رئيس جامعة بنها يشهد ختام المهرجان الرياضي الثالث لجامعات الدلتا وإقليم القاهرة الكبرى    مجلس الوزراء يكرم الأمين العام السابق للمجلس ويهنئ نظيره الجديد بتوليه المسئولية    نقيب المحامين يترأس جلسة حلف اليمين القانونية للأعضاء الجدد    اقتصادية قناة السويس تستقبل وفدا أمريكيا لتفقد أعمال تطوير ميناء السخنة    إشادة كويتية بإنجازات النقل البحري المصري خلال زيارة ميناء الإسكندرية    مدبولي: كلمة الرئيس السيسي في قمة الدوحة عكست موقف مصر الثابت تجاه أوضاع المنطقة    سوريا وإسرائيل.. أمريكا تسعى إلى تفاهمات أمنية وتل أبيب تطالب بقيود واسعة على الجنوب    وزير الرياضة يشهد احتفالية استقبال كأس الأمم الإفريقية في مصر    ريال مدريد يكشف طبيعة إصابة أرنولد    ضبط عامل تعدى على شقيقه بالضرب بسبب خلافات مالية في القاهرة    تأجيل محاكمة المخرج محمد سامي بتهمة سب الفنانة عفاف شعيب ل22 أكتوبر للاطلاع    اليوم.. ندوة عن سميرة موسى بمكتبة مصر الجديدة للطفل    اليوم.. مؤتمر صحفي لإعلان تفاصيل الدورة الثالثة لمهرجان إيزيس الدولي لمسرح المرأة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 17سبتمبر2025 في المنيا    المنيا.. تنظيم قافلة طبية مجانية في بني مزار لعلاج 280 من المرضى غير القادرين    محافظ سوهاج يعتمد المرحلة الثالثة لقبول طلاب الإعدادية بالثانوي    من بيت الأمان إلى لحظة الوجع.. زوج يذبح زوجته في العبور وضبط المتهم    شاب يلقى مصرعه حرقًا بعد مشادة مع صديقه في الشرقية    أسيوط تبحث مستقبل التعليم المجتمعي ومواجهة التسرب الدراسي    وزير الري: الاعتماد على نهر النيل لتوفير الاحتياجات المائية بنسبة 98%    قبل عرضه بالسينما أكتوبر المقبل.. تعرف على أحداث فيلم «فيها إيه يعني»    محافظ شمال سيناء يفتتح مهرجان الهجن بالعريش    مدبولي: الحكومة ماضية في نهج الإصلاح الاقتصادي الذي تتبعه    ضبط قضايا إتجار بالنقد الأجنبي بقيمة 7 ملايين جنيه خلال 24 ساعة    فيديو - أمين الفتوى: تزييف الصور بالذكاء الاصطناعي ولو بالمزاح حرام شرعًا    الأزهر للفتوى: يجوز للزوجة التصدق من مال زوجها دون علمه في حالة واحدة    عالم أزهري يكشف لماذا تأخر دفن النبي بعد موته وماذا جرى بين الصحابة وقت ذلك    انخفاض أسعار الدواجن اليوم الأربعاء بالأسواق (موقع رسمي)    "عليهم أن يكونوا رجالًا".. هاني رمزي يفتح النار على لاعبي الأهلي عقب تراجع النتائج    مصر تطلق قافلة "زاد العزة" ال39 محملة ب1700 طن مساعدات غذائية وإغاثية إلى غزة    «جوتيريش»: سيذكر التاريخ أننا كنا في الخطوط الأمامية من أجل الدفاع عن الشعب الفلسطيني    تحرك الشاحنات المحملة بالمواد الإغاثية من معبر رفح البري إلى كرم أبوسالم لتسليمها للجانب الفلسطيني    24 سبتمبر.. محاكمة متهم في التشاجر مع جاره وإحداث عاهة مستديمة بالأميرية    تمديد عمل تيك توك في الولايات المتحدة حتى 16 ديسمبر    وزارة العمل: 3701 فُرصة عمل جديدة في 44 شركة خاصة ب11 محافظة    تخفيضات وتذاكر