من الممكن أن يصدر النائب العام قراراً بالإفراج الصحي عن أي نزيل أصيب بأي وعكة صحية.. حتي ولو كان هذا النزيل هو السجين «توتي المبسوط» ابن أونكل «حمادة»... الذي يعاني «غزارة العرق» في الصيف نظراً لشدة الحرارة في السجن.... المهم أن قرار الإفراج الصحي قد يصدره النائب العام لهذا أو لذاك، ولكنه لا يمكن أن يصدره أبدا لأقدم سجين سياسي «نبيل المغربي» الذي يصارع الموت منذ سنوات داخل سجون مصر، بل لن يصدر إلا من رئيس الجمهورية لأنه صاحب الاختصاص مع النائب العام قانوناً... ومن هنا كان اعتذاري للسادة العاملين في رئاسة الجمهورية لأني سأشغل وقتهم بهذه المأساة وعليهم أن يحملوها إلي السيد رئيس الجمهورية مصحوبة بالتقارير الطبية والوثائق وإن لم يفعلوا فسوف أذهب بنفسي إلي حيث يقيم الرئيس وأعرض عليه الأمر....ذلك أن الأمر في غاية الجدية ولا موضع فيه للهزل.. والقصة ببساطة أيها السادة أن «نبيل المغربي» هو أقدم سجين سياسي في جمهورية مصر العربية.. فقد تم حبسه في عام 1979 بعد تحقيقات أمام المستشار «رجاء العربي» والذي كان في هذا العام قد تمت ترقيته إلي درجة المحامي العام لنيابة أمن الدولة العليا....وقد رق لحال السجين فأثبت له في محضر التحقيق وجود إصابات وبقع دماء علي ملابس المتهم ثم صرح له ولزوجته بإدخال ملابس نظيفة إلي مبني النيابة مع الطعام والعلاج. المهم..أنه وبعد حبس نبيل المغربي حدث اغتيال الرئيس الراحل «أنور السادات» في 1981 وما تبع ذلك من محاكمات وبالرغم من وجود السجين نبيل المغربي في السجن قبل حادثة الاغتيال بعامين فإنه تم إلحاقه في قائمة المتهمين في القضية المشار إليها والتي كانت تحمل رقم 462 لسنة 1981 أمن دولة عليا وصدر الحكم فيها علي «نبيل المغربي» بالأشغال الشاقة المؤبدة... في عام 1986 خطط بعض النزلاء للهرب من «سجن طرة» وهربوا بالفعل إلا أن نبيل المغربي لم يهرب معهم ومع ذلك فقد حصل علي حكم إضافي بالسجن لمدة ثلاث سنوات بينما تم قتل وإصابة الهاربين بعد أيام من البحث عنهم... وبهذا ووفقاً للآلة الحاسبة وحسب ما ظهر علي شاشتها يكون مجموع السنوات التي يجب أن يقضيها نبيل المغربي في السجن هو «ثمانية وعشرين عاما»... بالتمام والكمال ونلتقي بعد الفاصل...لنكمل بقية المدة. ففي عام 1994 تم تقديم المحبوس «نبيل المغربي» للمرة الثالثة من داخل السجن أمام محكمة عسكرية عليا بتهمة التخطيط ضد نظام الحكم من داخل الزنزانة وشملت قائمة الاتهام أكثر من أربعين متهماً تم محاكمتهم جميعا أمام المحكمة العسكرية العليا في سبع جلسات فقط لا غير وبعد الجلسة السابعة تم الحكم علي اثنين منهم بالإعدام... أما المتهم نبيل المغربي فقد تم الحكم عليه بخمس وعشرين سنة إضافية... ليصبح مجموع السنوات المطلوب حبس المتهم خلالها حسب الآلة الحاسبة مدة قدرها ثلاثة وخمسون عاماً في ثلاث قضايا كلها تمت، والمتهم في داخل السجن ولم يخرج منه أبدا يعني تم الحكم عليه بأكثر من نصف قرن.!! المهم يا سادة أن نبيل المغربي قد أنهي من هذه المدة ما يقرب من ثلاثين عاما أو يزيد... ولم نسمع له صوتا أو أنينا أو اعتراضا أو استنجادا بأحد ولم تزره كاميرات القناة الفضائية المصرية إياها ولا حتي غير المصرية، بل إن نبيل المغربي نفسه لم يطلب حتي الإفراج عنه أسوة بما فعلته وزارة الداخلية مع المئات من أمثاله... والأقل من أمثاله ومع هذا فكل هذه الأمور في كوم وما أصاب النزيل نبيل المغربي من أمراض فهو في كوم آخر، والعجيب أني أكتب هذه الأمراض نقلاً التقارير الطبية الصادرة من مصلحة السجون بما يعني أنها بعلم الجميع...فهل سمعتم يا سادة عن رجل تجمعت فيه خمسة عشر آفة وكلها تنخر في جسده الضعيف في وقت واحد؟.. فهو مصاب بتليف في الكبد مع ارتفاع الضغط في الوريد البابي -ولا يسألني أحد عن هذا الوريد البابي لأني لا أعرفه وربنا يكفينا شره-.. مع استسقاء بالبطن والساقين ونقص في زلال الدم مع تضخم بالكلي والطحال والخلل في وظائف كل منهما - وفقاً للتقارير- فإذا أضفنا إلي ذلك تليفاً بعضلة القلب الأمامية مع تمدد بالبطين الأيسر للقلب.. - ما قبل حالة الفشل - والقصور في الدورة التاجية مع ما صاحب ذلك كله من تشنجات وسقوط الأسنان وهشاشة العظام..!! وأظن أن السادة القراء قد أصابهم الألم من مجرد عنوان التقارير الطبية فماذا لو قرأت عليكم ما بداخلها من قرح وتشنجات غيبوبية إلي آخر ذلك... وماذا لو قلت لكم إن نبيل المغربي يا سادة قد تخطي السبعين عاما..!! يا ناس حرام عليكم هل تريدون حبس هذا الجسد المتهالك علي الأرض لمدة ثلاثين عاماً أخري؟ وهل تظنون أنه سيخرج إلي النور في عام 2040 بعد أن يبلغ عمره المائة من الأعوام ليستقبله الناس بالورود و «سالمة يا سلامة..رحنا في 1979 ورجعنا في 2040 بالسلامة"..؟!! ويا سيادة وزير الداخلية وسيادة النائب العام لمن يكون الإفراج الصحي إن لم يكن لنبيل المغربي؟!... ونظرة رحمة يا ناس.. وعلي العموم فقد ذهبت بشكواي التي لم يطلبها مني نبيل المغربي إلي أكبر رأس في السلطة التنفيذية وأدعو الله أن يوفقه إلي القرار السديد وإلا فإني أخطركم جميعا بأني سأرفعها إلي الأكبر منكم جميعاً الذي يقول للشيء كن فيكون. وبهذه المناسبة فيروي أن وزيراً للداخلية عثر علي مصباح علاء الدين فخرج له العفريت ليشكره علي أنه أنقذه بعد أن كان محبوساً طوال سبعة آلاف سنة ثم قال له العفريت «اطلب ما تشاء نظير أنك حررتني من المصباح» فأعاده الوزير إلي المصباح قائلاً: «ادخل يا حبيبي علشان تكمل المدة... وبعدين نتكلم» وعجبي