تنسيق كليات شهادة سلطنة عمان أدبي 2025 بالجامعات المصرية    وزيرة التضامن تبحث مع سفير إيطاليا تعزيز التعاون بمجالات التمكين الاقتصادي    روسيا تقصف أوكرانيا بالصواريخ والطائرات المسيرة ومقتل 3 أشخاص    ضبط قضايا إتجار بالنقد الأجنبي بقيمة 6 ملايين جنيه خلال 24 ساعة    ضبط 108.1 ألف مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    14 طن دقيق في قبضة شرطة التموين خلال حملات على المخابز    «الصحة» تطلق خطة التأمين الطبي الشاملة للعام الدراسي 2025-2026    مستشفى التحرير تُنقذ ساق شاب من البتر بعد 14 عامًا من المعاناة    لمدة ساعتين.. أول تعليق من سيد عبد الحفيظ بعد اجتماعه مع الخطيب    طب الإسكندرية يتصدر نتيجة تنسيق الشهادة اليونانية 2025    80 جنيها لكيلو البلطي.. أسعار الأسماك والمأكولات البحرية في سوق العبور    مواعيد تحصيل المصروفات الدراسية 2025/2026    مي كمال بعد انفصالها عن أحمد مكي: "عمري ما هسامح اللي كان سبب في خسارتنا لبعض"    موعد صلاة الظهر.. ودعاء عند ختم الصلاة    ترامب: الجيش الأمريكي نفذ ثالث ضربة قاتلة ضد سفينة تهرب المخدرات    دبلوماسيون أمريكيون يجتمعون مع وزير الخارجية السوري    ديربي الميرسيسايد.. ليفربول يتسلح بتفوقه التاريخي أمام إيفرتون.. صلاح كلمة السر.. وصدارة الريدز تحت الاختبار    ضمن "سائق واعٍ.. لطريق آمن" النقل تعلن انطلاق المرحلة الثانية من البرنامج تأهيل سائقي الحافلات والنقل الثقيل    جولة تفقدية لمدير غرب الإسكندرية التعليمية لمتابعة انتظام الدراسة    الأمل والانضباط يفتتحان أبواب معاهد الأقصر الأزهرية اليوم السبت في أول أيام الدراسة    عرض فتاة سقطت من الطابق الثالث بعقار في الوراق على الطب الشرعي    تجديد حبس المتهمين في واقعة سرقة أسورة أثرية من المتحف المصري    بتكلفة 475.8 مليون جنيه.. رئيس الوزراء يفتتح محطة ومأخذ المياه بالقنطرة غرب الصناعية بتكلفة 475.8 مليون جنيه    مهرجان الغردقة ينظم يومًا للسينما الروسية 25 سبتمبر    مهرجان الغردقة لسينما الشباب ينظم يوما للسينما الروسية    آسر ياسين على بعد يوم واحد من إنهاء تصوير "إن غاب القط"    سؤال برلماني عن استعداد الحكومة لاستقبال الضيوف في افتتاح المتحف المصري الكبير    مؤسسة هند رجب تقدم شكوى جنائية في اليونان ضد جندي إسرائيلي    رفع عينات مياه الشرب من المدارس بسوهاج للتأكد من مطابقتها للمواصفات    غياب بنزيما، التشكيل المتوقع لاتحاد جدة أمام النجمة بالدوري السعودي    «الصحة» تطلق خطة التأمين الطبي الشاملة لتعزيز جودة