الرئيس السيسي: متفائل جدا بحالنا دلوقتي    السيسي: الظروف صعبة ولكن هناك رغبة جادة من الدولة لتجاوز هذه الأوضاع    أسقف حلوان والمعصرة: سنقبل الذكاء الاصطناعي بشرط الحفاظ على هويتنا وإنسانيتنا    الرئيس السيسى : كل التحية لأبطال حرب أكتوبر.. صنعوا وأعادوا العزة لمصر    سطع نجمه بمناقشات الإجراءات الجنائية، من هو المستشار عمرو يسري القائم بأعمال أمين عام الشيوخ؟    المديرة الإقليمية لمنظمة اليونسكو تشيد بجهود تطوير التعليم فى مصر    أسعار الأعلاف والحبوب اليوم، ارتفاع الردة والجلوتين والذرة تواصل الانخفاض    بنك الاستثمار الأوروبي يتجه لتوسيع عملياته في مصر لتشمل تمويل الشركات الناشئة    البورصة تواصل الصعود بمنتصف تعاملات اليوم الأحد    استمرار تدفق المساعدات... القاهرة الإخبارية من رفح المصرية ترصد آخر مستجدات الأوضاع في المعبر    أليو ديانج يجهز مفاجأة للأهلي قبل جلسة مناقشة التجديد    فلوس أيمن نور!    الجونة السينمائي يفتتح مكتبة الفيديو لضيوف المهرجان    الرئيس السيسي: كل بيت مصي فيه شهيد وجريح ودفعنا ثمن القضاء على الإرهاب    40 ندوة توعوية، محافظ الفيوم يتابع أنشطة الصحة خلال شهر سبتمبر الماضي    حادث تصادم سيارة ملاكى ونقل يتسبب فى بقعة زيت بالقطامية.. صور    سعر الريال القطرى اليوم الأحد 19 أكتوبر 2025 بمنتصف التعاملات    تعرف على نصيحة توروب ل تريزيجيه بعد أول مباراة مع الأهلي    أحمد سعد يروج لحفله المقبل بألمانيا بطريقة مختلفة: مش هاقول جمهورى الحبيب    وزير الثقافة يشهد ليلة النجم وائل جسار بمهرجان الموسيقى العربية    اليابان.. اتفاق تاريخى يمهد لتولى أول امرأة رئاسة الوزراء    جامعة كفر الشيخ: إجراء الكشف الطبى على 1520 حالة بقافلة مجانية بقرية زوبع    أحمد حمودة: توروب شخصيته قوية.. وإمام عاشور الأفضل في مصر    مواعيد مباريات اليوم الأحد 19-10-2025 والقنوات الناقلة لها    موعد مباراة ريال مدريد وخيتافي في الدوري الإسباني.. والقنوات الناقلة    تقرير: جوميز على أعتاب الإقالة من الفتح    زراعة المنوفية: تنقية الحيازات وضبط منظومة الدعم للمزارعين    لماذا يُعد الاعتداء على المال العام أشد حرمة من الخاص؟.. الأوقاف توضح    بتهمة خطف اشخاص السجن المؤبد ل4 متهمين و15 عاما لآخر بقنا    التعليم تعلن مقررات امتحان شهر أكتوبر 2025 لطلاب الصف الثاني الثانوي العام شعبة علمي    اللواء طيار عمرو صقر: نسور مصر قادرون على تغيير الموازين    الجيش الإسرائيلي يعلن التعرف على هوية جثة رهينة إضافية    اندلاع حريق في مصفاة نفط روسية بعد هجوم بطائرات مسيرة    «الأمم المتحدة» تطلق عملية واسعة النطاق لإزالة الأنقاض في غزة    عمرو سعد يتألق في الدراما والسينما ب3 مشاريع جديدة    السياحة والآثار: الوزير لم يتخذ أى إجراءات قانونية ضد أى صحفى    منطقة كفر الشيخ الأزهرية: اليوم أخر أيام التقديم لمسابقة شيخ الأزهر لحفظ القرآن الكريم    عصابة العسكر تنتقم…حكومة الانقلاب تعتقل صحفيا بتهمة الكشف عن سرقة أسورة فرعونية من المتحف المصرى    «الخارجية» و«الطيران» تبحثان توسيع شبكة الخطوط الجوية مع الدول العربية والأفريقية    توقيع وثيقة استراتيجية التعاون القُطري بين مصر ومنظمة الصحة العالمية    إصابة 12 طالبا بالجدرى المائى بمدرسة فى المنوفية    خدمات توعوية وفحوص طبية.. كل ما تريد معرفته عن مبادرة "صحة الرئة"    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاحد 