انتظره الكثير بعد روايته «طلعة البدن» كأديب مختلف يتناول قضايا مختلفة لم يسلط عليها الأدب الضوء كثيرا، لكن غلب عليه كونه ناشطًا سياسيًّا، انشغل بالصراع مع السلطة تاركًا قلمه الأدبى، وممسكًا بالقلم الثورى، لكنه يصر على تأكيد أن ما يكتبه فى السياسة هو نوع من الأدب المتحرر من كهنوت الكتابة، الناشط المصرى كما يحب أن يُطلق عليه وليس السيناوى مسعد أبو فجر كان لنا معه هذا الحوار. ■ لماذا توجد بشكل افتراضى فقط عبر «تويتر» و«فيسبوك»؟
- ليس افتراضيًّا على الإطلاق، فالتواصل مع الناس عبر تلك الوسائل أصبح أكثر شهرة وسرعة واستخدامًا عن غيره من الوسائل، وأعتقد أننى لدىّ القدرة على أن أقول ما أريد عبر تلك الوسائل دون الحاجة إلى جلسات طويلة أو تعقيد أو ما يسمى ب«كهنوت الكتابة»، كما أتصور أن الكتابة قبل الإنترنت كانت لها «كهنوت»، لأن اللغة فى حد ذاتها كهنوت، وأنا لا أجد راحتى فى تلك الطريقة الكهنوتية الثقيلة.
■ أين أنت من الساحة الأدبية بعد «طلعة بدن»؟
- كل ما أردت كتابته عقب «طلعة بدن» كتبته، فالساحة الأدبية لا تقتصر على الكتاب أو الرواية أو القصة فقط، لكن ما أكتبه على «فيسبوك» هو أدب محرر من كهنوته أيضا، فالأدب كهنوت متولد من كهنوت أكبر، أحاول دائمًا الخروج منه، كما أحاول أن أواتى الواقع بعيدا عن القوالب الضيقة والكهنوتية، فالرواية كانت بنت المطبعة قبل أن تظهر وسائل الاتصالات التكنولوجية الحديثة، تلك الوسائل أدخلت تغييرات عديدة على الأدب فى طريقة التواصل معه واستقائه، وأنا أُفضِّل التواصل الحديث عن سلفه، حيث أصبحنا فى غير حاجة إلى أسس الكتابة القديمة من وضع شخصيات وعقدة ونمو وتطور للأحداث وما شابه، وأصبح النقل السريع أكثر أهمية ووجودًا، أما تلك الأسس القديمة أصبحت موجودة بشكل أكبر فى الأعمال السينمائية أكثر منها فى الأعمال الكتابية.
■ بدأت منذ سنوات فى كتابة رواية «كمائن متحركة» أين هى؟
- ما أكتبه عبر «فيسبوك» هو كل ما كنت سأضعه فى «كمائن متحركة»، فأعتقد أننى الآن لست فى حاجة إلى تدوينها بشكل كامل ونشرها للناس، فالحالات الإنسانية والأماكن والأحداث والتجارب وكل ما كنت أرغب فى كتابته فى «كمائن متحركة» أستطعت أن أخرجه بالشكل الذى أكتب به الآن عبر مواقع التواصل الاجتماعى، إضافة إلى أننى أصبحت أعتقد بأنه لا يفترض علىّ أن أكتب أو أعمل كتابًا إلا فى حالة واحدة هى العمل البحثى الأكاديمى، أما الكتابة بمفهومها الواسع فأصبحت من وجهة نظرى منتهية.
■ هل معنى ذلك أننا لن نرى مشروعات أدبية جديدة لك؟
- ليس لدىّ مشروع كتابى محدد أستطيع الجزم بأنى سأقدمه، فمشروعى المقبل قد يحدث وقد لا يحدث، وإن حدث سيكون عبارة عن خلطة لكل ما كتبته عبر مواقع التواصل، لتصبح كتابًا جديدًا مستقلًا، إضافة إلى بعض الأفكار التى لم يتسنَ لى كتابتها وتاهت وسط ازدحام الأحداث، إلا أن تقديم مشروع كتابى بهذا الشكل أمر غير هام بالنسبة لى، فأنا أحتاج إلى أن أحكى وأتحدث فى ما يهم الناس ويلامسهم دون أن أكتب شخصية وأنميها وأتابع خطها بنفس الصورة القديمة، وأعتقد أننى إذا كتبت رواية أو كتاب فلن يقرؤه إلا من يسمعنى من الدائرة المقربة لى، لأنى ليس لى جمهور خارق ومتفرع.
■ ألا تخشى الانقطاع وعدم الاستمرارية وتأثيرهما السلبى على الكاتب؟
- كنا من قبل نكتب روايات وكتبًا تطرحنا على الناس ونقدم أفكارنا بشكل متكامل من خلالها، لكن تغيير السياقات حولنا نتج عن ثورة الاتصالات التى جعلتنا لا نلجأ إلى الكتب بشكلها القديم، ونظل رغم ذلك موجودين ومطروحين، بل على العكس كتابة الأفكار المتدفقة السريعة والنقل المستمر لها عبر الوسائل الحديثة رسخ لاستمرارية الكاتب ووجوده بشكل دائم بين الناس، وهو ما جعلنا ننصرف عن الكتابة، وأنا بالفعل أحترم الكتاب والرواية والقطع التى تتم كتابتها بالطريقة القديمة ونفس سبلها، إلا أننى فى النهاية بدوى وابن الصحراء أعتدت الحكاية وإلقاء الشعر والحديث المستمر، وهو موجود بسهولة وسرعة فى «فيسبوك» والوسائل الشبيهة أكثر من كتابة الكتب، فأستطيع عبر تلك الوسائل الحديثة أن أنشر جميع الأخبار والصور والأحاديث والكتابة وغيرها.
■ كيف ترى الساحة الأدبية بعد الثورة؟
- أنا أتصور أن الثورة لم تنتج مفكريها وكتابها حتى هذه اللحظة، لكن السنوات القادمة ستشهد تقدمًا عظيمًا فى الكتابة والفن، فنحن لا نزال فى احتياج إلى مزيد من الوقت لتظهر الثورة فى الإبداع وتضفى ألوانها وأفكارها وتغييراتها العميقة عليه بكل صوره، فالثورة حدث عالمى يحتاج إلى المزيد من الوقت ليخرج ما بداخله، ويخلق السياقات الفنية والأدبية والسياسية، ويطور وينمى كل ما له علاقة بالإبداع من كتابة أو غناء أو رسم أو أى من أنواع الفنون، وأثق أن السنوات القادمة ستظهر لنا المزيد من العمق الأدبى والروح الثورية فى كل دروب الإبداع.
■ كيف ترى نشاط وزارة الثقافة؟
- وزارة الثقافة لا بد أن يتم إلغاؤها لأنها لا تقدم شيئا حقيقيًّا لا للثقافة ولا للمثقفين، فمجتمع المثقفين لا يحتاج إلى الوزارة فى شىء، كما أنها لا تقدم المطلوب منها حتى للمجتمع الثقافى وليس للمثقفين أنفسهم، وأعتقد أنه لا طائل من وراء استمرار وجودها ككيان فى الحقيقة لا يشارك فى شىء على أرض الواقع، 90% من المثقفين المصريين أو ربما أكثر ليس لهم علاقة لا بالوزارة ولا بالوزير مع احترامى لأى شخص يعتلى المنصب، ويقومون بأعمالهم بأنفسهم، لذا لا مكان للوزارة بين المثقفين، وربما حتى الأعمال الإدارية يمكن تجميعها ولا تحتاج إلى وزارة كاملة للقيام بها.