"إذن فالأمر كذلك!". قالتها دونا كاترينا في بطء وخبث، وهي تستمع إلى صوفيا، التي نفثت دخان سيجارتها في عصبية، وهي تقول: - إنني أنشد تعاونك لا سخريتك يا دونا. لم ترقّ لها ابتسامة دونا، وهي تقول في بطء: - فقط عندما تعقدت الأمور. هتفت بها صوفيا في حدة: - هل ستتعاونين معي أم لا؟! مالت دونا نحوها، وهي تقول: - لا بد أن أثق بك أولا يا عزيزتي صوفيا. نفثت صوفيا دخان سيجارتها مرة أخرى، في عصبية أكثر: - لقد أخبرتك كل شيء يا دونا. تطلعت إليها دونا بضع لحظات في صمت، وكأنها تحاول سبر أغوارها، قبل أن تقول في حزم: - إذن فأنتِ تعرفين مخبأ مستر زد هذا. أشارت صوفيا بيدها، وهي تجيب: - إنه شديد الحذر، ولكن تعاوننا لفترة طويلة ساعدني على الالتقاء به شخصيا. سألتها دونا في حذر: - وما الذي يمنعك من الالتقاء به مرة أخرى؟! أجابتها في عصبية: - لا يوجد ما يمنعني. ثم مالت نحوها، مضيفة في غضب: - ولكن لو أنه على اتصال مباشر مع أكرم صدقي، فاللقاء به لن يكون عاديا. صمتت دونا لحظات، قبل أن تسألها: - ماذا تعتزمين بالضبط يا صوفيا؟ انعقد حاجبا صوفيا، وهي تقول في شراسة: - ألا أسمح له بتجاوزي. تطلعت إليها دونا لحظات أخرى في صمت، ثم أطلقت ضحكة قصيرة مستفزة، قبل أن تقول: - عزيزتى صوفيا.. وفقا لما سمعته منك، فذلك ال.. مستر زد، رجل شديد الحذر والشك، ومقره السري خفي عن الأعين، وحتى عن الأقمار الصناعية المتطورة، وهو لا يسمح لأحد بالاقتراب منه، ورجاله لديهم أوامر بإطلاق النار، فور الشعور بلمحة من الشك، فكيف تتوقعين الوصول إليه. نفثت صوفيا آخر دخان سيجارتها الرفيعة، ثم ألقتها بعيدا، وهي تجيب في صرامة: - لقد فكّرت في هذا. ثم أشعلت سيجارة ثانية، قبل أن تكمل: - سأخبره أنني قد حصلت على البرنامج بالفعل. حدّقت دونا فيها لحظة في دهشة، قبل أن تندفع قائلة: - وكيف له أن يصدقك، لو أنه يتعامل بالفعل مع أكرم صدقي؟! أشارت بيدها، مجيبة: - لن يصدقني. ثم استدركت في سرعة، وهي ترفع السيجارة إلى شفتيها: - ولن يصدق أكرم صدقي أيضا. جذبت دونا السيجارة من بين أصابعها، وألقتها بعيدا، وهي تقول في صرامة: - التدخين سيقتلك يوما. هتفت صوفيا في غضب: - هذا شأني وحدي. أجابتها دونا بنفس الصرامة: - عندما تدخنين في الهواء الطلق، أو في مكتبك، وليس في مكتبي. بدا لحظة وكأن صوفيا ستنفجر في وجهها، ثم لم تلبث أن تماسكت، وتراجعت قائلة: - فليكن. أشارت إليها دونا في ارتياح، قائلة: - أكملي ما كنت تقولين. صمتت صوفيا لحظة، ثم اندفعت تقول: - مستر زد شديد الشك والحذر كما أخبرتك.. وحتى لو أتم الصفقة مع أكرم، فهو لن يلتقي به أبدا، ولن يسمح له بمعرفة مقره السري.. وما استشفيته من حديث أكرم عبر الهاتف، هو أنه لم يُتم الصفقة بعد.. ولهذا فعندما أخبر مستر زد أنني قد حصلت على البرنامج بالفعل، سينتابه شك كبير، وسيدفعه حذره إلى التيقن من هذا أولا، قبل أن يتعامل مع أكرم. أطل الإعجاب من عيني كاترينا، وهي تقول: - وسيدعوك لمقابلته فورا. هزّت صوفيا كتفيها، قائلة: - وهل لديه سبيل سوى