19-10-2025 في محافظة الأقصر    حالة الطقس اليوم الأحد في الكويت .. حار نهارا مستقرا ورياح شمالية غربية خفيفة إلى معتدلة    بعد الزيادة الأخيرة.. الوادي الجديد تعلن تفاصيل سعر أسطوانات البوتاجاز بالمراكز والقرى    حكم الوضوء قبل النوم والطعام ومعاودة الجماع.. دار الإفتاء توضح رأي الشرع بالتفصيل    دعاء الفجر| اللهم جبرًا يتعجب له أهل الأرض وأهل السماء    ترامب: دمرنا غواصة ضخمة تهرب مخدرات كانت في طريقها للولايات المتحدة    نتنياهو: الحرب ستنتهي بعد تنفيذ المرحلة الثانية بما يشمل نزع سلاح حماس    ستيفن صهيوني يكتب: مساعٍ جدية لبدء عصر جديد في العلاقات بين دمشق وموسكو بعد زيارة الشرع لروسيا.. فهل تنجح هذه المساعي؟    جدول ترتيب الدوري السعودي بعد خماسية النصر.. موقف الهلال والفتح    تفاصيل محاكمة المتهمين في قضية خلية مدينة نصر    محمود سعد يكشف دعاء السيدة نفيسة لفك الكرب: جاءتني الألطاف تسعى بالفرج    المشدد 15 سنة لمتهمين بحيازة مخدر الحشيش في الإسكندرية    استعدوا لأشد نوات الشتاء 2026.. الإسكندرية على موعد مع نوة الصليب (أبرز 10 معلومات)    لا تتردد في استخدام حدسك.. حظ برج الدلو اليوم 19 أكتوبر    ياسر جلال: المسئول والفنان يتحملان ما لا يتحمله بشر.. وعندي طموح أخدم الناس    أحمد ربيع: نحاول عمل كل شيء لإسعاد جماهير الزمالك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رسالة أهل الحارة إلى مصر: شكرا يا مصر ورسالتنا إلى صناع الحارة: شكراً بجد!
نشر في الدستور الأصلي يوم 10 - 09 - 2010

ما كل هذا الدفء الذي نضحت به الشاشة في آخر حلقات مسلسل «الحارة"؟!
ما كل هذه العذوبة والحنان الذي «طبطب» بهما المؤلف أحمد عبدالله والمخرج سامح عبد العزيز علي رؤوس أبطالهما؟!
ما هذا النور الذي انعكس علي وجوه الأبطال جميعا؟! من أين جاء؟! ما مصدره؟!
هل يمكن أن يملك من قست الحياة عليهم وحطمت أحلامهم، سماحة وبراءة تهز قلوبنا إلي هذا الحد؟! أم هي براعة المؤلف أحمد عبدالله وعيون المخرج سامح عبد العزيز هما ما نقلا لنا حياة هؤلاء البشر بهذه الصورة العذبة؟!
كلا السؤالين يمكن الإجابة عنهما بالإيجاب، ففي داخل النفوس المحطمة التي عبثت بها الدنيا وخربتها، تقبع نقطة بيضاء لم يلوثها «كيد الدنيا» فتش عنها عبدالله والتقطها سامح عبدالعزيز، فأخرجا لنا أجمل ما فيهم وفينا في أهل الحارة - أهلنا القساة الطيبون الأشرار المغلوبون المجرمون الضحايا فنحن كل هؤلاء نحن هذا المزيج المربك شديد التعقيد
دون سذاجة وبوعي يحسد عليه قدم لنا الثنائي عبدالله وعبدالعزيز أهل الحارة، دون أن ينجرفا وراء جدعنة الناس الغلابة الطيبين الذين ستجدهم دائماً وقت الشدة، ففي المسلسل كثير من الأنذال وكثير من السفلة ودون أن يتغنيا بالفقراء الأشراف الذين ينقلهم لنا السذج من كتَّاب الأفلام والمسلسلات علي أنهم أبطال، وكأن الفقر إنجاز، وكأن الفقراء سعداء بفقرهم ففي «الحارة» فقراء تعساء كما قال الكتاب وكما يقول الواقع يسرقون وينهبون ويغدرون، وفي «الحارة» أيضاً ودون ضجيج وصراخ مسلمون ومسيحيون يعانون نفس الفقر ونفس العوز ونفس الحاجة لا يستمتعون بفقرهم ولا يضحكون بسعادة كالبلهاء لأنهم أشراف ومرتاحو البال والضمير في «الحارة» أناس طبيعيون نصف أشرار وربع طيبين وربع مرضي معتلين يلعنون الفقر صباحاً ويقضون الليل في إجراء معادلات شديدة التعقيد لتجهيز وجبة إفطار الصباح التالي يتمنون الموت