«شراء وقت ومناورة».. شريف عامر يحذر من تصريحات إثيوبيا بشأن سد النهضة    ارتفاع أسواق الأسهم الأوروبية عند الإغلاق بعد تقرير الوظائف الأمريكي القوي    صندوق النقد يعلن دمج المراجعتين الخامسة والسادسة لبرنامج مصر خلال الخريف    البيت الأبيض: ترامب سيصدر قانون الموازنة «الكبير والجميل» غدًا بالتزامن مع العيد الوطني    شيكابالا: أردت أن أسلم زيزو راية الزمالك.. وما فعلته معه كان "محبة"    طلب حاسم من الأهلي ل الريان للتعاقد مع وسام أبوعلي (تفاصيل)    قرار جديد من النيابة العامة بشأن المتهم ب قتل أطفاله الثلاثة ب المنيا    «صحة الشرقية»: تفعيل مبادرة التشخيص عن بُعد بمستشفى القرين المركزي    ليفربول يعلن تخليد القميص رقم 20 تكريما ل ديوجو جوتا    انفجار قرب مطار بيروت.. تفاصيل استهداف جيش الاحتلال لسيارة    جامعة أسيوط تنظم زيارة لذوي القدرات الخاصة إلى الأكاديمية الوطنية    مبيعات التجارة الإلكترونية في السعودية تتجاوز 69 مليار ريال خلال الربع الأول من 2025    صراع على رضا سليم| اللاعب يفضل سيراميكا.. والأهلي يضع شروطه    البنك الأهلي يتعاقد مع نجم طلائع الجيش    "التعليم" تكشف أسباب رفع سن التقديم بالحصة ل45 سنة والإبقاء على مسابقات التعيين المحدودة    الشباب والرياضة تطلق مهرجان الصيف في الإسكندرية    بإطلالة نحيفة لافتة.. مي كساب تفاجئ الحضور في العرض الخاص ل «يلا مسرح»    عقيد متقاعد بالجيش الأمريكي: ترامب يضغط على نتنياهو بملف المساعدات للقبول بهدنة غزة    أسامة السعيد: بيان 3 يوليو أنهى مشروع اختطاف الدولة وأعاد لمصر هويتها الوطنية    خالد الجندي: صيام يوم عاشوراء سُنة مؤكدة    عقيد متقاعد بالجيش الأمريكي: ترامب يضغط على نتنياهو بملف المساعدات للقبول بهدنة في غزة    النوم في الصيف| تحديات وإرشادات طبيعية عليك إتباعها    للوقاية من السكري وأمراض القلب.. نوع من الخضروات تناوله يوميًا لحرق دهون البطن بفعالية    رئيس الشؤون الدينية يوجّه المسلمين وقاصدي الحرمين حول فضائل صيام يوم عاشوراء    تقارير: أرسنال يدخل في مفاوضات جادة مع رودريجو    مصرع طفل غرقًا داخل ترعة بقنا    نقيب الموسيقيين: عزاء أحمد عامر يوم الأحد بمسجد الحامدية الشاذلية    جمال رائف: بيان 3 يوليو أنقذ الدولة وأعاد لمصر هويتها الوطنية    إطلاق الطرح الثانى بمدينة الجلود فى الروبيكى    مصرع طفل غرقًا داخل ترعة في قنا    «التعليم العالي» يٌشيد بالإمكانات المادية والبشرية لكلية الإعلام بسوهاج الأهلية    إقبال جماهيرى على معرض الفيوم للكتاب    القاهرة الإخبارية تكشف تفاصيل اغتيال عنصر تابع للحرس الثورى الإيرانى قرب بيروت    مدير التأمين الصحي بالقليوبية تتفقد مستشفيات النيل وبنها لضمان جاهزية الخدمات    تساؤلات المواطنين تتزايد: هل ارتفعت أسعار شرائح الكهرباء؟    للمؤثرين على مواقع التواصل| رحلات ترويجية للسياحة بالقناطر    مساعدات عاجلة لأسرة كل متوفي ومصاب في حادث انفجار مصنع الأدوات الصحية بالدقهلية    قطر: سياسات الحكومة الإسرائيلية لدعم الأنشطة الاستيطانية تزيد من تقويض حل الدولتين    مصرع 6 أشخاص على الأقل وفقدان العشرات بعد غرق عبارة بإندونيسيا    بقدرة 650 ميجاوات.. استمرار العمل بمشروع الوحدة الثالثة ب محطة كهرباء الوليدية في أسيوط    القبض على مالك شركة للنصب على المواطنين بالسفر للخارج    من يتحمل تكلفة الشحن عند إرجاع المنتج؟.. الإفتاء المصرية توضح الحكم الشرعي    هل أم زوجة الأب من المحرمات؟.. المفتي يوضح    نقيب المحامين: الامتناع عن الحضور أمام المحاكم والنيابات يومي 7 و8 يوليو    محافظ الفيوم يتابع معدلات الآداء بملفات التقنين والتصالح والرد على المتغيرات المكانية    الشرطة الأمريكية: مقتل 4 وإصابة 14 بإطلاق نار فى شيكاغو    وزارة الرياضة توافق على طلبات الأهلي والزمالك والإسماعيلي والمصري والاتحاد السكندري    وفاة وإصابة 11 شخصًا في انفجار خزان ضغط هواء في الدقهلية    بالشراكة مع «الجهات الوطنية».. وزير الثقافة يعلن انطلاق مبادرة «مصر تتحدث عن نفسها»    ابتدينا.. أم أكملنا؟ قراءة رقمية في تكرار الأسماء وراء صوت عمرو دياب بأحدث ألبوماته الغنائية    محافظ المنوفية يسلم سيارة ميكروباص جديدة لأسرة مالك سيارة حادث الإقليمي    تواصل أعمال البحث عن 4 مفقودين في حادث غرق حفار جبل الزيت    ليفربول ناعيا جوتا: صدمة مروعة ورحيل لا يُصدق    مطروح تحتفل بالذكرى ال12 لثورة 30 يونيو المجيدة.. صور    جيش الاحتلال يعتقل 21 فلسطينيا في الضفة الغربية بينهم طلاب ثانوية    أمين الفتوى: التدخين حرام شرعًا لثبوت ضرره بالقطع من الأطباء    نائب وزير الصحة يتفقد مستشفى حلوان العام ومركز أطلس ويوجه بإجراءات عاجلة    بحثاً عن الثأر.. بالميراس يواجه تشيلسي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. أحمد خالد توفيق يكتب.. رسائل المحبة (1)
نشر في بص وطل يوم 26 - 08 - 2012


الأستاذ كمال يفرغ من المجموعة الثالثة..
من حسن حظه أنه يعطي الدروس الخصوصية في بيته، وليس في مركز متخصص كما يفعل الآخرون، وهذا يتيح له أن يهرع إلى المطبخ من حين لآخر وبين مجموعة وأخرى.. هناك تركت زوجته إناء فيه أرز وإناء فيه خضر.. يدسّ ملعقة في فمه من هذا الإناء وذاك.. يمضغ بسرعة ثم يهرع للصبية كي يعاود الحديث عن محمد الفاتح والأستانة... إلخ.
المشكلة هي أنه عندما يأتي وقت الطعام الحقيقي.. الطعام الذي يجلسون له إلى المائدة، يكون قد شبع تمامًا أو انتهى ما في الإناء.. كما أن هذه العادات الغذائية العجيبة جعلت لديه كرشًا لا بأس به، وقد صارت أكثر سراويله لا تنغلق عند الخصر.. غريب هذا! كان يعتقد أن عدم انتظام عادات الطعام يجعلك تفقد وزنًا ولم يتصوّر أن هذا يزيدك سمنة..
يهرع كمال إلى المطبخ ويعدّ لنفسه كوبًا سريعًا من الشاي، قبل قدوم أولى أفراد مجموعة البنات.. خجلى تتحسس أولى درجات عالم الأنوثة في حذر وتوتر.. ثم يسمع الضحكات ويعرف أن العدد يتزايد.. يكون قد أنهى الكوب ووضعه في الحوض..
زوجته في الخارج عند أمها مع لمياء ابنته.. سوف تعود عند منتصف الليل.. وقتها سيكون قد فرغ من التدريس، وجلس شارد الذهن يتابع التليفزيون..
يعود لقاعة الدرس ويلقي دعابة أو دعابتين.. البنات يضحكن أكثر من اللازم، والسبب طبعًا هو أنه كهل وسيم جذاب.. يعرف هذا جيدًا، لكنه لا يحاول استغلاله في شيء أكثر من الفوز ببعض الاحترام...
صار كتاب التاريخ عادة لديه من كثرة ما قام بتدريسه، وهو يعرف كل سطر وكل تاريخ وكل ورطة خبيثة صنعها ممتحنو الوزارة.. ومع الوقت صار يشعر بأن هذا كله قد مرّ به في حياة أخرى.. حتى دعابات التلاميذ وقلة أدبهم وملاحظاتهم.. لقد رأى هذا كله من قبل.. اليوم يحدث شيء جديد...
كان الخطاب هناك.. تحت باب غرفة النوم..
انحنى والتقطه.. كان مظروفًا أنيقًا سميكًا يوحي بالاحترام.. غريب هذا.. من أين جاء؟ لا أحد من الصبية يصل لهذا الجزء؛ لأن قاعة التدريس منعزلة تمامًا عن باقي الشقة.. باب واحد يطل على الدرج.. لا يوجد مخرج آخر لها سوى الباب الذي يجتازه هو كلما أراد الذهاب للمطبخ والحمام..
فتح المظروف في حذر ليجد ورقة لا تقلّ فخامة..
"الثلاثاء 18 إبريل..
"استعدّ للموت في الثامنة مساء..
مع فائق الاحترام".
