المنظمات الدولية والحقوقية: لا مخالفات جوهرية تؤثر على سلامة العملية الانتخابية    رواتب تصل ل 45 ألف جنيه.. وظائف جديدة في محطة الضبعة النووية    الجيش السوداني يعلن سيطرته على منطقتين في شمال كردفان    مدير الإعلام بحكومة إقليم دارفور: المليشيات وثقت جرائمها بنفسها    يوسف إبراهيم يتأهل لنهائي بطولة الصين المفتوحة 2025    تعديلات منتظرة في تشكيل شبيبة القبائل أمام الأهلي    وفاة سائق ميكروباص حادث صحراوي المنيا والنيابة تصرح بالدفن    ضبط أنصار مرشح برلماني أطلقوا أعيرة نارية في قنا ابتهاجا بفوزه    «المسار الأزرق».. سحر الواقعية فى مواجهة الاستسلام لقانون العزلة من الحياة    من مقلب قمامة إلى أجمل حديقة.. مشاهد رائعة لحديقة الفسطاط بوسط القاهرة    قضية إبستين.. واشنطن بوست: ترامب يُصعد لتوجيه الغضب نحو الديمقراطيين    حسن غانم رئيس بنك التعمير والإسكان: تحقيق أولى خطوات تنفيذ استراتيجية 2025-2030 امتدادا لمسيرة النجاح خلال الأعوام الماضية    عملات تذكارية جديدة توثق معالم المتحف المصري الكبير وتشهد إقبالًا كبيرًا    تشكيل إسبانيا الرسمي أمام جورجيا في تصفيات أوروبا المؤهلة لكأس العالم    ذكرى اعتزال حسام حسن.. العميد الذي ترك بصمة لا تُنسى في الكرة المصرية    الزراعة: تعاون مصري صيني لتعزيز الابتكار في مجال الصحة الحيوانية    برلمانى: الصفقات الاستثمارية رفعت محفظة القطاع السياحي لأكثر من 70 مليار دولار    حبس والدى طفلة الإشارة بالإسماعيلية 4 أيام على ذمة التحقيقات    عبور سفن عملاقة من باب المندب إلى قناة السويس يؤكد عودة الأمن للممرات البحرية    المخرج الصيني جوان هو: سعيد بالأجواء في مصر وأحلم بتصوير فيلم على أرضها    خبير أسري: الشك في الحياة الزوجية "حرام" ونابع من شخصية غير سوية    وزير الصحة يعلن توصيات المؤتمر العالمى للسكان والصحة والتنمية البشرية    الداخلية تكشف ملابسات تضرر مواطن من ضابط مرور بسبب «إسكوتر»    جنايات بنها تصدر حكم الإعدام شنقًا لعامل وسائق في قضية قتل سيدة بالقليوبية    أسامة ربيع: عبور سفن عملاقة من باب المندب إلى قناة السويس يؤكد عودة الأمن للممرات البحرية    جيراسي وهاري كين على رادار برشلونة لتعويض ليفاندوفيسكي    المصارعة تشارك ب 13 لاعب ولاعبة في دورة التضامن الإسلامي بالرياض    سفير الجزائر عن المتحف الكبير: لمست عن قرب إنجازات المصريين رغم التحديات    القاهرة للعرائس تتألق وتحصد 4 جوائز في مهرجان الطفل العربي    جامعة قناة السويس تنظم ندوة حوارية بعنوان «مائة عام من الحرب إلى السلام»    اليابان تحتج على تحذيرات السفر الصينية وتدعو إلى علاقات أكثر استقرارًا    المجمع الطبى للقوات المسلحة بالمعادى يستضيف خبيرا عالميا فى جراحة وزراعة الكبد    التعليم العالي ترفع الأعباء عن طلاب المعاهد الفنية وتلغي الرسوم الدراسية    استجابة لما نشرناه امس..الخارجية المصرية تنقذ عشرات الشباب من المنصورة بعد احتجازهم بجزيرة بين تركيا واليونان    للأمهات، اكتشفي كيف تؤثر مشاعرك على سلوك أطفالك دون أن تشعري    عاجل| «الفجر» تنشر أبرز النقاط في اجتماع الرئيس السيسي مع وزير البترول ورئيس الوزراء    أسماء مرشحي القائمة الوطنية لانتخابات النواب عن قطاع القاهرة وجنوب ووسط الدلتا    محاضرة بجامعة القاهرة حول "خطورة الرشوة على المجتمع"    موجة برد قوية تضرب مصر الأسبوع الحالي وتحذر الأرصاد المواطنين    «‏رجال سلة الأهلي» يواجه سبورتنج في إياب نصف نهائي دوري المرتبط    آخر تطورات أسعار الفضة صباح اليوم السبت    تحاليل اختبار الجلوكوز.. ما هو معدل السكر الطبيعي في الدم؟    