لماذا كل هذه القسوة مع بهاء صابر؟ وكالة «رويترز» نشرت صورة أربعة من رجال الأمن يمسكون الشاب بكل العنف الذي يصطاد به الوحوش فريسة.. يشعرون بالرعب منها.. الخوف من الفريسة يخلق حالة وحشية لا يمكن أن تكون إلا مع الأعداء. ماذا فعل بهاء صابر؟ عرفته فقط من الصور المزعجة التي نشرت له وهو محمول ممزق الملابس.. وعلي وجهه آثار لكمات لا يمكن أن تكون موجهة لمجرد منع شاب من التظاهر..أو من المطالبة بحق الناس في التعبير عن رفضهم النظام. والفضيحة كانت علنية..لم يعد التعذيب داخليًا.. ولكنه خارجي تحت مرأي ومسمع كاميرات وجمهور كبير رأي بهاء يُقتاد عاريًا إلا من ملابسه الداخلية في مساحة فارغة تمامًا يحيطها كردون أمني كما لو كانت هذه قاعة مسرح في الشارع لحفلة تعذيب علنية. حرب علي الشارع فعلا.. يريده الناس مفتوحا..وحرا للتعبير بينما تحوله وحوش النظام المفترسة إلي مسارح تعذيب. الشارع ملكية عامة..ليس ملكا للنظام وكلاب حراسته..والأوهام حول تعطيل المظاهرات للمرور لم تعد تخدع طفلاً صغيرًا، لأن الأمن نفسه يغلق الشوارع بالساعات لأن مسئولاً تافهًا يعود إلي منزله. المواكب الرسمية تعطل المرور وتعتدي علي حق المواطنين في الحركة دخل المدينة.. بينما المظاهرة حق للجميع للتعبير عن الرأي. لماذا التعذيب والاعتداء الجسدي والإهانة التي لا تمحي.. ويعتبرها العالم كله «جريمة» لا تسقط بالتقادم..؟ ما سر القسوة المفرطة؟ هل هو دفاع عن النظام؟ أم شعور بالضعف؟ أم رغبة في مزيد من الإذلال؟ بماذا شعر من سحل بهاء وجرجره في الشوارع وجرده من ملابسه وعبث بأصابعه في الجسد الواقع تحت سطوة قوة غشيمة لا ترحم؟ هل يشعر بأنه استعاد رجولة مفقودة عندما يضرب شابًا مقيدًا من فتوات البوليس؟ كيف عاد الضابط الذي أمر بانتهاك بهاء إلي بيته ورأي أولاده؟ هل شعر بأنه خدم الوطن.. أو حتي النظام؟ وكيف فسر لنفسه أنه أصبح بهذه الدرجة من الوحشية والغشم..؟ القسوة المفرطة هي الوجه الآخر من الأنانية المفرطة التي أفقدت النظام جهاز مناعته وقدرته علي استيعاب الشرائح الاجتماعية الغاضبة والمحتقنة بسبب السياسات العشوائية التي حولت الفساد إلي عمل يومي يتورط فيه الجميع بدرجات لم تعد محتملة. لا يفكر أحد في النظام.. إنهم يحركون الآلة الوحشية لتثير الذعر في الشوارع. ماذا يقولون للعساكر وعناصر الكاراتيه ليعتدوا بالضرب علي المواطنين؟ كيف يضمن الضباط الجالسون بجوار سيارة المرطبات.. ألا تنقلب هذه الآلة عليهم وتتعامل معهم بوحشية مضادة؟ هل لهذا العنف من نهاية؟ هل يعرف الضباط الذين يستمتعون بالتعذيب أو يُجبرون علي فعله أنهم معرضون لتهم لا تُمحي بالزمن؟ الواقع يقول إن بهاء صابر في أسر الأمن الآن محاصر بتهم مضحكة مثل «مناهضة النظام» أو «تعطيل المرور».. ومحروم من حقه في الدفاع عن نفسه ضد الآلة المتوحشة. لماذا حُرم بهاء صابر من العرض علي الطبيب الشرعي.. ثم أفُرج عنه فجأة؟ هل هي محاولة لأن يصبح الإفراج نعمة بعيدة عن التصور، وعندما تحدث فإن المعتقل يحمد الله وينسي جروحه؟ التعذيب العلني.. جريمة.. لن ينساها المصريون وإن نساها بهاء نفسه.. لن ينساها العالم الذي يطارد مرتكبي الجرائم ضد الإنسانية إلي آخر العمر. لماذا أصبح المصري أسيرًا في يد أجهزة لا تعرف القانون.. أسيرًا بدون حقوق؟ لا أعرف بهاء.. لكنني رأيت فيه وجه شاب متحمس فاض به الكيل ويبحث عن بلد.. محترم. علامات القسوة التي تركت آثارها علي جسد وروح بهاء...لن تمر بدون عقاب.