فى مسعى دبلوماسى جديد لاحتواء الأزمة النووية الايرانية ، قام اليوم الأربعاء أولي هاينونن نائب مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة بزيارة طهران على رأس وفد من الوكالة لاختبار أحدث وعود إيران بالاجابة عن أسئلة الوكالة بشأن برنامجها النووي في ظل تعرضها للتهديد بمزيد من العقوبات الدولية . كما أجرى وفد الوكالة الأربعاء-محادثات مغلقة لأكثر من ثلاث ساعات ،من المقرر استئنافها غداً الخميس -مع على لاريجانى كبير المفاوضين النوويين الايرانيين، والمسئولين الايرانيين فى الملف النووى و ممثلى وكالة الطاقة الذرية الايرانية حول تفاصيل اقتراح إيران وضع "خطة عمل" للتصدي للشكوك في أن برنامجها النووي له أهداف عسكرية مما أثار الأمل في نزع فتيل المواجهة مع القوى الكبرى. وتستهدف المحادثات ايجاد إجابة على أسئلة عالقة مثل تفسير العثور على آثار يورانيوم عالي التخصيب ، يمكن استخدامه فى صنع قنابل نووية على بعض المعدات فضلا عن معرفة المزيد من المعلومات بشأن التجارب التى تجرى على البلوتونيوم، ووضع البحوث التى تجرى حول وحدات متقدمة للطرد المركزى ،وبإمكانها تخصيب اليورانيوم اسرع من النوع الذى تستخدمه ايران حاليا .وكان "لاريجانى" قد طرح فكرة تسوية القضايا العالقة خلال اجتماع عقد نهاية يونيو الماضى فى مدريد استنادا الى عدم فاعلية الافكار السابقة .
وقد أكد د. محمد البرادعى المدير العام للوكالة أن إيران أبطأت عملية تركيب أجهزة طرد مركزي لتخصيب اليورانيوم بمنشآت نطنز في اطار برنامجها النووي حيث رصد مفتشو الوكالة الدولية هذا التحول بعد أشهر قامت إيران خلالها بتسريع وتيرة عملية تركيب أجهزة الطرد المركزي لتخصيب اليورانيوم. وحث "البرادعى " ايران على تجميد أنشطة توسيع منشأت تخصيب اليورانيوم مطالبا الولاياتالمتحدة بفتح قنوات الحوار المباشر مع طهران .
وتعقيبا على تصريحات مديرعام الوكالة الدولية للطاقة الذرية ،أكد الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد اليوم الاربعاء عقب انتهاء اجتماع لمجلس الوزراء الايراني أن الشعب الايراني لم ولن يتراجع عن حقه المشروع في امتلاك التقنية النووية المدنية،ولوقيد أنملة. وأعلن الرئيس الايرانى أن الإبطاء أو الإسراع في نصب أجهزة الطرد المركزي من المسائل الطبيعية التي تحدث في المشاريع التنفيذية. وقال "نجاد": "إن موقفنا بشأن الأنشطة النووية المدنية واضح تماما وان كافة أنشطتنا جرت وستجري في اطار الوكالة الدولية للطاقة الذرية وهي الآن كذلك ايضا". مضيفا "نحن دعاة حوار ونعتقد انه اذا كان هناك غموض معين، فان الطرف الآخر يمكنه حل المسألة من خلال الحوار ". وكانت طهران قد وجهت أواخر يونيو/ حزيران دعوة إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية لزيارة طهران لوضع خطة واقعية لإزالة أي شكوك قائمة إزاء برنامجها النووي.
