لقد دأب وزراء الداخلية المتعاقبون بعد الثورة على إعلان التزامهم المتكرر بإصلاح أجهزة الشرطة واحترام حقوق الإنسان، ولكن ما جرى من إصلاحات على أرض الواقع حتى الآن لم يخدش سوى سطح هذه الأجهزة.. وعوضا عن إصلاح الأوضاع، فقد حاولوا بدأب إعادة فرض تشريعات شبيهة بقانون الطوارئ باسم استعادة الأمن. هذا ما ذكرته الناشطة الحقوقية حسيبة حاج صحراوى مسؤولة منطقة الشرق الأوسط فى منظمة العفو الدولية فى تقديمها للتقرير الوافى للمنظمة الدولية عن انتهاكات الجيش والشرطة فى حق الشعب المصرى بعد ثورته التى خلع فيها نظام مبارك الاستبدادى الفاسد. التقرير الذى تصدره المنظمة الدولية اليوم يكشف بالبحث والأدلة وبالتوثيق عن حالات قتل المتظاهرين والاستخدام المفرط للقوة وتعذيب المتظاهرين وغيره من ضروب المعاملة السيئة على أيدى قوات الجيش والشرطة على السواء. وقد جرى ذلك دون حساب حتى الآن.. بل إن هناك ضباطا شاركوا فى قتل المتظاهرين وحصلوا على أحكام بالبراءة. لقد وعد الدكتور محمد مرسى بمحاسبة من انتهك حق المصريين فى أثناء الثورة وبعدها وإعادة هيكلة الأمن ووزارة الداخلية.. لكن لم يحدث شىء. بل إن الرئيس مرسى استعان بنفس القيادات التى كانت فى خدمة النظام السابق لتولِّى المسؤولية وتعيين قوات الأمن فى ما كانت عليه أيام مبارك وكأنها عادت لتنتقم! ولعلنا نذكر هنا أن منظمة العفو الدولية هى التى أكدت وحصلت على اعترافات من قيادات عسكرية مهمة عن ارتكابهم جرائم كشف العذرية على الفتيات بعد تعذيبهن وضربهن فى المتحف المصرى وصعقهن بالصدمات الكهربائية وتفتيشهن عاريات، ونقلهن بعد ذلك إلى السجن الحربى لإجراء كشوف العذرية وهتك العرض، وكانت فضيحة بكل المقاييس لم يعتذر عنها حتى الآن جنرالات معاشات المجلس العسكرى.. ولعله من التذكير هنا أن الرئيس مرسى قد كرم هؤلاء العسكر كما رقَّى المسؤولين مباشرة عن تلك الجريمة. كما قام الرئيس مرسى بتكريم وترقية أحد جنرالات العسكر الذى كان مشرفا على ضرب المتظاهرين أمام مجلس الوزراء الذى استشهد فيه الشيخ عماد عفت والعشرات من شباب مصر الشرفاء، الذين انضموا إلى قائمة الشرف من الشهداء على يد انتهاكات الجيش والشرطة التى لم تجد رادعًا لها حتى الآن. ويوثق تقرير المنظمة الدولية حالات القتل والاستخدام المفرط للثورة وتعذيب المتظاهرين وغيره من ضروب المعاملة السيئة على أيدى قوات الجيش والشرطة على السواء، مستندا إلى تحقيقات ميدانية مباشرة أجريت فى أثناء حكم جنرالات معاشات المجلس العسكرى. ويصف تقرير العفو الدولية فى حالات مفصلة عن تصرف قيادات من الجيش تحت حكم المجلس العسكرى وكأنه فوق القانون، بينما لم تكفل المحاكم العسكرية أى إنصاف للضحايا، وظل المحققون المدنيون (النيابة العامة) غير قادرين على توجيه الاتهام ولو لرجل عسكرى واحد عما ارتُكب من جرائم.. أو غير راغبين فى ذلك.. هكذا يقول التقرير. ولعلى أقول إن النظام الحاكم لا يريد الآن توجيه الاتهامات أو المحاسبة عن الجرائم على الأقل فى الفترة الحالية. إنه تقرير مهم يجب أن يقرأه الرئيس محمد مرسى.. لعله يقرأ. وتقرير مهم يجب أن يقرأه سيادة النائب العام وأعضاء النيابة العامة خصوصا أن كل قضايا قتل المتظاهرين التى قدموها إلى المحاكم حُكم فيها ببراءة الضباط «القاتلين».