السلام عليكم في البداية أحب أشكركم أوي على الباب ده وعلى الموقع كله.. أنا هاحكي مشكلتي على طول، وبجد مستنية مساعدتكم.. أنا بنت عندي 20 سنة، طول عمري بفضل الله كنت معروفة بين الناس بتفوقي وذكائي وجمالي وقوة شخصيتي وحب الناس ليّ ورغبتهم في عمل صداقات معايا.. كان عندي علاقات كتير، وكنت أي تحدّي بادخله باكسب فيه، وباكون الأولى.. كنت متميزة ومحور اهتمام الناس في أي مكان أنا فيه. وفجأة ودون مقدمات حالتي النفسية تعبت.. سبب التحول المفاجئ ده هو إني كان ليّ جروب أصحاب، كنت بحبهم أوي أوي بجد وباعتبرهم إخواتي كلهم، واتصدمت فيهم صدمة كبيرة أوي، وحصلت خلافات كتيرة وسبنا بعض كلنا.. كانت أول مرة أتصدم في ناس بحبهم أوي، من ساعتها وأنا حاسة إني غريبة، ومستواي الدراسي والاجتماعي اتدهور ومريت بحالة اكتئاب؛ عياط ورفض تعامل مع الناس.. ما كنتش باعرف أصلا، وحتى الآن مش عارفة أرجع لحياتي، ومش عارفة ألاقي نفسي.. أنا كنت باجيب امتياز كل سنة في كليتي، والسنة دي تقديري نزل أوي، وده تاعبني أوي ورافضة وضعي ده، ومش عارفة أغيّره، ومش عارفة أساعد نفسي. أرجوكم ساعدوني. momo صديقتي العزيزة: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. ما ذكرتِه في رسالتك يشير -بلا شك- إلى أنك تعانين من حالة اكتئاب نفسي، والاكتئاب يا عزيزتي له العديد من النظريات التي تفسّر أسبابه فهناك النظرية البيولوجية والتي تركّز على الاستعداد الوراثي وخلل المرسلات الكيمائية في المخّ، وهناك النظريات التي تعنى بالتحليل النفسي والتي تركّز على مرحلة الطفولة وخبراتها المؤلمة؛ كسوء المعاملة أو الحرمان العاطفي في الأسرة واضطراب العلاقة بأحد الأبوين وخاصة الأم. ولكن في حالتك أرى أن تفسيرها بالنظرية المعرفية للاكتئاب سيكون هو الصواب لكي تفهمي كيف حدث لك ذلك، ويكون ذلك عوناً لك على التغيير والشفاء بإذن الله.. والنظرية المعرفية يا عزيزتي تعنى بأخطاء التفكير، وكيف أن الأفكار والمفاهيم السلبية تكدر صفو الحياة، وربما تصل بنا إلى الاكتئاب والحزن، وأنا ألمح بين سطورك أفكاراً سلبية دعينا نستعرضها معاً وكذلك نكتشف ما إذا كانت لديك أفكار ومفاهيم سلبية أخرى ولم توضحيها في رسالتك؛ ومن هذه الأفكار: 1- التركيز على التفوق كشيء لا بد أن تكوني معروفة به لدى الناس.. إذن لا بد أن يرى الناس تفوقي.. إذن التفوق هنا أصبح غاية تسعين إليه في حد ذاته؛ من أجل التميز بين الناس، بينما التفوق يعتبر وسيلة لتحقيق الأهداف، فالتفوق كغاية مرحلة بدائية يسعى لها الأطفال لكي يصفّق لهم الآخرون، وهذا يُشعرهم بأهميتهم ووجودهم لكن مع التطور والنضج يصبح التفوق من أجل تحقيق آمال شخصية كالالتحاق بكلية معينة مثلاً، ثم التفوق في الكلية من أجل التعيين في الكلية أو الحصول على مهنة مميزة وهكذا... لذلك حينما تعرضت لضغوط نفسية وبدأت في الانعزال عن الناس لم يعد للتفوق قيمة بالنسبة لك، فما قيمة التفوق إذا لم يكن هناك ناس سيعترفون بي ويتقربون لي؟ مع العلم أن هذه الفكرة السلبية منبعها ضعف الثقة بالنفس. 2- مفهوم الأبيض والأسود (التفكير المطلق): فأنت تعتبرين نفسك فاشلة ما دمت لم تحصلي على تقدير ممتاز كما كنت قبل ذلك (إذن الفكرة هي إذا لم أكن متفوقة فأنا فاشلة). والتحول من الصداقات والعلاقات الاجتماعية الكثيرة للعزلة بعدما حدث موقف لم توضحيه في رسالتك، بالرغم من أهمية تفاصيله التي ستشير في الغالب إلى نمط آخر سلبي في التعامل مع الآخر ينطوي على فكرة الأبيض والأسود. والآن حاولي أن تتأملي هذه الأفكار السلبية، وتراجعي ما إذا كانت تتكرر معك: 1- التركيز على النقاط السلبية في المواقف الحياتية المختلفة وتضخيمها، (راجعي ذلك في موقف الخلاف مع أصدقائك). 