ترشح 417 على المقاعد الفردية فى اليوم الأخير لتقديم الأوراق بانتخابات النواب    موعد صرف مرتبات شهر نوفمبر 2025    تركيب القضبان والفلنكات.. شاهد معدلات تنفيذ القطار السريع    عمرو موسى: قمة شرم الشيخ لحظة دقيقة ومرحلة إيجابية لإنهاء الحرب في غزة    صحفيون بصدد مغادرة البنتاجون بعد رفضهم توقيع وثائق إدارة ترامب المتعلقة بتصاريح الصحافة    رياضة ½ الليل| هنا ملكة أفريقيا.. أول قائمة لتوروب.. سجن فينيسيوس.. وكواليس اجتماع الزمالك    خلف الكواليس.. لماذا يتمسك الكاف بإقامة أمم إفريقيا في المغرب؟    ضبط أسماك وجمبرى وسبيط منتهية الصلاحية بأحد الثلاجات بالإسكندرية    Firefox يضيف محرك الإجابة الذكى Perplexity كخيار بحث جديد    تعرف على أسعار تذاكر زيارة المتحف المصرى الكبير بعد الافتتاح الرسمي للمصريين والسائحين    محافظة الإسماعيلية تستعد لإقامة لمهرجان الإسماعيلية الدولي للفنون الشعبية    محمد العمروسي يخرج عن صمته ويرد على طليقته بشأن تخليه عن أولاده    هيئة الدواء:أهمية التعاون بين الطبيب والصيدلي في ترشيد استخدام الدواء    طبيب قلب يوجه تحذير عاجل لمن هم فوق ال 40 عامًا    بعد شائعات اعتقاله.. ياسر أبو شباب لقناة 14 العبرية: لسنا خائفين من حماس    تركيب القضبان والفلنكات بالخط الأول من شبكة القطار الكهربائى السريع..فيديو    رئيس هيئة الدواء: مصر تمتلك منظومة رقابية متكاملة تغطي صناعة وتوزيع الدواء    فتح باب الترشح للعمل بلجان مراقبة امتحانات الدبلومات الفنية بالمنيا والمحافظات    خبير تربوي يكشف أسباب التعدي على المعلمين وكيفية معالجته    حسين هريدي: القمة المصرية السودانية بحثت جهود وقف حرب السودان والتحضير لاجتماع واشنطن    ترامب يهدد بنقل مباريات كأس العالم من مدن أمريكية «غير آمنة»    محلل سياسي من غزة لحديث القاهرة: شبح الحرب الأهلية يخيف الشارع وحماس تفرض سيطرتها    المتحف القومي للحضارة المصرية يحتفي باليوم العالمي للتراث الثقافي غير المادي بفعالية «حضارة وشعوب»    «نكديين ومش بيحبوا السهر».. 4 أبراج تفضل الهدوء على الخروج في عطلة نهاية الأسبوع    قصور الثقافة بالغربية تحتفل باليوم العالمي للمرأة الريفية    هل يجوز شراء شقة بنظام التمويل العقاري بقصد الاستثمار؟.. أمين الفتوى يجيب    هل الألعاب الإلكترونية التي تدر أرباحًا مالية حلال أم حرام؟.. أمين الفتوى يوضح    سيدات الأهلي يتأهلن لربع نهائي بطولة إفريقيا للأندية لليد    ميسرة بكور: أوروبا تسعى لاستقلال أمنى عن واشنطن فى ظل التباعد عبر الأطلسى    الصحة العالمية: نموذج برنامج التطعيم الإجباري فى مصر يحُتذى به على مستوى العالم    «تجهز في 5 دقايق».. حضري طبق «السبانخ بالكريمة» وتمتتعي بالمذاق الشتوي (الطريقة والخطوات)    برشلونة يعلن تمديد عقد دي يونج حتى 2029    بعد دعوته للانعقاد.. تعرف على الضوابط التنظيمية للجلسة الافتتاحية لمجلس الشيوخ    محافظ جنوب سيناء يبحث آليات البدء في تنفيذ مشروع محطة إنتاج الطاقة والهيدروجين الأخضر بمدينة الطور    حازم هلال: فخور بالانضمام لقائمة الخطيب.. ونسعى لاستكمال مسيرة الإنجازات    انطلاق الدورة السادسة عشر من مهرجان المسرح العربى من 10 ل 16 يناير    بقبلة على يده.. رينارد يوجه رسالة قوية عن موهبة المنتخب السعودي    جامعة قناة السويس تنفذ برنامجًا تدريبيًا توعويًا بمدرسة الجلاء الابتدائية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 15-10-2025 في محافظة الأقصر    من قلب غزة: تحيا مصر.. ويحيا السيسى    صحة المنوفية تواصل استعداداتها للاعتماد من هيئة الاعتماد والرقابة    وزير العمل يلتقي رئيس غرفة تجارة وصناعة قطر لتعزيز التعاون بالملفات المشتركة    شريف حلمي: الأكاديمية العربية شريك أساسي في إعداد كوادر مشروع الضبعة النووية    وزير المالية: تحسن أداء الاقتصاد المصرى خلال الربع الأول من 2025-2026    إيفاد: الحلول القائمة على الطبيعة تحسن رطوبة التربة وتزيد كفاءة أنظمة الري    متحدث الحكومة: تمويل 128 ألف مشروع بالمحافظات الحدودية ب4.9 مليار جنيه    سلوك عدواني مرفوض.. «خطورة التنمر وآثاره» في ندوة توعوية ل«الأوقاف» بجامعة مطروح    حكم تشغيل القرآن الكريم عبر مكبرات الصوت قبل الفجر والجمعة    الجامع الأزهر يقرر مد فترة التقديم لمسابقة بنك فيصل لذوى الهمم حتى 20 أكتوبر الجارى    القومي لحقوق الإنسان يشارك في مؤتمر الحوكمة ب كيب تاون    ب 20 مليون جنيه.. «الداخلية» توجه ضربات أمنية ل«مافيا الاتجار بالدولار» في المحافظات    عاجل- مجلس الوزراء يشيد باتفاق شرم الشيخ للسلام ويؤكد دعم مصر لمسار التسوية في الشرق الأوسط    وزير التعليم العالي: مصر تسعى جاهدة للتحول إلى مركز إقليمي ودولي للبحث العلمي والابتكار    الكرملين: بوتين سيجري محادثات مع الرئيس السوري اليوم    أسرة سوزي الأردنية تساندها قبل بدء ثاني جلسات محاكمتها في بث فيديوهات خادشة    رغم منع دخول أعلام فلسطين.. إيطاليا تهزم إسرائيل وتنهي فرصها في التأهل    رمضان السيد: ظهور أسامة نبيه في هذا التوقيت كان غير موفقًا    عمقها 30 مترًا.. وفاة 3 شباب انهارت عليهم حفرة خلال التنقيب عن الآثار بالفيوم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د.هشام عبد الصبور شاهين يكتب: رمضان.. وثقافة الميكروباص..!

