أخيرا بدأتُ أكتب بشيء من الفرح بعد فاصل طويل من العكننة والنكد. منذ بدأت الكتابة في الدستور لاحظتُ أنني (دون قصد) أكتب بمعدل مرتين في الأسبوع. هذا معدل كبير لكنني أشعر فعلا بأهمية الكتابة ومحاولة تكوين رأي عام واع في هذه المرحلة الصعبة من خلال ما تطرحه الدستور أو أي منبر حر آخر، في مواجهة نظام إعلامي لم يسقط، بل يثبت أنه يسترد صحته شيئا فشيئا، وينتزع منا الضحكات التي ضحكناها على تامر غمرة حين يعرض الآن صورة محمد عادل (من 6 إبريل) بسلاح أحد شهداء فلسطين، على أنها صورة محمد في صربيا وهو يتدرب على حمل السلاح والبلطجة. هذا يثبت حتمية العلاج الراديكالي الجذري للمؤسسات الفاسدة، وبالتالي يؤكد أن المجلس بطريقته التي تعتمد على عمليات الترقيع للمؤسسات الكبرى والوزارات وقيادات الدولة... لن يمكنه عمل أي إصلاح حقيقي، بل بالعكس، أشعرنا بنسمة عفنة تهب علينا من "ريحة" مبارك. فاصل العكننة لم يقتصر على ذلك، لأنك عزيزي القارئ تابعتَ أحداث العباسية وأفلام المجلس من بطولة اللواء الرويني... انتهاء بخبر كارثي، هو دعوة الجماعة الإسلامية لجمعة الاستقرار وإعلان الإخوان مشاركتهم فيها. بالطبع لا اعتراض أبدا على التظاهر للتعبير عن الاختلاف في الرأي، إنما المزعج في الأمر هو بيان الجماعة الإسلامية الذي هاجم الثوار المعتصمين بعدوانية وأعلن عن التوجه للتحرير لتعريفهم بحجمهم الحقيقي، مع بيان الإخوان الذي حمل توجها أكثر عقلانية لكنه وقع في مأزق الاستقطاب واستعداء الثوار استنادا إلى أنهم دعوا للمبادئ فوق الدستورية، بينما الداعي لها في الحقيقة كان المجلس وليس ثوار التحرير الذين أصدر بعضهم بيانا عنيفا آخر متوعدين القوى الإسلامية في التحرير يوم الجمعة القادم. هذه اللهجة في البيانات المتلاحقة ذكّرتني بمصطلحات مراهقتنا: "قابلني برّه" لتصفية حساباتنا واستكمال معاركنا بعد خروجنا من المدرسة. في مقالي السابق التمستُ التماسا حارا لتوحيد صفوف الثوار، لأن مواجهتنا لبعضنا في التحرير باعتبارنا أعداء بعد أن كنا إخوانا، هذه المواجهة ضربة قاسية نوجهها بأيدينا لثورتنا. ومن عجائب القدر أنني لاحظتُ هجوما مضحكا على شخصي في تعليقات المنتمين للقوى الإسلامية تشبه تعليقاتهم على المقالات التي تنتقدهم، رغم أن مقالاتي تحرص على التذكير بالذكريات التي جمعتنا أيام الثورة والتأكيد على أننا (إيد واحدة). هناك تعليقات أضحكتني لأنها تحدثتْ عن الملايين التي تنفقها أمريكا على أمثالي من الخونة، كنت أضحك وأقول في سري (ياما هنا ياما هناك). لكن الكوميديا انتهت فجأة لتبدأ مأساة العباسية والدراما التلفزيونية لبعض لواءات المجلس. اليوم لاحظتُ عدة مبادرات للدعوة لجمعة الوحدة وتأجيل الجمعتين الخطيرتين (جمعة الاستقرار للجماعة الإسلامية وجمعة الثوار العادية في نفس الميادين)، ولاحظتُ أن بعض قيادات حزب الوسط يتبنون هذه الدعوة، كما قرأتُ بيانا رائعا لبعض شباب الإخوان أشعرني بالكثير من الأمل. ستجده على هذا الرابط https://www.facebook.com/notes/almogaz-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%88%D8%AC%D8%B2/%D8%A8%D9%8A%D8%A7%D9%86-%D9%85%D9%86-%D8%B4%D8%A8%D8%A7%D8%A8-%D8%A8%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AE%D9%88%D8%A7%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D9%84%D9%85%D9%8A%D9%86-%D8%A5%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B9%D8%A8-%D9%88-6-%D8%A5%D8%A8%D8%B1%D9%8A%D9%84-%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AC%D9%84%D8%B3-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B3%D9%83%D8%B1%D9%8A/224856967555837 الحقيقة أنني في الفترة الأخيرة شعرتُ بحزن كبير بسبب أداء جماعة الإخوان ومكتب إرشادها وموقعها على النت، وقد كتبتُ عن ذلك كثيرا مع تقديري للجماعة التي كانت شريكتنا في الثورة مهما اختلفنا معها، كما قلتُ إنني أشعر بأمل كبير في شباب الإخوان لأنهم الأقرب إلى طريقة تفكيرنا وروح عصرنا، ولأنهم الأبعد عن منهجية النظام القديم في تخوين معارضيه ومحاسبة نواياهم واتهامهم بالعمالة، ولأنني سأظل أختلف مع شباب الإخوان، لكن اختلافنا سيكون خلاّقا ومُلهما لنا جميعا. هذا التفاؤل بدأ ينمو داخلي منذ مؤتمر شباب الجماعة في مارس الماضي، والذي قدّم توصيات ومراجعات مهمة للجماعة، ثم تضاعف هذا التفاؤل بمشاركة بعضهم في جمعة 27 مايو، ثم ببيان شباب الإخوان حول أحداث العباسية، لأنني مازلت أرفض الرؤية السوداوية للإخوان باعتبارهم كيانا جامدا لا يقبل التطور، أو باعتبارهم كارثة متوقعة يجب إقصاؤها. الرهان في هذه المرحلة يجب أن يكون على وحدتنا. إذا كنت متفقا معي، انشر هذه الدعوة: نريد الجمعة القادمة جمعة الوحدة وتوحيد الصفوف بأي طريقة تتفق عليها القوى المختلفة. نريد أن نثبتَ للعالم مرة أخرى أننا شعب عظيم في كل منعطف تاريخي حرج... كلنا إيد واحدة كلنا مع بعض.