ترامب يلغي الرسوم الجمركية على اللحم البقري والقهوة والفواكه الاستوائية    عمرو حسام: الشناوي وإمام عاشور الأفضل حاليا.. و"آزارو" كان مرعبا    كولومبيا تعلن شراء 17 مقاتلة سويدية لتعزيز قدرتها الدفاعية    الحماية المدنية تسيطر على حريق بمحل عطارة في بولاق الدكرور    مواقيت الصلاه اليوم السبت 15نوفمبر 2025 فى المنيا    الشرطة السويدية: مصرع ثلاثة أشخاص إثر صدمهم من قبل حافلة وسط استوكهولم    طريقة عمل بودينج البطاطا الحلوة، وصفة سهلة وغنية بالألياف    الإفتاء: لا يجوز العدول عن الوعد بالبيع    إقامة المتاحف ووضع التماثيل فيها جائز شرعًا    نقيب المهن الموسيقية يطمئن جمهور أحمد سعد بعد تعرضه لحادث    فلسطين.. جيش الاحتلال يعتقل 3 فلسطينيين من مخيم عسكر القديم    دعاء الفجر| اللهم ارزق كل مهموم بالفرج وافتح لي أبواب رزقك    مناوشات دعاية انتخابية بالبحيرة والفيوم.. الداخلية تكشف حقيقة الهتافات المتداولة وتضبط المحرضين    نانسي عجرم تروي قصة زواجها من فادي الهاشم: أسناني سبب ارتباطنا    اشتباكات دعاية انتخابية بالبحيرة والفيوم.. الداخلية تكشف حقيقة الهتافات المتداولة وتضبط المحرضين    جوائز برنامج دولة التلاوة.. 3.5 مليون جنيه الإجمالي (إنفوجراف)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وكأن رمضان ماجاش عندنا يا منى!
نشر في بص وطل يوم 17 - 07 - 2013

على طريقة إفيه البرادعي الشهير "وكأن ثورة لم تقم يا منى"، الذي خرج من استوديوهات "التوك شو" ليصبح أسلوب حياة، وطريقة سخرية لدى المصريين، تعالوا اليوم نسأل صناع الدراما والبرامج التليفزيونية الكفيلة بتفطير الصائمين: "هوّ فين رمضان وسط اللي بيتعرض ده يا منى؟"
تفتح التليفزيون قبل الفطار يا مؤمن فتجد فنانة ترتدي ال"بشكير" وهي خارجه من الحمام، فتغض بصرك وتقول سريعا استغفر الله العظيم، قبل أن تقفز أصابعك على الريموت كنترول لتحول القناة؛ فتجد امرأة أخرى بكتفين عاريتين، و"ميني جيب"، فتعود أصابعك مجددا للضغط على أزرار الريموت، فتسمع في مسلسل آخر وصلة ردح وألفاظا أقل ما فيها "ينعل ....أمك"!
لا أريد أن أحصر كلامي في مسلسل "مزاج الخير" الذي يمكن تلخيصه في وصلة دلع من علا غانم، ثم تجهيز مصطفى شعبان لعملية مخدرات وهو يدخن سيجارة حشيش، ثم وصلة رقص من درة، قبل أن نعود من جديد لشوية دلع من علا غانم، ثم عملية مخدرات جديدة لمصطفى شعبان، ثم وصلة رقص جديدة لدرة حتى يشاهدها من لم يشاهد الوصلة الأولى وهكذا تمضي الحلقات!
ولا أريد أن ألخص النقد في مسلسل "حكاية حياة"، الذي تكتشف فيه البطلة أن والدتها تخون والدها، وأن شقيقتها تخونها مع زوجها، وأن زوجة شقيقها تخونه مع مهندس الديكور، بخلاف مشهد إباحي واضح وصريح لرجل وامرأة سويا في البانيو، والألفاظ الصعبة التي تليق بفاقدي التربية ممن يتسكعون على النواصي وفي الحواري والأزقة، رغم أن المسلسل تدور أحداثه حول الطبقة الغنية من المجتمع، بين أناس يسكنون في قصور مستفزة من فرط جمالها وروعة ديكوراتها وتصميماتها.
ولن أكتفي بمسلسل "موجة حارة" أول مسلسل يضع علامة +18 في شهر رمضان الكريم، لما يحتويه من مشاهد جريئة وألفاظ لا تليق بالأطفال، وكأن أزمة صنّاع العمل في الأطفال فقط، وليس هناك ما يقض مضاجعهم أو يؤلم ضمائرهم تجاه حرمة الشهر المعظم.
بخلاف برنامج المقالب المقزز "رامز عنخ آمون" الذي أثار غثيان المشاهدين من فرط تعاطفهم مع رعب وهلع الفنانين الذين يحدث معهم المقلب، بشكل جعل الجمهور يسأل: "ماذا لو مات أحدهم ذات مرة؟"
فالوجبة الرمضانية هذا الموسم بشكل عام فاقت في معظمها كل كلمات وجمل الاعتراض، ونافست في وزرها وحقارتها ما يحدث في عالم السياسة من قتل وسفك دماء، وكأننا نعيش جميعا في مزبلة فنية سياسية لا تجدي معها المُطهرات الروحية التي كنا ننتظرها من السنة للسنة حتى نتخلص من كل عوالق الحياة البغيضة من كذب ونفاق وغش وإباحية.
