إذن الفوارق والاختلافات التى تباعد قدر المسافة بين السماء والأرض، ما بين عربدات وبلطجات وجرائم فتية وفتيات الإخوان الحالية فى الجامعات، وبين الحركة الطلابية التى تتألق حلقاتها ومحطاتها المختلفة بين دفتى التاريخ المصرى الحديث، هى الآتى باختصار: أولًا: الحركة الطلابية لعبت دائمًا دور ضمير الشعب ومخزن طموحاته وتطلعاته وأهدافه الراقية النبيلة، ابتداء من الاستقلال والتحرر الوطنى مرورًا بالعدالة الاجتماعية وانتهاء بمقاومة الظلم والقهر وإشاعة الحرية والديمقراطية، وفى المقابل فإن العربدات الإخوانية الجامعية التى تصفع عيوننا مشاهدها القبيحة هذه الأيام لا يبدو لها أى هدف سوى التخريب والتعويق ومحاولة لا تخلو من جنان رسمى لمعاقبة المصريين على ثورتهم الأسطورية التى نزعت «مرسى» جماعة الشر وباقى العصابة من بدن الدولة والمجتمع.
ثانيًا: وارتباطًا بالفارق الخطير السابق، فإنه بينما انتفاضات ونضالات طلاب مصر كانت على الدوام تستقطب وتتألف من طيف طلابى واسع ولا يتحكم فيها أتباع حزب أو جماعة أو تيار سياسى وفكرى واحد، فإن شريط صور العربدة والإجرام المتتابع أمام عيوننا الآن بطله الوحيد تلك القطعان المسلوبة الإرادة والعقل والمشوهة روحًا وخلقًا التابعة لجماعة الشر والخارجة بالأوامر من كهوفها المظلمة.
ثالثًا: ولهذا السبب تعانى حركة «الإخوان» التخريبية الطلابية من مظاهر «أنيميا حادة» وفقر مدقع وصل إلى درجة ليس لها مثيل من الانكشاف والعراء التام، ليس فقط من أى غطاء جماهيرى أو تعاطف شعبى، وإنما أيضًا بدت القطعان الإخوانية داخل أسوار الجامعة رثة وبائسة ومجففة ومعزولة عزلة موجعة عن محيطها الطلابى.. وهذا أمر ليس غريبًا على تاريخ جماعة الشر، إذ ظلت على مدى سنين عمرها الذى طال أكثر مما ينبغى، غريبة ومنبوذة وبعيدة تمامًا عن صفوف الحركة الوطنية عمومًا والحركات الطلابية خصوصًا، وبقيت كل علاقتها بهذه الأخيرة أن الطلاب المنتمين إليها كانوا يشاركون الأمن والمباحث فى ضرب وقمع زملائهم المنتفضين!!
رابعًا: ولعل هذه العزلة وتلك الغربة القاسية عن الوطن وأهله بمن فيهم الطلاب وحركاتهم النبيلة الراقية هى سر خروج قطعان فتية وفتيات الإخوان عن أبسط أصول التهذيب وحسن التربية، وصدامهم المروع مع أعظم المبادئ والتقاليد التى راكمها طلاب مصر على مدى حقب وعهود وسنين طويلة من الكفاح والنضال، كان سلاحهم الوحيد فيها هو السلمية ومواجهة عنف السلطة وغشمها بصدور عارية وسلوك راقٍ حافظ على نقاء وطهارة وجمال صورتهم وابتعد بها عن قبح وبشاعة التخريب والبلطجة واجتراح آيات معجزات من السفالة والبذاءة وقلة الأدب.. تلك التى يصدمنا حاليًّا ويوميًّا فيض مشاهدها المسجلة بالصوت والصورة.
خامسًا وأخيرًا، فإن من أوضح مظاهر الاختلاف والتناقض الشديد بين حركة عصابات وقطعان فتية وفتيات الإخوان الحالية فى الجامعات والحركة الطلابية المصرية بتاريخها العريق، أن هذه الأخيرة كانت دائمًا وفى كل حلقاتها منذ مطلع القرن الماضى «حركة واعية ومثقفة» وذات نزعة وسمات تقدمية لا تخطئها عين، بينما نظرة واحدة على مناظر القطعان الإخوانية تفضح حجم الجهل والرجعية والجلافة والسوقية التى تطبعها وتلون سلوكها وتجعله يكاد يتفوق على أسوأ وأحط سلوكيات وتصرفات عصابات الشوارع.
الخلاصة.. أن مجرد المقارنة بين الظاهرتين إهانة لأنصع وأنبل ما فى تاريخنا، وربما عار لا يمحوه الدم!!