تنسيق الثانوية العامة 2025 ..شروط التنسيق الداخلي لكلية الآداب جامعة عين شمس    فلكيًا.. موعد إجازة المولد النبوي 2025 في مصر و10 أيام عطلة للموظفين في أغسطس    رسميًا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الجمعة 1 أغسطس 2025    5 أجهزة كهربائية تتسبب في زيادة استهلاك الكهرباء خلال الصيف.. تعرف عليها    أمازون تسجل نتائج قوية في الربع الثاني وتتوقع مبيعات متواصلة رغم الرسوم    إس إن أوتوموتيف تستحوذ على 3 وكالات للسيارات الصينية في مصر    حظر الأسلحة وتدابير إضافية.. الحكومة السلوفينية تصفع إسرائيل بقرارات نارية (تفاصيل)    ترامب: لا أرى نتائج في غزة.. وما يحدث مفجع وعار    الاتحاد الأوروبى يتوقع "التزامات جمركية" من الولايات المتحدة اليوم الجمعة    باختصار.. أهم الأخبار العالمية والعربية حتى منتصف الليل.. مستندات المؤامرة.. الإخوان حصلوا على تصريح من دولة الاحتلال للتظاهر ضد مصر.. ومشرعون ديمقراطيون: شركات أمنية أمريكية متورطة فى قتل أهل غزة    مجلس أمناء الحوار الوطنى: "إخوان تل أبيب" متحالفون مع الاحتلال    حماس تدعو لتصعيد الحراك العالمي ضد إبادة وتجويع غزة    كتائب القسام: تدمير دبابة ميركافا لجيش الاحتلال شمال جباليا    عرضان يهددان نجم الأهلي بالرحيل.. إعلامي يكشف التفاصيل    لوهافر عن التعاقد مع نجم الأهلي: «نعاني من أزمة مالية»    محمد إسماعيل يتألق والجزيرى يسجل.. كواليس ودية الزمالك وغزل المحلة    النصر يطير إلى البرتغال بقيادة رونالدو وفيليكس    الدوري الإسباني يرفض تأجيل مباراة ريال مدريد أوساسونا    المصري يفوز على هلال الرياضي التونسي وديًا    انخفاض درجات الحرارة ورياح.. بيان هام من الأرصاد يكشف طقس الساعات المقبلة    عملت في منزل عصام الحضري.. 14 معلومة عن البلوجر «أم مكة» بعد القبض عليها    بعد التصالح وسداد المبالغ المالية.. إخلاء سبيل المتهمين في قضية فساد وزارة التموين    حبس المتهم بطعن زوجته داخل المحكمة بسبب قضية خلع في الإسكندرية    ضياء رشوان: إسرائيل ترتكب جرائم حرب والمتظاهرون ضد مصر جزء من مخطط خبيث    عمرو مهدي: أحببت تجسيد شخصية ألب أرسلان رغم كونها ضيف شرف فى "الحشاشين"    عضو اللجنة العليا بالمهرجان القومي للمسرح يهاجم محيي إسماعيل: احترمناك فأسأت    محيي إسماعيل: تكريم المهرجان القومي للمسرح معجبنيش.. لازم أخذ فلوس وجائزة تشبه الأوسكار    مي فاروق تطرح "أنا اللي مشيت" على "يوتيوب" (فيديو)    تكريم أوائل الشهادات العامة والأزهرية والفنية في بني سويف تقديرا لتفوقهم    تمهيدا لدخولها الخدمة.. تعليمات بسرعة الانتهاء من مشروع محطة رفع صرف صحي الرغامة البلد في أسوان    النزول بالحد الأدنى لتنسيق القبول بعدد من مدارس التعليم الفني ب الشرقية (الأماكن)    الزمالك يهزم غزل المحلة 2-1 استعدادًا لانطلاقة بطولة الدوري    اصطدام قطار برصيف محطة السنطة وتوقف حركة القطارات    موندو ديبورتيفو: نيكولاس جاكسون مرشح للانتقال إلى برشلونة    مجلس الشيوخ 2025.. "الوطنية للانتخابات": الاقتراع في دول النزاعات كالسودان سيبدأ من التاسعة صباحا وحتى السادسة مساء    «إيجاس» توقع مع «إيني» و«بي بي» اتفاقية حفر بئر استكشافي بالبحر المتوسط    مجلس الوزراء : السندات المصرية فى الأسواق الدولية تحقق أداء جيدا    فتح باب التقدم للوظائف الإشرافية بتعليم المنيا    رئيس جامعة بنها يصدر عددًا من القرارات والتكليفات الجديدة    أحمد كريمة يحسم الجدل: "القايمة" ليست حرامًا.. والخطأ في تحويلها إلى سجن للزوج    فوائد شرب القرفة قبل النوم.. عادات بسيطة لصحة أفضل    متى يتناول الرضيع شوربة الخضار؟    