حزب الوعي يعلن الدفع ب 5 مرشحين بانتخابات الشيوخ -(تفاصيل)    كواليس اجتماع قطاع الأسنان بالمجلس الأعلى للجامعات    وزيرة التخطيط: 1600 شركة ألمانية تعمل في مصر باستثمارات 6 مليارات يورو    إسرائيل تطالب الفلسطينيين في وسط غزة بالتوجه جنوبا    بأغنية وكوفية فلسطين.. كيف قدم الزمالك آدم كايد لاعبا للفريق؟    وزارة الداخلية تكشف حقيقة خطف صغيرة فى أتوبيس نقل عام بالقاهرة    "ماحبتهوش".. ماذا قال هاني شاكر عن إستخدام ال AI لتحسين الصوت؟    نادية رشاد عن ارتداؤها الحجاب: أنا مش صغيرة علشان أثير فتنة حد    هل يحرم الإسلام حفلات التخرج؟.. أستاذ بالأزهر يجيب    مؤتمر انتخابي لحزب الجبهة الوطنية بالإسكندرية لدعم المرشح إيهاب زكريا    موعد ظهور نتيجة الثانوية العامة 2025 بالاسم ورقم الجلوس في محافظة جنوب سيناء    20 زيارة ملكية سعودية لمصر تتوج عمق العلاقات المصرية السعودية    الإعصار «ويفا» يحل بمقاطعة جنوبي الصين    هشام خرما يكشف عن البوستر الرسمي لألبومه الجديد «أُفُق»    مياه الغربية: إيقاف مستحقات المقاولين المتقاعسين عن إنهاء أعمال محطات المحلة    عاطف زايد يكتب : حسم الإرهابية ذراع الإخوان العسكري    جثة على قضبان مزلقان البدرشين    وزير الخارجية الألماني يدلي بتصريح "غريب" حول أوكرانيا    موعد صرف معاش تكافل وكرامة أغسطس 2025    في ظل موجة حر.. إيران تدعو مواطنيها للاقتصاد في استهلاك المياه    شرطة البيئة تواصل حملاتها الأمنية على النباشين بمنطقة العجمي في الإسكندرية    «الإرهابيين كانوا عايزين يرجعونا لأيام سودة».. والدة الشهيد ماجد عبدالرازق: «حق أبوكِ رجع النهارده يا ليلى»    26 محرم.. جدول المصحف المرتل بإذاعة القرآن الكريم الإثنين    من هم قادة ريال مدريد بعد رحيل مودريتش وفاسكيز؟    «ضيق الخاطر».. حامد حمدان يثير الجدل بعد أزمته مع بتروجيت بسبب الزمالك    مصر بخير.. نجاح أول عملية زراعة كبد لطفل عمره 14 سنة بمستشفى الناس.. صور    حملة 100 يوم صحة تقدم أكثر من 7 ملايين خدمة طبية مجانية خلال 5 أيام    أمين الفتوى: التقديم على شقق محدودي الدخل بغير وجه حق «حرام شرعاً»    كان رايح يدفنها فمات جنبها.. قصة شاب لحق بوالدته في جنازة أبكت بني سويف    هل ملامسة القطط أو الكلاب تنقض الوضوء؟.. أمينة الفتوى تجيب    الصحة: اعتماد 7 منشآت رعاية أولية من «GAHAR» ليصل العدد الإجمالي إلى 61 منشأة معتمدة    المستشار محمود فوزي: الدولة حريصة على رفع الوعي السياسي لدى الشباب    محافظة القاهرة: تجهيز وإعداد المقار الانتخابية استعدادًا ل«الشيوخ»    خطوات التحويل الإلكتروني بين المدارس 2025 (الرابط والتفاصيل)    تشييع جثمان 3 فتيات شقيقات من كفر الشيخ تعرضن للغرق أثناء الاستحمام في حوض مزرعة بالبحيرة    فوتبول إيطاليا: يوفنتوس يحدد سعر بيع تيموثي وياه    هل ملامسة القطط أو الكلاب يتقض الوضوء؟.. أمينة الفتوى تجيب    «يتواجد في إسبانيا».. تفاصيل مفاوضات الأهلي للتعاقد مع يزن النعيمات    محمد حمدي: الإصابات منعتني من إظهار قدراتي مع الزمالك    الكرملين: الموقف السائد في أوروبا بشأن توريد الأسلحة إلى أوكرانيا «خطير»    محافظ أسوان يفاجئ مركز "صحة أول" ويوجه بدعم الأطقم الطبية وتشكيل فرق توعية    "لا مجاملات".. "مصراوي" يواجه أمين عام "الأعلى للثقافة" بشأن تشكيل اللجنة العليا للمجلس- حوار    مايا دياب بإطلالة جريئة وتوجه رسالة لجمهورها    شوبير يوضح الفارق بين إمام عاشور وأحمد فتوح في أزمة حفل راغب علامة    "قومي الطفولة" يقدم الدعم ل"طفل العسلية" في الغربية    "مدبولي" يتابع ملفات عمل جهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر    ما يجب تناوله قبل التمرين لتعزيز الطاقة والأداء    بايرن ميونخ يقترب من ضم لويس دياز بعد رفض عرضين    مصر ترحب بالتوقيع على إعلان المبادئ بين جمهورية الكونغو وحركة 23 مارسالأحد، 20 يوليو 2025 12:06 م    وزير الصناعة والنقل يتفقد 3 مصانع كبرى في مدينة العبور بمحافظة القليوبية    مجلس الوزراء: "حياة كريمة" تُغير وجه القرى المصرية.. شرايين التنمية تنبض في محافظة الشرقية    مصرع سيدة سقطت من الطابق الثامن في الإسكندرية.. ونجليها: ألقت بنفسها    جنبلاط: أي دعوة لحماية دولية أو إسرائيلية تشّكل مسّاً بسيادة سوريا    عاجل- السيسي يستقبل قائد القيادة المركزية الأمريكية بحضور وزير الدفاع المصري    قرار وزاري برد الجنسية المصرية ل21 مواطنًا    نتيجة الثانوية العامة 2025 بالاسم ورقم الجلوس.. رابط الاستعلام عبر موقع الوزارة (فور اعتمادها)    وزير الإسكان يتابع تطوير منظومة الصرف الصناعي بالعاشر من رمضان    دعاء الفجر | اللهم إني أسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مجد خلف يكتب: جزيرة الأشباح
نشر في الدستور الأصلي يوم 16 - 10 - 2012

