العدل والمساواة في القاهرة وحركة التحرير في ليبيا والديمقراطية في الدوحة تطالب بتقرير المصير خليل إبراهيم زعيم العدل والمساواة فى زيه العسكرى في محاولة لاستكمال حلقات مسلسل لا تنتهي أحداثه تسعي عدة دول إقليمية لبذل جهود حثيثة لإكمال العملية السلمية في دارفور من أجل إنهاء الصراع في الإقليم المضطرب غربي السودان، ورغم تعدد هذه المبادرات فإن قضية دارفور تظل بين مطرقة تبادل الاتهامات بين الحكومة والحركات المسلحة من جهة، وسندان التدخلات الخارجية الإقليمية والدولية من جهة أخري،لتصبح في نهاية المطاف دماء ضحايا حرب دارفور «مفرقة» علي طاولات التفاوض للوصول إلي حل طال انتظاره، لأناس يدفعون أثمان جرائم حرب استمرت لأكثر من ست سنوات لم يكونوا طرفاً فيها؛ حيث بلغت أعدادهم بحسب إحصائيات الأممالمتحدة 300 ألف قتيل، وحوالي مليوني ونصف نازح، وعشرة آلاف فقط حسب تقدير الحكومة وأيا كان الرقم؛ فشعب دارفور ينتظر وضع حد لما جري وما زال يجري لهم من تحمل أهوال الحرب التي وإن انتهت فلا تزال تبعاتها مستمرة، وفي إطار الوصول لإيضاح مستقبل التفاوض حول أزمة دارفور تواصلت «الدستور» مع عدد من قيادات دارفور المختلفة والموجودة في القاهرةوطرابلسوالدوحة لمعرفة مواقفهم بشأن خطط السلام. وفي هذا السياق تحدث «بشارة سليمان» مستشار خليل إبراهيم رئيس حركة العدل والمساواة عن موقف حركته في اتصال هاتفي ل«الدستور» من القاهرة، حيث يزور وفد من العدل والمساواة القاهرة الآن للقاء السلطات المصرية للتشاور والوصول إلي حلول لإيجاد مخرج لأزمات السودان ككل، بحسب حركة العدل والمساواة التي أكدت أن زيارتها لمصر أكبر من بحث عن منبر بديل للدوحة،وهو الأمر الذي أوضحه بشارة سليمان قائلا في تصريحات خاصة للدستور : «جمدنا اتفاق الدوحة مع الحكومة لأسباب عديدة أولها: أن الحكومة السودانية هي التي خرقت الاتفاق، بل إنها بدأت تشن الآن حرباً شاملة في كل ولايات دارفور، ليس علي حركة العدل والمساواة فقط، وإنما علي المواطنين أيضا، وأضاف سليمان أن حركته قد أوضحت موقفها حول هذا الأمر للوساطة من قبل؛ حيث طالبت العدل والمساواة بالتزام الحكومة بتنفيذ الاتفاق الإطاري الذي وقعته معها مؤخراً في الدوحة، واصفاً الوساطة القطرية و«جبريل باسولي» الوسيط الأممي المشترك للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي ب«الضعيفة»، وأصر علي وصف باسولي بأنه مسلوب الإرادة حيناً من المبعوث الأمريكي للسودان الجنرال المتقاعد «سكوت جرايشن»، وحيناً من الوساطة القطرية نفسها، ورهن مستشار خليل قبول حركته لاستئناف التفاوض من جديد في الدوحة بإصلاح سياسي كامل للمنبر، مشدداً علي أنه لابد أن يكون هناك فرق بين الوسيط والدولة المضيفة، وأعرب سليمان عن رفض حركته لوجود أكثر من مسار في التفاوض، مؤكداً أن حركته لن تقبل مساراً ثانياً للتفاوض، وكشف سليمان أن حركة العدل والمساواة قد طرحت بالفعل صيغة لتكوين جبهة عريضة تضم كل الحركات