أكد رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" خالد مشعل نية الحركة ورغبتها الحقيقية في تحقيق المصالحة الوطنية الفلسطينية مع الأطراف الأخرى، مشددًا على أن تجربة الحركة في القطاع إجبارية واضطرارية لا طبيعية.
وأوضح مشعل خلال لقائه وفد "جمعية الصحافيين" الكويتية يوم السبت (20-6)، أن الحركة ستتجاوز جميع العقبات التي تعترض المصالحة الوطنية، وأن تجربتها في القطاع إجبارية اضطرارية لا طبيعية؛ لأن "حماس" دُفعت إليها بشكل قسري ولم تختره، قائلاً: "لا يصح أن يكون هناك سلطة في الضفة وأخرى في غزة، وحكومة في الضفة وأخرى في غزة، بل يجب أن يكون هناك سلطة واحدة وحكومة واحدة بتوافق وطني وفق قواعد اللعبة الديمقراطية التي نحتكم إليها، لكن -للأسف- البعض رفض الاحتكام إلى اللعبة الديمقراطية، ورفض نتائج انتخابات كانون الثاني (يناير) 2006، ولجأ إلى الاستقواء بالعامل الخارجي، فأدى ذلك إلى حالة الانقسام".
وعما توصل إليه اجتماع المكتب السياسي للحركة، قال إنه تم نقاش بندين على جدول الأعمال؛ أولهما ما يختص بالشأن الداخلي الفلسطيني، والمتمثل في المصالحة ومتابعة التحضيرات لإنجاحها وتذليل العقبات، والبند الثاني يتعلق بالشأن الوطني العام، وكيفية التحرك السياسي والميداني للمحافظة على الحقوق الفلسطينية في ظل الموقف الصهيوني الذي عبَّر عنه نتنياهو في خطابه الأخير.
وعما إذا كانت "حماس" توافق على الدخول في حكومة وطنية مع السلطة قال مشعل "بالتأكيد؛ فالمشكلة ليست عندنا، وإنما المصالحة تعترضها بعض العوائق؛ أهمها التدخل الخارجي"، متسائلاً: "لماذا يُفرَض على الفلسطيني حتى يتصالح مع أخيه الفلسطيني شروط استباقية من قِبل "الرباعية الدولية"؟!".
وأوضح أن "حماس" عرضت خيارين بشأن الحكومة الانتقالية؛ أولهما أن يكون برنامج الحكومة السياسي مستمدًّا من برنامجها الوطني، والذي هو "وثيقة الميثاق الوطني" لعام 2006 الذي وقعت عليها "حماس" و"فتح" ومعظم القوى، ومن برنامج حكومة الوحدة عام 2007 بعد "اتفاق مكة" الذي شاركت فيه مختلف الفصائل الفلسطينية.
وأشار إلى أن الخيار الآخر هو أن تكون الحكومة بلا برنامج سياسي؛ لأنها حكومة انتقالية، ولا حاجة ملحة لها إلى البرنامج السياسي؛ حتى لا تثقل به، مبينًا أن هذا الخيار تم رفضه أيضًا ووضع "فيتو" عليه.
لا يجوز تجريم المقاومة
وأكد مشعل أنه لا يحق لأية سلطة أو قيادة أن تجرِّم المقاومة وتخرجها عن القانون في ظل دولة وشعب يعيشان تحت الاحتلال، معتبرًا أن هذا الأمر غير معقول، وبيَّن أن من الممكن وضع قوانين تنظم تداول السلاح في حال كانت الدولة مستقلة ولها سلطة وجيش، ولكن في ظل وجود احتلال لا يجوز تجريم المقاومة أو ملاحقتها أو اعتقالها أو اغتيالها، وذكر أن هناك استهدافًا للجناح العسكري ل"حماس" والبنية التنظيمية لها وقياداتها ومؤسَّساتها، إضافة إلى سياسة تجفيف منابع التمويل.
