مستقبل وطن يعقد اجتماعًا مع نواب الحزب الجدد بمجلس الشيوخ     محافظ قنا يستعرض ملفات التقنين والتصالح والمتغيرات المكانية    خبيرة: نجاح المالية في جذب اكتتابات تتجاوز 9 مليارات دولار دليل على تحسن رؤية المستثمرين للاقتصاد المصري    وزير المالية: قانون الحياد التنافسي ساعدنا في ترسيخ ثقافة المنافسة العادلة.. 67.4 مليار جنيه حجم الإيرادات الضريبية المستحقة بشكل أولى عن عام 2024 والشركات التابعة للجهات السيادية سددت ضرائب 16.4 مليار جنيه    موعد انتهاء العمل بالتوقيت الصيفي وبداية تطبيق التوقيت الشتوي 2025    الكرملين: المفاوضات بشأن التسوية الأوكرانية متوقفة وآفاق استمرارها غامضة    بوتين: خطة ترامب لغزة ربما تشير إلى «ضوء في نهاية النفق»    "الديموقراطي الأمريكي": الجمهوريون يسعون لفرض هيمنتهم عبر الإغلاق الحكومي    فيفا يعلن منح أذربيجان وأوزبكستان حق استضافة مونديال الشباب 2027    حازم هلال يستقيل من منصبه استعدادا للترشح في انتخابات الأهلي على قائمة الخطيب    منتخب ناشئات البادل يصعد لربع نهائي مونديال إسبانيا    مفاجآت مدوية في قائمة منتخب ألمانيا لمواجهتي لوكسمبورج وأيرلندا بتصفيات كأس العالم    «بنتي انهارت».. عمرو زكي يرد على شوبير: «أنا بخير.. وكان أولى يتصل عليا» (خاص)    السكة يحقق انتصاره الأول بدوري المحترفين.. وأبوقير للأسمدة يتعادل مع مسار    مصدر أمني يكشف فيديو بثته الجماعة الإرهابية لحوار بين فرد شرطة وضابط    معلم يعتدى على زميله بمدرسة فى قليوب.. وتعليم القليوبية تحيل الواقعة للتحقيق    السكة الحديد: تعديل مواعيد بعض القطارات على بعض الخطوط بدءا من السبت    «ديستوبيا روبلوكس»| أطفالنا في خطر.. شهادات مرعبة من داخل الغرف المغلقة    محمد الدماطي يودع زملاءه في مجلس إدارة الأهلي: سنفتقدكم كثيرا.. وأجيال تسلم أجيال    هيفاء وهبي تطلق 5 أغنيات من ألبومها الجديد «ميجا هيفا» (تفاصيل)    «عملتها من ورايا».. نجل غادة عادل يعلق على إجراءها عملية تجميل    5 أفلام عربية تتألق في مهرجان ريو دي جانيرو السينمائي بالبرازيل    بعد اختفاء 15 سنة.. سمية الألفي تظهر في كواليس «سفاح التجمع»    خالد الجندى: كثير من الناس يجلبون على أنفسهم البلاء بألسنتهم    رئيس لجنة تحكيم مسابقة بورسعيد: الدكتور عبد الكريم صالح شخصية العالم القرآنية في جائزة ليبيا الدولية    ما حكم التنمر بالآخرين؟ أمين الفتوى يجيب أحد ذوى الهمم    أوقاف الفيوم تنظم قوافل دعوية لمواجهة التنمر المدرسي    محافظ الغربية يستقبل نائب وزير الصحة عقب جولة ميدانية مفاجئة على المستشفيات    طريقة عمل كيكة الشوكولاتة، ألذ طعم وأسهل وصفة    وظائف خالية اليوم.. فرص عمل جديدة في الأردن بمجال الصناعات الخرسانية    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 2أكتوبر 2025 في المنيا.... تعرف عليها    المنشاوي يعقد اجتماعًا لمتابعة المشروعات الإنشائية بجامعة أسيوط    وزير الخارجية يتوجه إلى باريس    مبابى على رأس قائمة فرنسا استعدادًا لمباراتى أذربيجان وأيسلندا    «النار دخلت في المنور».. كيف امتد حريق محل ملابس إلى عقار كامل في الهرم؟ (معايشة)    استشهاد 53 فلسطينيًا فى قطاع غزة منذ فجر اليوم    حزب العدل ينظم تدريبًا موسعًا لمسئولي العمل الميداني والجماهيري استعدادً لانتخابات النواب    ضبط طن مخللات غير صالحة للاستخدام الآدمي بالقناطر الخيرية    «الوزراء» يوافق على تحويل معهد بحوث السادات إلى كلية التكنولوجيا الحيوية    تركيا.. زلزال بقوة 5 درجات يضرب بحر مرمرة    وزير الإسكان يتابع موقف تنفيذ وحدات "ديارنا" بمدينة أكتوبر الجديدة    إعلام فلسطيني: غارات إسرائيلية مكثفة على مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة    إخلاء سبيل سيدتين بالشرقية في واقعة تهديد بأعمال دجل    المجلس القومي للمرأة يستكمل حملته الإعلامية "صوتك أمانة"    طرق الوقاية من فيروس HFMD    «أطفال بنها» تنجح في استخراج مسمار دباسة اخترق جدار بطن طفل    المصري يختتم استعداداته لمواجهة البنك الأهلي والكوكي يقود من المدرجات    بقيمة 500 مليار دولار.. ثروة إيلون ماسك تضاعفت مرتين ونصف خلال خمس سنوات    ما يعرفوش المستحيل.. 5 أبراج أكثر طموحًا من غيرهم    المصرف المتحد يشارك في مبادرة «كتابي هديتي»    وزير الري يكشف تداعيات واستعدادات مواجهة فيضان النيل    الكشف على 103 حالة من كبار السن وصرف العلاج بالمجان ضمن مبادرة "لمسة وفاء"    حمادة عبد البارى يعود لمنصب رئاسة الجهاز الإدارى لفريق يد الزمالك    جاء من الهند إلى المدينة.. معلومات لا تعرفها عن شيخ القراء بالمسجد النبوى    استقالة 14 عضوا من مجلس الشيوخ لعزمهم الترشح في البرلمان    وزير الخارجية يلتقي وزير الخارجية والتعاون الدولي السوداني    جامعة بنها تطلق قافلة طبية لرعاية كبار السن بشبرا الخيمة    انهيار سلم منزل وإصابة سيدتين فى أخميم سوهاج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمود قطري يكتب : إعادة هيكلة الشرطة المصرية
نشر في الدستور الأصلي يوم 16 - 02 - 2011

أهمية الأمن : لا خلاف على أن الأمن أحد أهم ضروريات و متطلبات الحياة ، و لقد افتقد المجتمع حماة أمنه عند قيام الثورة ، و شعر بالخطر الشديد ، و تحمّل عبء حماية نفسه بنفسه ، و جثم الخوف على صدره ، و لا داع للإسترسال لإثبات أمر بديهى ، و النتيجة التى ربما يتفق عليها الجميع هى الحاجة الماسّة لإعادة الشرطة لتتكفّل بتلك المهمة الصعبة .
ظروف الشرطة السيئة : الشرطة بكاملها فى حالة إنهيار تام ، و هى تحملّت كل أخطاء النظام السابق ، فكانت عدو الثورة الذى هزمه الشعب .
- و لقد أخطأت الشرطة خطاً جسيماً ، و كان ذلك تحت مبدأ " عبد المأمور " حيث عانى كثير من الضباط و الأفراد تنفيذ الأوامر الظالمة لقيادات الشرطة الخائنة رغماً عنهم ، مما دعاهم إلى التظاهر رافعين شعارات تدلّ على هذا الإلتباس مثل " يا أهالينا يا أهالينا ظلمناكم مش بإيدينا " ، و لكن هذا الخطأ يجب أن تُحاسب الشرطة عليه ، و لهذا فإنه يجب عمل الآتى :
1- فتح تحقيقات موسّعة لمحاكمة الضباط و الأفراد الذين آذوا المتظاهرين هم و من أعطاهم الأوامر بذلك ، فكل من قتل متظاهراً شريفاً أو اشترك فى ذلك سواء بالتحريض أو بغيره يجب أن يُحكم عليه بالإعدام ، و لست أبالغ و هذا رأيى الشخصى إن اقترحت تقطيعهم أجزاءاً أجزاءاً و هم أحياء ، و كل من أصاب مواطناً يعاقب بالحبس أو السجن وفقاً للقانون .
2- يجب أن تُحاكم كل قيادات الشرطة من أول الوزير إلى أعضاء المجلس الأعلى للشرطة ، و حتى مديرى الأمن و نوابهم ، على أن يعاقب بالإعدام كل من أعطى أمراً بضرب المتظاهرين الذين استشهدوا ، و يُحبس كل من حرّض على إصابة أحد .
