يبدأ الرئيس محمد حسني مبارك يوم 22 مارس 2007 زيارة لتركيا تستمر يومين ، ويلتقي خلالها بالرئيس التركي "نجدت سيزار" وقيادات الحكومة التركية . وقد ذكر أحمد أبو الغيط وزير الخارجية أن زيارة الرئيس مبارك لتركيا تأتي في إطار العلاقات الوثيقة القائمة بين البلدين التي تشهد مؤخراً نقلة نوعية في كافة الجوانب السياسية والاقتصادية والتجارية فضلاً عن العلاقات الثقافية والفنية والعلمية. وأوضح أن مجمل الأحداث والمستجدات الدولية والإقليمية باتت تستوجب أن يكون التنسيق والتشاور بين القاهرة وأنقرة مستمرين، وأن تطورات القضية الفلسطينية والوضع في العراق والملف النووي الإيراني والوضع الداخلي في لبنان هي موضوعات ستتصدر جدول أعمال المباحثات بين الرئيسين "مبارك" و"سيزار"، مشيراً إلى أن سبل تعزيز ودعم العلاقات الثنائية بين البلدين وإمكانية استشراف آفاق جديدة لهذه العلاقات ستستحوذ أيضاً على اهتمام كبير من المباحثات.
أن التواصل التركي المصري سيدخل مرحلة جديدة خلال الشهور المقبلة حيث ستبدأ أولى جولات الحوار الإستراتيجي بين البلدين، ومثل هذا الحوار سيكون بمثابة نقطة انطلاق قوية تسمح بالارتقاء بالعلاقات بين البلدين إلى مستوى الخصوصية وبما يتناسب والدور الإقليمي والدولي لكل منهما. كما رحب أبو الغيط بالتطور الملموس الذي تشهده العلاقات التجارية المصرية التركية، مشيراً إلى أن دخول اتفاقية التجارة الحرة بين البلدين حيز النفاذ اعتباراً من الأول من مارس الجاري، سوف يسهم في تعزيز معدلات التبادل التجاري بين البلدين وقد استضافت القاهرة مؤخرا أعمال المؤتمر الأول لتفعيل اتفاقية الشراكة المصرية التركية بمشاركة 500 من رجال الصناعة و مؤسسات الأعمال بحضور السفير سافاك جوكتورك سفير تركيا فى مصر وناقش المؤتمر سبل الاستفادة من اتفاقية الشراكة المصرية التركية و التي تم توقيعها ديسمبر الماضي لتدخل حيز التنفيذ بداية من مارس الجاري ، و يتضمن المؤتمر6 جلسات عمل تشمل التعريف ببنود الاتفاقية والإعفاءات الجمركية و أثرها الاقتصادي علي الجانبين المصري و التركي اضافة الي التعريف بقوانين المنشأ وتأثير المدن الصناعية المشتركة علي الاستثمار. ان تركيا تعد شريكا إقتصاديا لمصر وهناك فرصاً كبيرة لتعميق العلاقات الاقتصادية بين البلدين وهو هدف زيارة الرئيس مبارك التي تتزامن مع تفعيل الاتفاقية المصرية التركية اوائل الشهر الجاري . لكن العلاقات التجاريةالمصرية التركية اقل بكثيرمن إمكانات البلدين حيث يصل حجم التبادل التجارى حالياً إلى مليار دولار فقط . لكن الاتفاق الأخير يحقق العديد من المزايا منها أنه يسمح لمصر بالاستفادة من التحرير التدريجي الذى تتيحه هذه الاتفاقية والذى يمتد لفترة زمنية تصل الي 16 عاماً كما يسمح للسوق المصرى باستيعاب الصادرات التركية بشكل تدريجي لا يضر بالصناعات الوطنية، بالإضافة إلى ان هذا الاتفاق يسمح للصادرات المصرية بالنفاذ إلى الأسواق التركية معفاة من الرسوم الجمركية والرسوم ذات الاثر المماثل و الاستفادة من قاعدة تراكم المنشأ متعدد الأطراف مما يزيد من قدرة الصناعة المصرية على النفاذ لأسواق تركيا ودول الاتحاد الاوروبى والدول المرتبطة مع تركيا بإتفاقيات تجارة حرة وذلك من خلال إقامة صناعات تكاملية مشتركة بين مصر وتركيا والدول الاورومتوسطية . كما توفر الاتفاقية تطبيق قاعدة المنشأ التراكمى وما يصاحبها من إقامة صناعات تكاملية مشتركة مما يمكنها من الاستفادة من التكنولوجيا المتقدمة فى العديد من الصناعات التى تتميز بها بعض دول الاورومتوسطى وتزيد القدرة التنافسية للصادرات المصرية فى مواجهة منافسة صادرات الدول التى وقعت إتفاق تجارة حرة مع تركيا منها سوريا، الأردن، تونس، المغرب، إسرائيل ودول الإفتا. ان الاتفاقية تزيد من فرص نفاذ الصادرات المصرية من السلع والمنتجات الصناعية إلى السوق التركى مثل الاسمنت و الحديد والصلب المدرفل، سوائل وعجائن من البولى إيثلين، جلود مدبوغة، غزول قطنية، الادوية ، الكريستال، الاجهزة الطبية ، المنظفات الصناعية، ومنتجات البورسلين ،الخزف والصينى والسيراميك. وبالنسبة للسلع الزراعية والزراعية المصنعة فقد نصت الاتفاقية على نفاذ الصادرات المصرية الى السوق التركي معفاة كلياً أو جزئياً من الرسوم الجمركية التى تتراوح بنسبة 32-45% بينما منح الجانب المصري للصادرات التركية حصص كمية تتراوح رسومها الجمركية ما بين 2% 12% باستثناء بندين تتراوح الرسوم الجمركية المفروضة عليهما 12%، 22%، وحصول مصر على عدد من السلع الزراعية والزراعية المصنعة تفوق ما تم منحه للدول الاخرى التى وقعت على إتفاق تجارة حرة مع تركيا مثل المغرب، تونس، الأردن، سوريا وإسرائيل في حاصلات زراعية مثل (الأرز، المانجو، الجوافة، الثوم والخضروات المجمدة والطازجة أو المبردة). كما تم فتح السوق التركي لبعض المنتجات ذات الميزة النسبية المصرية والتي كانت تعاني من ارتفاع الرسوم الجمركية التركية المطبقة عليها مثل البطاطس. وفي مجال التجارة في الخدمات فإن الاتفاقية تنص على التحرير التدريجي لتجارة الخدمات وفتح أسواق البلدين بما يتوافق مع أحكام اتفاقية منظمة التجارة العالمية. ان الاتفاقية ستشجع رجال الأعمال الاتراك علي زيادة الاستثمارات في مصر وتسهم في رفع حجم التبادل التجاري إلي خمسة مليارات دولار خلال السنوات الثلاث القادمة . وفي إطار تشجيع الاستثمارات التركية في مصر خصصت الحكومة المصرية 2 مليون متر مربع لإنشاء منطقة صناعية في مدينة السادس من أكتوبر. ان العلاقات المصرية التركية علاقات وثيقة ليست وليدة الصدفة كما انها ليست وليدة اليوم فهى علاقات وطيدة تمتد جذورها الى اعماق التاريخ واستلهمت قوتها من الحضارة الاسلامية التى اذهلت العالم برسوخها وعظمتها ولاشك أن أهم ما يميز العلاقات المصرية التركية أنها علاقات تتشابك عناصرها وتتداخل . والقارىء لتاريخ الحضارتين المصرية والتركية يستنتج على الفور ان كلا منهما قد تأثرت بالأخرى وأثرت فيها .