لقد أفسد معظم صناع الهلس الرمضاني الشهر المعظم نفسه ودنسوا مقامه الكريم، فصار الشهر المفضل للشياطين، حيث يأخذون فيه إجازة من تضليل البشر، ويذهبوا إلى جهنم وهم يعلمون أن خلفهم أتباعا وأعوانا يفوقونهم خبرة وكفاءة في نشر الشهوات والرذائل على الأرض.
ورحم الله كاتبنا الساخر الشهير عم محمود السعدني "الولد الشقي" حين كتب مقالا بعنوان "على باب الله" فى مجلة المصور عدد 24 يونيو عام 1983، لينتقد فيه حال الدراما المصرية في مطلع الثمانينيات، فإذا بمقاله ينطبق على تلك الأيام أكثر، بعد أن اكتشفنا أن رمضان زمان الذي انتقده عظماء هذا العصر، كان أعظم وأطهر من كل هذا الوباء الدرامي الذي غزا الأرواح في العصر الحالي.
وجاء في مقال السعدني: "كما قال ابن مسعور، اللهم بحق هذا الشهر الفضيل، شهر رمضان المبارك، نسألك يا رحمن يا رحيم أن تمنع عنا أذى حضرات السادة أولاد الإيه، مؤلفي مسلسلات التليفزيون وحلقاته، وأن تعمي أبصارنا فلا تقع على عورة يسمونها "حلقة".. وأن تسد آذاننا فلا يتسرب إليها حوار هايف من تأليف حوارجي أهيف، وأن تلطف بنا يالطيف في هذا الشهر المبارك، فلا تتحالف علينا المسلسلات، ولا تتكالب علينا البرامج! وآه لو كان الأمر بيدي، لأصدرت فرمانا بإنشاء "بوليس الأداء" على وزن بوليس الآداب! لضبط وإحضار حضرات السادة الممثلين الذين احترفوا التمثيل على كبر، والذين يعتقدون أن التمثيل هو نوع من "التطجين"، فيلوي الممثل لسانه ويعوج رقبته وينفخ صدره ويتكلم ولا واحد شارب نشا".
وأضاف كاتبنا العظيم قائلا: "أرجو أن يدلني السادة المؤلفاتية على العالم السفلي الذي يستمدون منه موضوعات مسلسلاتهم، وهل هناك عالم من هذا النوع بالفعل؟ أم هو عالم من توليفهم؟ ونتيجة أنفاس معطرة وزجايج -جمع زجاجة- مقطرة! وتفشل بالرغم من كل الجهود أن تفهم إيه الحكاية، ولكن عبثا تحاول لأنك لن تستطيع! وقال إيه الحكاية؟ واحدة نايمة عيانة، وواحدة قاعدة تسألها، ولا بد في المسلسل من واحد فتوة، وواحد تاني خايف، ولا بد من واحدة في المسلسل حلوة شريفة ولكن الظروف غدّارة كما أن الدنيا دوارة، وساعة في ايدك والساعة الثانية عند عدوك! وآه يا خسارة على شرف البنت اللي زي قطعة الجاتوه ما تتاكلش غير مرة واحدة! ويا داهية دقي لو كان في المسلسل صعيدي، ستسمع حينئذ لغة لا وجود لها إلا في صعيد جواتيمالا، ولا بأس في آخر المسلسل من فرح وزفة عروسة".
فهل هذه حرية الفن والإبداع؟ هل هذا أصلا هو الفن؟ هل هذا ما يستحقه شعب ثار على تجار الدين، فابتلي بأنصاف فنانين يصدرون له الإسفاف والابتزال بديلا عن التطرف والإرهاب وكأن قدره أن يحاصر بين هذا وذاك؟
عزيزي المشاهد.. ليس هناك اليوم مجلس شعب يتقدم فيه أعضاء موقرون بتساؤلات واستجوابات عن هذه المهزلة الرمضانية.. ليس هناك وزير إعلام الولاء الحقيقي عنده للشعب لا للسلطة.. ليس هناك رقباء أمناء على الأمة في الرقابة على المصنفات الفنية، والحل الوحيد حتى هذه اللحظة هو ضغطة الريموت كنترول، والانضمام لحملات المقاطعة التي يجب أن تتسع وتصل لكل صناع الهلس الرمضاني، إلى أن تصل الثورة ذات يوم إلى عمل قانون جديد للرقابة على المصنفات الفنية، وتعيد هيكلة هذا الجهاز بما يتناسب مع عاداتنا وتقاليدنا ويمثلنا بحق، على غرار الرقابة الفنية في الدول المتقدمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.