إدارة كرة القدم في مصر ترتع في الفساد! الفساد متأصل ومستوطن في كل متر من الملعب الذي يحكم كرة القدم المصرية، صحيح أن الفساد في الوسط الرياضي موجود في أعلي قمة الكرة العالمية؛ حيث الفيفا نفسه، لكن ليس هذا مبررًا إطلاقًا للاستسلام لفساد مؤسسات إدارة الكرة المصرية! طبعا جوزيف بلاتر -رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم الفيفا- رجل محاط بمليون تهمة فساد! هناك كتب ودراسات بالوثائق والمستندات تؤكد أن بلاتر ليس متهمًا بالفساد، بل فاسد قراري عميق متعمق، الشرطة السويسرية، حيث مقر الفيفا حققت في تهم الفساد الموجهة لبلاتر من التلاعب بالمليارات من أموال الفيفا أوتقديم رشاوي وتلقي هدايا وخلافه، وقيل وقتها إن بلاتر هدد عاصمة بلاده بأنها لو أصرت علي ملاحقته سوف ينقل مقر الفيفا من سويسرا إلي بلد آخر، بل الأشد وجعًا أنه سينقل أموال الفيفا من البنوك السويسرية، طوت حكومته الملف وتم تقديم سكرتير الفيفا ضحية لهذه الاتهامات ثم طردوه من منصبه! لكن الفرق كبير وهائل بين فساد الفيفا العالمي وفساد الداخل المحلي. أولاً- فالفساد الخارجي تتم محاربته ومحاولة كشفه وفضحه، ثم إن تشعب فروعه يمنع أن يكون الفساد مسئولية دولة بعينها مما يوفر له عناصر الكر والفر. ثانياً - فساد بلاتر لا تصنعه دولة، بينما فساد الكرة المصرية تصنعه وتحميه وترعاه وتستخدمه الدولة وتديره من خلال رعاياها، بل تضرب الرعايا بالرعايا والمجندين بالمجندين لصالحها وبمصالحها. ثالثًا- فساد الفيفا مقصور علي الفيفا ولا يضرب مصالح أمة أو شعب بعينه، كما أن اتحادات الكرة في الدول الديمقراطية تحكمها معايير القانون والمحاسبة والمساءلة، بينما فساد إدارة الكرة في مصر ابن حرام وربما إبن شرعي للفساد والاستبداد العام! رابعًا- الفساد في الكرة المصرية يتميز عن غيره بصفتين في منتهي الأهمية وهما الجهل وغياب الكفاءة! نعم لاعبو كرة القدم في مصر يخرجون في معظمهم من بيئات متواضعة ثقافيًا واجتماعيًا ويغزوها مال اللعب السخي الغبي، فتنهار المقاومة الأخلاقية مع جهل تعليمي لا يتجاوز ببعضهم مستوي محو الأمية إلي مستوي التعليم المحدود فلا قراءة ولا اطلاع ولا معرفة ولا فهم ولا وعي، ثم إذا بهم يجلسون علي مقاعد حكم كرة القدم في الأندية وما فوقها وإلي جانبهم يبزغ نجوم رجال الأعمال الفسدة الذين يستخدمون كرة القدم في تغطية الفساد وغسيل الأموال وتمرير الصفقات، ثم تمتد المأساة إلي أن يصبح معظم هؤلاء اللاعبين أيضًا ومدربيهم ومدلكيهم من رعاة وأصحاب القنوات والبرامج الرياضية فيتكامل عطن المستنقع، الأمر الذي يقود كما هو واضح إلي فشل في كل شيء، لأن الكفاءة لا تصعد ولا تنجح، بل السماسرة والجهلة وغاسلو الأموال ومغسلو القيم أعلي الأصوات، حيث تمول وكالة إعلانات تكاليف الرشاوي والهدايا التي يقدمها مرشحو إدارة الكرة لأعضاء الجمعيات العمومية من الموظفين المستعدين لتلقي الرشاوي عقب صلاة العشاء مباشرة والوجبات المطعمة بأظرف الفلوس في ليالي الانتخابات الفندقية، فينجح هؤلاء الأعضاء الذين يمنحون بدورهم هذه الوكالة عقود الرعاية بالملايين محتفظين بحق السمسرة والتلطع علي شاشات التحليل الرياضي! حتي الفساد في مصر جاهل ...وفاشل!!