رغم الانتقادات التي كانت توجه إلي المجلس القومي لحقوق الإنسان من طبيعة تشكيله وسيطرة الحكومة عليه فإن القائمين عليه حاولوا كثيراً الخروج عن الإطار الذي وضع في هذا المجلس منذ تأسيسه لتجميل صورة مصر في الخارج بعد أن أصبح سجلها ولا يزال في مجال حقوق الإنسان فضيحة أمام العالم كله.. في ظل الانتهاكات العديدة لحقوق الإنسان وقمع الحريات.. ومن ثم جاءت التقارير الأخيرة للمجلس تنتقد انتهاكات الحكومة والداخلية لحقوق الإنسان.. حتي إن توصيات تقرير المجلس المرفوع إلي المجلس الدولي لحقوق الإنسان انتقد ما يحدث في السجون من انتهاكات، وأنه مازال يوجد سجناء يحرمون من زيارة ذويهم أو تأخير حق الزيارة.. هذا بخلاف انتقاد العمل بقانون الطوارئ. وفي التقرير السنوي الرابع الذي صدر في مارس الماضي حذر فيه من خطورة ما تم الكشف عنه من وقائع تعذيب وأعمال منافية للكرامة الآدمية تعرض لها مواطنون في بعض أقسام الشرطة وأماكن الاحتجاز التي أفضت إلي وفاة بعض الأشخاص.. وأكد التقرير أن تكرار تلك الوقائع يهدد شعور الفرد بالانتماء وينال من كرامته الآدمية. وطالب التقرير وزير الداخلية بعدم التستر علي جرائم التعذيب الموجودة في أقسام الشرطة وأماكن الاحتجاز والسجون السرية واتخاذ الإجراءات الكفيلة بمحاسبة المرتكبين من ضباط وأمناء الشرطة للحد من جرائم التعذيب والتحقيق الفوري من قبل النيابة العامة في البلاغات المقدمة من المواطنين والمنظمات في شكاوي التعذيب. .. كان ذلك يجري في ظل وجود الدكتور أحمد كمال أبو المجد نائب رئيس المجلس بل لعله الرئيس الفعلي، حيث إن الدكتور بطرس غالي يتولي الرئاسة بشكل شرفي.. وأنه وضع في هذا المكان لاعتبارات دولية وأخري!! وكما قلت رغم ذلك كان يوجه انتقادات شديدة للمجلس باعتباره قريباً من الحكومة.. ولم يكن علي مستوي الطموح الشعبي.. إلا أن تقاريره أزعجت الحكومة فكان لابد من الإطاحة بالدكتور أبوالمجد وبعض الشخصيات التي معه.. وجاءوا بالمستشار مقبل شاكر كانه.. ليمسح بأستيكة كل ما فعله المجلس الحكومي من قبل.. وليحوله إلي مجلس تابع لوزارة الداخلية.. فقد ذهب السيد المستشار مقبل شاكر إلي زيارة إلي سجن النساء بالقناطر يوم الاثنين الماضي ليخرج علينا بتصريح غريب ومفاجئ مخالف لكل ما يحدث وما ترصده جميع المنظمات الحقوقية علي الأفراد الذي عانوا ويعانون مما يحدث في السجون حيث قال: إنه يتم حالياً تطبيق جميع المعايير الدولية الخاصة بحقوق الإنسان في السجون المصرية. وأشاد «شاكر» بجميع أوجه الرعاية التي تقدمها وزارة الداخلية بتوجيهات من الوزير «حبيب العادلي» لنزلاء السجون وبحرصها علي تطبيق جميع المعايير الدولية الخاصة بحقوق الإنسان في شتي السجون، رغم أنه لم يزر إلا سجناً واحداً. فهل أصبح المجلس القومي لحقوق الإنسان علي يد «شاكر» فرعاً من أجهزة وزارة الداخلية، خاصة أنه وبعد يومين فقط من إشادته بأحوال السجون في مصر رفض إصدار بيان عن المجلس ينتقد مد العمل بقانون الطواري.. وهو الأمر الذي كان المجلس في السابق يشدد علي رفضه وينتقد الحكومة بشدة لإصرارها علي العمل بالطوارئ!!