استشهاد فلسطينيين برصاص الاحتلال وسط مدينة الخليل    مجدي مرشد: لا مساس بسيادة مصر ولا قبول بمحاولات تهجير الفلسطينيين    ياسين منصور: الخطيب تقدم في السن ولابد من دماء جديدة لإتمام التسليم والتسلم لإدارة الأهلي    شاب ينهي حياته بأقراص مهدئة لمروره بأزمة نفسية في أكتوبر    الفيلم التونسي "سماء بلا أرض" يفوز بالنجمة الذهبية لمهرجان مراكش (فيديو)    محسن صالح: توقيت فرح أحمد حمدى غلط.. والزواج يحتاج ابتعاد 6 أشهر عن الملاعب    محمد صلاح يفتح النار على الجميع: أشعر بخيبة أمل وقدمت الكثير لليفربول.. أمى لم تكن تعلم أننى لن ألعب.. يريدون إلقائي تحت الحافلة ولا علاقة لي بالمدرب.. ويبدو أن النادي تخلى عنى.. ويعلق على انتقادات كاراجر    هشام نصر: هذا موقفنا بشأن الأرض البديلة.. وأوشكنا على تأسيس شركة الكرة    AlphaX وM squared يعلنان انطلاق سباق قدرة التحمل في المتحف المصري الكبير    أسعار الذهب اليوم الأحد 7-12-2025 في بني سويف    مصدر أمني ينفي إضراب نزلاء مركز إصلاح وتأهيل عن الطعام لتعرضهم للانتهاكاتً    المشدد 3 سنوات لشاب لإتجاره في الحشيش وحيازة سلاح أبيض بالخصوص    برودة الفجر ودفء الظهيرة..حالة الطقس اليوم الأحد 7-12-2025 في بني سويف    بدون أي دلائل أو براهين واستندت لتحريات "الأمن" ..حكم بإعدام معتقل والمؤبد لاثنين آخرين بقضية جبهة النصرة    وزير الاتصالات: رواتب العمل الحر في التكنولوجيا قد تصل ل100 ألف دولار.. والمستقبل لمن يطوّر مهاراته    جورج كلونى يكشف علاقة زوجته أمل علم الدين بالإخوان المسلمين ودورها في صياغة دستور 2012    الإمام الأكبر يوجِّه بترميم 100 أسطوانة نادرة «لم تُذع من قبل»للشيخ محمد رفعت    أصل الحكاية| ملامح من زمنٍ بعيد.. رأس فتاة تكشف جمال النحت الخشبي بالدولة الوسطى    أصل الحكاية| «أمنحتب الثالث» ووالدته يعودان إلى الحياة عبر سحر التكنولوجيا    منى زكي تكشف مفاجأة عن تصوير فيلم الست    عمرو أديب بعد تعادل المنتخب مع الإمارات: "هنفضل عايشين في حسبة برمة"    آخر مباراة ل ألبا وبوسكيتس أمام مولر.. إنتر ميامي بطل الدوري الأمريكي لأول مرة في تاريخه    جيش الاحتلال يتراجع عن روايته حول عملية الدهس في الخليل (فيديو)    9 قتلى و10 جرحى فى حادث انقلاب حافلة بولاية بنى عباس جنوب غرب الجزائر    الاتحاد الأوروبى: سنركز على الوحدة فى مواجهة النزاعات العالمية    جيش الاحتلال يطلق قنابل ضوئية في محيط مخيم البريج وسط غزة    الرئيس السوري: إسرائيل نفذت أكثر من ألف غارة جوية و400 توغل بري على سوريا منذ ديسمبر الماضي    تموين الغربية يضبط 28 كيلو دواجن غير صالحة للاستهلاك    أخبار × 24 ساعة.. متى يعمل المونوريل فى مصر؟    