حطت الطائرة في مطار واشنطون، نزل الركاب ووقف عمر مبهورا بما حوله، جلس برهة في انتظار وصول الحقائب، تذكر وجه أبيه المريض وهو يوصيه بعدم ترك الصلاة، وأهل قريته وهم يودعونه ويدعون له بالنجاح والتوفيق والعودة سالما، ليساعدهم في حل مشاكل قريتهم، حمل حقائبه وانطلق خارجا يبحث عن صديق له ليقله إلى حيث يقيم بعض شباب المهاجرين، أمضى ليلته الأولى بينهم وهو يتحدث عن آماله وطموحاته، ويستمع تارة أخرى إلى بعضهم يبثون إليه لواعج غربتهم وحنينهم إلى بلادهم.

مر عام أتقن الشاب اللغة الإنجليزية بطلاقة حسده عليها بعض أصدقائه، عمل خلالها في أعمال متنوعة، وقدم أوراقه إلى كليات عديدة، فقبلته إحداها وكانت على مبعدة من مكان إقامته، ودع أصدقائه مصطنعا الحزن لفراقهم والفرحة تكاد تطير به، قرر أن يسكن في بيت متواضع للطلبة توفيرا للنفقات، وأرسل في يومه الأول رسالة إلى أبيه يعلمه فيها أنه سيبدأ دراساته العليا في العلوم السياسية، وذيل رسالته أنه لم ينس وعده له ولأهل القرية.

مرت أ عوام طويلة أنهى عمر خلالها دراسته وحصل على الدكتوراه،وشهد له أساتذة الجامعة بالذكاء الباهر فقد نال درجات عالية، واختاره أحد الأساتذة ليدرّس في نفس الجامعة بمرتب عال، تذكر وعده لأبيه بأن يعود بعد إنتهاء دراسته وهو يستمع إلى هذا العرض المغري، وأغمض عينيه مفكرا ثم هز رأسه موافقا وقد علت وجهه ابتسامة عريضة.