تكريم ذوي الهمم بالصلعا في سوهاج.. مصحف ناطق و3 رحلات عمرة (صور)    حركة فتح ل"إكسترا نيوز": ندرك دور مصر المركزى فى المنطقة وليس فقط تجاه القضية الفلسطينية    أمين الفتوى يوضح أسباب إهمال الطفل للصلاة وسبل العلاج    الداخلية: مصرع عنصر إجرامي شديد الخطورة خلال مداهمة أمنية بالطالبية    الإفتاء توضح كفارة عدم القدرة على الوفاء بالنذر    الشيخ خالد الجندى: من يرحم زوجته أو زوجها فى الحر الشديد له أجر عظيم عند الله    الوطنية للصلب تحصل على موافقة لإقامة مشروع لإنتاج البيليت بطاقة 1.5 مليون طن سنويا    وزير الخارجية الفرنسي: منظومة مساعدات مؤسسة غزة الإنسانية مخزية    ممر شرفى لوداع لوكيل وزارة الصحة بالشرقية السابق    رئيس جامعة بنها يشهد المؤتمر الطلابي الثالث لكلية الطب البشرى    حملة «100 يوم صحة»: تقديم 23 مليونًا و504 آلاف خدمة طبية خلال 15 يوماً    تنسيق الجامعات 2025.. تفاصيل برنامج التصميم الداخلي الإيكولوجي ب "فنون تطبيقية" حلوان    وزير الصحة يعلن تفاصيل زيادة تعويضات صندوق مخاطر المهن الطبية    طارق الشناوي: لطفي لبيب لم يكن مجرد ممثل موهوب بل إنسان وطني قاتل على الجبهة.. فيديو    أمانة الاتصال السياسي ب"المؤتمر" تتابع تصويت المصريين بالخارج في انتخابات الشيوخ    حالة الطقس ودرجات الحرارة المتوقعة اليوم الخميس 31-7-2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نص الكلمة التى يلقيها معتز الفجيرى عضوالمكتب التنفيذى للشبكة الأورومتوسطية لحقوق الإنسان
نشر في اليوم السابع يوم 10 - 05 - 2010

نعيش فى مصر لحظة سياسية شديدة التعقيد والتضارب، مع تزايد الاضطرابات السياسية والاجتماعية ضد النظام السياسى الحالى الذى تراجعت شرعيته بشدة. اليأس وعدم الرضا الاجتماعيين أصبحا حقائق يومية للملايين من المصريين، وفى ذات الآن، فإن الحكومة مستمرة فى سياستها المؤدية لغلق الباب دون أى إمكانية للمشاركة السياسية.
توقعاتنا وطموحاتنا من سياسة الجوار الأوروبى فى مصر كانت كبيرة، غير أن النتائج لم ترتق لذات المستوى حتى الآن. ولعله مما يؤسف له أن الاتحاد الأوروبى استثمر موارد مالية وبشرية ضخمة دون نتائج مرضية تضمن الاستقرار والرخاء للمنطقة فى ظل القيم المشتركة لإعلان برشلونة. من وجهة نظري، هذا الموقف يرجع بالأساس لثلاثة أسباب؛ الأول، هو أن الحكومة المصرية - الشريك – لم تبد إرادة سياسية كافية للقيام بالإصلاحات والتفاعل مع الآلية بشكل بناء. الثاني، هو أن سياسة الجوار تفتقد نظاما فعالا وواقعيا للحوافز وتقييم الأداء والمحاسبة والمشروطية. حيث يغيب التناغم بين الأدوات المالية لسياسة الجوار، المنتديات التقنية التى تجمع المسئولين الأوربيين والمصريين كاللجان الفرعية والهدف السياسى لسياسة الجوار بشكل عام. ولقد لا حظنا أن كل مكون يعمل فى انعزال عن المكونات الأخرى كما تغيب المعلومات والشفافية حول العديد من المشروعات المشتركة التى تم تنفيذها فى إطار مبادرة سياسة الجوار. ثالثا، فشلت السياسات الأوربية فى التعبير عن قيادة سياسية فى الترويج للديمقراطية فى منطقة المتوسط أو الرؤية الإستراتيجية للمستقبل السياسى لدولة مهمة فى المنطقة مثل مصر. خطة العمل المصرية فى سياسة الجوار وضعت فى مارس 2007، ومنذ ذلك الآن، أخفقت فى الوفاء بالتزاماتها فى مجال حقوق الإنسان والديمقراطية التى قبلت التحمل بها طوعا، وهى ذات