هذا؟! تراجعت دونا في مقعدها، وهي تفكر مليّا فيما سمعته منها، قبل أن تعتدل بحركة حادة، وتسألها في حزم: - وفيم تنشدين تعاوني بالضبط؟! صمتت صوفيا بدورها لحظة، ثم أجابت في بطء: - أنت تملكين العديد من الرجال. انعقد حاجبا دونا، وهي تقول: - هل تقصدين ما أفكر فيه؟! أشارت صوفيا بيدها، مجيبة: - بالضبط. ثم مالت هي نحو دونا، مكملة في حزم: - عندما أصبح داخل مقر مستر زد السري، سأعمل على تدمير وسائل التعمية الإلكترونية لديه، في نفس الوقت الذي يكون فيه رجالك على أهبة الاستعداد لتلقي إشارتي، التي ما أن أطلقها، حتى ينقضّون على المقر، و.. لم تكن بحاجة إلى إكمال عبارتها، فتراجعت مبتسمة، تاركة دونا معقودة الحاجبين في شدة، تتطلع إليها بمزيج من الدهشة والاستنكار، قبل أن تغمغم: - هل تدركين مدى قوة مستر زد هذا؟! أجابتها صوفيا في صرامة: - سبق وأن سحقت من هو أكثر منه قوة. تراجعت دونا مرة أخرى مفكّرة، قبل أن تغمغم في قلق: - إنها مخاطرة كبيرة. أجابتها صوفيا، في صوت كالفحيح: - البرنامج يساوي المليارات، ومبلغ كهذا يستحق المخاطرة. صمتت دونا لحظات، ثم تألقت عيناها، وهي تقول في حزم: - أنت على حق. انتقل التألق إلى عيني صوفيا، وهي تقول: - إذن فقد اتفقنا. اتسعت ابتسامة دونا، وهي تجيب: - بالتأكيد. والتقت أيديهما الناعمة، في تآزر وحشي.. للغاية..
*** انعقد حاجبا المفتش رياض في شدة، وهو يتطلع إلى الجسد المُلقى أمامه، قبل أن يغمغم بكل توتره: - أين عثرتم عليه؟! أجابه أحد رجال الشرطة: - حيثما تقف يا سيادة المفتش. ظل رياض يتطلع إلى ذلك الجسد لحظات أخرى، ثم هز رأسه، مغمغما: - عجيب! مد مساعده علي يده إليه بورقة كبيرة، وهو يقول: - كان مقيّدا بإحكام، وهذه الورقة معلّقة بصدره. عاد حاجبا رياض ينعقدان، وهو يقرأ الكلمات القليلة على الورقة، قبل أن يتنحنح، ويمط شفتيه، قائلا: - هل تستطيع فهم هذا؟! هز علي رأسه نفيا، وهو يجيب: - حاولت يا سيادة المفتش. قرأ المفتش رياض المكتوب على الورقة مرة أخرى، وعاد يهز رأسه، مغمغما: - أظنهم سيفهمون. لم يستوعب علي معنى العبارة، فتساءل في حذر: - من هم يا سيادة المفتش؟! تطلّع إليه رياض في صمت دون أن يجيب، وبدا وكأنه شارد تماما بتفكيره، حتى أنه لم يسمع السؤال، فكرره علي بصوت أكثر ارتفاعا: - من هم؟! خيّل إليه أنه قد انتزع المفتش من شرود عميق، عندما أدار هذا الأخير عينيه إليه في صمت، استغرق ثوانٍ قليلة، قبل أن يستعيد حزمه التقليدي، قائلا: - قم بكل الإجراءات الرسمية المعتادة يا علي. لم يكن هذا يجيب سؤاله، بأي حال من الأحوال، ولكن علي اكتفى به، وهو يقول: - فورا يا سيادة المفتش. أسرع ينفذ الأمر، في حين التقط رياض هاتفه المحمول، وطلب رقما خاصا، وما أن سمع صوت محدّثه، حتى قال في احترام، لم يخلُ من لمحة توتر: - سيادة الوزير.. أنا المفتش رياض.. لديّ هنا لغز، يتحتم أن تكونوا الجهة الوحيدة، القادرة على فهمه. قالها، وهو يشعر بتوتر لا محدود في أعماقه.. هذا لأنه كان يتحدث إلى مدير المخابرات العمومية.. شخصيا..