دأب خلال عمله في الجامعة على حضور كل الاحتفالات والمؤتمرات التي يدعى إليها بصفته أستاذا في الجامعة، وتعرف في إحداها على الدكتور هنري وهو أحد رجال السياسة المشهورين والمعروفين باهتمامهم بقضايا الشرق، وتعددت لقاءاتهما، وتوطدت صداقتهما، وتعددت المناقشات السياسية بينهما، وحرص فيها عمر بذكائه على عدم الوصول إلى خلاف معه في الرأي، ونصحه هنري ضاحكا في أحد لقاءاتهما بالزواج ورشح له أكثر من فتاة كن قد درسن بدورهن في أمريكا، فوعده عمر أن يفكر جديا بالزواج قبل أن تفوته الفرصة، ودعاه هنري ذات يوم لقضاء السهرة معه وبعض السياسيين من أصدقائه المقربين، فلبى الدعوة وهو يشعر بالسعادة من اهتمام هنري به، تعرف في تلك الحفلة على فتاة جميلة قدمها له صديقه الأمريكي وهو يغمز له بعينه، فقضى معظم الوقت معها يتحدثان في شتى المجالات، ونالت الفتاة إعجاب عمر بشخصيتها المتفتحة وذكائها المتوقد، تعددت لقاءاته بها وتعلق قلب عمر بها وعرض عليها الزواج فوافقت، أقاما حفلا صغيرا حرص عمر فيه على دعوة هنري وأصدقائه السياسين لحضور حفل زواجه.

وتوطدت أواصر الصداقة بين الرجلين، فكانا يقضيان معظم عطلات آخر الأسبوع معا، كل مع زوجته، وفي أحد تلك اللقاءات رشحه هنري السياسي الأمريكي المشهور ليتقلد منصب رئاسة الجمهورية في بلده، لمعت عيناه وهو يستمع مذهولا وأبدى موافقته دون تفكير، وقلبه يرفرف سعادة وفرحا، وسأله بلهفة: هل يمكن أن يحدث ذلك فعلا سيدي المستشار؟ قهقه الرجل وقال: طبعا يا صديقي. والانتخابات.. أعني كيف سينتخبني الناس وهم لا يعرفونني؟ وكان رد السياسي المحنّك: لا يهم من يصوت لمن في الانتخابات؛ بل المهم هو من يعد تلك الأصوات، وطبّق هذه القاعدة على جميع دول العالم تقريبا، وسكت قليلا ثم همس بعدها في أذنه قائلا: يجب قبل البدء في إجراءاتنا لتتقلد المنصب أن نمهد لك الطريق في بلدك، هز عمر رأسه موافقا، وصافح محدثه بقوة وهو يشد على يده قائلا: شكرا لك يا سيدي، سأكون دائما عند حسن ظنكم بي، ابتسم الرجل ابتسامة صغيرة وهو يقول باقتضاب: لنا لقاءات أخرى دكتور عمر.

امتلأت نشرات الأخبار وجرائد البلد التي قدم منها عمر بأخباره، وعن ترشحه لجوائز دولية عديدة، وتسابقت وسائل الإعلام لنشر أنباء عنه وعن إنجازاته ونبوغه وذكائه، وأذيع عن مقدمه إلى بلده في بداية السنة الجديدة، وقبيل سفره بأسبوعين استدعاه هنري لقضاء عطلة نهاية الأسبوع معه، واشترط عليه القدوم دون زوجته، ولبى عمر الدعوة ووصل حسب موعده إلى مقر إقامة الرجل، استوقفه الحراس بعض الوقت، وخرج هنري إليه وقد ارتدى ملابس غير رسمية، معتذرا عن تعامل الحراس الفظ معه، وقال له هامسا وهو يبتعد به: سنذهب في رحلة بحرية إلى جزيرة بعيدة، سنكون أنا وأنت ومعنا حارسين فقط، هيا بنا.