2- توقّع السوء ما دمت عانيت منه ولو لمرة واحدة (مثلاً اتصدمت مع الأصدقاء يبقى كل الناس كده يبقى خليني في وحدتي أفضل، ولن أكرر تجربة الصداقة مرة أخرى). 3- رؤية الآخر من خلال أفكارنا ومشاعرنا.. فنتصور أنه يفكّر مثلنا ويرى الأمور كما نراها، وينفعل ويغضب ويتفاعل مع ما نتفاعل نحن معه.. وهنا لا نرى الآخر على الإطلاق، فإذا صدر منه ما كان مخالفاً لتصوراتنا صُدِمنا وانقلبنا ونعتبر أننا خدعنا في فلان.. بينما من حق الآخر أن يختلف في تصوراته وأفكاره وآرائه وانفعالاته. 4- التمركز حول الذات في تفسير تصرفات الآخرين: مثلاً صديقي اليوم لا يبتسم.. ده متضايق مني.. ده اتغير معايا.. ده متضايق لأني مثلاً تميزت عنه في أمر ما.. وهكذا... بينما هو لا يبتسم مثلاً لأنه لم ينم لساعات كافية أو يشعر بتعب لأي سبب أو لديه مشكلة... 5- مقارنة الذات بالآخرين، وافتراض أنني لا بد أن أكون الأفضل طوال الوقت.. لازم أكون أشيك واحدة، لازم أكون أشطر واحدة... إلخ. 6- رؤية الإنسان لنفسه أنه هو الصح وهو الذي يخشى الله وهو الذي يعرف العدل، بينما الآخرون لا يلتزمون بالدين والأخلاق ولا يعرفون الحق والعدل. 7- الاعتماد على الآخرين وأفعالهم معي كمصدر للسعادة، وإن لم تسعدني أفعالهم فلا بد أن يتصرفوا مثلما أريد، أي لا بد أن أغيّر الآخر ليلائم احتياجاتي، وإلا سأقاطعه وأبحث عن غيره أو أعتزل الناس... والواقع أننا لن نستطيع تغيير الآخرين لكن نستطيع أن نغير أنفسنا، ونجلب لها السعادة بالتكيف على الواقع. راجعي هذه الأفكار وطابقيها بما حدث معك في موقف الأصدقاء ومواقف حياتك عموماً، وأعتقد أن بعضها أو أغلبها ربما ينطبق عليك. والآن نصيحتي لك أن تتبعي ما يلي: 1- تعلمي التفكير الإيجابي: • تخلي عن "لازم" و"لا بد" وتعلّمي: احتمال.. ممكن.. ربما.. أستطيع.. مثلاً تخلي عن: لازم أتفوق لازم الناس تحبني وأكون معروفة بينهم بتفوقي.. واستبدلي ذلك بكلمات مثل ممكن أتفوق تاني بإذن الله لو بذلت مجهودا أكبر وعرفت إيه أهدافي في المرحلة القادمة، وسعيت لها بكل طاقاتي سأسعى وأجتهد، وليس عليّ إدراك النجاح، فهذا بيد الله والله يكتب لنا ما فيه الخير (غذّي عقلك بنور الإيمان). • راجعي أفكارك السلبية واسعي في تعديلها. • ارصدي أفكارك السلبية وقرري أن تكون لك إرادة قوية لتتخلصي من هذه الأفكار، واصنعي جدولاً أسبوعياً تدوّنين فيه كم مرة نجحت في رصد الفكرة في حينها، ولم تتمكن منك ولم ينتج عنها مشاعر حزينة أو سلوك سلبي (مثلاً حينما يسعى الأصدقاء في محاولة لجذبك للخروج معهم تخلي عن فكرة أنك نكدية ارصدي الفكرة لو أومضت في ذهنك فجأة قاومي الفكرة، وغذي عقلك بفكرة أنك ما دمت مرحة ويحبك الآخرون، وإلا لما سعى إليك الأصدقاء، وقرري الخروج معهم واستدعي كل ما هو مبهج في حوارك معهم... • تخلصي من العلاقات السلبية في حياتك ولا تصري عليها، ومن هذه العلاقات: المنتقدون والحاقدون والشخصيات كثيرة الشكوى. • لا تنسي أن الصلاة والعبادة والدعاء خير معين لنا لذهاب الكرب والغم. هذا جزء كبير مما نفعله في جلسات العلاج المعرفي السلوكي لعلاج الاكتئاب، فابدئي وحاولي جاهدة أن تغيري نمط تفكيرك لقهر الاكتئاب. فقط أود أن أذكّرك بأن الأمر قد يحتاج لوقت طويل قد يصل لشهور عديدة حتى تشعري بالتغيير والسعادة المترتبة على ذلك بإذن الله.. فقرري إذا كان بإمكانك تطبيق ذلك وإلا فلا بد من زيارة الطبيب النفسي؛ لمساعدتك بمضادات الاكتئاب وعمل جلسات علاج معرفي سلوكي بشكل منتظم.. ونحن معك وتابعينا بأخبارك... وفقك الله.