كنت أفكر أن أقضي شهر العسل بعيدًا عن الميديا بكل فروعها، وتمسكت بالقرار عندما شاهدت زوجتي في اليوم الأول تشتري الدستور أثناء سيرنا في أحد الشوارع وتلفه ثم تضعه تحت إبطها مثل أي موظف مصري، أقنعتها أن مظهرها بالجريدة تحت إبطها لا يليق بعروس في شهر العسل، بصراحة هي اقتنعت برأيي لكننا قضينا ليلة آخر عكننة أصدرت في نهايتها القرار الجمهوري رقم واحد (مافيش جرايد لحد ما نرجع). لقد كانت زوجتي علي حق وأنا مدين لها باعتذار فمع أول مطالعة للصحف بعد العودة من السفر شعرت أن المسلسل الذي نعيشه قد فاتتني منه عشرين حلقة علي الأقل، أتابع الآن الأحداث بعد انتصاف تبعاتها وأحاول أن أعتمد علي ذكائي المحدود في فهم ما حدث. كان خروج يسري الجمل من منصبه كوزير للتعليم في اليوم نفسه الذي نشرت فيه صورته وهو يتلقي تطعيم الإنفلونزا أسوأ دعاية لهذا المصل، فالأعراض الجانبية التي ترددت وأربكت الناس لم تكن مؤكدة لكننا الآن أمام عرض جانبي مؤكد وهو أن متلقي المصل لا مستقبل له فكيف تلومون تلاميذ مصر الذين رفض 90 بالمائة منهم الحصول علي التطعيم. كان الوزير عندما يخرج من منصبه يقال عنه ( لبس البيجاما) لقد أصبح هذا المصطلح قديما، وأقترح عندما يخرج الوزير الآن أن يقال عنه (اطعم). ستسألني ولماذا لم يخرج وزير الصحة؟.. والإجابة أنه ما اطعمش ولا حاجة وأن عملية تطعيمه كانت تمثيلية بوليسية الغرض منها الإيقاع بيسري الجمل، أكرر هي بوليسية والدليل أنهم اختاروا ابن وزير داخلية سابق ليحل محل الجمل ردا من الداخلية لجمايل والده. عدت فوجدت البلد كله يتحدث عن لاعب اسمه جدو، اللاعب شاب صغير السن جاء بديلا للمصارع الدولي ميدو، وهكذا أثبت ميدو أنه وش السعد علي بدلائه عمرو زكي ثم جدو، شاهدت اللاعب الذي يتميز بلياقة بدنية عالية لا تتناسب مع اسمه لكنني اكتشفت أنه مخطط حكومي لتغيير الصورة التي يرسمها الشعب في ذهنه للشخص الذي يحمل هذا اللقب مع اقتراب انتخابات الرئاسة الجديدة. عرفت أن مصر تبني جدارا فولاذيا علي حدودها مع غزة ففهمت سر المخطط القديم الذي يتكون من ثلاث خطوات، الأولي ضم أحمد عز للحزب الوطني، والثانية منحه التسهيلات اللازمة لاحتكار الحديد، والثالثة استغلال كل هذا الحديد في مشروع كبير يعود بالنفع علي الجميع ، وهكذا يمول الحزب الحاكم نفسه بذكاء شديد وبدون أن يتعرض لمساءلة النائب العام، لكنني شغوف بمعرفة الطريقة التي سيتم بها توزيع ناتج هذه النحتاية. أسعدني خبر ترحيل النائب البريطاني جالاوي عن مصر وإعلان أنه غير مرغوب فيه لأنني أكره هؤلاء الأشخاص الذين يبنون أمجادهم الشخصية علي قفانا، قد يراه البعض مناضلا من أجل الفلسطينيين لكن نضاله من أجلهم أسقط مواطنا مصريا صريعا وهو في بداية حياته برصاصة سنموت قبل أن نعرف هل أتته من حماس أم من إسرائيل، لكن الرصاصة لم تكن لتصيبه لولا قافلة جالاوي التي جاءت محملة بالخير للفلسطينيين وبالفوضي لمصر، تحدث الكثيرون عن تعنت ما في التعامل مع القافلة لكنني بصراحة لم أنزعج من المسار الذي حددته مصر للقافلة حتي تدخل أرضها، فمن حق صاحب البيت أن يختار الباب الذي يدخل منه الضيوف. قالوا لي إن السيدة العذراء قد ظهرت عند عدة كنائس مصرية وهو خبر لم أصدقه في حينها، ولكن عندما سقط الأقباط قتلي في ليلة عيدهم أمام كنيستهم في نجع حمادي تأكدت تماما أنها ظهرت، لقد ظهرت العذراء لتبلغنا برسالة ما لكننا لم نصغ إليها جيدا.