المسلحة مشابهة لجبهة الخلاص؛ بحيث تحتفظ كل حركة باسمها، ولكن في جبهة واحدة، موضحاً أن الحركة سلمت هذا المقترح للوساطة القطرية ولكل الحركات المعنية، مستنكرا موقفها بأنها لم ترد حتي الآن، واتهم سليمان حكومة الخرطوم بأنها تحشد مجموعات أمنية وحكومية ونظار قبائل في الاتفاق بأسماء مختلفة تحت مسمي المجتمع المدني بدلاً من أن تجتهد في تنفيذ الاتفاق وإكماله بحسب مستشار رئيس الحركة الذي جدد تأكيداته علي موقف حركته بعد إعلانها تجميد التفاوض في الدوحة بأنها لن تعود إلي قطر إلا بعد معالجات حقيقية ومنهجية للتفاوض. وحول موقف العدل والمساواة بعدم الاعتراف بالحركات الأخري في دارفور قال سليمان «لم نر أي حركة تقاوم غيرنا والتيجاني السيسي ليس له علاقة بحرب دارفور وهو من دارفور، لكنه لا يمكن أن يمثل سوي المجتمع المدني؛ في حين أن الحركات توجد في الدوحة باعتبارها مسلحة، والدليل علي ذلك أن السيسي يزور الخرطوم وهو كان موظفاً في الأممالمتحدة حتي فبراير 2010». وأضاف «المفاوضات تكون بين المتحاربين الذين يحملون السلاح ولكن السيسي حركته تكونت خلال شهرين في الدوحة، ووفد الحكومة في الدوحة يدعو الحركات للانضمام إلي حركة وليدة»، كما وصف القيادي بحركة العدل والمساواة حركة التحرير والعدالة بقيادة التيجاني السيسي بأنها «مشروع مؤتمر وطني» حكومي تأسس علي وعد بإعطائه منصباً حكومياً في الحكومة الاتحادية الجديدة. ورأي سليمان أن الوفد الحكومي السوداني في الدوحة يتمني الوجود في الدوحة أطول فترة ممكنة، ووصفه بأنه مجرد بوق للحكومة وليس لديه أي علاقة بالقرار، ولا يدري ما يحدث في الحكومة من الأساس،وقال «أما نحن فوفدنا مفوض تفويضاً كاملاً لكي نأتي بالسلام ، لم نتحدث مع القاهرة عن منابر بديلة، وإن الدور المصري هو الأهم في كل القضايا السودانية وليست قضية دارفور فقط» وأضاف «نحن نعلم أن المصريين يهتمون بالحلول الشاملة، وواحدة من مشكلات الدوحة أنها لا تهتم ولا تتحدث سوي عن دارفور فقط، وإنما مصر لديهم اهتمام أكبر بالحل الشامل» مؤكداً اهتمامهم في الحركة بوحدة السودان، كما أكد رؤيتهم أن مصر تستطيع وقادرة علي أن تلعب دوراً في الوحدة، وأبان أن مصر قادرة علي أن تجمع كل فرقاء السودان بمبادرة أو مؤتمر لكل القوي السياسية السودانية بما فيها مشكلة دارفور ومشكلة الوحدة، وأضاف «نحن نعترف بتقرير مصير الجنوب لكن نري أن فرص الوحدة أفضل للجميع». في المقابل قال التيجاني السيسي رئيس حركة التحرير والعدالة في اتصال هاتفي للدستور من العاصمة الليبية طرابلس : إن وفداً من حركته غادر الدوحة متوجهاً إلي طرابلس استجابة لدعوة من العقيد معمر القذافي قائد ثورة الفاتح، موضحاً أن الزيارة جاءت بغرض تقديم شكر لليبيا علي دورها الإيجابي في توحيد أبناء دارفور، وأكد السيسي أن موقف حركته من الدوحة استراتيجي، مشدداً علي أن التحرير والعدالة ملتزمة بمنبر الدوحة شكلاً ومضموناً، وأشار إلي أن حركته قد استلمت خطاباً مكتوباً