كم راسلتكم أسرة "بص وطل" من أجل مواضيع تافهة وكان لكم كل الحق في عدم نشرها، ولكن اليوم مشكلتي أعتقد أنها تستحق الرد. مشكلتي هي الاسم الذي اخترته كاسم لي في تلك الرسالة، أنا فرنكشتاين في الخامسة والعشرين من العمر، تبدأ مشكلتي منذ أن بدأت أن أتحدث وأنا طفل، طفل ذو أنف كبيرة وأذن أكبر، ألثغ في معظم الحروف نتيجة إعاقة في اللسان، طويل للغاية، طفل لم يشفع له ذكاؤه وطيبة قلبه لدى الناس، أقرب الناس من العائلة أعمامي وأعمام أعمامي وأخوالي وأخوال أخوالي. وفجأة مع بداية إدراكي وجدت الجميع يصفني بالعبيط والمجنون والغبي، وصل الأمر أن أمي المرأة الأمية تساير الناس في ذلك الحديث، فبدأت أتوحد على نفسي، كنت ذا جسد قوي ولكنني أبيت وما زلت إلى الآن أرفض أن أستعمله.. كان عوني الوحيد في هذا الكون دعاء: "اللهم إني أشكو إليك ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس"، ودعائي أن يحل الله العقدة من لساني حتى يفهم الناس ما أقول. نسيت أن أذكر أنه في سن السابعة أجريت جراحة في اللسان لعلاج الإعاقة، وبعد الجراحة بتسع سنوات ما زلت ألثغا في عدد كبير من الحروف، ثم بعدها انتقلنا إلى حي شعبي للغاية ولكن أقسم بعزة وجلال الله أن الناس فيه أفضل ألف مرة من أهلي ومن سكان الحي الراقي الذي كنت أعيش فيه ألف مرة، على الأقل تقبلوني كما أنا وهم من باب الضحك وليس الإهانة أطلقوا عليّ فرنكشتاين، حيث كما تعلمون الأصدقاء يطلقون على بعضهم الألقاب التي يرونها مناسبة، فهذا الصدئ وهذا أبو الحمار وهذا المعفن إلخ.. إلخ. المشكلة تكمن في الآتي.. الآن بعد أن استجاب الله لدعائي وصرت شابا بفضل الله تحسنت ملامحي وصرت نوعا ما وسيما، وضاعت مشكلة لساني بفضل الله وعلمني أصدقائي ألا أتوحد وأكون اجتماعيا للغاية وأيضا أحسن اختيار الملابس. هل لأهلي الحق في أن يعرفونني الآن؟ دائما ما لا أحضر أي مناسبة تجمعني بهم، وأبتعد عن مجالسهم، وحينما يحضر أحدهم إلى منزلي أترك المنزل، نعم لأني إلى الآن لم أخطب أو أتزوج أخشى أن أنجب فرنكشتاين آخر. سؤالي هنا.. هل لهؤلاء الأقارب -أو أفضّل قول العقارب- أن يعرفوني وأن يكونوا صحبتي؟ أبي وأمي يريدون أن أصير اجتماعيا مع أهلي، هل أصير الآن اجتماعيا مع ناس نبذوني وأهانوني وجعلوني بينهم أضحوكة أم أصر أن أعيش مع من تقبلوني كما أنا وساعدوني حتى أصير الإنسان الذي هو استجابة لدعائي. بحق الله عليكم أخبروني ولا تقولوا لي إني مخطئ لبعدي عن هؤلاء العقارب، ولكن طلبي أن تجدوا لي سبيلا أقنع به أبي وأمي أن بعدي عن هؤلاء هو الصواب لي، وشكرا وآسف على الإطالة.
fars62
عزيزي.. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى وجوهكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم" كما قال: "لا فضل لأعرابي على أعجمي ولا لأبيض على أسود إلا بالتقوى". هل يوجد بعد هذا كلام أو حديث، فلا المال ولا الجاه ولا السلطان ولا الحسب والنسب مهما كثروا، تغني أو تنجي من النار، فكم من وجوه جميلة بيضاء منمقة وسوف يشوهها الله في جهنم بسبب أعمالها في الدنيا! وأنت والحمد لله قد استجاب الله لدعائك وعفا عنك وصرت شابا وسيما وقد شفى الله لسانك وأصبحت رجلا أنيقا ذكيا طيب القلب، تتمتع باجتماعية جيدة مع من يحبونك، وهذا فضل من الله لا يضاهيه فضل. ألا يجعلك هذا ترضي والدك ووالدتك في مجاراتهم بعض الشيء حتى يزيد فضلك عند الله أكثر وأكثر؟ واعتبرها من باب الزكاة على الأقارب في سبيل إرضاء والديك، حتى ولو كنت نلت منهم ما ضايقك في يوم من الأيام.. وهنا لست أقول لك بأن تتجاوب في كل شيء مع هؤلاء الأقارب، ولكني أقول لك، {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} وسوف يعود عليك هذا بسماحة أكثر في خلقك، ولن يُنقص منك شيئا، بل على العكس أعتقد أنك عندما تكون أنت متفضلا عليهم بخلقك، سوف يشعرهم هذا بمدى السخف الذي كانوا فيه. وخصوصا أنك أصبحت والحمد لله في أحسن حال، ولست محتاجا لشفقة أي منهم، حتى يشعرك هذا بالضيق، بل على العكس سوف تكون أنت المتفضل عليهم بخلقك ودينك ولا ترد السيئة بالسيئة، والعفو عند المقدرة. ولا تقل لي إنك لا تقدر، فأنت ولله الحمد في الموقف الأفضل الآن، وسوف يكون هذا تفضلا منك يثيبك الله عليه خيرا، وفقك الله إلى ما فيه خيرك إن شاء الله.