انطلق اليخت يشق عباب البحر بسرعة قبل شروق الشمس، جلس عمر مفكرا وقد بدأ القلق يساوره: إلى أين يأخذني هذا الرجل المجنون، هل يريد بي شّرًا، وأغمض عينيه وهو يتخيل أباه وأهل قريته وقد ملوا انتظاره لسنوات وسنوات، هل هذا عقابي لتركي للصلاة، وعدم وفائي بوعودي؟ نظر إلى مرافقه خلسة فوجده يتحدث في الهاتف بعيدا عنه،أكمل حديثه في سره: لن أنطق بكلمة ما لم يتكلم هو أولا.. اقترب هنري منه وقد بدت على وجهه ابتسامة باهتة قائلا: لقد كدنا نصل إلى هدفنا، دقائق ونصل وستتبع تعليماتي التي سأقولها لك بحذافيرها عند نزولنا، هل فهمت دكتور عمر؟ رد عمر والقلق يعصف به: طبعا سيدي، هل عهدتني أعصي لك أمرا؟ وصل اليخت إلى مرسى الجزيرة، ترجل الرجلان يتبعهما الحارسان من بعيد، همس هنري لعمر: سنتجول في الجزيرة ونحن صامتَين، ولن توجه أي أسئلة إلا بعد مغادرتنا، ولن تتحدث مع مخلوق ممن ستراهم أبدا، هل فهمت؟ رد عمر بنفس الصوت الهامس المتوجس: حاضر يا سيدي كما تريد.

مشيا في اتجاه بعض الأشجار الباسقة واختفيا خلفها، وأشار هنري بيده على مبعدة نحو رجل يجلس وهو يلعب بالرمل تحت قدميه، يقبض على الرمل بيديه ثم يرميه في البحر بحركات مجنونة هيستيرية، دقق عمر النظر في ملامح الرجل، وفغر فاه دهشة، فهو يشبه صدام حسين إلى حد كبير، وقد ترهل وجهه وتغضنت ملامحه، مال برأسه نحو هنري ليسأله، إلا أنه نظر إليه محذرا وسار وهو يشير له أن يتبعه، عض عمر على نواجذه حانقا وهو يتبع الرجل بهدوء، استمرا في مشيتهما ربع ساعة صامتين يلحقهما من بعيد رجلا الحراسة، ووصلا إلى بعض الأشجار بغصونها المتشابكة، أشار السياسي لعمر بهدوء أن ينظر إلى حيث يشير وهو يضع أصبعه على شفتيه يحذره ألا يتكلم، تابعت عيناه إشارة مرافقه حيث كان هناك رجل يقف مستندا إلى شجرة وهو ينظر إلى السماء يحدث نفسه، أمعن النظر مليا وهو يفرك عينيه مندهشا فها هو حسني مبارك بلحمه وشحمه، ونفس قسمات وجهه المميزة.

ولم يجرؤ على مجرد التفكير في السؤال بل سار وراءه مذهولا، سارا متجهين إلى وجهة أخرى عشر دقائق، ليشير السياسي إليه من وراء تل صغير اختفيا وراءه إلى حيث كان هناك رجل يقفز كالمجنون وهو يقهقه بصوت عال، كادت مقلتاه تخرجان من محجريهما، فقد كان الرجل يشبه إلى حد كبير معمر القذافي، وقف عمر قليلا وهو يلتقط أنفاسه لاهثا، اقترب منه السياسي الأمريكي المخضرم يحثه على السير، تابعا سيرهما إلى أن وصلا إلى أكمة وقفا وراءها، تابع عمر بعينيه إلى حيث يشير مرافقه، رأى رجلا هزيلا وقد أمسك بكتاب يمزق أوراقه في عصبية ويرمي بها في الهواء ثم يجري وراءها كطفل صغير، دقق النظر في ملامحه ذاهلا فقد كان الرجل بن لادن بلحمه وشحمه حيا يرزق، أخذ السياسي بيد عمر وسار به بعيدا، ثم قال له هامسا: هل تعبت يا دكتور عمر؟.