حياة الطلاب في العام الدراسي 2025/2026    البرازيل تنضم لدعوى جنوب إفريقيا ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية    اليابان: لا نعتزم الاعتراف بالدولة الفلسطينية في الوقت الراهن    النيابة تأمر بحبس "أبو اتاته" المتهم بذبح شاب في الهرم 4 أيام على ذمة التحقيق    وزير الرياضة يهنئ هانيا الحمامي ومصطفى عسل على التتويج ببطولة مصر المفتوحة للإسكواش    طارق يحيى: الخطيب سافر لأداء مناسك العمرة.. وحسم ترشحه عقب العودة    جمال عبد الحميد: الزمالك يتصدر الدوري رغم الأزمات.. ولاعبوه «جعانين كورة»    تعرف على تطور العلاقات المصرية السنغافورية تزامنا مع مباحثات القاهرة    أسعار الدواجن والبيض اليوم السبت 20 سبتمبر 2025    ارتفاع أسعار الأدوات المدرسية في المنيا لعام 2025 (تعرف علي الأسعار)    أسعار الحديد في السوق اليوم السبت 20 سبتمبر 2025    كيف يقضي المسلم ما فاته من الصلاة؟.. أمين الفتوى يوضح خطوات التوبة وأداء الصلوات الفائتة    البرلمان العربي يرحب بتقرير لجنة التحقيق الدولية المستقلة التابعة للأمم المتحدة بشأن الإبادة الجماعية في قطاع غزة    الدوري الإنجليزي.. موعد مباراة ليفربول وإيفرتون والقناة الناقلة بديربي الميرسيسايد    مصرع سوداني سقط من الطابق التاسع بالعمرانية    «دست الأشراف» دون صرف صحى.. ورئيس الشركة بالبحيرة: «ضمن خطة القرى المحرومة»    كارول سماحة تتصدر الترند وتكشف أسرار أيامها الصعبة بعد رحيل زوجها وليد مصطفى    دعاء كسوف الشمس اليوم مكتوب كامل    «تريزيجيه تخلى عن الأنانية».. محمود الدهب يعلق على فوز الأهلي ضد سيراميكا    ترامب: الرئيس الصيني وافق على صفقة «تيك توك».. ولقاء مرتقب في كوريا    عوامل شائعة تضعف صحة الرجال في موسم الشتاء    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 20-9-2025 في محافظة قنا    ليلة كاملة العدد في حب منير مراد ب دار الأوبرا المصرية (صور وتفاصيل)    استشارية اجتماعية: الرجل بفطرته الفسيولوجية يميل إلى التعدد    391 مدرسة بكفر الشيخ تستقبل طلابها اليوم مع انطلاق العام الدراسي الجديد    محمود محيي الدين: الذهب يتفوق على الدولار فى احتياطات البنوك المركزية لأول مرة    طارق فهمي: المجتمع الإسرائيلي يراقب التطورات المصرية بقلق (فيديو)    مدينة تعلن الاستنفار ضد «الأميبا آكلة الدماغ».. أعراض وأسباب مرض مميت يصيب ضحاياه من المياه العذبة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. هشام عبد الصبور شاهين يكتب: يا وزارة السخافة المصرية.. إرحمونا !

