كلما فكر مجلس الشعب أن يقر قانونا رجع البلد للخلف سنوات..وها هم يفكرون في إقرار قانون الآثار الجديد «بسرعة» رغم كل ما يثار حوله من اعتراضات وصلت بالوزير فاروق حسني وأمين عام المجلس الأعلي للآثار زاهي حواس بالاستنجاد بالمعارضة من أجل عدم إقرار القانون بمواده الحالية، لأن ذلك يعود بنا لأيام السبعينيات عندما كانت تجارة الآثار مباحة وهو ما جعل متاحف العالم جميعا تمتلئ بآثار مصر، بل إن المتاحف أصبح بها جناح خاص لعرض الآثار المصرية من كثرتها قانون الآثار الجديد الذي ظل زاهي حواس ومجموعة من مستشاري مجلس الدولة يصغونه لمدة خمس سنوات قبل عرضه علي البرلمان قد يذهب هباءً، ذلك أن «أحمد عز» ولأول مرة جاء بدراسة عن تجارة الآثار من دول أوروبا لإقرارها في مصر.. وهل أوربا تمتلك ما نمتلكه من آثار؟..كذلك تجارة الآثار في الخارج تتم في الآثار غير الوطنية بمعني أنها ليست ملك الدولة..أم أن هناك في الأمور أسراراً أخري لا نعرفها يجب أن يمرر القانون من أجلها وسريعا، كما قال فتحي سرور. زاهي حواس -الأمين العام للمجلس الأعلي للآثار- قال: في حالة تمرير القانون من نواب مجلس الشعب بهذا الشكل سوف أستقيل فورا، حيث إن آثار مصر ستهرب كلها للخارج ويتم بيعها لأن الأهالي في مناطق الصعيد والدلتا «مش هيبطلوا حفر» وسيهربون الآثار قبل تسجيلها، وطالب حواس بتقليل مدة تسجيل الآثر إلي 6 أشهر فقط حتي لا يتم التوسع في الاتجار بالآثار في فترة السماح التي يقرها القانون وهي عامين، واعترض علي النقطة الثانية التي تتضمنها المادة 8 التي تسمح بتداول الآثار المنقولة من تماثيل، مؤكدا أنه لن يسمح بالتصرف فيها أو بيعها لأن المجلس الأعلي للآثار أولي بشرائها أما الآثار الثابتة فسيسمح لحائزيها بتداولها بالتبعية-الوراثة- دون السماح بالتصرف فيها. و تقول المادة المعترض عليها: «فيما عدا حالات التملك والحيازة القائمة وقت العمل بهذا القانون والتي تنشأ وفقا لأحكامه يحظر الاتجار في الآثار أو التصرف فيها، وعلي الحائز للآثار أن يخطر المجلس خلال سنتين من تاريخ العمل بهذا القانون وأن يحافظ عليها حتي يقوم المجلس بتسجيلها، ولا يخل هذا بالوضع القانوني للمخالفات القائمة وقت صدور هذا القانون». وهي مادة تقر بجواز حيازة الآثار دون تملك كما لا تجبر الحائز علي رد الآثار وبالتالي لا تجبر مجلس الآثار علي المطالبة بردها، لأنه من المفترض أن يتم تسجيل الآثر بمجرد اكتشافه وهو مايتم تدريسه حتي الآن في مادة الحفائر لطلبة الآثار. الدكتور عبد الحليم نور الدين-عميد كلية الآثار الأسبق قال: أنا معترض علي مدة الستة أشهر كفترة للتسجيل التي يقترحها حواس أو مدة العامين التي يقترحها وزير الثقافة من أجل تسجيل الأثر، ولا بد أن يتم تطبيق مواد تسجيل الأثر فور تطبيق القانون وليس الانتظار لأي مدة حتي لو كانت قليلة جدا، كما يجب إلغاء حيازة الآثار حتي لا نفتح الطريق لتجار الآثار لتوفيق أوضاع الآثار التي يمتلكونها، وانتقد نور الدين نظام الحيازة في القانون الجديد لأنه يتنافي مع قيمة الأثر الذي يعد ملكا تاريخيا للأمة مثل العقد لو انفرطت حبة منه لضاع بالكامل. أما أشرف العشماوي-المستشار القانوني للمجلس الأعلي للآثار- فقال: المجلس ينتظر إقرار القانون والموافقة عليه يوم الاثنين القادم في الجلسة العامة لمجلس الشعب، وسجل العشماوي اعتراضه علي الدراسة التي قدمها أحمد عز- أمين التنظيم بالحزب الوطني- والتي تمت صياغتها بناءً علي رغبة نواب الوطني لأنها تقوم بعقد مقارنة بين قوانين أربع دول لتعريف الأثر، وهو ما لا يتناسب مع تعريف الأثر في مصر، حيث إن تعريفات الدول الأربع تصنف الأثر إلي ثلاثة تصنيفات هي: تراث قومي وتاريخي وممتلكات ثقافية، وهو ما لا يتطابق مع مفهوم الأثر في مصر الذي لا يخضع لأي من هذه التصنيفات، وأضاف قائلا: «أنا مش فاهم أحمد عز عايز يصنف الآثار ليه.. إحنا مش زي أوروبا». كما توجد اعتراضات أخري من قبل نواب الوطني علي القانون بسبب بنود العقوبات وهناك اتجاه خفي لعدم إقرارها مقارنة أيضا بدول أوروبا، قائلين إن الدول الأجنبية لا تغلظ العقوبات علي تجار الآثار فكيف نفعلها نحن؟..والحقيقي والذي يجب أن يعلمه النواب أن دول أوروبا لا يقوم الأهالي فيها بالتنقيب عن الآثار بأنفسهم وأسفل منازلهم كما يفعل المصريون، ومصر تعاني من تعديات علي الآثار وصلت إلي ثمانية آلاف تعد، وكل ما يحدث في هذا هو غرامة 50 جنيها يدفعها المتعدي ويعود كل شيء إلي ما كان عليه، أما القانون الجديد فيعاقب كل معتد علي أرض أثرية أو يهدم أثرا بعقوبة السجن مدة لا تقل عن خمس سنوات، غرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه، ويعاقب كل من يشوه أثرا أو يتلفه عامدا متعمدا بالحبس مدة لا تقل عن سنة، والذي لا يعرفه نواب الوطني بالتأكيد أنه عند التفاوض علي أي أثر خرج من دولة إلي دولة أخري عن طريق المنازعات القضائية يتم الرجوع للقانون المحلي للدولة صاحبة الأثر المتنازع عليه، ولابد أن ينص قانون البلد علي عدم السماح بوجود آثار لها في الخارج ويطالب الدول الأجنبية بردها، ولن نستطيع -إذا أقر القانون- استرجاع الآثار من الخارج لأن قانوننا الداخلي سيصبح مباحاً فيه تجارة الآثار.. لكن واضح أنها عقدة الخواجة.