إذا لم تصدّقني عزيزي القارئ فيما سأذكره لك؛ فتعال إلى دار السلام بعد الإفطار جميع أيام رمضان، طولقد وصفته لحضرتك وصفا دقيقا لأنني عاينته وعانيت منه أكثر من اثنين وعشرين رمضانا ! ولكن.. وفي العَشر سنوات الأخيرة؛ تفاقم الوضع إلى درجة مفزعة مخيفة.

الشارع مزدحم إلى درجة لا تحتمل، والسيارات واقفة فى أماكنها لا تتحرك إلا ببطء شديد، والآن رفع أذان العشاء من عشرة مساجد فى المنطقة فى آن واحد، ميكروفوناتها انتشرت على الجدران والشرفات وفوق الأسطح، تباينت أصوات المؤذنين بين الأجش والناعم، والخشن والرقيق، كلها تشترك فى علوّ درجة الصوت إلى درجة لا تحتمل، تخترق الأعصاب وهى تدعو الناس للصلاة، بعد رفع الأذان بعشر دقائق؛ تحول المشهد المسموع إلى ضوضاء رهيبة، لا يستطيع المرء تمييز أى من أصواتها على حدة، فأصوات أئمة المساجد يتلون قرآن صلاة التراويح اختلطت مع أصوات السيارات المزعجة، وأصوات التلفزيونات العالية تذيع المسلسلات والإعلانات، مع أصوات الباعة ينادون على بضاعتهم ، وأصوات سيارة إسعاف (فى الأغلب مات من بداخلها)، وسيارة مطافئ لا يستطيع سائقها تجاوز الزحام، وأصوات الناس فى الشارع؛ هؤلاء يصلون وآخرون يتشاجرون ويسبون بأعلى صوت، وأولئك ينادون على وجهة الميكروباص: السيدة .. جيزة .. بولاق، وقد يسمع دوي إطلاق رصاص أو خرطوش في مشاجرة أو في افتتاح دكان الحلواني المجدَّد، ويتصاعد اختلاط الأصوات ليصل إلى ذروة الهيستيريا، في غياب أي تواجد للأمن من الشرطة أو الجيش، ولا عجب.. فاليوم أول أيام رمضان !