3- يجب إقصاء كل قيادات الشرطة بلا استثناء ، على أن يشمل ذلك كل مساعدى الوزير بما فيهم الوزير الحالى ، و كذلك كل مديرى الأمن و مديرى الإدارات و رءوساء المصالح الشرطية و نوابهم ، و مديرى إدارات البحث و رءوساء المباحث ، و جل مأمورى الأقسام و المركز ، و جل رءوساء وحدات البحث الجنائى .
- فالقيادات الأولى و الثانية فى مختلف الأجهزة الأمنية ( لا تصلح ببصلة ) ليس بسبب أحداث الثورة فقط ، و لكن أيضاً و هذا هو الأهم بسبب أنهم تسببوا إما عامدين أو بإهمال يصل إلى حد العمد فى إنهيار الشرطة و سقوطها ، و كان ذلك واضحاً حتى للأعمى عندما تقاعست الشرطة عن أداء واجبها فى الشارع المصرى و تركته للبلطجية و الخطرين يحكموه .
- و لا تحسبوا أننى أقول هذا بمشاعرى ، فأنا أقصد ما أقول بمنتهى الموضوعيّة ، فهذه القيادات علاوة على جريمتها فى المظاهرات ، و جريمتها فى ضياع الأمن قبل المظاهرات ، هى لا تفهم شيئاً فى الأمن ، لا تفهم الألف من كوز الدرة فى الأمن ، و هم مسئولون عن حالة الأمن المذرية و المتردية ، و هم مسئولون عن مئات الآلاف من السرقات بإكراه ، آلاف وقائع الخطف و اإغتصاب و القتل ، و إباحة المخدرات التى تكاد أن تُباع فى محلات البقالة ، و هم مسئولون عن مئات الآلاف من الخطرين الذين فرضوا سطوتهم على الناس و ... و ... و حتى لا أُطيل ، فإن أرتفاع معدلات الجرائم حتى فى الإحصائيات المزوّرة لوزارة الداخلية و التى تقل بكثير عما يحدث على أرض الواقع توحى بأن القائمين على الأمن مهندسين زراعيين مع الإعتذار للزراعيين .
- إن عسكرى الدرك و هذا أمر بديهى فى الأمن إختفى ، و تعذيب المشتبه بهم لإكراههم على الإعتراف أصبح مبداً ، و تلفيق التهم لتسديد القضايا أصبح ظاهرة ، و إهانة المتعاملين مع الشرطة أصبح أمراً عاديّاً ، و اختفاء الشرطة النظامية لمنع الجريمة قبل وقوعها أصبح قاعدةً ( قبل الثورة ) ، و لا أريد أن أدخل فى تفصيلات ممّلة ، و من الآخر فإن إثبات جهل قيادات الشرطة مستعد لإثباته بالورقة و القلم ، و النتيجة كل الناس يعرفونها و هى من الآخر أيضاً ( مفيش أمن ) .
- إذن هذه قيادات فاشلة لماذا نصّر على إسناد مهمة الأمن الصعبة لهم ، لماذ نتركهم فى مواقعهم ، أنتركهم حتى تخرب الدنيا ؟! أم نتركهم حتى نرى أولادنا و بناتنا يخطفون إذا جاوزوا جدران البيت ، مع ملاحظة أن هناك جرائم وقعت فى قلب البيوت ، إذا تركناهم فى مناصبهم علينا أن نعترف بأننا مجانين !!
- و لا يُخشى من التضحية بهذه القيادات الفاشلة بدعوى التضحية بالخبرات !! و أنا مستعد أن أقسم أن كل خبراتهم لا تتعدى كيفية الحصول على المكافآت أو كيفية الحصول على ميزة أو بعض الميزات ، و إذا عملنا لهم إختبار فى معلومات سنة أولى أمن ، و لا واحد منهم سيحصل على 50% و سيرسبون كلهم ، و أعتقد أنهم نسوا كل ما تعلموه عن الأمن بسبب كبر سنهم و عجزهم ، و كذلك لأنهم جميعاً من خريجى مدرسة حبيب العادلى الفاشلة تربعوا على عرش الأمن منذ أكثر من عشرين عاماً .
- أنا منذ عرفت عقلى مثلاً أطلع الاقى عدلى فايد مدير للأمن العام ، و غيره و غيره ، إسألوا الضباط و الأفراد عن قيادات الشرطة ، سيقولون بلاوى .
- فلا يخشى من التضحية بدعوى الخبرة ، لأن الضباط الأصغر أقرب من حيث السن للمعلومات الأمنية ، و هم لم تختمهم مدرسة العادلى بختمها ، و يمكن تنقيتهم بمنتهى البساطة ، فكل من كان فى منصب رفيع يُفحص جيداً ، لأن 99% من أصحاب المناصب المميزّة ( كوسة ) ، و عند فحصهم سيكون أغلبهم غير صالحين .
