أرجع خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية «حماس» أسباب تعثر الحوار الوطني الفلسطيني إلى العامل الذاتي المتمثل برفض فريق رئاسة السلطة للوحدة والشراكة مع حركة حماس وإلى سبب آخر هو التدخل الخارجي. وقال مشعل إن التدخل الخارجي يتمثل تحديداً بالموقف الأمريكي والاسرائيلي «الضاغط باتجاه عدم إجراء أي حوار أو لقاء أو اتصال مع حماس، وذلك لترسيخ الانقسام وإضعاف الموقف الفلسطيني لفرض تسوية وفق الرؤية الصهيو أميركية». وأوضح في لقاء خاص أجرته معه قناة «المنار» اللبنانية أن هناك فريقاً فلسطينياً يستأثر بالسلطة ويتخذ منها وسيلة لتحقيق مصالحه الشخصية والفئوية، منوهاً بأن هذا الفريق يجد في حالة الانقسام فرصة للتخلص من الشراكة مع حركة «حماس» ليتسنى له التفاوض مع الاحتلال والمقامرة بالمستقبل الفلسطيني. وأضاف مشعل أن الإدارة الأميركية والحكومة الاسرائيلية ترفضان الحوار الفلسطيني وذلك لترسيخ الانقسام في الساحة الفلسطينية «وصولاً إلى إضعاف الموقف الفلسطيني من أجل فرض الإملاءات والشروط على المفاوض الفلسطيني»، مشيراً إلى أن «وقف الحوار مع حماس هو في مقدمة الشروط والإملاءات التي يفرضها الأميركيون والصهاينة على محمود عباس لقاء الدعم السياسي والمادي الذي يتلقاه منهم». واعتبر القيادي الفلسطيني البارز أن المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية في ظل وجود انقسام في الصف الوطني، وفي ظل انكشاف ظهر المفاوض الفلسطيني، وغياب المرجعية الفلسطينية، هو «نوع من الهروب إلى الأمام بمفاوضات مع العدو» وقال «من يفعل هذا نكاية بطرف فلسطيني آخر، فهو يعاقب نفسه، لأنه يستهلك من الرصيد الفلسطيني». وأشار إلى أن فريق رئاسة السلطة يحاول إثارة القلاقل وإشاعة الفوضى في قطاع غزة، لإثارة الشعب الفلسطيني في غزة ضد حماس ودفع الأهالي للانقلاب الحركة، منوهاً بأن «ما جرى في قطاع غزة يوم الجمعة كان استخداماً للصلاة استخداماً سياسياً، كجزء من حملة مدروسة، أصحابها معروفون في رام الله ورجالها وأدواتها معروفون في غزة، لإثارة القلاقل». وأضاف مشعل أن ما يجري في غزة من حصار وتجويع وإغلاق للمعابر وقطع للكهرباء، ودعوات رئاسة السلطة لاستقدام قوات دولية، ورفضها الاعتراف بنتائج الثانوية العامة في غزة، إضافة لمحاولاتها تهديد الاستقرار والأمن الفردي والمجتمعي في القطاع من خلال التحريض والقلاقل «هو جزء من حملة الحصار والإفشال لحركة حماس»، مشيراً إلى أن البعض في فريق رئاسة السلطة طالب الأوروبيين بعدم التخفيف من الحصار على قطاع غزة. وقال «إن عملية القتل البطيء لمؤسسات المجتمع المدني في الضفة الغربية والمؤسسات الخيرية والاجتماعية والأندية واستهداف أعضاء مجالس البلديات المنتخبين، وكل ما هو محسوب على حركة حماس في الضفة الغربية، هو أيضاً جزء من خطة محاصرة حماس». وأعرب مشعل عن رفضه لدعوة رئيس السلطة محمود عباس إجراء انتخابات مبكرة، وأوضح أن عباس ليس له الحق في الدعوة إلى هكذا انتخابات. كما أن الأوضاع الداخلية الفلسطينية، في ظل حالة الانقسام، لا تسمح بإجراء الانتخابات، بالإضافة إلى أنه لا يوجد في المرحلة الراهنة أي ضمانة لنزاهة تلك الانتخابات. وفيما يتعلق بمطالبة رئاسة السلطة بعودة الأمور لما كانت عليه في السابق؛ أوضح رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» أنه إذا كان المقصود بإعادة الأمور هو عودة الوحدة بين الضفة الغربية وقطاع غزة «فهذا هو موقف حركة حماس»، أما إذا كان المقصود هو عودة الفاسدين والأجهزة الأمنية المرتبطة بأجندة غير وطنية، فإن أهالي القطاع سيرفضون ذلك، وقال «أجزم أن لا أحداً في قطاع غزة ولا في الضفة الغربية ولا حتى العقلاء في فتح يريد ذلك». وجدد مشعل التأكيد على موقف حركة حماس المطالب بالحوار الوطني، وقال «نحن مع إطالة النفس واستيعاب الأمور رغم معرفتنا بقسوة المؤامرة». وأجمل مشعل رؤية حركة حماس للخروج من الأزمة الراهنة التي تعيشها الساحة الفلسطينية بالتالي: - أولاً الشروع بحوار وطني على أساس وحدة الضفة الغربية وقطاع غزة - ثانياً: وحدة النظام السياسي الفلسطيني - ثالثاً: احترام الشرعية الفلسطينية بكل مكوناتها - رابعاً: احترام القانون - خامساً: إصلاح الأجهزة الأمنية وإعادة بنائها على أسس وطنية ومهنية - سادساً التوافق على إقامة حكومة مركزية. وفيما يتعلق بالتهديدات الاسرائيلية لاجتياح قطاع غزة، لم يستبعد القائد الفلسطيني أن تقوم القوات الاسرائيلية بعمل عسكري ضد قطاع غزة. لكنه شدد على أن الشعب الفلسطيني لن يقف مكتوف الأيدي أمام هذا الاجتياح. وحول اختراق الطيران الحربي الاسرائيلي للأجواء السورية، أكد مشعل على وجود مخزون من الأهداف والنوايا والدوافع لدى اسرائيل لتحضر المنطقة لحروب. وحول دعوة الرئيس الأميركي جورج بوش لعقد اجتماع دولي في الخريف القادم، أوضح مشعل أن هدف هذا الاجتماع هو «ترسيخ الانقسام في الصف الفلسطيني والعربي، كما أنه محاولة لإحراج العرب للوقوف إلى جانب أمريكا وسياساتها في المنطقة»، محذراً من خطورة ما سيسفر عن هذا الاجتماع من نتائج. وختم رئيس المكتب السياسي لحركة حماس المقابلة التليفزيونية بالإعراب عن تفاؤله واطمئنانه وثقته بتجاوز الأزمة الراهنة وعودة اللحمة إلى الصف الوطني الفلسطيني.