بعض المجرمين في حق مصر يفعلون ذلك مع سبق الإصرار و الترصد. يفعلونه و هم واعين و مدركين لخطورة و تأثير كل خطوة يخطونها، لكن البعض الآخر منهم يتصور أنه و هو يحقق لنفسه ثروة فإن بعض الأثر الضار قد يقع علي المجتمع، مع تصوره بأن هذا الأثر الضار يمكن في جميع الأحوال احتماله و اعتباره من قبيل النيران الصديقة!. النوع الأول سيكوباتي و منحرف، و النوع الثاني مجرم علي خفيف لا يبغي بوطنه شر لكنه لا يقاوم الشر و لا يمانع في أن ينال نصيباً من الكعكة علي حساب الآخرين مستنداً إلي أن الله لا يساوي بين الناس في الرزق!!. المصيبة الكبيرة المترتبة علي سلوك المجرمين العتاولة و المجرمين الأشبال أن أبناء هذا البلد قد فقدوا الشعور الوطني الذي يدفع المواطنين للدفاع عن الأرض ضد أي عدوان، و أصبح من يتحدث عن إسرائيل باعتبارها عدو ينال من السخرية نصيباً وافراً، فالأقباط علي سبيل المثال أو قطاع كبير منهم لا يمانعون في أن يتقدم شارون علي حصانه و يدخل القاهرة ليخلصهم من الغزاة المسلمين! و المسلمون لا يعتقدون أن شارون قد يفعل بهم أسوأ مما يعيشون فيه، كما لا يتصورون أن كمائن شارون الليلية إذا ما احتل بلادهم قد تكون أكثر فظاعة مما يتعرضون له علي أيدي الأمن المصري عندما يستوقف الآمنين في الليل أو في النهار و يهينهم بدون سبب!. و سؤالي الذي أرجو أن نمعن التفكير فيه و أرجو أن يراجعني من يري أنني مخطيء هو: هل إذا وقع عدوان مسلح علي أرض مصر..هل يهب المصريون للدفاع عن الأرض؟. طبعاً من البديهي أن الجيش سوف يتصدي للعدوان فهذه وظيفته و عقيدته و دوره، لكني أتحدث عن المواطن المدني..هل يجد لديه رغبة حقيقية في الدفاع عن الأرض بعدما أصبحت الأرض مملوكة للخالات و أولاد الخالات و لم تعد مملوكة للمصريين؟ هل يجد حافزاً حقيقياً يدعوه لحمل السلاح بعد أن ظلت السلطة تعطيه علي مدي عقود حبوب منع الحمل بانتظام..منع حمل السلاح!.و قد اتخذت هذه الحبوب شكل كل أنواع المظالم التي تعرض لها المصري حتي كره نفسه و كره حياته و هان عليه وطنه الذي لم يعد وطنه!. هل يحمل السلاح دفاعاً عن أرض مدينتي التي قضي الحكم العادل بإعادتها لشعب مصر فاجتمعت السلطة في مجلس حرب جمع خبراء و جنرالات البيزنس من أجل التحايل علي حكم القضاء و إعادة الأرض لقاتل المغنية. أم يحمل السلاح دفاعاً عن المنتجعات و ملاعب الجولف و بورتو السخنة و الشايطة و المحرّقة و الملتهبة و التي توشك علي بلوغ الأورجازم!. هل من الممكن أن يرسل الواحد منا أبناءه للحرب و هو يعلم أن مصر ليست طرفاً في الحدوتة و إنما الذاهبون للحرب سيكونون في مهمة للدفاع عن ثروة عز و أراضي المغربي ومصانع رشيد و شركات منصور؟. و هل يا تري لو ترك الناس الأعداء يدخلون و يحتلون البلد..هل سيخسر الشعب شيئاً عندما يستولي الاسرائيليون علي الممتلكات التي نهبها رجال الأعمال من مصانع و مزارع و أراض و شركات و بنوك و أصول عقارية و مالية كانت مملوكة لشعب مصر فاستولي عليها الانكشاريون و سجلوها في الشهر العقاري بأسمائهم..هذا الشهر العقاري الذي أصبح رغماً عن موظفيه الشرفاء يقوم بدور القواد الذي يقنن الزنا. تري هل يضير شعب مصر أن يأتي محتلون جدد فيزيحون المحتلين القدامي و يستولون علي خير مصر؟. هل يجد أحد في نفسه رغبة في أن يموت دفاعاً عن كرسي فتحي سرور و شلتة مفيد شهاب؟. هل تبعث أولادك للموت من أجل أن يظل محمد ابراهيم سليمان بعيداً عن يد العدالة و لتظل حظيرة الوزير الفنان مفتوحة تستقبل المزيد من المثقفين؟. هذا هو الخطر الكبير الذي أوقعوه بالبلد و أهله. لقد استولوا علي كل شيء حتي لم يعد للمواطن شيء يدافع عنه و يرغب في حمايته بعد أن صار منتهي المني هو الفرار بغير عودة من هذا المسلخ البشري و لو علي ظهر مركب متهالك قد لا يصل أبداً لأي بر.