ألا تريد أن ترى المزيد من الرؤساء العرب وكبار السياسيين الذين أعلن عن مقتلهم أو خرجوا من بلادهم؟ وأشار بيده إلى أحد الرجال يصرخ بصوت هستيري، كان الظواهري صديق بن لادن، أكملا سيرهما صامتين ووصلا إلى الطرف الآخر من الجزيرة، حيث رأى عمرا رجلا يشد شعر رأسه ويصفع وجهه بيديه، تذكره على الفور؛ إنه بن علي الذي أعلن عن هروبه عند اندلاع الثورة في تونس، وقيل إنه في السعودية، وغير بعيد عنه شاهد عمر رجلا يمشي دوائرا حول نفسه ملوحا بذراعيه في الهواء، كان الرجل علي صالح، ولمح عمر يده التي كان يحرص على إخفائها في وسائل الإعلام ولم تكن مصابة أو محترقة، نظر إلى مرافقه وهو لا يصدق عينيه، فهز هنري رأسه أن نعم هو بعينه، وهمس بصوت لايكاد يسمع: هيا بنا نعود.

سارا عائدين إلى اليخت صامتين كما جاءا، يلحقهما الحارسان من بعيد، أحس بالتعب والعطش وما أن صعدا إلى اليخت حتى ارتمى على أقرب كرسي وهو يقول هامسا: هل لي بكوب من الماء سيدي؟ شرب بعض الماء، وأطرق برأسه وهو يحدث نفسه، وانطلق اليخت بهما عائدين إلى جزيرة أخرى تبعد قليلا عن الجزيرة التي غادراها، وهبط به مرافقه وهو يبتسم نفس ابتسامته الباهتة مشيرا إلى قصر عظيم البنيان قائلا: سنقضي إجازتنا هنا دكتور عمر ولك أن تسألني الآن ما تريد، بلل عمر شفتيه بلسانه وابتلع ريقه قائلا: هل من رأيتهم هم من هم يا سيدي؟ أجابه بصوت فاتر: نعم يا دكتور عمر، أتوقع أن يكون سؤالك الثاني ماذا يفعلون هنا أليس كذلك؟ هز عمر رأسه وهو ينتظر الإجابة بلهفة، قال السياسي: هل كنت تتوقع يا دكتور عمر أن ندع أصدقاءنا دون حماية، وقد قاموا بكل ما طلب منهم بدقة، وقدموا لنا خدمات جليلة، أعتقد أنك من الذكاء لتدرك أنه من غير المعقول أن يصدق من هم أمثالك أن ندع من يطيعون أوامرنا نهبا لمن يثور عليهم في بلادهم، خاصة وهم يمتلكون المليارات التي أودعوها في بنوكنا، إننا دائما نحرص على حماية كل من يحمي مصالحنا ويطيع أوامرنا، وإلا فنهايته لن تكون هنا بل ستكون في مكان آخر، اغتيالا على يد مجهول.

سأل عمر: ولماذا أصيبوا جميعُهم بالجنون؟ أجاب هنري: هذا ما لم نفهمه؛ بعد أن يقضي الواحد منهم شهرا أو شهرين؛ نفاجأ به كما رأيت كلا منهم.. يا صديقي هناك دائما ثمنا لاختيارات المرء، صمت هنري قليلا ثم قال بلهجة متوعدة: والآن دكتور عمر هل أنت جاهز لاستلام منصبك الجديد؟ وأكمل بنفس اللهجة: هذا ما نتوقعه منك دكتور عمر، هل فهمتني جيدا؟ ولتعلم أنك طالما رأيتهم فسيكون من العسير ألا تقبل المنصب، سأتركك لتفكر وترتاح قليلا وأعود إليك بعد ساعة.


انصرف هنري بهدوء مخلفا عمر جالسا في إحدى حجرات القصر الجميل، أطرق مفكرا وهو يحدث نفسه: هل هذا معقول؟ هل هم أحياء؟ غير معقول! لكن لماذا لم يدعني أقترب منهم أو أتحدث إليهم؟ لعله وهم أو خيال.. لعله خدعة، لعلهم أشخاص يشبهونهم، غير معقول غير معقول، لا يمكن، دمعت عيناه وهو يتذكر أباه وأهل قريته، يتسائل بمرارة: ما الذي فعلته بنفسي؟ كيف سأواجههم؟ وضع رأسه بين يديه برهة، لن أستطيع التراجع الآن، فهم لن يتركوني حيا لئلا أكشف سر هذه الجزيرة، سأطيع كل أوامرهم وسأعيش رئيسا ملكا محصنا، وأتمتع بالسلطان والمال والجاه، هكذا قررت.. وليكن ما يكون.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.