النتيجة التى خلصت إليها تقارير التقدم التى نشرتها اللجنة الأوربية منذ 2008، حيث أشارت إلى عدم حدوث أى تطور مهم أو ذى معنى فى مجال الإصلاح الديمقراطى والحقوقى. كما أننى قد أذهب للقول بأن المؤشرات الحالية للتنمية الاقتصادية والبشرية فى مصر تبين وجود فشل كبير فى توفير ظروف حياة مواتية والخدمات الأساسية للملايين من المصريين. هذه الخلاصة قد تحث الاتحاد الأوروبى على البحث عن سياسات بديلة للتعامل مع الشركاء الذى لا تتوافر لديهم رغبة حقيقة أو إرادة سياسية لتطوير ظروفهم السياسية والاجتماعية والاقتصادية السيئة. وقد بينت السنوات السابقة أن الحكومة المصرية كانت ناجحة للغاية فى الفوز بالموارد والمميزات من الإتحاد الأوروبى دون تحقيق تقدم حقيقى فى التنمية السياسية والاجتماعية حاليا، الحكومة المصرية كذلك طموحة من حيث تعميق علاقاتها الثنائية مع الاتحاد الأوربي، غير أنه اختبار حقيقى للاتحاد للنظر إذا ما كان سيقبل هذا التعزيز فى العلاقات على حساب تطلعات الملايين من المصريين، أو ما إذا كان الإتحاد الأوروبى سيضع شروطا صارمة لحدوث مثل هذا التعزيز. فى هذا السياق، نحن نرحب بحقيقة أن الإعلان النهائى لمجلس الرابطة الأخير قال أن التقدم فى النواحى المتعلقة بحقوق الإنسان والديمقراطية سيكون محوريا لأى تعزيز فى العلاقات الثنائية مستقبلا. كما أننا لسنا ضد تقديم المساعدات المالية أو الاقتصادية للحكومة وإنما يجب أن يتم هذا الأمر بصورة ذكية بما يسمح بتأكيد تحقق تقدم فى حقوق الإنسان والتنمية الإنسانية والحكم الرشيد.
حقوق الإنسان فى مصر لا يمكن أن ينظر إليها بمعزل عن مجموعة متكاملة من القوانين والسياسات والممارسات. فى الواقع، السمة الرئيسية لحقوق الإنسان فى مصر اليوم هى شيوع ثقافة الاستثناء التى عادة ما تمكن مرتكبى الانتهاكات من تجنب العقاب فى إطار مناخ من الحصانة التى خلقت ودعمت عمدا طيلة عدة عقود. حالة الطوارئ، المطبقة فى مصر منذ 1981 ويتم تمديدها بصورة متوالية دون انقطاع منذ ذلك الحين لعبت دورا محوريا فى خلق هذه السياسة وتدعيم مثل هذا المناخ، بما جعل الحصانة تصبح هى القاعدة. وبالتالي، فإن حكم القانون والمؤسسات القانونية للدولة قوضت سلطاتها، وعلقت الضمانات الدستورية للحقوق والحريات العامة، كما دمرت ثقة المواطنين فى الدولة وفى إحساسهم بذواتهم. هذه البيئة القمعية لا تزال مستمرة على الرغم من أنه فى السنوات الأخيرة بدأت شرائح من السكان تقاوم الانتهاكات والسياسات المنتجة لها. فى الواقع، قطاعات معينة من وسائل الإعلام المستقلة والمجتمع المدنى والحركات الاجتماعية الجديدة انتزعت لنفسها مساحات جديدة من الحرية على الرغم من البيئة القانونية والسياسات والممارسات التى تقاوم مثل هذا التغير.
مع تحول هذه السياسة بالتدريج لتصبح القاعدة، فإن امتيازات الجهاز الأمنى تمددت وحولت مصر إلى دولة بوليسية. فعلاوة على الانتهاك المباشر لحقوق الأفراد، والتى عادة ما لا يعاقب مرتكبوها، فغن الجهاز الأمنى أصبح يضطلع بدور رئيسى فى كل نواحى الحياة العامة، فلا يتم التدخل فقط فى شئون المؤسسات السياسية والمدنية والتعليمية والدينية والإعلامية، بل إنه يعوق تنفيذ الأحكام القضائية. مؤشرات العدالة الاجتماعية استمرت فى التدهور مع تزايد معدلات الفقر واتساع التفاوت الاقتصادى بين الريف والحضر واتساع الفجوة بين الفقراء والأغنياء، بحيث أضحى انتهاك الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية من المنهجة والشيوع بما يضعها فى نفس الفئة مع الحقوق السياسية والمدنية.
