مازالت ايران ترفض الرضوخ للضغوط الدولية الرامية لتعليق برنامجها النووى الطموح ،وفى مسعى دبلوماسى جديد لتسوية الأزمة النووية الأيرانية التى تفجرت عقب اعلان انطلاق برنامجها الى المرحلة الصناعية لتخصيب اليورانيوم فى9 ابريل الجارى ، بدأت اليوم الأربعاء محادثات جديدة بالعاصمة التركية "أنقرة" بين على لاريجانى كبيرالمفاوضين الإيرانيين في الملف النووي وخافيير سولانا الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية بالاتحاد الأوروبي،ويعد هذا الاجتماع الذي يعقد بين سولانا ولاريجاني أول محادثات مباشرة بينهما منذ فرضت الأممالمتحدة عقوبات جديدة على طهران الشهر الماضى .وتركز مباحثات لاريجانى و سولانا التى تستغرق يومين على التعريف المحدد للمواد الداخلة ضمن تخصيب اليورانيوم والتى رفضت طهران وقف نشاطها الخاص به.ومن المقرر ان يلتقي لاريجاني وسولانا صباح غد الخميس عبدالله جول وزير الخارجيةالتركي ثم يصدرون بيانا مشتركا حول نتائج المفاوضات . وقد أعلن على لاريجانى أنه يحمل أفكارا جديدة بشأن تطورات ملف طهران النووى ستتم مناقشتها خلال لقائه مع خافيير سولانا اليوم الاربعاء،مشددا على أن إيران تتصرف فى إطار التزامها بمعاهدة حظر الانتشار النووى ووفق معايير الوكالة الدولية للطاقة الذرية واصفا التعثر الحالي بأنه سياسى حيث سبق أن اجري محادثات مع سولانا الا ان هناك شروطاً غير منطقية مثل التعليق الكامل لعمليات التخصيب أحبطت التوصل الى حل . كما ابدى الرئيس الايرانى تعهدات بشان الالتزام الايرانى بمعاهدة حظر الانتشار النووى مشيرا الى ان بلاده ترغب فى البقاء داخل إطار المعاهدة ومقاومة أى عقوبات دولية بشكل سلمى .
فى حين أعرب " سولانا "الذي باءت محاولته الأولى لحل الأزمة العام الماضي بالفشل بسبب رفض إيران تجميد أنشطة تخصيب اليورانيوم، عن أمله أن تمهد المفاوضات الطريق أمام محادثات رسمية بشأن إنهاء النزاع وأن تبدي إيران انفتاحا في هذا الاتجاه. وتاتى هذه المحادثات نتيجة لاتصالات أجراها وزير الخارجية التركى مع "سولانا" عقب الزيارة المفاجئة التى قام بها منوشهر متقى وزير الخارجية الايرانى لتركيا حيث اكد خلالها استعداد بلاده للحلول السلمية لازمتها النووية . ومن جانبها جددت إيران عشية هذه المباحثات موقفها الرافض للدعوات الغربية إلى تعليق التخصيب النووي، وقال لاريجاني عقب لقائه أمس الثلاثاء بنائب وزير الخارجية الدانماركي إن بلاده ترحب بالمحادثات إذا كانت جادة وليست "لعبة دبلوماسية".
وفى محاولة لتصعيد الضغوط على إيران ،وافق وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي -خلال اجتماع عقدوه يوم الاثنين في لوكسمبورج- على حزمة من العقوبات ضد إيران بشأن برنامجها النووي.. وتشمل هذه الإجراءات حظر سفر مسؤولين إيرانيين إلى الاتحاد الاوروبي وتجميد أرصدتهم إضافة إلى حظر صادرات السلاح الى إيران.
وكان الاتحاد الأوروبي قد قدم لإيران باسم ست دول كبرى هي الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن (الولاياتالمتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا والصين) وألمانيا، عرض تعاون واسع النطاق يتضمن مساعدات اقتصادية ونووية مدنية شرط تعليق طهران برنامجها لتخصيب اليورانيوم.
بينما استبقت واشنطن لقاء اليوم بين سولانا ولاريجاني بتأكيد رفضها لأي تسوية مع طهران بشأن برنامجها النووي اذا كانت تتيح لها الحفاظ على بعض أنشطتها النووية. ويأتى استئناف المحادثات بين إيران والاتحاد الأوروبي المؤلف من 27 دولة في تركيا التى تقوم بجهود وساطة منذ بداية الأزمة ،على أمل إقناع طهران بوقف الأنشطة الحساسة (التي تخشى القوى الكبرى أن تستهدف صنع قنابل نووية )مقابل تعليق العقوبات المفروضة عليها إلا أن ايران تؤكد أنها تقوم بتخصيب اليورانيوم لتوليد الكهرباء حتى يمكنها تصدير المزيد من احتياطياتها الهائلة من النفط والغاز. بل ويؤكد المسئولون الايرانيون ان البرنامج النووى لطهران تجاوز نقطة اللاعودة ، وانه يجب على الغرب ان يقبل ايران كعضو فى النادى النووى.
وفى غضون ذلك ،عرضت ايران دراسة لكيفية تقديم ضمانات بعدم تحويل المواد النووية للاستخدام العسكرى إلا أنها استبعدت إغلاق منشات تخصيب اليورانيوم التى تتوسع فيها فى مخبأ تحت الأرض فى حماية مدفعية مضادة للطائرات تحسبا لأى هجوم محتمل فى حين استبعد جاك سترو وزير الخارجية البريطانى السابق ورئيس مجلس العموم الحالى توجيه الولاياتالمتحدة ضربة عسكرية لايران . وردا على العقوبات التي فرضها مجلس الأمن الدولي على طهران ،كان الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد قد أعلن أن بلاده ستخفض تعاونها مع مفتشي الهيئة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة والتى اعلنت مؤخرا أن إيران نصبت 1312 جهاز طرد مركزي لتخصيب غاز اليورانيوم في مفاعل ناتانز. بينما يعلن المسؤولون الإيرانيون إنهم بحاجة إلى 50 ألف جهاز طرد مركزي لتوليد ما يكفي من اليورانيوم المخصب من النوع المستخدم في توليد الطاقة اللازمة .
وحول النتائج المتوقعة للمفاوضات ،شكك مسؤولون أوروبيون في إمكانية تحقيق تقدم فعلي خلال المحادثات بين لاريجاني وسولانا على ضوء رفض إيران الاستجابة لمطالب مجلس الأمن الدولي الذي فرض عليها منذ ديسمبر الماضى عقوبات مرتين لرفضها تعليق نشاطاتها النووية الحساسة فى تحد واضح للضغوط الدولية .بينما يرى بعض المراقبين أنها فرصة سانحة لتسوية الأزمة تعتمد على استراتيجية "المسار المزدوج " التى تتأرجح بين الترغيب من خلال الحوافز و الترهيب بالعقوبات أثناء المفاوضات بين ايران و دول الاتحاد الأوربى . 25/4/2007