يمكنك أن تمر مرورًا سريعًا عند سيرة هذا الرجل.. انظر، إنه العمدة «سليمان غانم» إحدى شخصيات «ليالى الحلمية» الأسطورية، وهو ذاته بشحمه ولحمه «حسن أرابيسك» فى رائعة أخرى هى «أرابيسك»، أيضا ستقفز إلى الذاكرة تلك الشخصية المصرية الجميلة «حسن وهدان القط» فى «حلم الجنوبى»، أضحكنا وهو فى قمة جديته وأربك مشاهديه حينما غاب عن دراما رمضان الماضى، إن هذا هو المرور السريع على سيرة صلاح صلاح الدين عثمان إبراهيم السعدنى الشهير بصلاح السعدنى، فما بالنا إن دققنا النظر أكثر.. اختار صلاح السعدنى أن يظهر للجمهور فى رمضان هذا العام بطلة رجل قاسى القلب وفاسد يحمل اسم سيد (الشخصية كانت تحمل اسم «فكرى»، وأصر على تغييرها إلى سيد)، وذلك فى مسلسل «إخوة أعداء»، وهو الاسم النهائى الذى استقر عليه المخرج محمد النقلى بعد أن كان المسلسل يحمل اسم «الإخوة الأعداء»، العمل المأخوذ عن الرواية العالمية الروسية الشهيرة «الإخوة كرامازوف» التى تم تحويلها من قبل إلى فيلم سينمائى أخرجه الراحل حسام الدين مصطفى عام 1974، أى منذ خمسين عامًا تقريبًا.. السعدنى تحدث إلى «التحرير» عن تجربة «الإخوة أعداء» وعن اختياره الشخصية وملاحظاته على السيناريو، قال صاحب «أبنائى الأعزاء شكرا» إن اختياره لهذا العمل تحديدًا من ضمن عدد كبير من المسلسلات التى عرضت عليه، لأن تلك الرواية تحديدًا لها معزّة خاصة داخلة، يضيف: «أعتبرها من أهم روايات الأدب العالمى، وأنا مرتبط بها ارتباطا شديدا، وكنت أنوى تقديمها منذ خمسين عامًا تقريبًا على مسرح جامعة القاهرة، حيث كنت أدرس الزراعة مع المخرج الراحل هشام أبو النصر، وكان من المفترض أن أقوم بدور أحد الأبناء وليس دور الأب كما يحدث فى المسلسل، وكان مقررًا أن تشاركنى به مجموعة من أصدقائى لتقدم فى ما كان يعرف وقتها ب(ملتقى جامعة القاهرة)، لكن لظروف ما لم يكتمل المشروع»، وما زال السعدنى يؤكد: «قدم فيلم خلف أسوار الجامعة قبل 32 عاما» يقص لنا تاريخه مع رواية «الإخوة كرامازوف» التى عرضها عليه المنتج السينمائى أحمد السبكى العام الماضى، على أن يكتب لها المعالجة السيناريست أحمد عبد الله، وكان ينوى السبكى تقديمها كمسلسل تليفزيونى العام الماضى، لكن بسبب توتر الأوضاع وقتها توقف المشروع ولم يكتمل أيضا، ويضيف السعدنى (قام ببطولة مسلسل «الناس فى كفر عسكر» عام 2003): «فوجئت هذا العام بالسيناريست شريف حلمى يعرض علىّ فكرة المسلسل ومعالجة للرواية التى طالما حلمت أن أشارك فيها إما أبًا، أو أحد الأبناء، وبالفعل تقابلت مع المخرج محمد النقلى الذى قدمت معه أعمالا سابقة ومنها مسلسل (الباطنية)، وبالفعل اتفقنا على العمل وبدأنا التصوير على الفور». السعدنى (قدم 206 أعمال على مدار تاريخه الفنى) يقول إن الشخصية التى يقدمها فى مسلسل «إخوة أعداء» هى شخصية ذات تركيبة خاصة جدًا، فهى شخصية سيكوباتية معقدة جدًا، ولا تحمل أى مشاعر، فهو رجل فاسد بمعنى الكلمة يتاجر فى منتجات صينية رديئة، وهدفه هو كسب المال فقط لا يعنيه بلد ولا أولاد ولا أى شىء، فهو شخص مجرد من المشاعر، وهى شخصية يرى أنها جديدة جدًا عليه ولم يقدمها من قبل، لذلك أعجبته.
المسلسل الذى يشارك فى بطولته أحمد رزق وفتحى عبد الوهاب، كان لرب الأسرة فيه حسب شخصية السعدنى فى العمل، بعض الملاحظات البسيطة جدا على السيناريو الذى أكد أنه لم يتدخل بشكل كبير فيه، كما أنه كانت له بعض الملاحظات على الدور الذى يقدمه أيضا.. يعود السعدنى لوصف أجواء العمل مع المخرج محمد النقلى قائلا: «لم أتدخل فى اختيارات المخرج محمد النقلى لفريق العمل، لأن شغلى معاه يوفر لى كثيرا من الطاقة والجهد، فهو مخرج جيد أسعد بالعمل معه»، وحسب السيناريو فإن الحاج سيد كان من المفترض أن يلتقى الرئيس الصينى بحكم علاقاته القوية بكبار الشخصيات بالصين، نظرا إلى تجارته الكبيرة هناك، فقام محمد النقلى بتركيب صورة فوتوشوب له وهو يسلم على الرئيس الصينى، وتم وضعها فى الديكور لتخدم الشخصية».
لن يكون السعدنى وحده هذا الموسم، معه زملاؤه الكبار أيضا (الفخرانى ونور الشريف ومحمود عبد العزيز وعادل إمام)، إضافة أيضا إلى النجوم الشباب.. كل يحكى حدوتة مختلفة، هو يرى أن وجود كل هؤلاء النجوم فى رمضان هو فى المقام الأول فى صالح المشاهد، ويؤكد أنها ليست منافسة بالمعنى التقليدى، لكنها وسيلة لإرضاء المشاهد، لا ينكر أيضا سعادته بكل هذا الكم من الأعمال الدرامية فى هذا الموسم: «هذا بالطبع خير على مصر بالتأكيد وعلى الفن، فهكذا يعود الفن إلى عزه ومجده من جديد، فأنا أرى أن رمضان هذا العام به أعمال مكتملة العناصر الفنية، وهذا دليل على أن الوضع فى مصر مستقر وأن كل شىء سيتقدم إلى الأمام، رغم كل ما كان يقال إن الإنتاج قد توقف، فكل الأفكار السلبية لم أقبل عدم صحتها»، واستكمل العمدة حديثه قائلا: «اللغط الذى يثار حول مستقبل الفن، هو جزء من اللغط الخاص الذى يحدث فى السياسة، رغم أننا فى تلك الفترة وهى أقل من عامين بعد الثورة استطاعت مصر أن تخرج من خانة دول العالم الثالث إلى دولة يتم فيها تداول السلطة بشكل سليم وجيد»، حسب رأى السعدنى.