- و إنما توجد الخبرة الحقيقية لدى كثير من المأمورين و نوابهم ( منصب مأمور فى أغلبه كوسة بسيطة فى أقسام معينة و معروفة ) و توجد الخبرة الإشرافية لدى كثير ممن هم فى رتبة العميد و العقيد و المقدم ، و أى عميد يمكنه أن يكون مدير أمن ناجح ، و هناك كثير من ضباط المعاش الذين عاقبهم النظام السابق لأنهم كانوا أحراراً على أعلى مستوى من الخبرة .
- ألا يصلح المقدم / محمد محفوظ و العقيد / عمر عفيفى و اللواء حمدى البطران اللذين وقفوا ضد النظام بطريقة موضوعية أن يكون كل منهم مساعداً للوزير ؟ و الإجابة أنهم يصلحوا بامتياز ، فهم ثاروا على الأوضاع الفاسدة و كتبوا مبررات موضوعية تنم عن فهم عميق للشرطة و الأمن ، و فهم غير مسبوق لحقوق الإنسان .
- فلنخرج من شرطة العواجيز التى خرّفت إلى شرطة الشباب تماشياً و إسوةً بشباب الثورة المباركة .
4- العفو عن باقى الضباط و الأفراد الذين لم يرتكبوا جرائم ، و التسامح مع أفعالهم التى أُكرهوا عليها و التى لم تؤد إلى إيذاء أحد ، و إعادة إحتضانهم ، و هؤلاء هم القطاع العريض من رجال الشرطة .
إعادة هيكلة وزارة الداخلية :
أولاً : ملخص هام لجريمة الشرطة ضد الثورة :
- لقد ثار شباب مصر و شعبها ضد الفساد ثورةً سلميةً واجهتها الشرطة بكل قسوة ، و ارتكبت الخطيئة الكبرى ، حيث قامت بالتعدى على المتظاهرين دون سند من القانون أو المنطق الطبيعى ، و كان ذلك بكافة الطرق من أول الضرب بالهروات إلى رش المياه إلى القنابل المسيّلة للدموع و قنابل الدخان حتى الرصاص المطاطى و الذخيرة الحيّة ، و سقط على إثر ذلك الشهداء الذين دفعوا دماءهم و أرواحهم ثمناً لتلك الثورة الشريفة بيد الشرطة الخائنة ، مما حدا بالشعب المصرى إلى اعتبارها ممثلة لأعداء الثورة فحاربها و انتصر عليها ، و بهزيمتها إنتصرت الثورة و تنحى الرئيس ، و بدأ نظامه يتهاوى .
- لقد حاربت الشرطة القوية المغرورة الغبية كل الشعب مدافعةً عن النظام الفاسد ، و ما دعاها إلى تلك الجريمة إلا أنها كانت قويةً و غاشمة تنتظم فى هيكل تنظيمى يشبه الجيوش النظامية بمكوناتها من قوات مشاة و مدرعات ممثلّة فى قوات الأمن المركزى و إدارات قوات الأمن ثم قوات المراكز و الأقسام و المباحث الجنائية ، وصولاً إلى جهاز مباحث أمن الدولة ذى السمعة السيئة الذى كان يقوم بدور المخابرات ، و كأن الشعب عدو حقيقى لها ، و هذا التجييش للشرطة جعلها تحت إمرة قيادة واحدة بل أحياناً رجل واحد .
- و فيما سبق و على مدى عقود كاملة أهدرت الشرطة كرامة المصريين على كافة المستويات بدءاً من إهانة المتعاملين معها إلى اتخاذ التعذيب و التلفيق و التحقير أسلوباً فى عملها حتى وصل الأمر إلى قتل بعض المواطنين فى الأقسام و المراكز و السجون ، و هذه التصرفات أضعفت روح الإنتماء الوطنى .
- و لكن المجتمع المصرى كأى مجتمع فى حاجة ماسة للأمن لاسيّما بعد أن لسعته نار الفوضى عند الإنسحاب المخزى و التآمرى لرجال الشرطة ، الأمر الذى يجعل إعادة الشرطة للعمل أمراً ضروريّاً و ملّحاً .
