شهر أغسطس للمستحقين    هل يشعر الأموات بما يدور حولهم؟ عالم أزهري يجيب    79 مليون خدمة طبية لمنتفعي التأمين الصحي الشامل في 6 محافظات    «الصحة» تطلق منصة إلكترونية تفاعلية وتبدأ المرحلة الثانية من التحول الرقمي    مدبولي يُتابع جهود اللجنة الطبية العليا والاستغاثات بمجلس الوزراء خلال يوليو 2025    مفاجأة.. أكبر جنين بالعالم عمره البيولوجي يتجاوز 30 عامًا    "صحة غزة": شاحنات تحمل أدوية ومستلزمات طبية ستدخل القطاع اليوم عبر منظمة الصحة العالمية    انخفاض الطن.. سعر الحديد اليوم السبت 2 أغسطس 2025 (أرض المصنع والسوق)    ابحث عن طريقة لزيادة دخلك.. توقعات برج الحمل في أغسطس 2025    تنسيق المرحلة الثانية للثانوية العامة 2025.. 5 نصائح تساعدك على اختيار الكلية المناسبة    21 مصابًا.. ارتفاع أعداد المصابين في حادث انفجار أسطوانة بوتاجاز بمطعم بسوهاج    شكل العام الدراسي الجديد 2026.. مواعيد بداية الدراسة والامتحانات| مستندات    تنظيم قواعد إنهاء عقود الوكالة التجارية بقرار وزاري مخالف للدستور    موعد مباراة بايرن ميونخ ضد ليون الودية والقنوات الناقلة    وزير الرياضة يشهد تتويج منتخب الناشئين والناشئات ببطولة كأس العالم للاسكواش    النشرة المرورية.. سيولة فى حركة السيارات على طرق القاهرة والجيزة    زلزال بقوة 5.5 درجة يضرب شمال باكستان    الهيئة الوطنية للانتخابات: تواصل دائم مع السفراء لمتابعة انتخابات مجلس الشيوخ بالخارج    أيمن يونس: شيكابالا سيتجه للإعلام.. وعبد الشافي سيكون بعيدا عن مجال كرة القدم    تعرف على منافسات مصر بسابع أيام دورة الألعاب الأفريقية للمدارس بالجزائر    22 شهيدا في غزة.. بينهم 12 أثناء انتظار المساعدات    ترامب يخطو الخطوة الأولى في «سلم التصعيد النووي»    وفاة والد معتمد جمال مدرب الزمالك السابق    سعر الأرز الشعير والأبيض اليوم السبت 2-8-2025 في أسواق الشرقية    تنسيق الدبلومات الفنية 2025.. رابط تسجيل اختبارات كليات الهندسة والحاسبات والتجارة والزراعة (المنهج)    سعر الذهب اليوم السبت 2 أغسطس 2025 يقفز لأعلى مستوياته في أسبوع    الصفاقسي التونسي يكشف تفاصيل التعاقد مع علي معلول    مقتل 4 أشخاص في إطلاق نار داخل حانة بولاية مونتانا الأمريكية    عمرو دياب يشعل العلمين في ليلة غنائية لا تُنسى    محافظ سوهاج يقرر غلق محلين بسبب مشاجرة بعض العاملين وتعطيل حركة المواطنين    كما كشف في الجول – النجم الساحلي يعلن عودة كريستو قادما من الأهلي    استشارية أسرية: الزواج التقليدي لا يواكب انفتاح العصر    حسام موافي ينصح الشباب: مقاطعة الصديق الذي علمك التدخين حلال    أمين الفتوى: البيت مقدم على العمل والمرأة مسؤولة عن أولادها شرعًا (فيديو)    هل يشعر الأموات بما يدور حولهم؟ د. يسري جبر يوضح    وزير الأوقاف يؤدي صلاة الجمعة من مسجد الإمام الحسين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نبيل زكى: حتي لا نعود إلي مجتمع الغابة
نشر في أخبار مصر يوم 16 - 04 - 2012

ثمة تصريحات وتصرفات تتكرر هذه الأيام،‮ وتثيرأكبر دواعي القلق لدي المخلصين لهذا الوطن‮.‬ وأقصد بذلك لغة الانذارات والوعيد والتهديدات بالويل والثبور وعظائم الأمور،‮ التي يستخدمها البعض إذا لم تتحقق رغباتهم ومطالبهم في شأن من الشئون‮.‬
والمؤسف ان هذه اللغة تحتوي علي تلويح باستخدام القوة والعنف لغرض تنفيذ تلك الرغبة او المطالب‮.. فقد سمعنا من يدعو إلي إعلان الحرب والنزول الي الميادين‮ »‬بالملايين‮« إذا لم يتم السماح لشخص معين بالترشح لموقع الرئاسة‮!