ردود الافعال الدولية :
منذ اعلان ايران دخول برنامجها النووى مرحلة التصنيع فى ابريل الماضى ، اثارت مخاوف الدول المتقدمة ، وفى مقدمتها: الولاياتالمتحدةالأمريكية التى تخشى استغلاله لتطوير سلاح نووي رغم تأكيد ايران الطابع السلمى لبرنامجها . ومن ثم ، فالولاياتالمتحدة وحلفاءها الاوروبيون يشكون في أن وعد إيران الخاص بالشفافية ليس سوي مجرد مناورة لكسب الوقت بهدف تجنب فرض عقوبات أخرى لايقاف برنامجها النووي الذي تشتبه القوى الغربية في أنه واجهة برنامج لصنع قنبلة نووية. وتحاول واشنطن عبر مجلس الأمن دفع حلفائها لإصدار قرار جديد بتوقيع المزيد من العقوبات ضد ايران بسبب استمرارها في برنامجها النووي.لكن دبلوماسيين بالأمم المتحدة وبعض المراقبين يشككون في قدرتها هذه المرة علي تحقيق ذلك خشية من تأثيره السلبى على اجراءات تفتيش المواقع النووية الايرانية ، علاوة على أن بعض الدول دائمة العضوية في المجلس أعلنت بوضوح رفضها تشديد العقوبات علي طهران باعتبار الوكالة الدولية للطاقة الذرية وليس مجلس الأمن المكان الملائم لمعالجة ملفها النووي. .. فعلى سبيل المثال لم تغير موسكو حتي الآن علي الأقل موقفها من ضرورة التأني قبل شروع مجلس الأمن في استصدار قرار جديد بالعقوبات.
ورغم أن الصين صوتت لصالح قرار العقوبات الأخير الصادر من مجلس الأمن في مارس الماضي ،صرح رئيس مجلس الأمن الحالى السفير الصيني "جوانجيا" بأن ملف الأزمة ينبغي أن ينتقل من نيويورك إلي فيينا وأن دور مجلس الأمن يقتصر فقط علي مساندة د.محمد البرادعي مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية في مفاوضاته مع القادة الإيرانيين. وأضاف أن الوضع في الشرق الاوسط معقد حاليا وأن العديد من الدول تري ان الجهود الدبلوماسية والمفاوضات التي يجريها كل من الإتحاد الاوروبي و الوكالة الدولية للطاقة الذرية يمثلان المسار الوحيد للخروج من الأزمة.
وأكد الموقف نفسه تقريبا بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة منذ نحواسبوعين حيث أعلن إنه ضد استخدام القوة العسكرية لحل المشكلة الإيرانية وأنه لايزال يعتقد في امكانية حل المشكلة عبر المفاوضات.
ومن المتحمسين أيضا للحل الدبلوماسي عبر المفاوضات السلمية مع ايران د. محمد البرادعي الذي وصف صراحة هؤلاء الذين يدعون إلي ضرب طهران بالمجانين!! وقال بوضوح إن برنامج ايران النووي وصل مرحلة اللاعودة وأنها باتت علي مسافة8 سنوات فقط لإنتاج السلاح النووي إن ارادت!.
و لاتزال إيران تتمتع بتعاطف شديد من الدول النامية الأعضاء في مجلس الأمن وفي مجلس أمناء الوكالة الدولية للطاقة الذرية وعلي رأسها الهند والبرازيل وماليزيا وجنوب أفريقيا. وقد أبدي ممثلو هذه الدول تململهم من أي قرار جديد لإدانة إيران علي أساس أنه لا يوجد دليل علي سعي ايران لإمتلاك سلاح نووي فضلا عن تأكيدات طهران المستمرة بأن برنامجها يستهدف انتاج الوقود اللازم لتشغيل محطات الكهرباء، وأن إيران كانت في مقدمة الدول التي انضمت إلي معاهدة منع الانتشار النووي عام1968 ووافقت علي إخضاع منشآتها النووية للتفتيش من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية. كما لم ترفض طهران البروتوكول الإضافي الملحق بالمعاهدة والذي يتيح لخبراء ومفتشي الوكالة القيام بزيارات مفاجئة للمواقع المشتبه فيها.
وكان مجلس الأمن الدولي تبنى منذ ديسمبر الماضى قرارين يفرضان عقوبات اقتصادية وتجارية على طهران لحملها على تعليق نشاطاتها النووية، لكنها لم تمتثل لذلك، الأمر الذي جعل الولاياتالمتحدة وحلفاءها يفكرون في عرض قرار ثالث على المجلس.
وشغلت إيران نحو ألفي جهاز طرد منذ فبراير/شباط الماضي، ويتوقع مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن تتمكن إيران قريبا من تشغيل ثلاثة آلاف . ولاتزال المباحثات مستمرة لانهاء الأزمة النووية الإيرانية بالطرق السلمية رغم تحدى ايران المجتمع الدولى ؟.