ثانياً : أسباب تلك الجريمة :
1- عدم وضوح شعار " الشرطة فى خدمة الشعب " بتوضيح كنهه و عناصره ، و انعدام تعليمات ناجزة لتطبيقه و إنزاله على أرض الواقع ، و عدم غرسه فى نفوس العاملين بالشرطة ، حيث لا يجرى تدريس هذا الشعار بعناصره فى كافة المعاهد الشرطيّة ، و لا توجد تعليمات جادة لتفعيله ، كتأثيم المعاملة السيئة ، و تجريم التغاضى عن بلاغات المواطنين من شرطة النجدة و غيرها ، و الإنشغال بأمور أخرى أقل أهمية من خدمة المواطن ، علاوة على الفساد الإدارى الشديد و الذى سبق إيضاحه فى بعض المؤلفات مثل " إعترافات ضابط شرطة فى مدينة الذئاب ، و " تزوير دولة " عن تزوير الإنتخابات ، و " حقوق المواطن فى مراكز و أقسام الشرطة " ، الأمر الذى يجعل هذا الشعار حبراً على ورق .
2- قوة تنظيم الشرطة من الناحية العسكرية على حساب التقنية الفنية ، مما يجعلها قوة ضد الشعب و ليس فى صالحه ، فإذا كان من المنطقى أن المجتمع المصرى فى حاجة إلى شرطة قوية لتأمين المواطنين و ممتلكاتهم فإنه من غير المنطقى أن تكون
هذه الشرطة جيشاً آخراً موازياً للقوات المسلحة ، و إنما يجب أن تتبلّور قوة الشرطة فى إطار آخر يتناسب مع المهام الموكلة إليها .
3- أن هذا التنظيم التجييشى للشرطة يضع ناصيتها بيد قيادة واحدة و رجل واحد هو وزير الداخلية الذى ينفّذ أوامر النظام ، مما يمكّنه من إستخدام الشرطة كلها ألعوبة فى إصبعه ، و لا حاجة للشرطة فى ذلك وفقاً لدورها ، فما الذى يمنع أن تتعدد و تختلف قيادات الشرطة على أساس الظروف الجغرافيّة و المهنيّة ؟
4- قاعدة الطاعة العمياء المطبقة بالشرطة على غرار قواعد الطاعة بالقوات المسلحة ، و إذا كانت الطاعة يجب أن تكون مطلقة فى القوات المسلحة ، فلا حاجة لهذا الإطلاق فى الشرطة ، إذ يجب أن تكون فى إطار القانون .
5- عدم إستقلالية الشرطة ، حيث تنص المادة الأولى من قانونها على أن رئيسها الأعلى هو رئيس الجمهورية ، و يجب إلغاء هذه التبعيّة لكون الشرطة هيئة لها الشخصية الإعتبارية يجب أن تكون مستقلّة كأحد مؤسسات الدولة ولاؤها للدستور و القانون ، يمكنها أن تفحص بلاغاً ضد الرئيس أو ضد أى وزير مثلما يحدثق فى كل دول العالم حتى إسرائيل ، عندما ساءلت الشرطة رئيس دولة إسرائيل ، و لا يجوز أن تكون الإجراءات و الديمقراطية فى إسرئيل أفضل منّا .
6- عدم وجود رقابة شعبية على الشرطة فى ظل رقابة داخلية و رقابة من النيابة غير فعّالة و غير مجدية ، و هذا يحتاج لتعديل تشريعى ، و آليات تكنلوجية .
7- عدم وجود تشريع خاص لتأثيم التعدى على المتظاهرين السلميين ، و كذلك التعدى على المتعاملين مع الشرطة ، و ترك أمر هذه الجرائم للقواعد العامة .
ثالثاً : إقتراح قواعد إعادة الهيكلة : تأسيساً على الإختصار السابق فإننى أقترح ما يلى :
أ- إلغاء بعض الجهات الشرطية لعدم الحاجة لها ، و إلغاء تبعية البعض الآخر لوزارة الداخلية لتخفيف العبء و ذلك على النحو التالى :
1- تلغى مباحث أمن الدولة ، و يسند عملها الخارجى إلى المخابرات العامة ، و الداخلى إلى الأمن العام و المباحث الجنائية .
2- يلغى الأمن المركزى و يضاف عمله إلى إدارات قوات الأمن ، على أن يكون المجندين فى الشرطة من حملة المؤهلات بنسبة 50% .
3- تُغّل يد الإدارة العامة للإعلام و العلاقات عن مراقبة الصحف و وسائل الإعلام ، على أن يُعاقب المخالف جنائيّاً بالحبس و العزل .
