بداية! هذا مقال قصير للتعريف بكيفية قراءة القراءن. المقصود ليس طرق ضبط الحروف ومخارج الألفاظ وانما جوهر القراءة. كيف تقراء القراءن وتتلقى الرسالة الخاصة بك؟ وهل هناك رسالة مشفرة لك انت او انتى بالذات؟ ظنى ان الأمر كذلك. بأيجاز شديد تعالوا نراجع آيتان. الأولى قول الحق سبحانة وتعالى فى سورة التوبة الأية رقم 3 : (وَأَذَانٌ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ ۙ وَرَسُولُهُ ۚ فَإِن تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ وَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ ۗ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ)... كان الصحابى حذيفة ابن اليمان ضمن جيش المسلمين الذى فتح الله على يديه ارمينية وأذربيجان. ثم سمع رجل من غير العرب يقراء الأية المذكورة وهو يقول "ان الله برىء من المشركين ورسوله" بكسر الراء فى رسوله. اى ان الله براىء من المشركين وبرىء من رسوله. قال سيدنا حذيفة "اعوذ بالله ان يتبراء الله من رسوله" .. لما عاد الصحابى الجليل الى المدينة، ذهب الى امير المؤمنين عثمان ابن عفان وقال له "أدرك القراءن قبل ان تختلف الأمة".. تلك كانت القصة التى وراء كتابات مصحف عثمان الذى حمى القراءن من اختلاف حروفه باختلاف لهجات العرب وبدخول الأعاجم الى الأسلام. أية أخرى من سورة ال عمران الأية رقم 140 : إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ ۚ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاءَ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ يقول العلامة ابن خلدون ان هذه الأية هي سبب انشغاله بعلم التاريخ، فأخذ يبحر فى علم التاريخ ليبحث عن الطريقة التى تتداول بها الأيام بين الناس! امضى عمرا ثم خرج علينا بكتابه «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر». هذا الكتاب المكون من اربع أجزاء له مقدمة منفصلة عنه تسمى "مقدمة ابن خلدون". اخذ عنها العالم (وقتها) طرق تقسيم التاريخ الذى هو ابو العلوم الى علوم اجتماعية شتى. لذلك يسميه الغرب "ابو العلوم الأجتماعية". مما قاله ابن خلدون ان الملك لا ينتهى من الدولة مرة واحدة وانما بالتدريج. يشرح ابن خلدون مقصده ويقول ان العرق الذى يحكم الدولة (الأمويين مثلا) قد يحل بهم الضعف ومع هذا تبقى الخلافة او الملك فى قريش لأن هناك عصبيات أخرى قوية بداخل القبيلة او الدولة (العباسيين مثلا الذى خلفوا الأمويين). ثم اذا ضعفت القبيلة (قريش والعرب مثلا) ينتقل الملك الى القبيلة التالية التى تليها فى مقام القوة والمنعة والتى تستطيع ان تلى الحكم وتمسك بزمام الأمور (الفرس والأتراك مثلا على عهد العباسيين).... وهكذا يقراء القران... تقراء ثم تقراء ثم تقراء... ثم تجد نفسك تتفاعل مع اية معينة دون غيرها من الأيات بطريقة لافتة. هذه ليست مجرد صدفة وانما شيئا ما بداخلك يستجيب لكلام الله سبحانه وتعالى. هذه الأية ليست ثابته وانما تتغير من آن الى أخر. فى المرة القادمة عندما تقراء القراءن، ابحث عن الأية التى تتفاعل معها اكثر من غيرها كما سمع سيدنا حذيفة فأثمر مصحف عثمان وفعل القاضى ابن خلدون فأسس نواة العلوم الأجتماعية.... يقول الحق سبحانة وتعالى فى سورة القمر الأية 17 : وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ ... وهذه أشارة ان الله جعل القراءن ميسر وما عليك الا البحث فيه. ويقول فى سورة الأنفال الأية 29: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ۗ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ الفرقان هو القراءن. لعل المعنى ان التقوى هى شرط حصولك على الأية التى قد تهديك الى هدف حياتك ان كنت مازلت تبحث عنه.. اسألوا الله من فضله....