من أساسيات علم الإدارة، ومما يتبين به جدية أي مشروع حين يراد تقييم فحواه، أو مدى ما يمكن أن يقنع من يقيمه بجدواه؛ الرؤية.. وهي عبارة عن عدة جمل مترابطة يبين فيها صاحبها ما ينوي فعله في المستقبل، وما يطمح إلى تحقيقه بناء على المتاح له من المعطيات والإمكانات، أي إن المراد منها لم يتحقق بعد.. ومعظم الشركات والبنوك والوزارات والأعمال الكبيرة والصغيرة؛ اعتاد على كتابة هذه (الرؤية) في عقود تأسيسها، وعلى مواقعها الإلكترونية، كنوع من التسويق والدعاية لها، مما يكسبها مصداقية في سوقها.

وكان محض صدفة؛ غير سعيدة للأسف؛ أن اطلعت على الموقع الرسمي لوزارة الثقافة المصرية على الإنترنت، وعلى الصفحة الرئيسية قرأت (رؤية) الوزارة وأهدافها وسياساتها، وكتب في الموقع أن جميع مصادره هي المركز الإعلامي لمكتب الوزير، إقرأ معي عزيزي:

(... وهذه الأهداف جميعها استوجبت وضع سياسة ثقافية ترتكز على ثلاثة محاور أساسية: الرؤية الشاملة للكيان الثقافي المصري، والسياسات النابعة من هذه الرؤية، والخطط التنفيذية.. وإذا تفقدنا هذه المحاور الثلاثة.. وجدنا أن كلا منها يحتوي على عناصر عديدة نذكر منها أولا: الرؤية.. وهي ترتكز في مصر على عدة عناصر مبدئية: الثراء الثقافي الذي تحظى به مصر بين بلدان العالم، الدور المصري .. وهو دور قيادي استقته مصر من عدة مصادر هي التاريخ – الجغرافيا – البشر، وديمقراطية الثقافة : وهى أحد المكاسب الرئيسية للثقافة في عهد الرئيس محمد حسنى مبارك ، والتي لا تنفصل عن بقية عناصر الحياة التي عاشت هذه الديمقراطية بشكل حقيقي في عهده..!!!!!!(علامات التعجب من عندي).

فركت عيني مدهوشا من الكلمات الصعبة، وقلت في نفسي: لعل الصفحة أن تكون قديمة، وتحولت بنظري إلى أسفلها، فوجدت مكتوبا: بالخط العريض: (الموقع الرسمي لوزارة الثقافة.. جميع حقوق النشر محفوظة 2013)، إذن فالموضوع بجد، والرؤية المستقبلية لوزارة الثقافة في وزارة الدكتور هشام قنديل تعتمد على (القدر الهائل) من الديمقراطية، الذي حظيت به الثقافة وكل عناصر الحياة في عهد مبارك؛ يا نهار اسود ! يبقى احنا اللي مقدّرناش النعمة.. ثم قل لنا يا دكتور صابر عرب؛ من منطلق رؤيتك ومن منبع رؤية وزارتك المباركية، ومكتب إعلامك المباركي: أنا أفهم أن تكون الديمقراطية ثقافة، ولكن كيف تكون الثقافة ديمقراطية ؟

المهم.. ما علينا، تصفحت الموقع، فلم يذكر شيئا بالطبع عن عورات الوزارة، كتهريب آثار توت عنخ آمون في معارض لم تعد منها، أو عن المتحف المصري الكبير، إللي اتهبشت ملياراته منذ عام 1992 أيام الرئيس مبارك الديمقراطي، وقرأت صفحة أنشطة الوزارة المحلية، فكانت الآتي:

المهرجان القومى للسينما المصرية
مهرجان الموسيقى والغناء بقلعة قايتباى بالإسكندرية
مهرجان الموسيقى والغناء بقلعة صلاح الدين
مهرجان فرق الأقاليم المسرحية
المعرض القومى للفنون التشكيلية (قصر الفنون)
صالون الشباب (قصر الفنون)
مهرجان القراءة للجميع

خمسة مهرجانات ومعرض وصالون، للسينما والموسيقى والغناء والمسرح والفنون التشكيلية والقراءة، عجبا لوزارة الثقافة المصرية، لا يمت اسمها ولا تمت أنشطتها إلى الثقافة بصلة، ولكن.. لا عجب، فرؤية وزارة ثقافة مصر ما بعد الثورة تعتمد على أزهى عصور الديمقراطية، وعلى ديمقراطية مبارك التي لا تزال تحكم أروقتها، ولا تزال تفوح روائح عفنها في سياساتها وخططها لمستقبل شعب مصر المسكين !
وإذا كانت القراءة من أهم الأنشطة التي تدعو لها الوزارة منذ إنشائها؛ فكيف لم يقرأ القائمون عليها معنى الثقافة ؟

من التعريفات الموسوعية للثقافة أنها: (نمط متكامل من المعرفة البشرية والاعتقاد). أو أنها (السلوك الذي يعتمد على القدرة على التفكير والتعلم الاجتماعي). أو أنها (مجموعة من الاتجاهات المشتركة، والقيم والأهداف والممارسات التي تميز مؤسسة أو منظمة أو جماعة ما). أو هي (أسلوب الحياة السائد فى أى مجتمع بشرى، وهى ما تميز مجتمعات البشر عن التجمعات الحيوانية). أو هى (عادات الجماعة وأخلاقها وأفكارها واتجاهاتها وقوانينها وقدراتها، تُستمَد من التاريخ وتنتقل تراثاً اجتماعياً إلى الأجيال المتعاقبة). هذه خمسة تعريفات لمعنى (الثقافة)، جميعها تتبلور حول سلوك وقيم وأهداف وممارسات وأساليب وعادات وأخلاق وأفكار وتوجهات وقوانين وقدرات المجتمع الإنساني.

