أعرف كثيرين يتركون كل شيء وكل سمة وخصلة مقرفة في نظام الحكم التعبان بتاعنا ويمسكون فقط في حكاية إصراره علي أن يسمي حزب سيادته وينعته ب«الوطني الديمقراطي» دون أي مناسبة ولا قرينة تدل علي وجود ولو فتفوتة «ديمقراطية» أو مثقال ذرة «وطنية» باستثناء وطنية الرقاصة طبعاً في المصيبة السوداء التي نعيشها مع جنابه منذ أتت به الشياطين الزرق قبل «عشروميت» سنة حتي الساعة. هؤلاء المشككون في المؤهلات والقدرات الوطنية والديمقراطية للنظام وحزبه لابد أنهم يراجعون أنفسهم الآن ونحن نودع أسبوعاً إسرائيلياً بامتياز فاضت فيه مظاهر «المقرطة» و«الوطوطة» (من الوطنية وليس الوطي والسفالة) حتي توارينا خجلاً وكسوفاً، فقد بدأ الأسبوع ونحن مازلنا نلعق عار الجدار الفولاذي الذي تنفق عليه الحكومة حالياً مئات ملايين الدولارات من أموال المصريين الفقراء لكي تسد به منافذ الرحمة علي أهلنا المحاصرين في قطاع غزة، لكنهم عاجلونا بأنباء ما فعلوه مع قافلة مساعدات إنسانية نظمها متطوعون أجانب جاءوا من أصقاع وبلدان بعيدة مدفوعين بضمير وحس إنساني مرهف لكي يمدوا «شريان حياة» لسكان القطاع المنكوب عبر منفذ رفح المصري، فقد تحدي حكامنا الأشاوس وتجاهلوا كل النداءات التي انهالت عليهم من كل صوب وحدب راجية السماح بعبور القافلة من ميناء العقبة الأردني إلي ميناء نويبع في جنوبسيناء ومنه إلي الشمال حيث المعبر غير الإسرائيلي الوحيد إلي غزة، وكانت حجة السادة الذين في النظام أن مسافة ال77 كيلو متراً التي ستقطعها القافلة في عمق صحراء سيناء من نويبع لرفح ربما يستغلها منظمو القافلة ومرافقوها الخواجات في ممارسة كما قال الوزير أبو الغيط «الصياح» ضد إسرائيل، الأمر الذي من شأنه أن يزعج جداً العفاريت «الوطنية الديمقراطية» المنتشرة في المنطقة وقد يموتها من الحسرة والحزن علي الست «سيادة» التي أضحت حالياً تنافس شقيقتها «وطنية» في استعراض مفاتنها علي رواد كباريه صهيون. وما كاد الأسبوع ينتصف حتي صفعنا النظام بموقف «وطني» أشد ترويعاً وغباوة عندما كشف بغير حياء عن قدراته وعوراته «الديمقراطية» التي نعرفها عز المعرفة أمام مئات الناشطين الخواجات الذين توافدوا علي القاهرة وكل غايتهم ومنتهي أملهم أن يتيسر لهم ركوب حافلات (يدفعون هم أجرتها) توصلهم إلي معبر رفح ليمروا من هناك، سيراً علي الأقدام، إلي غزة المحاصرة الجائعة في مسيرة سلمية تضامنية تذكر العالم بأهوال الحرب الإجرامية البشعة التي شنها العدو العام الماضي علي أهلنا العزل في القطاع وتُنبه الضمير الإنساني كذلك إلي الجريمة البشعة المستمرة ضدهم والمتمثلة في حصارهم ومحاولة إبادتهم بالقتل البطيء من الجوع ، بيد أن «وطنية» وأختها «سيادة» لم تكتفيا باستخدام كل الأساليب الصبيانية والبوليسية لمنع هؤلاء الناس من الوصول لمعبر رفح وإجبارهم علي التمتع بحياة التشرد اللذيذة في شوارع عاصمة مصر أياماً وليالي طويلة، بل أمعنتا في إغاظتنا نحن وهم والإنسانية جمعاء، من خلال تعمدهما إحياء حفلة «وطنية بارتي» صاخبة أقيمت في القصر الرئاسي علي شرف اثنين من عتاة المجرمين الصهاينة (بنيامين نتنياهو وبنيامين أليعازر) تخليداً لذكري الحرب الإسرائيلية الباسلة علي غزة، وبالمرة تأكيد تسامح «مصر الجديدة» وإخلاصها ل«العملية» لدرجة نسيان جريمة قتل مئات الأسري المصريين العُزل ودفنهم أحياء بمشاركة مشهورة ومشكورة من صديقهم أليعاذر الذي طفح السم الهاري علي مائدة الرئيس مبارك وتباحث (هو ونتنياهو) مع سيادته مباحثات وصفها أبو الغيط بأنها كانت «إيجابية للغاية» قوي جداً خالص!! وعلي ذكر أبو الغيط فقد كانت نيتي أن أختم هذه السطور بعينة لطيفة من تصريحاته التي يحلو للثنائي «وطنية» و«سيادة» الرقص والهز في براحها المترامي، لكني تراجعت في آخر لحظة بعدما اكتشفت أن الأختين الحلوتين قدمتا «نمرة» أخري أكثر إثارة وإباحية علي «مسرح منوعات» صغير وجدته منتصباً في زاوية منسية بصحيفة الأهرام (عدد الثلاثاء الماضي)، ففي هذه الزاوية التي حملت توقيع الزميل حازم عبد الرحمن رأيت كلاً منهما «تتقصع» وتتلوي بعنف علي نغمات التحريض وحفز همة جيوش المباحث والبوليس والأمن المركزي لكي تتحرك فوراً وتسحق عظام الناشطين الأجانب المسالمين الذين يعتصمون علي رصيف السفارة الفرنسية و«رشهم بخراطيم المياه المخلوطة بالشطة واعتقال بعضهم إذا لزم الأمر» عقاباً لهم علي الإساءة لإسرائيل وعدم مراعاة مشاعر الأخ عبد الرحمن زميلنا !! كل عام وأنتم بخير.