وزارة البترول تؤكد نجاحها في تأمين إمدادات الطاقة خلال ذروة الصيف    منتخب شابات القدم يستعد للسفر لمواجهة غينيا الاستوائية في تصفيات المونديال    ثقافة الأقصر تحتفي باليوم المصري للموسيقى بعروض فنية متنوعة بحاجر العديسات    وزير الإسكان يستقبل وزير الأشغال البحريني لبحث أوجه التعاون بين مصر والبحرين    هل تحظر الحكومة تيك توك؟ مدبولي يرد    مدير الإصلاح الزراعي الجديد بالشرقية: توظيف كافة الموارد لخدمة القطاع الزراعي    نتنياهو وكاتس يجتمعان لبحث الحملة العسكرية المكثفة على غزة    الصين تحث الولايات المتحدة واليابان على سحب نظام صواريخ تايفون في أسرع وقت    الأمن يضبط زوجة حاولت إنهاء حياة زوجها إثر مشادة كلامية بالشرقية    المصرية للاتصالات تكرم أبطال الأوليمبياد الخاص المشاركين بالمسابقة الإقليمية الأولى للفروسية بالإمارات    السفير الفرنسي: تدشين الأكاديمية الدولية للعمران بهدف تشكيل مستقبل التنمية الحضرية    موقف نجم الزمالك من مباراة القمة أمام الأهلي بالدوري الممتاز    وزير التعليم: خطة متكاملة لضمان بداية منضبطة للعام الدراسي الجديد.. الكتب المدرسية تصدر حصريًا عن الوزارة.. استراتيجية جديدة للتوسع في إنشاء الفصول الدراسية.. وبشري سارة للمعلمين    وزير التعليم: نخطط لتوسيع مدارس التكنولوجيا التطبيقية إلى 200 مدرسة    قرار عاجل من الجنايات في قضية مقتل "مينا موسى" ممرض المنيا    الفنية العسكرية تفتح باب التسجيل لمنح درجة الماجستير المهنى البينى    جاستن بيبر يعود لإحياء الحفلات بمهرجان كوتشيلا    حكيم وهشام عباس ومصطفي قمر، نجوم التسعينيات يعودون للساحة الغنائية بعد غياب    وفاة أسطورة هوليوود روبرت ريدفورد عن عمر 89 عامًا    سارة سلامة بفستان قصير.. ما سر ارتدائها اللون الأسود؟    غموض في تشخيص حالات داخل مستشفى بالمنوفية، ووزارة الصحة تتدخل    الصحة: إنقاذ سيدة تعاني من تهتك وانفجار بالرحم بعد وفاة الجنين بمستشفى دسوق العام    هتوفرلك في ساندويتشات المدرسة، طريقة عمل الجبن المثلثات    ميار شريف تتأهل للدور الثاني من بطولة تولينتينو الإيطالية للتنس    مفتي الجمهورية: الحروب والجهل والتطرف أخطر ما يهدد التراث الديني والإنساني    المنيا.. مصرع أمين شرطة في حادث انقلاب سيارة بسمالوط    %22 زيادة في أعداد السائحين الوافدين إلى مصر خلال 7 أشهر    رئيس الأركان يلتقي نظيره الليبي خالد حفتر    وزير التعليم العالي: بدء الدراسة في 192 برنامجًا دراسيًا بالجامعات الأهلية    إيقاف تشغيل القطارات الصيفية على خط القاهرة – مرسى مطروح والعكس    انتبه.. تحديث iOS 26 يضعف بطارية موبايلك الآيفون.. وأبل ترد: أمر طبيعى    مقتل مزارع ونجله إثر تجدد خصومة ثأرية بدشنا فى قنا    المستقلين الجدد: الإساءات الإسرائيلية تعكس عدم اتزان وتخبط الكيان الصهيوني    برشلونة يحدد ملعب يوهان كرويف لمواجهة خيتافي في الجولة الخامسة من الليجا    «البترول» تصدر إنفوجرافًا يوضح نجاحها في تأمين إمدادات الطاقة بالكامل    جامعة قناة السويس تعلن مد فترة التسجيل ببرامج الدراسات العليا حتى 30 سبتمبر    البنك الأهلي المصري يحتفل بتخريج دفعة جديدة من الحاصلين على منح دراسية بمدينة زويل    رئيس الرقابة المالية: تلقينا 13 طلباً لتأسيس صناديق عقارية و4 آخرين لإنشاء منصات رقمية    خارجية السويد: الهجوم العسكرى المكثف على غزة يفاقم الوضع الإنساني الكارثى    هل سمعت عن زواج النفحة؟.. دار الإفتاء توضح الحكم الشرعى    موعد شهر رمضان الكريم وأول أيام الصيام فلكيًا    جامعة سوهاج تخفض رسوم برنامج بكالوريوس العلوم المصرفية ومد التقديم لنهاية سبتمبر    تشكيل الهلال المتوقع أمام الدحيل في دوري أبطال آسيا    وزير المالية: زيادة 80 % فى حجم الاستثمارات الخاصة أول 9 أشهر من العام المالى    محافظ المنيا: ندعم كافة مبادرات الصحة العامة لتحسين جودة الرعاية الطبية    وزارة الصحة تطلق خطة لتأهيل 20 ألف قابلة وتحسين خدمات الولادة الطبيعية    أستاذ فقه: الشكر عبادة عظيمة تغيب عن كثير من الناس بسبب الانشغال بالمفقود    99.1% هندسة بترول السويس و97.5% هندسة أسيوط بتنسيق الثانوي الصناعي 5 سنوات    أمين الإفتاء: الكلاب طاهرة وغسل الإناء الذي ولغ فيه أمر تعبدي    ميرتس يسعى لكسب ثقة قطاع الأعمال ويعد ب«خريف إصلاحات» لإعادة التنافسية لألمانيا    اختلف معها فطعنته.. التحقيق مع سيدة بتهمة الاعتداء على زوجها في الشرقية    أوباما: تنازلت عن مستحقاتي من أجل الزمالك ولن أطالب بالحصول عليها    الإفتاء تحذر من صور متعددة للكذب يغفل عنها كثير من الناس    ترامب يستبعد شن إسرائيل المزيد من الضربات على قطر    ترامب يعلن مقتل 3 أشخاص باستهداف سفينة مخدرات من فنزويلا    الهلال الأحمر المصري يدفع بأكثر من 122 ألف سلة غذائية عبر قافلة زاد العزة ال38 إلى غزة    تعرف على برجك اليوم 2025/9/16.. «العذراء»: ركّز على عالمك العاطفى .. و«الدلو»: عقلك المبدع يبحث دومًا عن الجديد    إبراهيم صلاح: فيريرا كسب ثقة جماهير الزمالك بعد التوقف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. نبيل فاروق يكتب.. "الستار الأسود": الآخر
نشر في بص وطل يوم 05 - 06 - 2012