ولقد استخدمت الحكومة عددا من الوسائل لتشتيت الانتباه عن سجل حقوق الإنسان المتدهور لديها، من بينها تضخيم خطر الإسلام السياسى على مستقبل الدولة والمنطقة، التلاعب بالدين والثقافة سياسيا لتبرير وإضفاء الشرعية على انتهاكات حقوق الإنسان، وإقامة واجهات مؤسسية تعطى الانطباع بالاهتمام بمسألة حقوق الإنسان وإدخال تعديلات على القوانين القائمة دونما تغيير فى الهيكل التشريعى الأوتوقراطى القائم فى البلاد. على أفضل الأحوال، يمكن القول أن الدولة اتخذت عددا من الخطوات المحدودة لتحسين وضع حقوق النساء والأطفال وحاولت على الترويج لذلك لدى المجتمع الدولى للرد على الانتقادات المتزايدة وللفت الانتباه عن النطاق العريض من الخطوات التشريعية والسياسية المطلوبة لوضع حد لانتهاكات حقوق الإنسان فى مصر. فيما يلى من العرض، سأحاول تقديم عدد من المؤشرات على فشل الحكومة على الوفاء بالتزاماتها ليس فقط بخصوص خطة العمل وإنما كذلك وفقا لاتفاقيات حقوق الإنسان الدولية المصدق عليها من قبل الحكومة المصرية.
لقد ولدت عام 1981، فى العام الذى بدأت فيه الحكومة تطبيق حالة الطوارئ عقب اغتيال الرئيس انور السادات. ومنذ ذلك الحين، عرفت فقط حالة الاستثناء. لقد نشأ جيلى فى جمهورية خوف يتم فيه الالتفاف حول القانون والعدالة من قبل السلطة. طبقت حالة الطوارئ فى مصر دون انقطاع منذ 1981 حتى أصبحت وضعا دائما يتم فيه تعليق تطبيق عدد من الحقوق الأساسية، خصوصا تلك المرتبطة بالمحاكمة العادلة والحق فى الحرية والأمان الشخصيين. المحاكم العسكرية ومحاكم أمن الدولة التى تفتقد للضمانات الأساسية للمحاكمة العادلة استخدمت فى مصر ضد الإرهابيين المشتبه بهم وغيرهم من الجماعات السياسية. الاعتقالات الممتدة استخدمت بصورة منتظمة تعسفية، كذلك فى حين فشلت الحكومة فى تقديم مبرر معقول لتطبيق حالة الطوارئ طيلة هذه الفترة، التطبيق المستمر لحالة الطوارئ فى مصر يمكن أن ينظر إليه فى سياق ليس فقط قمع المنافسين السياسيين وضمان استقرار النخبة الحاكمة؛ وإنما على العكس فقد أصبحت حالة منهجية لقمع المنافسين السياسيين وضمان استقرار النخبة الحاكمة. فى 2007، عدلت الحكومة الدستور لتمهيد الطريق لقانون جديد ضد الإرهاب لا يتقيد بالضمانات الدستورية لحقوق الإنسان. حالة الطوارئ يحتمل أن يتم تطبيعها وفق القانون المقترح لمحاربة الإرهاب الذى يتوقع تمريره قريبا، والذى سيكون الثانى من نوعه عقب تمرير الحكومة لقانون لمكافحة الإرهاب عام 1992 تبنى تعريفات غامضة وفضفاضة لجريمة الإرهاب ونص على عقوبات قاسية للأفعال الإرهابية، تصل فى العديد منها للحكم بالإعدام. وعلى الرغم من وضوح حقيقة أن أدوات مكافحة الإرهاب استخدمت من قبل الحكومة لقمع المجتمع المدنى والمعارضة السياسية السلمية، فإنه من المؤسف القول بأن خطة عمل سياسة الجوار الأوربية مع مصر وما تلاها من تقارير تقدم حول مصر تشجع الحكومة على إحلال قانون جديد لمكافحة الإرهاب بحالة الطوارئ القائمة. بالطبع نحن نتفهم الحاجة لمحاربة الإرهاب ولكن يجب أن يتم ذلك من خلال حكم القانون وحقوق الإنسان. وأود أن ألفت انتباهكم إلى أنه وفقا لآخر التصريحات الرسمية، فإن البرلمان المصرى يتوقع أن يمدد حالة الطوارئ خلال بضعة أيام.