من الوساطة قبل مغادرة الدوحة، مفاده أن الوفد السوداني سيعود لاستئناف التفاوض في منتصف مايو الحالي نسبة لانتهاء الانتخابات، كما رفض السيسي التعليق علي زيارة العدل والمساواة للقاهرة واكتفي بالقول : إن موقف العدل والمساواة خاص بها، لكننا نري أنه من الأفضل لها مراجعة هذا القرار؛ لأن الدوحة هي المنبر المعترف به إقليمياً ودولياً من الاتحاد الأفريقي والجامعة العربية وكل دول الجوار. من جهة أخري فجر «شرف الدين محمود» الناطق باسم حركة العدل والمساواة الديمقراطية بقيادة إدريس أزرق مفاجأة من العيار الثقيل في اتصال هاتفي ل(الدستور) من الدوحة كاشفاً عن توجه حركته للمطالبة بتقرير مصير دارفور والمطالبة باستقلالية الإقليم في حال استمرار الأوضاع علي هذا النحو، موضحاً أن حركته لم تنضم تحت لواء العدل والمساواة أو التحرير والعدالة، وأنها ما زالت ضمن مجموعة خارطة الطريق التي توحدت في أديس أبابا بحضور جرايشن والتي تضم أربع حركات دارفورية وهي : «حركة العدل والمساواة الديمقراطية بقيادة إدريس أزرق، وحركة تحرير السودان -مجموعة منشقة عن عبد الواحد نور- وحركة تحرير السودان قيادة الوحدة بزعامة عبد الله يحيي بالإضافة إلي جبهة القوي الثورية بقيادة إبراهيم الزبيدي». واعتبر محمود أن الوساطة الأممية والقطرية ارتكبت خطأً منهجياً في التعاطي مع حل أزمة دارفور، باعتبار أنها كرست لمحاور متعددة في الحل، وأضاف أن حركته تري أنه من المفترض أن يكون هناك مسار موحد للحل، وإن لم يحدث ذلك، فلابد من قبول الوساطة لمطلب حركته بإنشاء مسار ثالث طالما قبلت بوجود مسارين. بينما رأي «مني أركو مناوي» كبير مساعدي الرئيس السوداني ورئيس السلطة الانتقالية في دارفور، أن مستقبل التفاوض يبدو غامضاً حتي الآن، مؤكداً أنه مع التفاوض أياً كان موقعه، وأضاف مناوي في تصريحات خاصة ل (الدستور) أنه يجب أن تكون هناك إعادة ترتيب للتفاوض، كما وجه رسالة لكل الحركات الدارفورية المسلحة بأن تجلس وتتشاور فيما بينها للدخول في منبر واحد برؤية تفاوضية مشتركة، وأشار مناوي إلي أن تعدد المنابر يضر بالتفاوض وبمستقبل السلام، ودعا لتضافر الجهود الإقليمية والدولية من أجل حل الأزمة في أقرب وقت ممكن، وفي الوقت نفسه قال مناوي إن طول أمد التفاوض يؤكد أن الحركات ليست لها قضية مركزية أو رؤية موحدة، موجها أصابع الاتهام لكثير من قيادات الحركات بأن لهم مطالب ذاتية ليست من أجل القضية. مضيفا أنها تحاول الزج بدارفور في الحرب، كما اعتبر حركة العدل والمساواة مثالاً لذلك، موضحاً أنها بدأت تحرق لمدة ثلاثة أيام علي التوالي بمناطق في جنوبالفاشر مثل «شنقلي طوباي، ودار السلام، وأبو زريقة مراكز الاتصالات في هذه المناطق الثلاث واصفاً حركة العدل والمساواة بأنها عبارة عن مجموعة من أصحاب الغايات المتفاوتة تحاول الزج بدارفور والحكومة في حرب بغض النظر عن معاناة المواطنين، واختتم مناوي حديثه قائلا : «العدل والمساواة ما عندها أي موضوع».