وأوضح أن ل"حماس" أكثر من 600 مختطف في الضفة الغربية؛ منهم من يُقتل تحت التعذيب، ومنهم الشهيدان هيثم عمر ومجدي البرغوثي وحالات أخرى في قلقيلية، مشيرًا إلى أنه أبلغ المسؤولين المصريين أنه ما لم تذلل هذه العقبة فهذا يعني فشل المصالحة.
وذكر مشعل أن القرار في الضفة الغربية الآن للجنرال دايتون الذي يبني سلطة قمعية هناك؛ حيث إنه يشكل الأجهزة الأمنية ويشرف على تدريبها، ويتجوَّل في مدن الضفة كما لو كان وصيًّا عليها، وشبَّه ما يفعله دايتون في الضفة بما كان يفعله الجنرال "غلوب" باشا الذي كان مشرفًا على الجيش الأردني في الخمسينيات.
وأوضح أن "حماس" مستعدة للتوصل إلى سلام مع الكيان الصهيوني مع تمسكها بخيار المقاومة؛ لأن السلام العادل لا يمكن تحقيقه دون قوة؛ لأن ميزان القوى ضروري لخوض الحروب وأيضًا لصنع السلام، وإلا تحوَّل الأمر إلى استجداء، قائلاً: "إن هناك خيارين لإجبار الكيان الصهيوني على قبول شروط الحل السابقة: إما أن نجبرها نحن، أو أن يجبرها المجتمع الدولي، لكن المجتمع الدولي غير ناضج أو مؤهل لذلك".
وأكد مشعل أن المقاومة أخرجت المحتل من غزة، وأن مزيدًا منها سيخرجه من الضفة، مشيرًا إلى أن إمكانيات "حماس" المتواضعة في غزة مكنت الشعب هناك من الصمود 21 يومًا أمام الآلة الجهنمية الصهيونية.
وعن آخر تطورات موضوع الجندي الأسير جلعاد شاليط قال مشعل: "لا جديد بشأنه حتى الآن؛ لأن الطرف الصهيوني لا يزال متعنتًَا ويريد استرداد شاليط دون أن يفرج عن الأسرى الفلسطينيين"، وأضاف: "لدينا 12 ألف مختطف ومختطفة في سجون العدو الصهيوني، وطلبنا الإفراج عن ألف مختطف، لكن دولة الاحتلال كعادتها أغرقتنا في التفاصيل، ووضعت "فيتو" على أسماء مهمة ونوعية من القوائم التي قدمناها؛ ما أدى إلى الفشل".
الدور المصري السوري
وعن الدور الذي تقوم به كلٌّ من مصر وسورية في سبيل التهدئة والمصالحة بين الفصائل الفلسطينية، قال مشعل إن مصر هي راعية الحوار والمصالحة الفلسطينية، وهي أكبر دولة عربية، ودورها أساسي ومهم، وإن "حماس" حريصة على التجاوب مع جهود القاهرة لتحقيق المصالحة، كما تجاوبت في العديد من الأمور السابقة.
وأكد أن دور مصر أساسي في المصالحة، داعيًا إياها -بحكم مسؤوليتها القومية والإسلامية- إلى أن تخطوَ خطوات باتجاه فتح معبر رفح ورفع الحصار عن غزة.
أما عن سورية فقال مشعل إن لدمشق دورًا أساسيًّا، وإن موقفها متوازن وإيجابي جدًّا فيما يتعلق بالمصالحة الفلسطينية، وهي حريصة على إنجاح الجهود المصرية، مبديًا أسفه لسوء تقدير الموقف السوري عند البعض، مشددًا على حرص "حماس" على وحدة الموقف العربي؛ لأنه يعطي قوة للموقف الفلسطيني.
وحول خطابه المرتقب أكد مشعل أنه سيعبِّر فيه عن رؤية الموقف الفلسطيني من ناحية "حماس" تجاه ما يطرحه الاحتلال الصهيوني، خاصة بعد خطاب نتنياهو، وفي ضوء الطرح الأمريكي في عهد الإدارة الجديدة، وفي ظل الوضع الفلسطيني الداخلي.