لا توجد حماية للمصريين ضد التعذيب وهو ممارسة روتينية منتظمة، حيث تحدث هذه الجرائم يوميا فى أقسام البوليس ومقار أمن الدولة وغيرها من مواقع الاحتجاز، بما فيها أحيانا السجون وحتى فى الطريق العام. حالات التعذيب موثقة بشكل جيد من قبل جماعة حقوق الإنسان المصرية والدولية بما فيها تقارير المجلس القومى لحقوق الإنسان ف مصر منذ 2003. وقد تمت محاكمة عدد قليل من الضباط المتهمين بارتكاب انتهاكات بعد ضغوط داخلية ودولية متزايدة. غير أن الآلاف من غيرهم لا يزالون يتمتعون بحصانة من العدالة. ولا توجد سياسة عامة أو خطة لمحاربة الظاهرة. والضباط المصريين يستخدمون القوة بشكل مبالغ فيه ولغير أسباب الضرورة ضد المدنيين. على سبيل المثال، حوالى 70 مهاجرا أفريقيا تم إطلاق النار عليهم منذ 2008 بينما كانوا يحاولون عبور الحديد إلى إسرائيل، وهى الحوادث التى تمر دون عقاب.
التشريع المصرى يسمح بعقوبة الإعدام فى عدد كبير من الجرائم فى قانون العقوبات والقانون العسكرى وقانون الأسلحة والذخيرة وقانون المخدرات ومكافحة تهريبها. فى ذات الوقت، المحاكم العسكرية فى مصر، والتى تصدر كل أحكام الإعدام فى قضايا غير ذات صلة بالإرهاب، لا تتيح أى إمكانية للاستئناف أمام كيان قضائى أعلى. والمتهم يتمتع فقط بالحق فى منازعة الأحكام أما محكمة النقض، التى يقتصر دورها فقط على تحديد ما إذا تم تفسير وتطبيق القانون بصورة ملائمة، دون اعتبار للوقائع أو الأدلة فى القضية.
ولعل الأكثر خطورة هو أحكام الإعدام العديدة التى تصدرها المحاكم الاستثنائية أو العسكرية نظرا لعدم توفير هذه المحاكم أدنى معايير المحاكمة العادلة، وقد أصدرت هذه المحاكم منذ 1992 على الأقل 137 حكم بالإعدام فى قضايا الإرهاب، على الأقل تم تنفيذ 67 منها.
وعلى الرغم من العديد من التطورات الإيجابية فيما يتعلق بحقوق المرأة فى مصر، فإن الوضع فى مصر لا يزال مقلقا. فالمصريات يعانين من تمييز خطير فى التشريعات كقوانين الأسرة والعقوبات والعمل، هذا فضلا عما يلاقينه من عنف وتمييز فى الحياة العامة والخاصة على السواء.
الإقصاء السياسى هو الكلمة المناسبة لوصف حالة المشاركة السياسية فى مصر. حيث تنفرد النخبة الحاكمة بالسلطة السياسية طيلة عقود دون أى نوع من المساءلة الحقيقية، والمصريون يواجهون انتهاكات خطيرة لحقهم فى المشاركة فى الحياة العامة عبر الانتخابات، فأولئك الذى يودون فى ممارسة هذا الحق عليهم تجاوز نطاق عريض من القيود والانتهاكات المرفوضة من قبل الأمن والسلطة التنفيذية. التعديل الدستورى الأخير وضع عددا من القيود التى تجعل من المستحيل مشاركة أى مرشح مستقل فى الانتخابات. الانتخابات البرلمانية فى 2005، التى راقبتها لجنة برئاسة وزير العدل، كانت مسرحا لعنف شديد خلف 13 قتيلا بعد فرض قوات الأمن المركزى كردونات أمنية على مراكز الاقتراع أعاقت وصول المرشحين. فرز الأصوات وإعلان النتائج شهدا كذلك تدخلات أمنية وإدارية عنيفة تم خلالها تجاهل العديد من الأحكام القضائية خلال انتخابات مجلس الشورى فى 2007، منعت قوات الأمن المرشحين المحتملين من الوصول لأماكن التسجيل وأهانت مراقبى المجتمع المدنى وألقت القبض على مرشحى المعارضة ومحاميهم الذين حاولوا تقديم أوراق ترشيحهم نيابة عنهم. نتيجة الانتخابات تكشف بوضوح نتيجة التدخل، فمن بين 88 مقعدا شاغرا، حصد الحزب الوطنى الديمقراطى الحاكم 84. كما ذهبت ثلاثة مقاعد من بين الأربعة المتبقية لمرشحين ذوى صلات بالحزب الوطنى كذلك. كما شهدت الانتخابات المحلية فى 2008 عدة انتهاكات صارخة للانتخابات التى شهدتها البلاد: كانت النتيجة "فوز" الحزب الوطنى الديمقراطى بنسبة 99.13% من المقاعد. وفى التعديلات الدستورية التى أدخلت فى 2007، ألغت الحكومة الإشراف القضائى على الانتخابات بعد المحاولات الدؤوبة والشجاعة من قبل العديد من القضاة للكشف عن الأخطاء الانتخابية التى وقعت فى الانتخابات البرلمانية والرئاسية لعام 2005.