أول صورة لضحية زوجها بعد 4 أشهر من الزفاف في المنوفية    وزير الاتصالات: تجديد رخص المركبات أصبح إلكترونيًا بالكامل دون أي مستند ورقي    اللمسات الأخيرة.. تفاصيل التجهيزات النهائية لافتتاح مركز الإسماعيلية التجاري    اللجنة القضائية المشرفة على الجمعية العمومية لنقابة المحامين تعلن الموافقة على زيادة المعاشات ورفض الميزانية    أسوان والبنية التحتية والدولار    هيجسيث: الولايات المتحدة لن تسمح لحلفائها بعد الآن بالتدخل في شؤونها    نشرة الرياضة ½ الليل| رد صلاح.. رسالة شيكابالا.. مصير مصر.. مستحقات بنتايج.. وتعطل بيراميدز    نقيب المسعفين: السيارة وصلت السباح يوسف خلال 4 دقائق للمستشفى    ارتفاع سعر "هوهوز فاميلي" من 35 إلى 40 جنيهًا    الوطنية للانتخابات: نتائج ال19 دائرة الملغاة وجولة الإعادة في إطسا الخميس المقبل    الحق قدم| مرتبات تبدأ من 13 ألف جنيه.. التخصصات المطلوبة ل 1000 وظيفة بالضبعة النووية    خالد الجندي: الفتوحات الإسلامية كانت دفاعا عن الحرية الإنسانية    محمد متولي: موقف الزمالك سليم في أزمة بنتايج وليس من حقه فسخ العقد    وكيل وزارة الصحة بكفر الشيخ يتفقد مستشفى دسوق العام    الجامعة اليابانية تبرز زيارة "أخبار اليوم".. شراكة لنموذج تعليمي فريد    أول ظهور فني لزوجة مصطفى قمر في كليب "مش هاشوفك"    الأزهري يتفقد فعاليات اللجنة الثانية في اليوم الأول من المسابقة العالمية للقرآن الكريم    تعليق مفاجئ من حمزة العيلي على الانتقادات الموجهة للنجوم    جامعة كفر الشيخ تنظم مسابقتي «المراسل التلفزيوني» و«الأفلام القصيرة» لنشر ثقافة الكلمة المسؤولة    أسلوب حياة    تقرير عن ندوة اللجنة الأسقفية للعدالة والسلام حول وثيقة نوسترا إيتاتي    الاتصالات: 22 وحدة تقدم خدمات التشخيص عن بُعد بمستشفى الصدر في المنصورة    لماذا يزداد جفاف العين في الشتاء؟ ونصائح للتعامل معه    مفتي الجمهورية: التفاف الأُسر حول «دولة التلاوة» يؤكد عدم انعزال القرآن عن حياة المصريين    وزير الصحة يشهد انطلاق المسابقة العالمية للقرآن الكريم في نسختها ال32    مواقيت الصلاه اليوم السبت 6ديسمبر 2025 فى المنيا..... اعرف صلاتك بدقه    السيسي يوجه بمحاسبة عاجلة تجاه أي انفلات أخلاقي بالمدارس    اسعار المكرونه اليوم السبت 6ديسمبر 2025 فى أسواق ومحال المنيا    الصحة: توقعات بوصول نسبة كبار السن من السكان ل 10.6% بحلول 2050    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بلال فضل يكتب: تأملات في رحمة الله
نشر في الدستور الأصلي يوم 27 - 10 - 2011

أعود وأكرر، لست مفتيا ولن أكون، ما أنا إلا قارئ يدل الناس على تراث مشرق، يحاول المتطرفون أن يحجبوه عن الناس، ليصنعوا كهنوتا ليس موجودا فى الإسلام، ويحتكروا الحديث باسم الدين، مع أن الله عندما حفظ دينه جعل العقل دعامة هذا الحفظ، جاء فى الحديث الشريف «إن الأحمق يصيب بجهله أكثر من فجور الفاجر، وإنما يرتفع العباد غدا فى الدرجات الزلفى من ربهم على قدر عقولهم»، وفى حديث آخر «لكل شىء دعامة ودعامة المؤمن عقله، فبقدر عقله تكون عبادته، أما سمعتم قول الفجار فى النار لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا فى أصحاب السعير». (انظر باب العقل فى «إحياء علوم الدين» لتراجع عشرات الآيات والأحاديث التى تعلى من شأن العقل).