هذا المشهد الضوضائي يحدث في وجود كل ما يميز عشوائيات مصر، فالرصيف محتل ببضائع المحلات وأقفاص وصناديق الباعة الجائلين، والرصيف الأوسط يرتفع عن الأرض نصف متر، لكي لا يسمح لكبار السن والعجزة بالعبور، والقمامة تعلو تلالا قام أولاد الحلال بإشعال النار فيها، وحارات ثلاث من حارات الشارع الأربع تحتلها السيارات المصفوفة والقمامة والباعة بعربات الكارو، وبالعافية تسير السيارات في الحارة الوحيدة المتاحة فوق القمامة المدكوكة، والمجاري طافحة والمطبات لا تحصى، وفي الخلفية تستطيع حضرتك أن ترى أبراجا بنيت خلال العام الماضي، ترتفع اثني عشر طابقا، على مساحات من الأرض لا تزيد عن ثمانين مترا مربعا، ما يبادر إلى ذهنك فورا برج الإسكندرية الذي انهار منذ يومين، وكل لحظة في دار السلام لا ترى عيناك إلا تلوثا وترابا ودخانا وقذارة.

ومع تلوث السمع بالضوضاء الرهيبة، وتلوث البصر بكل مظاهر العشواء، تلوثت الأخلاق وانهارت القيم، وتشبع الهواء برائحة الانفلات والفوضى واحتراق الزبالة والكلاب الميتة، وما عادت مظاهر التدين التي يبديها كثير من الناس تجدي في إخفاء حالة الانهيار الأخلاقي في الشارع، وهنا أذكر ما تحدث عنه أستاذنا الدكتور جلال أمين في بعض كتبه؛ الدولة الرِّخوة، الدولة التى يستطيع كل إنسان فيها أن يفعل ما يشاء دون خوف من رادع أو من قانون، فالقانون لا يطبق إلا على الضعفاء، وأزيد وصفاً لفكرة أستاذنا ؛ فى الدولة الرخوة يعلو صوت كل شئ إلا صوت الحق، وفيها تختلط الأصوات محدثة ضوضاء ملوثة للأسماع والأنفس والحياة كلها، ومصر مبارك هي الدولة الرخوة بكل صفاتها، فهل أصبحت ثقافتنا فى مصر الرخوة ثقافة الضوضاء التي تهوي بنا نحو القاع ؟

من الذي أفهم مؤذن المسجد أن إيمان الناس يزيد كلما علا صوته في الأذان ؟ من الذي أوحى إلى القائمين على إدارات المساجد أن إذاعة الصلاة في ميكروفونات المسجد الخارجية يؤدي إلى دخول السامعين في حالة روحانية في صلاة التراويح ؟ لماذا لا يكتفي أئمة المساجد بإذاعة الصلاة في مكبرات الصوت الداخلية، حتى لا تختلط الأصوات، ولا يعي السامعون خارج المسجد شيئا مما يسمعون ؟ إن المسلم مأمور في حياته كلها بالامتناع عن فعل الحرام، فإذا جاء رمضان؛ امتنع عن الحلال طاعة لله وامتثالا لأوامره، فلماذا لا يكون رمضان شهر الهدوء والسكينة، والعبادة والتفكر، والنظام والالتزام ؟

منذ أن استسلم المصريون عبر ثلاثين الأعوام الماضية لطريقة إعلام الدولة الرخوة في إدارة الشهر الفضيل، ورمضان ما عاد رمضان، فبدلا من أن يكون شهر الزهد والعبادة؛ أصبح شهر الأكل والمسلسلات، وبدلا من أن يكون شهر الهدوء والسكينة؛ أصبح شهر الصخب والإعلانات، وبدلا من أن يكون شهر القرآن والذكر؛ أصبح شهر الفن والفوازير، وبدلا من أن يكون شهر الطمأنينة في العبادة؛ أصبح شهر السهر والسحور على أنغام التخت الشرقي.

إن ترك المصريين نهبا لمروجى ثقافة الضوضاء كارثة حقيقية، يجب أن نتصدى لها لمحو آثارها، ولتمكين ثقافة الهدوء والصوت المنخفض من نفوس المصريين، فاستعمال آلات التنبيه فى السيارات بلا داع ، واستعمال مكبرات الصوت فى كل مناسبة وفى كل مكان، وعلو أصوات المتحاورين، وتلويث البيئة بالأصوات المنكرة المنبعثة من الكاسيت والسى دى والدى جى، كل هذا جعل الحياة فى العاصمة لا تحتمل، وجعل الإصابة بالعديد من الأمراض العصبية لا مفر منه، وكلها أدواء ينبغى أن تتصدى لها وزارة الثقافة في إدارة الدكتور مرسي لتجد لها الدواء، فإذا لم تتول وزارة الثقافة هذه المهمة التى تعتبر من صميم أولوياتها؛ فإننا نطالب أولى الأمر بضمها إلى وزارة الإعلام لتتولى هي إدارة أمور الفن والرقص والمسلسلات، ولْتُستحدَث وزارة جديدة؛ وزارة الثقافة الشعبية، على غرار وزارة السد العالى فى منتصف القرن الماضى، تكون مهمتها الرئيسية إعادة المصريين إلى ثقافة الهدوء والصوت المنخفض، بدلا من تركنا نهبا للضوضاء؛ رأس الحربة فى ثقافة الميكروباص. إسلمي يا مصر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.