علاوة على ذلك، ينكر النص الدستورى الخاص بالانتخابات الرئاسية إمكانية توافر مرشحين جادين فى الانتخابات الرئاسية. وفى الواقع، يسمح هذا النص للمرشحين الذين يوافق عليهم الحزب الحاكم فقط. لقد قامت الحكومة بتطبيق العديد من السياسات والتكتيكات لإقصاء وقمع أى منافسين سياسيين محتملين. وتحاول الحكومة التسويق لفكرة أن المعارضة السياسية يسيطر عليها الإخوان المسلمون، وهذا غير صحيح. هناك مبادرات سياسية ليبرالية أخرى فى مصر يتم إقصائها أو قمعها. وفى أعقاب الانتخابات الرئاسية التعددية الأولى، تم اعتقال أيمن نور، المنافس السابق للرئيس مبارك فى الانتخابات وتوجيه الاتهام إليه فى قضية ذات أهداف سياسية. وعلى الرغم من إطلاق سراح نور فى 2009 لأسباب صحية، لا يزال محروماً من حق المشاركة السياسية، بل وحقه فى ممارسة عمله كمحام. ولقد تعرض هو ومؤيديه للضغط بشكل منهجى من قبل الحكومة، وأجهزة الأمن. وفى بداية 2010، أعلن محمد البرادعى، المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، عن استعداده للترشح فى الانتخابات الرئاسية القادمة، ولكن القيود الدستورية القائمة تقصيه من أية منافسة رئاسية مستقبلية. قام البرادعى ومؤيديه بتأسيس ائتلاف وطنى يناضل من أجل الإصلاح السياسى والانتخابات العادلة والتنافسية. وقد تم توثيق العديد من الحالات من قبل المجموعات الحقوقية التى تشير إلى الضغط المفروض على مؤيدى البرادعى. علاوة على ذلك، فإن القمع المستمر للإخوان المسلمين قد ضيع أى فرص قائمة للمشاركة فى حوار مع المجموعة لضمان التزامها بالمبادئ الديمقراطية والمبادئ الأساسية لحقوق الإنسان. وللأسف، من المرجح أن يعزز هذا القمع الصفوف المتشددة داخل الجماعة على حساب الإصلاحيين.
لا يتمتع المصريون بحرية تشكيل أحزاب سياسية. يخضع التشكيل السياسى لقيود مشددة يفرضها قانون الأحزاب السياسية لسنة 1977، والذى يمنح مزايا شاملة للجنة شئون الأحزاب، والتى يسيطر عليها الحزب الحاكم. وتتولى اللجنة مسئولية اعتماد الأحزاب الجديدة، ويمكنها تعليق أنشطة أى حزب.
ويمنح ذلك الحزب الحاكم القدرة على اختيار المنافسين السياسيين أو القضاء عليهم. وفى الواقع، رفضت اللجنة ترخيص ما لا يقل عن 75 حزباً. وبالإضافة إلى ذلك، أصدرت قرارات بتجميد بعض الأحزاب وعملت على بث الخلافات الداخلية فى أحزاب أخرى من خلال دعم طرف دون الآخر، بما يمثل انتهاكاً للقانون.