لا يمكنني احتمال كل هذا..
لا يمكنني أبدا..

ذلك القاتل الوحشي قيدني في إحكام، حتى لم أعد أستطيع تحريك طرف واحد في جسدي كله..
ولا يمكنني حتى إبعاد رأسي..
أو إغلاق عيني..

أنا مُجبر على رؤية كل ما يرتكبه من أعمال وحشية دموية..
لست أدري حتى كيف فاجأنا..
ولا كيف فعل بنا هذا..

كنت ورفاقي نبحث عن مكان متوارٍ يمكننا فيه أن ندخن بعض المخدرات دون أن يلمحنا أحد..
ولقد عثرنا بالمصادفة على هذا المكان..

منزل قديم متهدم، تطل إحدى حجراته، التي فقدت جدارا أساسيا، على ساحة خالية، تمتد لمسافة كيلو متر تقريبا..
ولقد بدا لنا المكان مثاليا للغاية..
مكان بعيد..
خالٍ..
مهجور..

لا يمكن أن يشعر بك أحد، أو حتى يسمعك أحد فيه..
وبالفعل بدأنا في إعداد مجلسنا المطل على تلك الساحة الخالية، وأشعل بعضنا النار، في حين بدأ البعض الآخر في إعداد النرجيلة، و...

وفجأة، ظهر هو..
لم نكن قد بدأنا في تدخين أي مخدرات، كما قد يتبادر إلى ذهنك في البداية، ولم يكن أينا قد اقترب منها حتى..
كنا جميعا في أتم الصحة والعافية..
وعقولنا كلها يقظة..
تماما..

وعندما ظهر هو، كان شرسا صارما، من اللحظة الأولى..
وكان يحمل مسدسا..

في البداية، تصورنا أنه شخص يمازحنا، حتى أن بعضنا قد أطلق ضحكات مرحة، ودعابات لطيفة..
لكنه لم يكن مازحا..

علمنا هذا، عندما أدار عينيه الشريرتين في وجوهنا، بكل غضب الدنيا..
عندها توقفنا عن الضحك والدعابة..
وبدأ الخوف يتسلل إلى نفوسنا..
فماذا يريد منا؟
ماذا؟

كنا خمسة شباب أقوياء..
ولكنه كان يحمل مسدسا..
وتصورنا كلنا أن ما يستهدفه هو سرقتنا، والاستيلاء على ما نملك..
ولقد عرض عليه بعضنا هذا بالفعل..
وجاءت إجابته، لتفسر لنا كل شيء..
جاءت عبر رصاصة من مسدسه، أصابت رأس أحدنا مباشرة..

