تقدم في خطوات سريعة تناسب قوامه الرياضي وتوقف قليلا ليقرا اللافتة التى تشير الي مستشفي الإمراض العقلية والعصبية ولم يهتم كثيرا شأن من تعود علي اكثر من ذلك. تقدم في الممر الداخلي للمستشفي وإمامه ممرضة ترشده الي طريقه وتتوقف وهى تشير الي أحدى الغرف ثم تطرق له الباب وتفتحه وتنسحب في هدوء وهى تضع يدها في جيبها وتتحسس مابه من نقود أخذتها من هذا الزائر الغامض. جلس امام سريرها ينظر اليها وهى منكسرة مذعورة تتلفت حولها باستمرار . اغمض عينه وهو يتذكر شيئا من الماضي وهو يهز راسه غير مصدق لما يراه امامه في منظرها .ينهض في صمت ليرحل دون ان يتبادل معها اي حوار تستوقفه بذعر شديد: ايه اللي جابك بعد كل الفترة دى كلها ببرود: جيت اطمن عليك عشان محتاجك جنبي. تضحك بهستريا: محتاجنى جنبك تفتكر اللي قدامك تنفع في أي حاجة وهى تشير الي نفسها بيدها. يبتسم: لو مش عارفك ماكنتش قلت كده. يملاءها الأمل: افهم من كده انك ها تخرجنى من الجحيم ده وهو يتجه الي الباب: لو عملت ده مش هاكون ساعدتك لازم تخلصي نفسك عشان تقدري ترجعي من تانى. أخذت تدور في الغرفة باحثة عن مكان تخفي به ما اخذته من ضيفها من نقود جلست على فراشها تفكر في حالها وكيف وصلت إليه وكيف أصبحت نزيلة مستشفي الإمراض العقلية. أخرجت رزمة من النقود وفكتها ووضعتها في جيبها دقت الساعة معلنة الساعة الرابعة انتفضت فانه موعد الحقنة المهدئة وجلسة الكهرباء التى تشك انهم يدمران مخها وليس علاج. دخلت الممرضة الغرفة وهى تخبرها بانه ميعاد الحقنة وجلسة الكهرباء وهى تبتسم تنهض من سريرها ببطء وهى تتجه للممرضة وتهمس في اذنها (بانها مشغولة اليوم) تصعق الممرضة من رد فعلها وهى تسألها في بلاهه أنتي قلت ايه قولي تانى تخرج من جيبها ورقة فئة 100 جنيه وتضعها امام عينها بهدوء: أنا مشغولة النهاردة ينفع نلغي الحقنة تخطف النقود بلهفة شديدة: انا تحت امرك على العموم الحقنة مش هاتفيدك كتير تخرج من جيبها ورقة مالية اخري تعطيها لها وهى تامرها بان تشتري لهما عشاء فخم من خارج المستشفي. خرجت الممرضة وهى تكاد تطير فرحا من السعادة ابتسمت وهى تعتدل على سريرها لقد وضعت اليوم حجر الاساس لخروجها من المستشفي جلست تتناول طعام العشاء مع الممرضة وهى تسال الممرضة عن احوالها وعن المستشفي واطباءها تطلب من الممرضة الا يعلم احد بعلاقتها بها. تدخل شقة الممرضة وهى ترتدى احد فساتين الممرضة بعد ان ساعدتها الممرضة على الخروج من المستشفي لعدة ساعات دفعت ثمنهم تعاين الشقة وهى تقرر إن تجعلها مقرا لها خارج المستشفي وهى تامر الممرضة ان تذهب لتنفيذ ما إمرتها به قبل ان يمر الليل كانت نائمة في سريرها في المستشفي. كان فريد زوجها يتابع عمله في شركتها عندما دخلت عليه سكرتيرته المكتب بسرعة دون ان تستأذن بلهفة: فريد فيه برقية لملك مرآتك من أمريكا ينظر إليها وهو يتطلع إلي جمالها ويتذكر كيف استطعت ان تقلبه على زوجته وجعلته يغدر بها ويدمر حياتها أنها لا تعلم انه لا ينام الليل وهو يتصورها تدخل عليه غرفته وتقتله ومن سخرية القدر أنها لن تسجن فيه ساعة لانها لديها شهادة انها مجنونة دفع الكثير ليحصل عليها يأخذ البرقية ويقراها وهو غير مصدق لما يراه. تدخل الممرضة غرفتها وتقف أمامها وهى تتلفت حولها برغم انها اغلقت الباب وتخرج من ملابسها ملف تقدمه لها الممرضة: ده ملفك في المستشفي تقلب في الملف باهتمام تنظر الي الممرضة التى تقف في انتظار الثمن واي اوامر جديدة تخرج عدد من النقود تعطيها لها. تأخذها بلهفة.