4- تلغى إدارات شرطة الكهرباء ، و التموين و التجارة الداخلية ، و التهرب الضريبى ، و الحراسات الخاصة على البنوك ، و الكنائس ، و المنشآت الهامة ، و شرطة التعمير و المجتمعات الجديدة على أن يُستعاض عنها بأمن خاص تابع لهذه الجهات يرخّص لأفرادها بالضبطية القضائية فى حدود الإختصاصين الفنى و الجغرافى ، على أن تخضع مثلها مثل غيرها لحراسة الشرطة العادية .
5- تلغى تبعيّة الحماية المدنيّة ( الإطفاء و الدفاع المدنى ) لهيئة الشرطة على أن تتبع المحافظات .
6- تلغى تبعيّة مصلحة الجوزات و الهجرة و الجنسيّة لهيئة الشرطة ، على أن تُضاف تبعيتها لوزارة الخارجيّة ، و تلغى تبعيّة الإدارة العامة لتصاريح السفر للشرطة على أن تتبع وزارة القوى العاملة .
7- تلغى تبعيّة مصلحة الأحوال المدنية لهيئة الشرطة ، و كذا الإدارة العامة للشئون الإدارية ( الحج و غيره ) ، على أن تتبعا وزارة التضامن الإجتماعى .
8- تلغى تبعيّة الإدارة العامة للإنتخابات لهيئة الشرطة على أن تتنبع جهاز خاص .
9- تلغى إدارة حرس الجامعة ، و تستبدل بأمن مدنى تابع للجامعة .
10- تلغى الإدارة العامة لتنفيذ الأحكام التى أُقيمت خصيصاً مجاملةً لأحد اللواءات المحظوظين لفشلها الذريع فى رفع نسبة تنفيذ الأحكام ، و توزّع مخصصاتها على المباحث الجنائية بالأقسام و الراكز التى تضطلع أصلاً و واقعيّاً بهذه المهمة .
11- تُضم إدارات شرطة رئاسة الجمهورية و مجلسى الشعب و الشورى و حراسة الشخصيات الهامة فى إدارة واحدة .
12- تلغى إدارة رعاية الأحداث و الرعاية اللاحقة ، و تلحق بالشئون الإجتماعية بوزارة التضامن .
13- يلغى تقسيم المناطق الجغرافية التى أُشئت خصيصاً لترضية بعض المحظوظين من مساعدى الوزير ، و هم لا يفعلون شيئاً فى الواقع ، و يكتفى بسلطة مديرى الأمن .
14- توحيد الرقابة فيما بين مفتشى الشرطة بالمديريات و الإدارة العامة للتفتيش و الرقابة .
ب- إجراءات جديدة :
1- تعلّق كاميرات بكل الوحدات الشرطيّة لاسيّما غرف وحدات المباحث و الحجز على أن يُحتفظ بتسجيلاتها مدة معينة و يقدمها المركز عند طلبها من النيابة العامة .
2- يسّن تشريع يسمح بحضور ذوى المتهم أو المستدعى من قبّل الشرطة و محاميه طوال فترة جمع الإستدلالات بمعرفة
الشرطة خاصةً بوحدات المباحث ، على أن يعاقب الضابط عند المخالفة بالحبس و العزل .
3- يجب وضع رقابة شعبية جديّة على أعمال الشرطة من قبل الأجهزة الشعبية و المجالس المنتخبة .
4– يسّن قانون خاص لمعاقبة من يتعد من رجال الشرطة على المتظاهرين السلميين تتدرّج به العقوبات من الحبس إلى السجن و حتى الإعدام عند سقوط قتلى .
5- يتم تفعيل خدمة عسكرى الدرك ، حيث تقسم المدن و القرى و كل مكان مسكون إلى دركات ، و الدرك هو الشارع أو المنطقة التى يمكن للحارس العادى حراستها ، على أن تكون خدمة هذه الدركات ليلاً بصفة أساسية ، و على مدى 24 ساعة عند الحاجة و الضرورة وفقاً للظروف الأمنية .
6- تُسند كافة الأعمال الأخرى غير الأمنية بالأجهزة الشرطية إلى مدنيين حاصلين على شهادات عليا فى تخصصاتهم .
7- يتم الإهتمام الشديد بالأقسام و المراكز من حيث تدعيمها ماديّاً و بالأعداد المناسبة من القوات ، على أن يلحق بكل قسم عدد كبير من الجنود ( من جنود الأمن المركزى الملغى ) تحت إمرته للمساعدة فى أعمال الحراسات و الأمن العام .