تخضع حرية إنشاء الجمعيات فى مصر للحصار. فلعدة عقود، حرم المصريون من الحقوق الأساسية لتشكيل الجمعيات السياسية أو المدنية. ويعد ذلك فى واقع الحال جزءاً من الإستراتيجية السلطوية للحكومة للسيطرة على المجتمع بأكمله وإضعاف المبادرات الاجتماعية التى تعمل بمعزل عن الدولة. لقد تبنت الدولة مجموعة من التشريعات والسياسات المقيدة التى قوضت تطور مجتمع سياسى ومدنى فعال. يفرض قانون الجمعيات قيود صارمة بحيث يضع المنظمات غير الحكومية تحت الوصاية الكاملة للحكومة وأجهزة الأمن الحكومية. لهذا السبب، تم إنشاء العديد من المنظمات غير الحكومية كمؤسسات قانونية أو شركات غير ربحية لتجنب ذلك القانون الذى لا يستهدف فقط مجموعات حقوق الإنسان، بل مئات من منظمات التنمية والمؤسسات الخيرية التى تعرضت للهجوم بموجب القانون. ووفقاً لهذا القانون، يسمح لسلطات الدولة التدخل بشكل منهجى فى الشئون الداخلية المالية والإدارية للمنظمات غير الحكومية. وعلى الرغم من أن القانون لا يمنح أمن الدولة أية سلطات على المنظمات غير الحكومية، لوحظ أن الأمن يمارس سلطات كاملة على أعمال المنظمات غير الحكومية. ومنذ عام 2008، أعلنت الحكومة أن القانون سيتم تعديله، ولكن إلى الآن لا توجد مسودة رسمية تمت مناقشتها مع الأطراف المعنية. إلا أنه وفقاً للبيانات الرسمية فى الصحف المصرية، فإن التعديلات القادمة ستعيد إنتاج القانون السلطوى القائم. فعلى سبيل المثال، من المرجح أن تحل هذه التعديلات الجديدة جميع المنظمات غير الحكومية العاملة حالياً خارج نطاق قانون الجمعيات، مثل الشركات غير الربحية، وإجبارها على التسجيل بموجب قانون الجمعيات. كما ستزيد التعديلات الجديدة قوى الاتحاد العام للجمعيات الأهلية، وهو كيان حكومى أنشأه النظام العسكرى فى الستينيات للسيطرة على المنظمات غير الحكومية، ووضعها تحت الرقابة الحكومية. يتم تعيين رئيس هذا الاتحاد وثلث أعضائه من قبل رئيس الجمهورية. ومن الجدير بالذكر أن الرئيس الحالى لهذا الاتحاد يتبنى مواقف مسيئة ضد منظمات حقوق الإنسان. وفى مقابلة صحفية، اتهم المجموعات الحقوقية بكونها تهديداً للأمن القومي، وبرر الحاجة لتقييد عملها.
لا يتمتع المصريون بحرية تشكيل اتحادات عمال مستقلة. يضع القانون جميع هذه الجمعيات تحت إشراق وزارة القوى العاملة، ويمنح الوزارة الحق فى معارضة تشكيل اتحادات العمال أو التدخل فى المنظمات وإدارة انتخابات الاتحادات. ويحرم هذا التدخل الإدارة، بالإضافة إلى التدخلات الأمنية، الآلاف من العمال من حقوقهم فى الترشح وإدارة مجموعات عريضة من الناخبين، بما يعزز سيطرة العناصر المؤيدة للحكومة على جميع مستويات اتحادات العمال الرسمية. ومع زيادة استخدام عقود العمل المؤقتة، تشكل العمالة المؤقتة الآن جزءاً أساسياً من قوى العمل، وهذه الشريحة من العمال تحرم من الحق فى التنافس فى الانتخابات فى اتحاد العمال الرسمي. علاوة على ذلك، أتاح قانون النقابات المهنية للحكومة تجميد الانتخابات لمدة 14سنة فى 12 نقابة مهنية.
وفيما يتعلق بحرية الرأى والتعبير، تواصلت الانتهاكات والقيود، على الرغم من نجاح الإعلام فى الحصول على هامش أكبر من الحرية فى الصحافة فى السنوات الأخيرة. وتعد البيئة القانونية للإعلام مقيدة، لا يزال الصحفيون يحالون إلى محاكم الجنايات فى قضايا النشر. كما أصبحت الانترنت فضاءاً جديداً للقمع. لقد تم التحرش بالعشرات من المدونين وأنشطة الانترنت وتم اعتقالهم فى ظل حالة الطوارئ.
تراجعت حرية الدين والمعتقد فى العقود الأخيرة مع استمرار الحكومة فى فرض قوانين وسياسات تفرض التمييز على أساس الدين أو الإيمان، خاصةً ضد الأقباط، الذين يشكلون 8 إلى 10% من السكان. ولعل من أبرز أشكال التمييز هى تلك ذات الصلة بحرية المشاركة فى الشعائر الدينية، وإقامة أو تجديد الكنائس، والقيود المفروضة على الحق فى اختيار أو تغيير ديانة أو معتقد الفرد، وبعض التدابير التمييزية ضد غير المسلمين فى الأحوال الشخصية. علاوة على ذلك، يتمتع الأقباط بتمثيل ضعيف فى الوظائف العامة، والمجالس البرلمانية والمحلية. كما يواجه معتنقو الديانات غير المعترف بها من قبل الدولة، وبالأساس البهائيين المصريين، التمييز أيضاً. واصلت أجهزة الأمن التحرش بالأفراد أو إلقاء القبض عليهم بسبب معتقداتهم الدينية، بالإشارة إلى جريمة "احتقار الديانات السماوية" المشار إليها فى قانون العقوبات. يتيح هذا النص للأجهزة الأمنية التحرش بالمنتمين أو مؤيدى معتقد دينى لا يتسق مع التفسير الرسمى للإسلام، بما فى ذلك المسلمين الشيعة، وغيرهم من معتنقى العقائد التى تتعارض مع التفسير الشائع للإسلام، مثل القرآنيين. ولعل الخطر الأشد فى مجال الدين هو الفشل الصارخ للدولة فى منع التعصب الدينى، المتمثل بالأساس فى التحرش بالأقباط، ومؤخراً البهائيين. كما لا توضح الأجهزة الأمنية أى اهتمام بتتبع المد المرتفع للاضطرابات الطائفية والعنف بين المسلمين والأقباط، حتى مع زيادة الهجمات الطائفية وانتشارها جغرافياً فى أنحاء البلاد.