لذلك كله لن تستغرب أبدا الإمام أبى حامد الغزالى فى رسالته (فيصل التفرقة)، يقرر أن من يحكم عليه بالكفر من سائر الأمم هو من قرع سمعه التواتر عن النبى وصفاته ومعجزاته «فإذا قرع ذلك سمعه فأعرض عنه وتولى ولم ينظر فيه ولم يتأمل ولم يبادر إلى التصديق، فهذا هو الجاحد الكاذب وهو الكافر، ولا يدخل فى هذا أكثر الروم والترك الذين بعدت بلادهم عن بلاد المسلمين»، بل إنه يضيف أن «من قرع سمعه تلك الأخبار فقصر فى طلبها وتبين حقيقتها، لأنه ركن إلى الدنيا يعد كافرا، ولو قصر فى الطلب فهو أيضا كفر»، ثم يختم بجملة رائعة، أرجو أن تتأمل فى معانيها «فإن اشتغل بالنظر والطلب، ولم يقصر، فأدركه الموت قبل تمام التحقيق، فهو أيضا مغفور له ثم له الرحمة الواسعة، فاستوسع رحمة الله تعالى ولا تزن الأمور الإلهية بالموازين المختصرة الرسمية».
للأسف اتهمنى البعض بتزييف كلام الشيخ محمد رشيد رضا فى هذه القضية، مع أننى، ويشهد الله، نقلته كما ورد بكتاب (القرآن والسلطان) للأستاذ فهمى هويدى، قالوا إن أحد أحفاده يكذبنى هو أيضا، ولهؤلاء جميعا أهدى هذه الفتوى التى قالها الشيخ رشيد رضا فى مجلة «المنار» عدد رجب 1322 باب (السؤال والفتوى) ونصها «إن دعوة خاتم النبيين عامة، فحكمها واحد فى زمنه وفى كل زمن بعده إلى يوم القيامة. فمن بلغته على وجه صحيح يحرك إلى النظر فلم ينظر فيها، أو نظر وظهر له الحق فأعرض عنه عنادا واستكبارا، فقد قامت عليه حجة الله البالغة، ولا عذر له فى يوم الجزاء إذا لم يرق روحه ويزك نفسه بها ليستحق رضوان الله تعالى، ومن لم تبلغه بشرطها أو بلغته ونظر فيها بإخلاص ولم يظهر له الحق ومات غير مقصر فى ذلك فهو معذور عند الله تعالى، ويكون حاله فى الآخرة بحسب ارتقاء روحه وزكائها بعمل الخير أو تسفلها ودنسها بعمل الشر، والخير والشر معروفان فى الغالب لكل أحد لا يكاد يختلف الناس إلا فى بعض دقائقهما، ويا سعادة من يتحرى عمل كل ما يعتقده خيرا واجتناب كل ما يعتقده شرا». بالله عليكم هل جاء فى كلامى ما يخالف كلام الشيخ رشيد رضا. خذوا عندكم أيضا هذا السؤال الذى تم توجيهه إلى المفتى الدكتور جمال الدين عطية فى موقع «إسلام أون لاين» بتاريخ 24 ديسمبر 2000 «إذا كان هناك جماعة فى أقصى الأرض لم تبلغهم الدعوة، وماتوا على دين آبائهم، فما حكمهم عند الله يوم القيامة؟»، فيرد قائلا «يعتبر هؤلاء من أهل الفترة، ويحاسبون على مقتضى العقل والفضيلة، وينبغى التنبيه هنا إلى مسؤولية المسلمين فى عدم إيصال وتبليغ الإسلام إلى جميع البلاد، والمقصود الإسلام بصورته الصحيحة، إذ يحتمل أن يكون قد وصلهم بصورة مشوهة من أعداء الإسلام، فيعتبرون فى هذه الحالة فى حكم من لم يصله الإسلام».