فأين رؤية وزارة ثقافة مبارك من هذه التعريفات ؟ لقد تبنت وزارات الثقافة المصرية المتعاقبة منذ نشأتها عام 1952 كوزارة للإرشاد القومي، ثم حين استقلت في وزارة الدكتور ثروت عكاشة عام 1965، وانتهاء بوزارة الدكتور صابر عرب 2012، تبنت كل هذه الوزارات مبدأ لم تحد عنه؛ ألا وهو الانفصال الكامل عن واقع الشعب المصري، وذلك بعدم الاعتراف بالمعنى الحقيقي للثقافة، حتى أصبحت في واقعها وزارة للفن والرقص والآثار والكتب، أما الثقافة الحقيقية؛ فقد تبرأت منها هذه الوزارات جميعها، ولم تعد تهتم بها الدولة.. وأصبح تعريف الإنسان المثقف فى مصر هو من كان على دراية بالفنون والموسيقى والشعر، وله اطّلاع على كتب الفلسفة والآداب والروايات والعلوم الإنسانية، وحبذا لو كانت غير عربية، وهذا التعريف للمثقف فى مجتمعنا المصرى؛ خرج بالمواطن العادى من دائرة الثقافة، فأصبح أكثر من نصف المجتمع غير مثقفين لأنهم ببساطة أميون، والنصف الآخر لا ينتمى معظمهم من قريب أو من بعيد لهذا المفهوم للثقافة، خد عندك..

الزواج والطلاق والحب والإنجاب والولادة وتسمية المولود والإرضاع وختان الأولاد والبنات والتبني والتربية والتنشئة والرعاية.. ثقافة. النظام والنظافة والترتيب ومساعدة الضعيف والالتزام والعمل والتعاون.. ثقافة. الاعتذار والصدق والأمانة والحلم والصبر والكرم والإيثار وحق الطريق وحفظ اللسان والشرف والشجاعة.. ثقافة، التعليم والجندية وحب الوطن والانتماء والوفاء والعدل وشهادة الحق والمساواة واحترام الكبير والمعلم والديمقراطية والاعتصامات والمظاهرات.. ثقافة. الفن والغناء والرقص والسينما والتمثيل والرسم والنحت والتصوير والآثار والقراءة والأدب والشعر والكتابة.. ثقافة، القذارة والفوضى والصوت المرتفع والإهمال والغش والصياح والسباب والبصق في الشارع وغرس الإصبع في الأنف.. ثقافة، الضوضاء والتلوث والتطفيف والسحابة السوداء والرِشوة والوساطة والمحسوبية والفساد.. ثقافة، البخل والكذب والنفاق والأنانية والسرقة والأثَرة والكراهية والحقد والحسد.. ثقافة، الحصانة والديكتاتورية والتعذيب والزنا والشذوذ والتسول والبلطجة وعمل الأطفال والعنف مع المرأة وقطع الأرحام.. ثقافة.. كل ما ذكرته وكثير غيره ثقافات لا ترتبط بدين أو ملة أو عقيدة أو طائفة، لأن كل ما يفعله أفراد المجتمع مع ذواتهم ومع أسرهم ومع من يحيطون بهم، وكل ما يأتي به الإنسان في مجتمعه هو ثقافة، وهو التعريف الحقيقي للثقافة، وهو في ذات الوقت أبعد ما يكون عن اهتمام وزارة (السخافة) المصرية بديمقراطية ثقافتها المباركية.

بعد أن انتهيت من كتابة هذا المقال، دخلت – بدافع الفضول – إلى الموقع الرسمي لوزراة الثقافة التركية.. وتحسرت ! إسلمي يا مصر..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.