التوترات السياسية التى تشهدها مصر منذ اندلاع الثورة والتى أثرت بشكل واضح على جميع القطاعات الاقتصادية وتحديدا البورصة، أدت إلى تسجيل بيانات القيد خروجَ عشر شركات ذات وزن نسبى ضخم بالمؤشر الرئيسى، أهمها شركات «موبينيل» و«فودافون» و«أوليمبك جروب» و«أوراسكوم للفنادق»، والمنتظر خروج بنك «الأهلى سوسيتيه جنرال»، و«أوراسكوم للإنشاء» خلال الفترة المقبلة فور الانتهاء من صفقاتها. وهو الأمر الذى يعرض سوق الاستثمار غير المباشر إلى ضربة قوية، مثل تلك التى تَعرَّضت لها السوق خلال الفترة من 99 حتى 2002 التى شهدت موجة خروج لشركات كبرى مثل «حلوان» و«العامرية» و«طرة» و«السويس»و«الإسكندرية»، وكلها شركات بقطاع الأسمنت، واحتاجت وقتها السوق إلى نحو أربع سنوات لاستعادة عافيتها وجاذبيتها. وها هى ذى الموجة الثانية من خروج الشركات التى تشهدها السوق منذ اندلاع الثورة، ولكن لا أحد يستطيع أن يتكهن بتوقيت انتهائها ما دامت الحالة السياسية على ما هى عليه. وقد حذّر خبراء من تخارُج الشركات من البورصة وتحويل الأصول المصرية إلى أيدى المستثمرين الأجانب، وطالبوا بضرورة وضع ضوابط لعمليات الاستحواذ.
محسن عادل نائب رئيس الجمعية المصرية لدراسات التمويل والاستثمار، قال بوجود ثلاث صفقات استحواذ كبيرة على أصول شركات مصرية فى القطاع المصرفى وفى قطاع الخدمات المالية وفى القطاع الغذائى، وهو ما يعد جرس إنذار، لأنه فى ظل الأزمة الاقتصادية التى تمر بها البلاد تُنقل أصول كبيرة بقيم قليلة لمستثمرين أجانب وبشكل قانونى، وأوضح خبير أسواق المال أنه منذ ثورة 25 يناير 2011 أكثر من شركة كبيرة فى قطاع المحمول وقطاع الصناعات الغذائية وقطاع الأدوية، تحولت لأيادى مستثمرين أجانب، وتساءل «هل هذا ما تحتاج إليه مصر، أن تبيع أصولها، بسبب خوف بعض رجال الأعمال المصريين مما يحدث فى الشارع؟».
وأوضح أحمد فؤاد خبير أسواق المال أنه «إذا احتسبنا مجموع القيم السوقية للشركات التى خرجت فى الفترة السابقة والتى سوف تخرج نجد أن رأس المال السوقى لها يتعدى 100 مليار جنيه مصرى، مع العلم بأن رأس المال السوقى للبورصة المصرية كلها 370 مليار جنيه، أى أن رأس المال الذى خرج من السوق المصرية يتعدى ربع رأس المال السوقى للبورصة كلها.
من جانبه قال إسلام عبد العاطى المحلل الفنى إن انهيار أى سوق ليس فى انخفاض الأسعار ولكن فى عدم وجود بضاعة متوفرة فى السوق، وهذا ما يحدث فى السوق المصرية منذ فترة ليست بطويلة، سابقا كان فى البورصة قطاع نشط للغاية يسمى قطاع الأسمنت، وكان يضم شركات عملاقة، منها «حلوان» و«العامرية» و«طره» و«السويس»و«الإسكندرية»، وقد تخارج من البورصة، وهناك قطاع البنوك الذى تخارج منه بعض البنوك مثل «المصرى الأمريكى» و«الوطنى المصرى» و«مصر الدولى»، وسوف يتخارج منه «سوسيتيه جنرال»، و«هيرمس القابضة»، وتم خروج شركات من قطاع الاتصالات مثل «فودافون» و«موبينيل»، وخروج بعض الشركات مثل «أوليمبك جروب»، و«أوراسكوم للفنادق»، ومنذ أيام تطالعنا الصحف عن قرب إتمام صفقة «أوراسكوم للإنشاء» وخروجها من البورصة، وهى التى تمثل أكبر وزن فى المؤشر، بل وفى السوق المصرية كلها.