ما هذا السخف؟ ومن الذي كتب هذا الهراء؟
حمل الورقة والمظروف إلى غرفة الدرس، ولوّح بهما وهو يحدج الطلبة بعين نارية:
"من السخيف ابن السخيف الذي جلب هذا الخطاب؟"
كانت النتيجة هي مجموعة من الأبقار تخور.. خطاب ماذا؟ عم تتكلم بالضبط؟ غباء في العيون لا شكّ فيه.. يمكن القول إن من فعل هذا ليس في هذه المجموعة بالذات، ولربما كان من مجموعة سابقة.. لكن كيف تسلل إلى الشقة؟
صاح في غيظ ناري:
"سوف أعرف من هو وسوف أذيقه الويل.. سأسلخه سلخًا".
هنا تساءلت فتاة على قدر من الجرأة:
"ماذا في الخطاب بالضبط؟"
"هذا ليس من شأنك.. لكنه خطاب موجّه لي وفيه كلمات وقحة".
وقحة؟ التهديد بالموت قد يكون مخيفًا وقد يكون موجسًا أو مقبضًا، لكن لفظة (وقح) لا تنطبق عليه حتمًا..
سخف.. لكنه برغم هذا شعر بشيء يعتصر قلبه.. تشاؤم.. انقباض.. سمّه ما شئت. الغموض يضفي على الموقف رهبة لا شكّ فيها.. لو كانت هذه مزحة فهي مزحة سخيفة جدًا..
*****************************
هنا تجد هذا المظروف الغامض (رسوم: فواز)
الدكتورة هند قامت بتركيب القسطرة، وتأكدت من أن المريضة أفرغت المثانة تمامًا.. ثم راحت تنتظر في صبر وتوتر اللحظة الدرامية الكبرى.. لحظة ظهور المشيمة الملفوفة حول نفسها كفطيرة بيتزا..
من مكان ما يعوي الوليد بينما الطبيب المساعد يشفط المخاط من منخريه، واللحظة النهائية الجميلة.. الشعور بالراحة والاستسلام الفخور للأم المبللة بالعرق التي التصق شعرها ببعضه.. هذه الفوضى وكل هذا الدم والإفرازات سوف تنتهي فورًا ويعود كل شيء نظيفًا..
فرغت من العمل فألقت بقفازيها على الأرض في إهمال.. تحب هذه اللحظة، خاصة عندما تتذكر قدح الكابوتشينو في غرفة الانتظار.. القدح الساخن الذي ينبعث منه البخار...
تخرج من غرفة الولادة وقد تخلصت كذلك من المريولة الواقية الثقيلة الغارقة في الدم، ومشت بالشبشب البلاستيكي والبيجامة الزرقاء التي تجعلها كالمجانين.. تتجه لغرفة الانتظار وهناك تلقي بنفسها على أريكة.
تنهض إلى خزانة الثياب وتفتحها بالمفتاح الصغير، ثم تبحث بين ثيابها عن علبة السجائر.. هنا تجد هذا المظروف الغامض.. مظروف أنيق جدًا كأنه قادم من فندق محترم عريق...
عبثت حتى أخرجت الورقة من داخل المظروف وقرأت المكتوب:
"الثلاثاء 18 ابريل..
"استعدي لقتل رجل في الثامنة مساء..
مع فائق الاحترام".
ما هذه الدعابة السخيفة؟ معنى هذا مقلق جدًا، وهو أن هناك من يحتفظ بمفتاح لخزانة الثياب سواها؛ لأن هذا الخطاب لم يكن هنا قبل أن تبدأ عملية التوليد.. ولكن..
النقود... هل؟
غريب.. هناك مبلغ يقترب من ألفي جنيه، لكنه لم يُمسّ بتاتًا.. من فعل هذا متسلل وليس لصًا، وكان غرضه الوحيد توصيل الرسالة.. الرسالة التي لا معنى لها..
تلك الصيغة المهذبة المجاملة كأنها دعوة لمؤتمر علمي.. قتل رجل في الثامنة مساء.. دقة غير عادية.. ومن هو ذلك الرجل؟
يمكن أن يكون هذا تحذيرًا من خطأ طبي قادم، لكن يجب أن نتذكر أنها لا تتعامل إلا مع النساء منذ سنين.. كيف تقتل رجلاً إذن إن لم يكن دهمًا بسيارتها؟ طبعًا هذا احتمال قوي جدًا، لكن لا تنس أنها لا تجيد القيادة ولم تجلس خلف المقود قط!
إذن كيف؟ وما معنى هذا الكلام؟
بالطبع قامت بترضية ضميرها واستجوبت بعض العمال والممرضات.. بعض زميلاتها.. كما توقّعت لم تظفر سوى بالبله المغولي وخرس الأسماك.. كلهم أبرياء.. لم يفعل هذا أحد..
فتحت التقويم الذي تضعه على مكتبها:
الثلاثاء الثامنة مساء هو موعدها في جمعية نسائية طلبت استضافتها..
هل يجب أن تغيّر الموعد لتجعله موعدًا للقتل إذن؟
يُتبَع


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.