مجانية.. تعرف على تسهيلات السكة الحديد لكبار السن 2025    «ڤاليو» تنفذ أول عملية مرخصة للشراء الآن والدفع لاحقًا عبر منصة «نون»    الليلة.. أيمن وتار ضيف برنامج "فضفضت أوي" مع معتز التوني    ملكة إسبانيا فى زيارة رسمية لمصر.. أناقة بسيطة تعكس اختياراتها للموضة    قبل بدء الدراسة.. تعليمات هامة من التعليم لاستقبال تلاميذ رياض الأطفال بالمدارس 2025 /2026    أبو مسلم يهاجم ترشيح فيتوريا لقيادة الأهلي    وزارة الشباب والرياضة تستقبل بعثة ناشئات السلة بعد التتويج التاريخي ببطولة الأفروباسكت    إسرائيل تعلن عن ممر آمن لإخلاء سكان غزة جنوبا| لمدة 48 ساعة    عاجل- انقطاع الإنترنت والاتصالات الأرضية في غزة وشمال القطاع بسبب العدوان الإسرائيلي    نائب وزير الصحة تعقد اجتماعًا بمستشفى قنا العام لتطوير مراكز التميز في خدمات ما حول الولادة    «ليه لازم يبقى جزء من اللانش بوكس؟».. تعرفي على فوائد البروكلي للأطفال    صحة المرأة والطفل: الفحص قبل الزواج خطوة لبناء أسرة صحية وسليمة (فيديو)    بتقديم الخدمة ل6144 مواطن.. «صحة الشرقية» تحصد المركز الأول بمبادرة «القضاء على السمنة»    وزير الدفاع السعودي ولاريجاني يبحثان تحقيق الأمن والاستقرار    فون دير لايين تبحث مع ترمب تشديد العقوبات على روسيا    أكلة فاسدة، شوبير يكشف تفاصيل إصابة إمام عاشور بفيروس A (فيديو)    بتر يد شاب صدمه قطار في أسوان    بهدف ذاتي.. توتنام يفتتح مشواره في دوري الأبطال بالفوز على فياريال    خطوات إضافة المواليد على بطاقة التموين 2025.. الأوراق المطلوبة والفئات المستحقة    مسلسل سلمى الحلقة 25 .. خيانة تكشف الأسرار وعودة جلال تقلب الموازين    «تتغلبوا ماشي».. مراد مكرم يوجه رسالة إلى إمام عاشور بعد إصابته بفيروس A    توقعات الأبراج حظك اليوم الأربعاء 17 سبتمبر 2025.. الأسد: كلمة منك قد تغير كل شيء    أوقاف الفيوم تنظّم ندوات حول منهج النبي صلى الله عليه وسلم في إعانة الضعفاء.. صور    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د.أيمن ابو الحسن يكتب: الفلاح الفصيح وأمن الدولة
نشر في الدستور الأصلي يوم 15 - 12 - 2011


هذه الصورة
مشهد من فيلم الارض
ينظر ابو سويلم لعبد الهادى نظرة غير عادية
فيها رساله جيل إلى جيل
بيقوله يا عبد الهادى دورى خلص بالسحل على الارض العطشانة
و عبد الهادى هو إمتداد ابو سويلم
هما معا الميزان
و العصاية فى ايد عبد الهادى لها دورين
الاول هى رمانة الميزان " ابو سويلم فى كفة و هو فى كفة" و الدور الثانى هو السلاح لمقاومة محمود بيه و السلطة و الاحتلال و السرايه
ربما فيه طاقة من النور اعلى رأس عبد الهادى تهديه إلى الطريق
المصرى القديم أول من ربط بين العدل و الميزان كما سنرى فى شكاوى الفلاح الفصيح للفرعون..... الفلاح المصرى .. الذى جنن الدنيا.. كيف نفهمه؟؟ لابد أن نعود إلى 40 قرنا من الزمان..
كانت أول قضية يلفقها " أمن الدولة " لمواطن مصرى منذ 4000 سنة .. و سجلها الفلاح الفصيح على برديات لازالت محفوظة...