ومع سقوط رفيقنا جثة هامدة، أدركنا الحقيقة..
إنه ليس سارقا..
إنه قاتل..
رحنا نرتجف، ونبكي، ونتوسل..
وما من مجيب..

كان قاسيا، صارما، ساديا، يستمتع برعبنا وعذابنا وتوسلاتنا وألمنا..
وبكل وحشية الدنيا، أمرنا أن يقيد بعضنا البعض..
ومع الرعب الذي ملأ نفوسنا، أطعناه..

كنا نعلم أن القيود ستعني أننا قد صرنا في قبضته تماما..
ولكننا لم نملك الاعتراض..
وكان هذا ما ينشده بالضبط..
القوة..
والشعور بالقوة..

وبكل مهابة الدنيا وخوفها ورعبها، رحت أحدق فيه، بعد أن انتهيت من تقييد آخر رفاقي، عندما انتبهت إلى تلك النظرة الوحشية، التي يرمقني بها..
لم أكن أدري لحظتها أن اختياره قد وقع عليَّ لأكون شاهدا على وحشيته وساديته، قبل أن يحين دوري..
ولست أدري حتى كيف قيدني، ولكنني وجدت نفسي مكبلا تماما، وغير قادر على تحريك إصبع واحد..

ولقد جذب جفني إلى أعلى وأسفل بوسيلة ما، فلم أعد قادرا على إغلاق عيني أيضا..
كنت مضطرا إلى مراقبته، وهو يرتكب جرائمه الوحشية..
وكان جسدي كله يرتجف..
ويرتجف..
ويرتجف..

وفي برود سادي عجيب، اتجه نحو أول رفاقي، وأخرج من جيبه سكينا ذا نصل طويل حاد، راح يمرره على وجه رفيقي، الذي راح ينتحب في رعب، والكمامة اللاصقة على فمه تمنعه من الاستنجاد..

ثم بدأت اللعبة السادية..
بطرف نصل السكينة الحاد، راح ذلك السفاح يمزق وجه رفيقي، بضربات سريعة سطحية..
رأيت الدم يغرق وجهه..
والرفيقان الآخران تتسع أعينهما في رعب هائل..
ثم جاءت الطعنة الأخيرة..
بعد أن تمزق وجه رفيقي الأول تماما، طعنه ذلك السفاح في جانب عنقه، طعنة سريعة غادرة قوية..

وبعينيّ المذعورتين، شاهدت النصل يغوص في عنق رفيقي، من الجانب الأيسر، ثم يبرز من الجانب الأيمن..
واتسعت عيناه في ألم ورعب..
ثم سقط جثة هامدة..
وتدفقت الدماء من عنقه في غزارة..
وفي هدوء، التفت السفاح إلى الثاني..
وفي بطء أيضا، راح يمرر نصل خنجره..
ليس على وجهه هذه المرة، وإنما على صدره..

وعبر الكمامة اللاصقة، سمعت رفيقي يهمهم متوسلا، ويحاول الصراخ، ولكن ذلك السفاح لم يبد ذرة واحدة من الاهتمام..
ولا من الرحمة..

لقد بدأ بكل هدوء في تمزيق صدر الثاني بنصل خنجره، ورفيقي يتلوى ألما وعذابا..

ثم بدأ السفاح في شق صدره..
كان يعمل في هدوء مذهل، كما لو أنه يشق صدر لعبة من الفراء..
وأمام عيني الذاهلتين، رأيت قلب رفيقي الثاني..
رأيته يبرز، عبر ضلوعه المقطوعة وصدره الممزق..
رأيته ينبض..
وينبض..

وتساءلت في حيرة، على الرغم مما ملأ جسدي من خوف ورعب: كيف يمكن أن ينبض قلب على هذا النحو المكشوف؟
بل كيف يمكن أن يحيا؟

وبكل رعب الدنيا، شاهدت السفاح يمد يده، ويمسك قلب صديقي داخل صدره، ثم ينتزعه في قوة..
وانتفض جسد رفيقي الثاني، قبل أن يسقط جثة هامدة..
وأصيب الرفيق الثالث والأخير بحالة رعب، لم أرَ لها مثيلاً، وهو يحدق في يد السفاح التي أمسكت قلب رفيقه وهو يتطلع إليه في ازدراء، ثم ألقاه بكل قوته نحو تلك الساحة الخالية قبل أن يلتفت إلى ضحيته الثالثة..