بدلاً من الحياة كالأموات يعانون الفشل الكلوي ويهلكون في القطارات المهملة التي استوردتها حكومتنا الرشيدة لبشر تهملهم وتستكثر عليهم حياة آدمية بسيطة في «الحارة» بشر يستمعون إلي خطبة في الجامع ولا يصدقون الشيخ المنفعل دوماً والذي يصدق نفسه تماماً، ثم يديرون وجوههم شطر «الغرزة" للهروب من عذاب حسابات رزق شحيح في الحارة عوانس وأرامل ومطلقات وفتيات بعن أجسادهن بلا مقابل وبمقابل، والفارق بينهن ضئيل جداً يكاد لا يري في «الحارة» أمين شرطة أصبح شرطياً يعاني كل عقد النقص يتجبر علي الغلابة ويتعاون مع الدنيا علي قهرهم في «الحارة» بيوت ضيقة كئيبة وأروح مطفئة ومتع مفقودة وقلوب تحمل كثيراً من الحزن كثيراً من القهر كثيراً من الإحباط، وبعضاً من دفء يظهر ويستدعي ببخل يعادل موضوعياً بخل الحياة التي تضن عليهم بالبهجة
في «الحارة» هناك كل شيء في مصر وعن مصر حالة كشف مؤسفة واختراق واع للبيوت المغلقة علي أحزانها لكن أجمل ما في «الحارة» أن أحداً من صناع العمل لم يدع أن المسلسل يتناول قضية الوحدة الوطنية أو إهمال الحكومة أو الفساد أو المخدرات أو العنوسة أو وهم البحث عن الآثار أو مرضي الفشل الكلوي أو العمالة المصرية في الخليج أو الدعاة الجدد أو صحة المصريين التي انهارت لم يدعوا شيئاً فخرج عملهم كأصدق ما يكون، وفتح المسلسل معه الباب لنوع جديد من الدراما لم تعهده الشاشة الصغيرة التي كثيراً ما كذبت علينا ونقلت لنا حياة الفقراء الذين يعيشون في نعيم راحة البال، وأغلق معه - وهذا هو الأهم- باب البطل الأوحد في المسلسل، فكل من كانوا في «الحارة» نجوم مشرقون متألقون واعون لطبيعة وأهمية ما يقدمونه لم يتعاركوا علي زيادة مشهد أو حذف مشهد لم ينفعلوا علي طريقة وضع أسمائهم علي تيتر المسلسل مدركين أن الدور هو النجم والمخرج والمؤلف هما ربا العمل احترموا أنفسهم واحترموا ما يقدمونه، فاستحقوا احترامنا
في نهاية المسلسل تشرق وجوه الأبطال المنهكين أخيراً يستدعون الفرحة ويعافرون معها كي تخرج تلقائية صادقة وللصدفة تخرج فعلاً طبيعية ومثيرة للبهجة والشجن في آن واحد، فنصدق أنهم سعداء فعلا يقف محمود عبد المغني أمام شاشة التليفزيون ليتحدث إلي برنامج استضافه بعد اختيار أمه للحج «بالشحاتة» ليقول بفرحة طفولية بريئة: شكراً يا مصر ثم خلفية لنجوم العمل جميعاً وهم فرحون ببلاهة لا يمثلونها، فهكذا يفرح من سرقتهم سكين الحياة وفرمهم قطار الدنيا، فبعد هذه الحالة من السعادة يدركون جميعاً أنهم سيعودون إلي صراعهم مع الحياة إنهم واقعيون جداً حتي إن كريمة مختار تصارح الأعمي عندما يطلب منها أن تدعو له أن يسترد بصره بأن هذا مستحيل هكذا دون مواربة فقط هم يختلسون لحظة بهجة عابرة بالتأكيد ستشحن أرواحهم للنصف ساعة القادمة، ليعيدوا الكرة مرة أخري حقا إنها نهاية تقشعر لها الأبدان البليدة قبل الشغوفة بالبشر
شكراً يا مصر علي الفقر وقلة الحيلة وشحاتة الحنان والعطف والاهتمام شكراً يا مصر علي أكباد الفقراء التي أكلها الفقر والفساد شكرا علي كسرة نفوسنا وهوان أهلك عليك وعلي من يحكمونك من أهل «الحارة» إلي مصر: شكراً يا مصر وألف شكر لمن شعروا بنا وقدمونا وقدموا أهل «حارتنا» بمنتهي الأمانة والضمير بلا زيف أو ادعاء شكراً لأنهم أعادوا الصدق إلي الشاشة الصغيرة ونجحوا في إثبات أنها من الممكن أن تنقل لنا صدقاً ينفذ إلي قلوبنا وجرأة لا تخدش مشاعرنا وشجناً يطهر كل نفس راقية!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.