هذه رحلة إلى الحضارة " العفنة" نرى و نسمع و نتعلم من عفونتها ..بحثت عن خطابات الفلاح الفصيح فى كتاب العبقرى " جيمس هنرى بريستيد" و الذى ترجمه العلامة الدكتور سليم حسن .. كيف عبر ذلك الفلاح المصرى ،عن الظلم الواقع عليه فى خطابات" عفنة" سجلها التاريخ لمدة أربعين قرنا من العفونة ...
فلاحنا من إقليم " الفيوم" فى منطقة وادى النطرون ، قريته إسمها " حقل الملح" وجد أن مخزن الغلال أشرف على النفاد .. جمع من أهل القرية بعض الحاصلات و حملها على قطيع من الحمير..متجها نحو المدينة .. يريد أن يستبدل الحاصلات بالغلال..و بينما هو فى طريقه الذى يعترضه منزل موظف صغير إسمه " تحوتى ناخت" .. شاهده ذلك الموظف الصغير الخبيث، فنهش الطمع قلبه و اراد الاستيلاء على الحاصلات .. و تفتق ذهنه الخبيث بحيلة ..فنشر نسيج الكتان على الطريق، ليجبر الفلاح الطيب على المرور من حقل القمح ،الذى يملكه الموظف الاكبر .. و تحين فرصة أن يلتقم احد الحمير بضع سيقان من القمح ..و فإنقض عليه و أمره بتسليم الحمير لأنه إعتدى على أملاك الموظف الاكبر..مدير البيت العظيم " رنزى بن مرو..
و لم يكتف بهذا فقط بل أصدر أمرا بإعتقال و حبس الفلاح عقابا له ... و كانت قائمة التهم جاهزة .. المرور بغير إذن فى أرض خاصة .. الاعتداء على ممتلكات يملكها الموظف الكبير .. التهرب من الضرائب-!!!-.. أربعة أيام تعرض الفلاح للضرب و التعذيب و هو صامد لا يلين و لا يتنازل عن حقه فى الحمير و الحمولة .. و بدا يكتب الشكاوى إلى مدير البيت العظيم..
نحن الآن أمام قضية أمن دولة بكل معنى الكلمة ... طمع فى ممتلكات فلاح بسيط .. خطة خبيثة للإيقاع به.. الإستيلاء على أمواله.. تلفيق تهمة تعدى على ممتلكات خاصة .. إعتقال بدون مبرر شرعى ، ضرب و تعذيب ، إغفال اى ذكر عن الحمير و الحمولة الثمينة ..
قرر الفلاح ان يستمر فى نضاله لإستعادة أمواله و حميره فتقدم بشجاعة مذهلة من الموظف الكبير و قال له :
لأنك والد اليتيم ، و زوج الأرملة ، و أخ لمن هجره الأهلون، و ستر من لا أم له، دعنى أضع إسمك فى هذه الارض، فوق كل قانون عادل.. يا ايها القائد الذى لا يشوبه طمع.. يا أيها العظيم .. أجب إلى الصيحة التى ينطق بها فمى ، فإذا تكلمت فعليك أن تسمع..أقم العدل، أنت يا مدحت و يا من يمتدحه الممدوحون .. إكشف عنى الضر.. حقق أمرى .. فإنى فى حيرة..
شعر الموظف الكبير بفصاحة هذا الفلاح .. فهرع إلى الملك و حكى له .. فسر الملك سرورا عظيما و أمر بأن يصحب الفلاح معه دون ان يقطع فى أمره..
سجلت البرديات ثمانية شكاوى ..
الأولى : خيبة الامل فيمن ظنه انه الرجل العظيم الذى لا يحيد عن الحق
الثانية: يعود للمدائح-!!!- مولاى .. إنك رع رب السماء .. إن أقوات بنى الإنسان منك لأنك كالفيضان..و أنت إله النيل الذى يخلق المراعى ..ضيق الخناق على السارق.. إحم التعس..و لا تكونن كالسيل ضد الشاكى ..إحذر فالأبدية تقترب..و نفذ العقاب .. ليس هناك شيئا يعدل إستقامتك..هل يخطئ الميزان؟؟لا تنطقن كذبا لأنك عظيم..و انت بذلك مسئول..لا تكن خفيفا لأنك ذو وزن، و لاتتكلمن بهتانا لأنك الموازين، و لا تحيدن لأنك الإستقامة ، .. لسانك هو المؤشر العمودى لميزان العدل و قلبك هو المثقال و شفتاك هما ذراعاه..