كان الرعب قد بلغ من الثالث مبلغه، حتى أنه راح يطلق صرخات هستيرية مذعورة مكتومة، من خلف كمامته اللاصقة، فجذبه السفاح من شعره، وراح يتطلع إلى رعبه في استمتاع صامت قبل أن يخالف أسلوبه السابق ويضع نصل سكينه الطويل على عنقه ويبدأ في ذبحه بكل هدوء وبرود..

وراح رفيقي الثالث ينتفض..
وينتفض..
وينتفض..

وتفجرت الدماء من عنقه في قوة، وأغرقت ثيابه وثياب السفاح، الذي واصل عمله بنفس الهدوء والبرود، قبل أن ينهض واقفا وهو يحمل رأس رفيقي الثالث من شعره وقد ظلت عيناه متسعتين من الرعب والألم..

رأيت جسد رفيقي الثالث يسقط بلا رأس، والسفاح يقف في هدوء ممسكا بالرأس الذي يقطر دما قبل أن يرفعه إلى وجهه، وكأنما يريد أن يلقي عليه نظرة متشفية أخيرة قبل أن يلقيه أيضا بكل قوته نحو تلك الساحة الخالية..

وبعدها التفت إليّ..
وبكل رعب الدنيا، راح جسدي يرتجف..
لقد حان دوري..
لو أنه قتلهم بكل تلك الوحشية، فماذا سيفعل بى؟
ماذا؟
ماذا؟

اقترب السفاح مني في بطء وانحنى يواجهني مباشرة، التقت عيناه بعينيّ دون مواربة وأصبحت أرى ملامحه في وضوح..
رباه! إنني أعرف هذه الملامح جيدا..
أعرفها بكل تفاصيلها..
أعرفها حتما..
واقترب مني السفاح بوجهه..
واقترب..
واقترب..
و..
"ما كل هذه البشاعة ؟!".

سمعت العبارة فجأة، وتلاشى معها ظلام الليل، لأنتبه إلى أنني راقد على فراش نظيف، في حجرة قليلة الأثاث بها إضاءة جيدة، وعلى مسافة خطوات مني يقف رجل في معطف أبيض، يقول لآخر في ثياب مدنية:
- حالات انفصام الشخصية، التي تبلغ هذا الحد، لا يمكنها أن تتوقف عن تناول الدواء أبدا.

سأله المدني في توتر:
- ما فائدة العلاج إذن؟
أجابه صاحب المعطف الأبيض في حزم:
- الحفاظ على المريض في حالة توازن.. فبدون العلاج، يمكن أن يصنع المريض لنفسه عالما وهميا خياليا، يحقق فيه ما يعجز عن تحقيقه بشخصيته العادية في عالمه الفعلي..

ألقى ذو الثياب المدنية نظرة عليّ، قبل أن يقول:
- أتعني أن عجزه عن الانتقام من هؤلاء الأربعة، الذين أهانوه وسط حيه السكني، هو الذي دفعه إلى تقمص شخصية السفاح الوهمي.
أجابه صاحب المعطف الأبيض في حماس:
- بالضبط.. لقد تقمص في خياله المريض تلك الشخصية الدموية البشعة التي استدرجتهم إلى منطقة مهجورة وقتلتهم جميعهم بلا رحمة، كما سمعته يروي في هذيانه.

أشار إليّ ذو الثياب المدنية، قائلا:
- في عالمه الوهمي؟!
كرر صاحب المعطف الأبيض:
- بالضبط.

التقط ذو الثياب المدنية نفسا عميقا، قبل أن يقول في حزم:
- معذرة أيها الطبيب، ولكنني كرجل أمن لم أستطع غض البصر عن أربع جرائم بهذه الوحشية رواها لي مختل عبر الهاتف، مهما كانت تفسيراتك الطبية، خاصة أنه عندما وصلت سيارة النجدة إلى حيث أشار في اتصاله، كانت هناك دمي ممزقة في كل مكان، وكان هو يقف هناك، ممسكا رأس دمية من القطن، ويصر في هستيريا واضحة، على أنها رأس آخر ضحاياه.

تساءلت في حيرة: عمن يتحدثون؟
السفاح هو من فعل هذا، وليس أنا.
إنهم مصابون بمشكلة نفسية حتما.
لقد خلطوا بيني وبين الآخر.
لديهم انفصام في الشخصية بالتأكيد.
لست أنا من فعلها.

إنه هو..
ذلك السفاح..
الآخر.

***


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.