وهناك من صرح بأنه‮ »‬سيقاتل‮« حتي لا يصبح أحدهما رئيساً‮ لمصر‮(!) حيث ان مجرد ترشح هذا الشخص‮ »‬جريمة في الوطن وحق الثورة‮«. وظهر تهديد‮ »‬بعدم ترك الساحة‮« ما لم يتحقق المطلوب،‮ وهناك من هدد بإعلان‮ »‬الكفاح المسلح‮« إذا فاز أحدهم بالرئاسة‮!! وسمعنا ايضاً‮ نداء‮ »‬حي علي الجهاد‮« إذا صدر حكم من المحكمة لا يتفق مع ما يطالب به البعض‮!!‬
وصدرت تحذيرات ساخنة ضد اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية لكي لا تستند إلي مستندات معينة‮.. وبالتالي‮ »‬تتحدي وقفة الشعب المتوثبة‮«!‬ ووصلت الأمور الي حد ان اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية قررت إخلاء مقرها خوفاً‮ منها علي حياة اربعين موظفاً‮ يعملون بامانة اللجنة بعد التهديد باقتحام مقرها لارهاب اعضاء اللجنة وارغامهم علي اتخاذ القرار الذي يريدونه تحت الضغط والارهاب‮. وأوقفت اللجنة عملها بسبب محاصرة انصار أحد المرشحين لمقرها‮.‬
أنها أجواء العنف والصدام وسط كلام‮ غير مسئول ينذر بتفجير بحور من الدماء‮! واستمرت هذه الاجواء رغم اعلان المستشار‮ »‬حاتم بجاتو‮«‬،‮ الأمين العام للجنة الانتخابات الرئاسية،‮ رفضه للغة التهديدات،‮ وقوله بانه لا يجوز توجيه انذار للقضاة‮.‬
وسط الصرخات الداعية الي‮ »‬عدم السكوت‮« علي ما يجري،‮ والاستخدام المتكرر لعبارة‮ »‬لن نسمح‮« (!) يشعر المرء انه ليس في دولة القانون،‮ وإنما في مجتمع الغابة حيث لا يسود إلا منطق القوة الغاشمة والبقاء للاقوي‮!‬ وكنت اتصور أنه في ظل ثورة ‮52 يناير،‮ ومطالبتنا بدولة سيادة القانون،‮ فأن الامور ينبغي ألا تخرج عن السيطرة أو تتخذ شكل استعراض العضلات،‮ وفرض الرأي عنوة وبالإكراه‮.‬ كنت افترض ان ثقافة الديمقراطية هي السائدة عقب الثورة مع اعتماد الحوار المتكافيء والاحترام المتبادل والسماحة وقبول الآخر واحترام الاختلاف في الرأي‮.‬
وكنت اثق في أن البنية الثقافية للمجتمع المصري،‮ في مجملها،‮ بنية معتدلة،‮ وان كل محاولات الانظمة السابقة لتجريف الشخصية المصرية لم تفلح في إقتلاع الوسطية التي تشكل أساس هويتنا الثقافية المعبرة عن تاريخنا الحضاري‮.‬ وقد كان منهج الاعتدال من أسس التوازن والتماسك والامن السياسي والاجتماعي في بلادنا،‮ وهذا هو السبب في ان المصريين كانوا يحرصون علي تحقيق توازن بين الأمن والحرية،‮ فلا نقع ضحية للتسلط والاستبداد باسم الأمن،‮ ولا نقع في فوضي باسم الحرية‮.. ولم يدرك البعض،‮ حتي الان،‮ ان التجمهر امام المحاكم يتعارض مع قواعد العدالة اللازم توافرها لاصدار الأحكام‮.
وهذا ما يؤكد عليه المستشار أحمد كشك،‮ عضو هيئة قضايا الدولة،‮ الذي يقول ان حكم المحكمة يعتبر باطلاً‮ شكلاً‮ إذا صدر في ظروف لا تتفق مع الاسس التي تقوم عليها العدالة‮.. فالقاضي لا يصدر حكما وهو‮ غاضب أو خائف أو يتملكه شعور باحتمال وقوع اعتداء عليه في حالة صدور حكم لا يرضي الجمهور‮.. وأخشي ما أخشاه أن يؤدي هذا الجنوح ولغة العنف الي عواقب وخيمة بالنسبة للمجتمع المصري وان ينعكس التطرف السياسي علي كل مظاهر الحياة في بلادنا‮.‬
وقد اقلقني ذلك التحقيق الصحفي الخطير الذي نشره زميلنا في مجلة روز اليوسف‮ »‬سيد دويدار‮« عن الرعب والتوتر بين أهالي مركز كرداسة التابع لمديرية أمن الجيزة،‮ حيث تتواجد‮ »‬لجان شعبية‮« يقودها ملتحون يحملون جميع انواع الاسلحة في وجه المواطنين بزعم‮ »‬اقامة حدود الله‮«‬،‮ بينما الآمن لا يحرك ساكناً‮ ولا يجرؤ علي محاسبتهم‮! ويوضح التحقيق أن الشيخ محمد الغزلاني،‮ العضو البارز في جماعة‮ » الجهاد‮«‬،‮ يتولي قيادة ميليشيات الجهاد والسلفيين الي جانب مجموعة من البلطجية لإلغاء مؤسسات الدولة والحلول محلها‮.. والدليل علي ذلك انه عندما أعيد فتح مركز شرطة كرداسة،‮ قاد أحد المشايخ‮ - ومعه الغزلاني‮ - المسلحين لاطلاق وابل من الأعيرة النارية علي الضباط مهددين بتصفيتهم إذا تم اعادة فتح المركز‮..