8- عمل ميثاق شرف ملزم لرجال الأمن ، يلتزم بمقتضاه رجل الشرطة بحسن معاملة المواطنين من أول أداء التحية العسكرية للمواطن حتى قضاء طلبه المشروع .
ج - مساواة الضباط و الأفراد فى الدخول المادية مع رفع الرواتب إلى المستوى الأول فى الدولة :
- نظراً لكون الأمن سلعة غالية فإنه يجب زيادة دخول رجال الشرطة زيادةً كبيرةً حتى يصبح الدخل مجزيّاً ، و حيث أنه توجد فوضى عارمة فى دخول الضباط و الأفراد ، و تفاوتاً فى هذه الدخول غير مسبوق فى أى جهة أخرى فى مصر و على
مستوى العالم بأسره ، فإنه يجب ضبط هذا الأمر .
- ففى الشرطة ليس مهماً ما هى رتبتك ، و لكن المهم وظيفتك و منصبك ، و على سبيل المثال النقيب الذى يعمل فى الأمن العام كمعاون شرطة أو ضبط يتقاضى حوالى ألف جنيه شهريّاً ، على حين أن زميله الذى يعمل مديراً لمكتب أحد مساعدى الوزير يتقاضى عشرة أو خمسة عشر ألف جنيه ، و هذا ظلم بيّن .
- و تتراوح دخول الضباط من سبعمائة أو ثمانمائة جنيه للملازم أو الملازم أول إلى عدة ملايين للواءات مساعدى الوزير .
- و كذلك الأفراد ، حيث حكى لى أحد أمناء الشرطة أنه يسكن مع زميل له فى نفس العمارة ، و ترى زوجته ما يفعله هذا الزميل من شراء كثير من الأجهزة الكهربائية و الهدايا لزوجته و أولاده ، و أنها تطالبه بأن يفعل مثله ، و هو لا يمكنه ذلك لأنه يعمل فى مصلحة السجون الفقيرة و زميله فى شرطة الكهرباء الغنية .
- و من الحكايات الظريفة ما ذكره لى زميلى اللواء حازم الرأى من أن أحد أصدقائه كان يعمل بالمرور و رقى و عُيّن مساعداً لمديراً لأمن بور سعيد ، فلمّا ذهب ليبارك له وجده مهموماً و حزيناً ، و علم منه أنه خسر 45 ألف جنيه من دخله شهريّاً ، و أنا نفسى وجدت صديقى اللواء عادل الذى كان يعمل بمباحث التهرب الضريبى عندما رقى و عيّن مساعداً لمدير أمن الإسكندرية قد خسر من دخله ثمانية آلاف جنيه ، و ظل يلعن هذه الترقية ، هذه فوضى حقيقية .
- و لهذا فإنه يلزم سن قانون صارم يراعى مساواة الضباط و الأفراد فى المرتبات و الأجور ، و توزع المكافآت على الجميع بالتساوى ، على أن تتخذ الإجراءات لإلغائها فيما بعد .
- و يجب تحديد مرتبات و مكافآت القيادات بقواعد جازمة مجزية ، و ربما لا تحتاج الشرطة إلى تدعيم مالى كبير إن تم تحجيم مكافآت القيادات و توزيعها على كل الضباط و الأفراد ، على أن يكون الخروج على هذه القواعد جريمة جنائية ، و كذلك يجب نشر ميزانية وزارة الداخلية حتى يعرف الشعب كيف صُرفت ، حيث أننى أنها تُصرف بسفه فى غير موضعها .
د : رفع مستوى أفراد الشرطة :
1- نظراً لتفشى الأميّة بين كثير من رجال الشرطة ، فإنه يجب إنتظام الجنود و الخفراء فى دراسة بالتعاون مع مديريات التربية و التعليم لتعليمهم القراءة و الكتابة ، ثم الحصول على دبلوم فى العلوم الشرطيّة .
2- سن قانون يمنع التعيين فى الشرطة لغير الضباط ، للتحوّل التدريجى ، على أن يتم زيادة أعداد المقبولين بكلية الشرطة لإحلالهم محل الأفراد ، على تُزاد الرتب درجتين أو أكثر ، و يوفّر لرجل الشرطة الجديد الإمكانيّات اللازمة ، بهدف توحيد فئات الشرطة ، و بهدف أن يكون رجل الشرطة على أعلى مستوى حاصلاً على مؤهل عال من كلية الشرطة مما يمكنه من حل كثير من المشاكل ، و يكون محلاً لإحترام أفراد المجتمع ، و حتى يحصل على الخبرة اللازمة من القاع إلى السطح .