كان فريد يجلس في غرفة صديقه مدير المستشفي وهو يشرح له ما حدث وهو يخبره بان عم ملك قد مات وأوصي لها بثروته ولكن لابد ان تكون مدركة قادرة على إدارة شركاته وانه علم ان سبب هذا الشرط أن جدة ملك أصيبت بالجنون يبتسم الطبيب وقد فهم غرض فريد من زيارته الطبيب: انا ليه ما كتبتش أي تقارير في حالة ملك لحد ما تبقي مجنونة فعلا فريد: انا عاوز أخرجها معايا لحد ما تستلم الميراث وبعد كده تبقي لينا معاها قعدة تانية من جديد يضحكان الاثنان كالشياطين. دخلت بيتها وهى تحمل حقيبة يدها وفي داخلها نصرا صغيرا ولكنها قالت لنفسها صحيح انها خرجت من المستشفي ولكن الأمر لم ينتهي لابد من ان يدفع ثمن ما فعله بها. كان يسير بجوارها وهو يطلب منها الصفح في ذل وان سبب إدخالها المستشفي كان رأي الأطباء تسمع كلامه ولا ترد عليه. كانت تجلس في شقتها وهى تعلم بأنها مراقبة اغلب الوقت من الخدم ابتسمت وهى تحدث نفسها فلو أدرك فريد ما ينتظره منها لفر هاربا فورا تلقت اتصالا هاتفيا فدخلت الي غرفتها وارتدت ملابسها وخرجت فورا. ذهبت إلي القسم وهناك فوجئت بالضابط يخبرها بانه قد تم القبض علي زوجها مع سكرتيرته في أحدى الشقق المفروشة تتظاهر بالصدمة وهى تعدو خارجة من القسم. خرج فريد من القسم بعد أربعة أيام فتوجه إلي شركته فوجد طاقم امن جديد لا يعرفه حاول الدخول فمنعوه من الدخول وعلم ان هذه أوامر زوجته صاحبة الشركة ثار ثورة عارمة وحاول الدخول بالقوة فتم ضربه واقتياده إلي القسم حيث كتب تعهد على نفسه بعدم التعرض. خرج من القسم وهو يعدو إلى شقته وفي نيته أن يشفي غليله منها حاول الدخول بمفتاحه ففشل فاخذ يطرق الباب بعنف يصعد إليه البواب وهو يخبره أن زوجته قد باعت الشقة ورحلت يهيم على وجهه في الشوارع وهو يبحث عن مكان ينام فيه حتى الصباح ليذهب الي البنك ليسحب نقود ينفق منها . يفاجآ في الصباح بأنها قد أغلقت الحساب بعد ان سحبت كل الأموال الموجودة فيه . فتحت السكرتيرة الباب فوجدته إمامها في حالة يرثي لها وهو حطام إنسان يحكى لها ما أصابه وكيف ان زوجته قد أخذت كل شئ منه قبل ان ترحل ويطلب منها ان تستضيفه عدة أيام حتى يفكر ماذا سيفعل ترفض ان تستضيفه بعد ان فقدت سمعتها بسببه وفقدت عملها يثور عليها وهو يخبرها بانه قد أعطاها الكثير وهى لا تتحمله في محنته تطرده من شقتها وهى تفتح له الباب وتأمره بالخروج فيثور عليها وهو يمسك عنقها بيده ويخنقها وهو يعتصره وهو يتهمها بأنها خائنة. في أحدى غرف مستشفي الإمراض العقلية كان يجلس وهو محطم تدخل إليه ببطء شديد وهى تقف بجوار الباب تنظر إليه في غل شديد يرفع عينه إليها ببطء. ملك: كنت أتمنى أخرجك بس للأسف لو خرجت من هنا ها تروح السجن ومش بعيد حبل المشنقة. تدق الساعة معلنة الرابعة فتبتسم آسفة مضطرة أمشى باين عليك مشغول تخرج من الغرفة ببطء يدخل الغرفة احد الممرضين وهو يخبر عن موعد جلسة الكهرباء والحقنة المهدئة فيضحك بحسرة شديدة تخرج من المستشفي فتجد سيارة تتوقف إمامها تنظر الي السائق فتجد الزائر وهو يرحب بعودتها. أشرف عبد الحميد التعليق: الكاتب مرشح بقوة لإمكانيات كتابة الرواية البوليسية. يجيد الحبكة والتشويق ومن هنا فإن هذه القصة تقبل الإطالة والتفصيل في وصف الأماكن والمشاهد والأحداث لكي تكون فعلا رواية بوليسية وهو أدب نحن في حاجة إليه في سوق الكتابة العربية. أيضاً لابد من إتقان اللغة حتى تخلو من الأخطاء. د. سيد البحراوي أستاذ الأدب العربي الحديث بكلية الآداب، جامعة القاهرة