يوجه سائل فى نفس الموقع سؤالا إلى المفتى الشيخ الدكتور مصطفى الزرقا، رحمه الله، يقول فيه «ما رأى فضيلتكم بالفتوى القائلة بأن الأوروبيين والأمريكيين من النصارى لا يمكن أن يعتبروا فى حكم الكفار الأصليين المعاندين الذين ظهرت لهم البينة من أهل الكتاب، لأنهم لم يتبلغوا الإسلام، ولا يعرفون عنه أى شىء غير الاسم وبعض المعلومات المضللة، وقد صدرت هذه الفتوى عن بعض العلماء الذين زاروا أوروبا أو أمريكا كثيرا أو ترددوا عليهما، وعاينوا جهل سكان تلك البلاد بالإسلام.. أفتونا تؤجروا والسلام. فيجيب الدكتور مصطفى قائلا «ليسوا سواء: فمنهم مثقفون عرفوا الإسلام ودعوته إجمالا، فهؤلاء قطعا كفار إذا لم يسلموا. ومنهم عوام لم يسمعوا بالإسلام، أو يسمعون من القُسس وغيرهم أن المسلمين قوم وثنيون يعبدون شخصا اسمه محمد، ويسمونهم محمديين!! ولا شك أن المسلمين مقصرون فى واجب الدعوة وشرح الإسلام لغير المسلمين، كلٌّ بلغته التى يفهمها، فهؤلاء من الصعب أن يحكم عليهم بالكفر ما لم يبلغوا الإسلام»، فهؤلاء كأهل الفترة من النصارى وغيرهم قبل مجىء الإسلام، لأن الكفر معناه أن الشخص دعى وشرح له ولم يستجب». فى مسألة إقامة الحجة يقول الإمام ابن القيم الجوزية «قيام الحجة يختلف باختلاف الأزمنة والأمكنة والأشخاص، فقد تقوم حجة الله على الكفار فى زمان دون زمان، وفى بقعة وناحية دون أخرى، كما أنها تقوم على شخص دون آخر، إما لعدم عقله وتمييزه كالصغير والمجنون، وإما لعدم فهمه كالذى لا يفهم الخطاب ولم يحضر ترجمان يترجم له، فهذا بمنزلة الأصم الذى لا يسمع شيئا ولا يتمكن من الفهم».
نأتى أخيرا إلى مسألة أن يطلب المسلم الرحمة لغير المسلمين، خصوصا المشركين منهم، وهو ما يعتبره البعض أمرا يخالف نص القرآن الكريم الذى ينهى النبى (ص) والمؤمنين عن الاستغفار للمشركين، ولو كانوا ذوى قربى، وينسى هؤلاء أن مفسرين عديدين اعتبروا أنها تتحدث تحديدا عن عم النبى أبى لهب، لمحاربته الصريحة للإسلام وللنبى، لكنهم لا يجرون هذه الآية على مطلق المشركين، مستشهدين بآية كريمة يقول فيها سيدنا إبراهيم لأبيه الكافر «لأستغفرن لك وما أملك لك من الله من شىء»، أختم هنا بأحاديث شريفة رائعة من بينها «إن لله تعالى مئة رحمة أنزل منها رحمة واحدة بين الجن والإنس والطير والبهائم والهوام فيها يتعاطفون وبها يتراحمون، وأخَّر تسعا وتسعين رحمة يرحم بها عباده يوم القيامة»، «إذا كان يوم القيامة أخرج الله كتابا من تحت العرش فيه إن رحمتى سبقت غضبى وأنا أرحم الراحمين»، «يشفّع الله تعالى آدم يوم القيامة من جميع ذريته فى مئة ألف ألف وعشرة آلاف ألف»، وأخيرا يقول شيخ الإسلام ابن تيمية «وكنت دائما أذكر الحديث الذى فى الصحيحين فى الرجل الذى قال: إذا أنا مت فأحرقونى، ثم اسحقونى. ثم ذرونى فى اليم، فوالله لئن قدر الله علىّ ليعذبنى عذابا ما عذبه أحدا من العالمين، ففعلوا به ذلك، فقال الله له: ما حملك على ما فعلت؟ قال: خشيتك، فغفر له.. فهذا رجل شك فى قدرة الله، وفى إعادته إذا ذرى، بل اعتقد أنه لا يعاد، وهذا كفر باتفاق المسلمين، لكن كان جاهلا لا يعلم ذلك، وكان مؤمنا يخاف الله أن يعاقبه، فغفر له بذلك».
اللهم إنا نرجو رحمتك لنا ولكل عبادك ونخاف عذابك، فلا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ولا تؤاخذنا بما فعله السفهاء منا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.