ه الأخذ بمبدأ اللامركزية فى الشرطة مستقبلاً :
- على المدى الطويل ، و بعد معرفة ما ستحدثه الثورة من تغييرات كتطبيق الحكم المحلى و ليس الإدارة المحلية ، فإنه من الأفضل فى هذه الحالى تغيير نظام الشرطة المركزى إلى شرطة محليّة بشرط وجود نظام قوى قائم على أسس ديمقراطيّة من أول إنتخاب المحافظين و إنتخاب مجالس محليّة فعّالة لها حق محاسبة المحافظين و عزلهم ، و ملامح هذا النظام كما يلى :
1- تكون لكل محافظة شرطتها الخاصة بها تحت إشراف مدير أمن يكون تابعاً لمحافظ الإقليم الذى يجب أن يكون منتخباً ، على أن يكون تعيين المدير عن طريق الإختيار الديمقراطى بمعرفة المجلس المحلى المنتخب من جملة عدد من اللواءات يترشحون لهذا المنصب . شرط تطبيق نظام الحكم المحلى و ليس الإدارة المحلية .
2- تُنشأ بكل مديرية أمن الإدارات اللازمة لأداء العمل على نسق إدرارت الوزارة المركزية مثل شئون الضباط ، و الحسابات و الميزانيّة و البحوث المالية ، و مكتب المدير ، و التفتيش ، و التنظيم و الإدارة ، و الشئون القانونية ، و التخطيط و البحوث و المتابعة ، و المعلومات و التوثيق و الإحصاءات ، و الأمن العام ( نظام و مباحث ) ، و الأدلة الجنائية ، و قوات الأمن ، و المرور ، و التدريب ، و المحكمة التأديبية ، و العلاقات العامة و الإنسانية تتبعها مؤسسات و نوادى و فنادق الشرطة ، و المعاشات ، و الإمداد .
3- عند تطبيق هذا النظام يلغى قانون أكاديمية الشرطة مع الإبقاء عليها ، و تُنشأ كليات أخرى للشرطة فى بعض المناطق موزعة على جميع أنحاء الجمهورية بالأسكندرية و طنطا و المنصورة و الإسماعيلية و العريش و المنيا و أسيوط و الأقصر ، على أن يسّن قانوناً جديداً بمقتضاه يكون الإلتحاق بكليات الشرطة بشهادة ليسانس الحقوق و ليس الثانوية العامة توفيراً للنفقات ، و حتى يكون الطالب قد اعتاد الحياة المدنيّة ثم يصبح نظاميّاً و ليس عسكريّاً ، على أن تكون الدراسة بها لمدة عام أو عامين دراسيين ، يتلقى فيها الطالب دراسات أمنية جادة و موسّعة ، على أن تشتمل على تدريبات عمليّة فى الأقسام و المركز .
- على أن يكون القبول بهذه الكليات وفقاً لحاجة كل محافظة .
- و تلغى جميع المعاهد الشرطيّة الأخرى ، بمعنى أن يكون كل العاملين بالشرطة ضباطاً ، فيستبدل الأفراد و الخفراء بضباط
4- يعيّن أحد أعضاء النيابة العامة بكل قسم أو مركز تُعرض عليه البلاغات فور ضبطها ، و يتخذ الإجراءات القانونية حيالها
5- تُنشأ بمديرية أمن القاهرة إدرارت أخرى وفق الحاجة كإدارة للحراسات الخاصة تتولى حراسة الوزراء و مجلسى الشعب و الشورى و الهيئات الأخرى .
و- سنّ تشريع خاص لحماية رجل الشرطة عند أداء عمله :
- فرجل الشرطة عموماً بصفته ممثّل السلطة العامة يجب معاملته بالإحترام الواجب ، و إذا كان هذا هو المعهمود من الناس العاديين ، إلا أن بعض البلطجيّة و الخطرين يسيئون معاملة رجال الشرطة ، و لهذا فإنه يجب سنّ تشريع يؤثّم ذلك و يسمح لرجل الشرطة أن يستخدم القوة اللازمة مع مثل هؤلاء ، و يكلّف رجل الشرطة بتقديم الدليل على ذلك من تصوير أو شهادة مأمونة أو غيرها ، و إلا يحاسب على ذلك الفعل بأقصى عقوبة .
هذه خطوط عامة و دراسة سريعة بدون تفصيلات دقيقة يمكن الخوض فيها فيما بعد ، أرى الإسترشاد بها حتى نعيد شرطتنا الوطنية إلى العمل مرفوعة الرأس صافية الضمير لتكون فى خدمة الشعب .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.