و فى الشكوى الثالثة .. يستمر فى المديح .. مع التحذيرات الغامضة من مغبة الظلم.. فهو الفلاح المصرى الذى لا يريد أن يتصادم مع الفرعون و مندوبيه ..
و إذ يشعر الفلاح المصرى بعدم جدوى المديح ،و أن الموظف الكبير متواطئ مع الصغير الخبيث يبدأ بصب الغضب صبا .. نراه يقول " يا مدير البيت العظيم..إقض على الظلم ، أقم العدل، و قدم كل ماهو خير، و إمح كل ما هو سيئ.
حتى تكون كالشبع الذى يقضى على الجوع و اللباس الذى يخفى العرى ، و السماء الصافية بعد سكون العاصفة الشديدة .. أو كالنار التى تطهو الطعام أو كالماء الذى يطفئ الظما..و يستمر فلاحنا العنيد قائلا: إنك متعلم .. إنك مهذب!! و لقد تعلمت و لكن لا لتكون سارقا ، إنك متعود لأن تفعل ما يفعله كل الناس، قد وقع مثلك أقاربك فى نفس الأحبولة!و انت يا من تمثل الإستقامة ، و لكنك صرت على رأس البغاة فى البلاد ، إن البستانى الذى يزرع الشر، يروى حقله بالعسف، ليثمر زرعه البهتان.
وصلنا للشكوى السابعة .. إن جوفى مفعم ، و قلبى مثقل، و إن فى السد لكسرا يتدفق منه الماء، و لهذا فإن فمى مفتوح ليتكلم.
و فى الثامنة : إن قلبك جشع ، و ذلك لا يليق بك ، إنك تسرق، و ذلك لا ينفعك، إن الموظفين الذين نصبوا لدرء الظلم هم مأوى لمطلقى العنان، و حتى الموظفين الذين أقيموا لمنع الظلم أصبحوا أنفسهم ظالمين..
و فى النهاية يقول بكل وضوح.. أقم العدل ، لرب العدل، أنت يا من تمثل القلم و القرطاس و اللوح، بل تمثل تحوت –إله القضاء- لأنك بعيد عن السوء، العدالة " ماعت" أبدية فهى تنزل مع من يقيمها للقبر، و إسمه لا يمحى من الارض ، بل يذكر بسبب عدله، و هكذا تكون استقامة هى كلمة الله.
و ينهى الفلاح شكواه بالصراخ فى وجه مدير البيت الكبير: من يقلع فى سفينة الغش فلن يرسو على الارض، و لن تربط مراسى سفينته فى الميناء ، و من لا يكترث لا أمن له، و لا صديق لمن يصم اذنه عن الحق، أنظر.. فإنى أبث شكواى إليك و لكنك لا تنصت ، فساذهب و أبث شكوتى منك إلى " آنوب" و هو إله الموتى .. أى ان الفلاح هدد بالإنتحار..
هذا ملخص أول لقضية أمن دولة .. و لكن نهايتها اسعد من كل قضايا أحفاد أمن الدولة من الفراعنة .. فنجد أن مدير البيت العظيم قد أمر بإعادة كل الحمير بحمولتها للفلاح و بتكريمه و بتسجيل شكواه على البردى .. و نلاحظ أيضا أن الفلاحين لم يتضامنوا مع صاحبنا و تركوه وحيدا فى مواجهة الظلم رغم انه كان يحمل محاصيل القرية كلها .. لقد تطور الفلاح المصرى و أدرك ان تجمعه مع الناس شرط اساسى لنجاح اى ثورة على الظلم .. وأما الفرعون الحالى ، إزداد قسوة مع الفلاح و أصبح لا يعترف له بحقوق .. بل يدعم إفتراء أمن الدولة عليه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.