توصيات:
‌أ. يتطلب إحياء سياسة الجوار الأوروبية عددا من الحوافز والشروط القائمة على نظام الأداء المقارن والمساءلة، فالحوافز لازمة لتغيير الحسابات السياسية للنخب الحاكمة فى منطقة المتوسط. وفى هذا الاتجاه، يجب أن يعمل الاتحاد الأوروبى على نقل خبراته الطويلة فى دفع الإصلاح فى الدول الأخرى التى كانت تخطط للانضمام للاتحاد الأوروبى.
‌ب. تطلب الحكومة المصرية تعزيز العلاقات الثنائية مع الاتحاد الأوروبي، يجب أن يكون ذلك بشروط واضحة للتنفيذ الواضح لخطة العمل الخاصة بحقوق الإنسان والديمقراطية، بما فى ذلك:
1) الإنهاء الفورى لحالة الطوارئ.
2) إنهاء التحرش بالنشطاء السياسيين والمدونين.
3) ضمان حرية التجمع للمنظمات غير الحكومية، والأحزاب السياسية، واتحادات العمال.
4) الالتزام بالمعايير الدولية للعدالة والتنافسية فى الانتخابات بما فى ذلك تعديل المادة 76 للسماح للمرشحين المستقلين خوض الانتخابات الرئاسية والحصول على مراقبة دولية للانتخابات.
5) إعلان خطة عامة ورسمية لمكافحة التعذيب، وسوء المعاملة، والاستخدام المفرط للقوة.
6) ضمان الحقوق الأساسية للأقليات الدينية
‌ج. يجب أن تضع المفوضية الأوروبية خطة تقييم تفصيلية لمتابعة تنفيذ خطة العمل، ووضع المؤشرات لمتابعة الالتزامات الحكومية، والتى تتلقى بناءً عليها الحكومات المساعدات المالية فى إطار أدوات سياسة الجوار. ومشاركة المجتمع المدنى المحلى والإقليمى فى هذه العملية بشكل مستمر.
‌د. يجب أن تشارك المفوضية الأوروبية بشكل منهجى المعلومات مع مؤسسات المجتمع المدنى، خاصة المعلومات الخاصة بمشروعات سياسة الجوار، واجتماعات اللجان الفرعية، وتقديم الأولوية لحماية المدافعين عن حقوق الإنسان وحرية واستقلال مؤسسات المجتمع المدنى.
‌ه. وضع حقوق الإنسان كأولوية فى أى محادثات سياسية أو دبلوماسية بين الاتحاد الأوروبى والحكومة المصرية، والتشاور مع المجتمع المدنى فيما يتعلق بالأولويات التى ستتم مناقشتها فى الاجتماعات.
‌و. يجب أن يشكل البرلمان الأوروبى بعثة رفيعة المستوى للانتخابات البرلمانية والرئاسية القادمة.
‌ز. يجب أن تضع المؤسسات الأوروبية والبرلمان الأوروبى والمفوضية الأوروبية مصر تحت المراقبة فى العامين القادمين، بالوضع فى الاعتبار حقيقة أن الانتخابات البرلمانية والرئاسية، والمخاطر المتوقعة التى سيواجهها المدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية.
أخيراً، فإن تعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان فى مصر، وغيرها من دول المتوسط وثيق الارتباط بالمصالح الإستراتيجية، والأمن والاستقرار فى أوروبا. وسيؤدى الوضع المتدهور فى المنطقة إلى ظهور المزيد من الإرهابيين والراديكاليين ممن يهددون القيم الأساسية للديمقراطية. كما سيزيد تدفق الهجرة غير الشرعية لأن الأفراد يعيشون فى بيئة طاردة لا تضمن الاحتياجات الأساسية الإنسانية. الحل ليس فى الاتحاد مع الاستبداد، ولكن بالاستجابة لتطلعات الشعوب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.