لا يزال نجاح فيلم «الدادة دودى» مسيطرًا على خلطة أفلام ياسمين عبد العزيز بشكل أو بآخر.. علاقة المربية بالأطفال التى حققت لها انطلاقة ناجحة مع أول بطولة مطلقة نجدها تتكرر فى علاقة المدرِّسة بالتلاميذ فى جزء كبير من فيلم «الثلاثة يشتغلونها»، ثم أخيرًا علاقة الأم بأبنائها فى فيلم «الآنسة مامى»، ويبدو أن ياسمين لو قامت ببطولة نسخة مقتبسة من فيلم «تايتانيك» فلن يغلب كاتب السيناريو فى إضافة بعض الأطفال ليقوموا بالجرى والقفز مع البطلة على سطح السفينة! الفيلم الذى أخرجه وائل إحسان وكتبه خالد جلال عمل كوميدى خفيف ينتصر لقيمة الزواج وتكوين عائلة. تقدم ياسمين عبد العزيز دور فتاة حسناء ترفض الزواج وإنجاب أطفال حتى لا تفقد جمالها، وحتى تتفرغ لعملها الموهوبة به، وهو عقد الصفقات الصعبة لصالح الشركة التى تعمل بها، ذات صباح تجد نفسها تعيش كابوس مخاوفها، فهى فجأة تعيش حلمًا تجد فيه نفسها زوجة وأمًّا لأطفال صغار وقد فقدت جاذبيتها وعملها الناجح، وكالمتوقع فى مثل هذه المواقف الدرامية تبدأ البطلة مصدومة ورافضة تصديق الأمر، ثم تدريجيًّا تندمج مع الموقف وتصنع روابط عاطفية مع الشخصيات لنصل فى النهاية إلى تغير قناعاتها حول الزواج.
بداية نحن أمام فكرة «ملطوشة» من الفيلم الأمريكى «The Family Man» (رجل العائلة) الذى قدمه نيكولاس كيدج وتيا ليونى منذ 12 عامًا. الفيلم الأمريكى عن حالة فانتازية يعيشها البطل الموظف الكبير الموهوب فى عقد الصفقات التجارية فى إحدى الشركات الكبرى، لكنه على جانب آخر لا يؤمن بالزواج وتكوين عائلة، يجد البطل نفسه بعد لقاء مع رجل غامض وقد استيقظ فى الصباح فى منزل آخر يضمه وزوجة وأبناء صغارًا وقد فقد منصبه وثروته وأصبح رجلا عاديًّا يعمل فى وظيفة متواضعة.
ابتذل سيناريو «الآنسة مامى» تفاصيل الفكرة الأمريكية ووقع فى كثير من الأخطاء، أولها الفشل فى جعل تحويل البطل من رجل إلى امرأة أمرًا منطقيًّا. البطلة ياسمين عبد العزيز شخصية تهتم بعملها وتعادى الزواج دون مبرر قوى، ورغم هذا فهى على علاقة عاطفية مستمرة مع شاب منذ عشر سنوات. الشاب حسن الرداد يلح عليها طوال هذه السنوات فى الزواج وهى ترفض، هذا الموقف الذى يصعب تصوره فى الواقع المصرى والشرقى الذى يعانى من انتشار العنوسة وتأخر سن الزواج يبنى عليه السيناريو كل مواقف الفيلم اللاحقة التى يفترض أن البطلة تتحول فيها تدريجيًّا من شخصية تعيش كابوسًا لكونها أما وزوجة، وهو أمر تكرهه تماما، إلى لحظة ملهمة تكتشف فيها قيمة العائلة والزواج.
الفيلم لأنه فيلم كوميديا اسكتشات وفيلم عيد، لا يقدم مشاهد قوية نرى فيها تفاعل شخصية البطلة المنزعجة من حياتها الجديدة والشخصيات المحيطة بها، حالة الأفْوَرة الكوميدية التى تؤدى بها ياسمين عبد العزيز دورها جعلت انفعالاتها سطحية، فلم نشعر بتحول عواطفها نحو أبنائها الصغار من النفور إلى الحب والحنان.
بعض الشخصيات ذات الأدوار الأصغر فى الفيلم حقق جوا من المرح والكوميديا رغم أن أدواره محشورة فى الأحداث مثل دور إيمان السيد وانتصار وبدرية طلبة وسليمان عيد ومحمد لطفى. الاستعانة بغسان مطر فى دور مدير الشركة كان الغرض منه ترديد إفيهات إعلان الحلاوة الناجح الذى قام ببطولته لا أكثر، البطل حسن الرداد كاد يكون مجرد ممثل دور صغير فى ظل غياب مساحة حقيقية للتمثيل، وتواضع أدائه الكوميدى، وقد يكون هشام إسماعيل هو أكثر من نجح فى أداء دوره بتلقائية ودون مبالغة كوميدية.