*** ارتسمت كل الصرامة على وجه صوفيا جريشام، وهي تتطلع إلى ريكو بجسده الضخم، والذي وقف في احترام خانع، أمامها وأمام دونا، التي سألته في هدوء: - ماذا تريد يا ريكو؟! بدا شديد التوتر، وهو يجيب: - كنت أنشد موافقتك يا دونا. سألته في حذر: - على ماذا؟! التمعت عيناه في غضب، وهو يجيب: - الانتقام. تطلعنا إليه في دهشة متسائلة، فأردف في انفعال: - ذلك المصري أذل ناصيتي، وأساء إلى صورتي، ولن تهدأ لي نفس حتى أنتقم منه. قلبت صوفيا شفتيها في امتعاض، وهي تقول: - إنها ليست لعبة انتقام يا هذا. اندفع فجأة نحوها، وتشبث بثيابها، وهو يهتف: - أرجوك يا سيدتي.. أرجوك.. الرجال هنا يعيرونني بما حدث، فإما أن أنتقم، أو أصبح سخريتهم إلى الأبد. دفعته بعيدا عنها في قسوة، وهي تقول: - قلت لك ليست لعبة. بدا عليه انكسار عجيب، جعل دونا تقول: - ولم لا؟! هتفت بها صوفيا في غضب: - ماذا تقولين يا دونا؟! أشارت دونا بيدها، قائلة: - ستحتاجين إلى حارس خاص، أثناء لقائك مع مستر زد. أجابتها صوفيا في شراسة: - كلا. وعندما شاهدت على وجه دونا، استدركت في صرامة: - حتى لو وافقت أنا، لن يقبل مستر زد بهذا. انعقد حاجبا دونا في ضيق، فتابعت صوفيا في حدة: - أنا وحدي أعلم كيف سيدور الأمر.. وأنا وحدي أتخذ القرار في هذا الشأن. قالت دونا في صرامة: - ورجالي هم من سيقاتلون. مالت صوفيا نحوها، قائلة في مزيج من الشراسة والصرامة: - وأنا من سيفتح لهم الطريق. وفي أعماقها، ودون أن يفصح لسانها، اكتملت العبارة: - وأنا من سيفوز بالغنيمة.. وحدي. وكان هذا إيذانا بخوض الجولة الأخيرة من المعركة.. الجولة الأكثر حساسية.. والأكثر خطورة.. ألف مرة.
*** يُتبع الحلقات السابقة: د. نبيل فاروق يكتب.. الهدف أنت (1) د. نبيل فاروق يكتب.. الهدف أنت (2) د. نبيل فاروق يكتب.. الهدف أنت (3) الهدف أنت (4).. حلقة جديدة لدكتور نبيل فاروق الهدف أنت (5).. حلقة جديدة لدكتور نبيل فاروق الهدف أنت (6).. حلقة جديدة لدكتور نبيل فاروق الهدف أنت (7).. حلقة جديدة لدكتور نبيل فاروق الهدف أنت (8).. حلقة جديدة لدكتور نبيل فاروق الهدف أنت (9).. حلقة جديدة لدكتور نبيل فاروق د. نبيل فاروق يكتب ل"بص وطل".. الهدف أنت (10)