واستجابت قيادات وزارة الداخلية للمسلحين والبلطجية،‮ وأغلقت المركز‮.. ثم جرت مفاوضات لعقد صفقة للإبقاء علي ميليشيات السلفيين والجهاد لتمارس‮ »‬عملها‮« في المركز بمساعدة الشرطة‮ (!!) واصبح للميليشيات الأمر والنهي في كرداسة‮!!‬ ألا يعني ذلك أننا بازاء منعطف خطير يهدد بتقويض دولة القانون‮.. بل كيان الدولة ذاته‮.. في ظل سيادة العنف؟ والتيارات التي تميل الي استعراض القوة واستخدام لغة العنف تدعي‮ - في احيان كثيرة‮ - انها تعارض‮ »‬العودة إلي الوراء‮«‬،‮ أي إلي النظام السابق البائد وترفض الرجوع ثلاثين سنة الي الخلف‮.‬
غير أننا،‮ في حقيقة الأمر،‮ نواجه شبح العودة إلي الوراء مئات السنين‮ -‬وربما آلاف السنين‮- وليس ثلاثين سنة فقط‮!‬ والدليل علي ذلك هو مطالبة البعض بالغاء قانون التحرش لأن المرأة هي المسئولة عما يحدث لها إذا خرجت من بيتها‮(!) ولا يقع اللوم علي المتحرشين‮ (!) والمطالبة بالعودة الي ختان الإناث،‮ وفرض الرقابة علي المصنفات الفنية السمعية والبصرية‮.. ومنع تدريس اللغة الإنجليزية،‮ والعودة إلي نظام‮ »‬بيت المال‮« باعتبار ان مصر دولة دينية،‮ وإلغاء المكاسب المتواضعة التي حصلت عليها المرأة المصرية منذ سنوات‮ غير قصيرة،‮ ومنها قانون الخلع،‮ الي جانب المطالبة بتخفيض سن الزواج للفتاة حتي تتزوج وهي طفلة،‮ واعتبار الحضارة المصرية القديمة‮ »‬حضارة عفنة‮«‬،‮ وتطبيق‮ »‬حد الحرابة‮« لممارسة عقوبة الصلب وقطع الأيدي والأرجل من خلاف،‮ رغم ان قانون العقوبات الحالي مليء بالنصوص الرادعة،‮ واعتبار التصوير‮ »‬حرام‮« والتلويح بانشاء‮ »‬جماعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر‮« لترويع المواطنين،‮ والتهديد بهدم الأضرحة،‮ والدعوة إلي إلغاء الاحتفال بشم النسيم وبمولد النبي‮!‬
ولم يتحرك الشعب المصري في ‮52 يناير ‮1102 لكي يجد ان هناك من يحاول اصدار قانون جديد للتظاهر لا يختلف عن أي قانون مماثل في دولة بوليسية،‮ ولم يتحرك الشعب المصري في ‮52 يناير لكي يجد مجلسا للشوري يحاول السيطرة علي الصحف القومية بنفس اساليب وعقلية العهد السابق‮. ولم يتحرك المصريون لكي يفتحوا الطريق امام من يريد اجراء عملية لتجميل انفه ويمارس الكذب ثم يلحقه من ينكر جنسية والدته‮! لم يكن هدف الثورة اقامة إمارة افغانية أو الارتداد الي القرون الوسطي أو فرض قانون الغابة،‮ وأنما كان الهدف هو توفير الخبز والحرية والكرامة‮ الانسانية والعدالة الاجتماعية‮. ولم يتحقق هذا الهدف حتي الآن‮.
والسبب ان هناك من يصرون علي استدراجنا الي مناخ العنف والصدام وعلي تقسيم المجتمع إلي‮ »‬بتوع ربنا‮« و‮ »‬أعداء الإسلام‮« كما لو كانوا يشقون القلوب ويملكون تفويضا آلهياً‮ بفرض وصايتهم علي سائر الناس‮.. واستمرار هذا المناخ يهدد بتمزيق النسيج الوطني وتدمير كيان الدولة المصرية وتغليب القوة علي الحق‮.‬
كلمة السر‮: الاعتدال واحترام الخلاف
نقلا عن صحيفة الاخبار


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.