أنا عندي 23 سنة، واشتغلت شوية، وبعدين قعدت من الشغل، ومخطوبة.. وفيه أشياء بتحصل زي إن حد يخطب، أو واحدة تكون حامل، وحاجات كده غريبة -مع إنها مش ناقصاني- لكن أول ما باسمعها باحس بقبضة في قلبي، وممكن أقعد أفكر فيها كتير، ولو حصل أي حاجة وحشة عند الشخص ده باحس إني أنا اللي حسدته، وأوقات كتير باحمّل نفسي حاجات أنا ماليش ذنب فيها؛ يعني مثلا مرة عجبتني واحدة في التليفزيون في برنامج، وبعدها جات متصابة في الحلقة اللي بعدها، قلت: أنا اللي حسدتها؛ بس بعد كده اكتشفت إن البرنامج متسجل من قبل كده بكتير.
بس عايزة أعرف أنا ليه بقيت باحس بالإحساس ده؟
TABARKALLAH
صديقتنا.. الإعجاب بالأشياء التي حولنا هي فطرة طبيعية أوجدها الله تعالى وخلقها في الإنسان؛ أن يحب الشيء الجميل، وتلفت نظره الصورة الحلوة، ويعجبه الصوت العذب، وتجذبه الرائحة العطرة، ويرتاح للمكان المنمق الهادئ.
والإنسان بطبيعته دائماً يريد ويحاول أن يكون الأفضل؛ فإذا ما رأيتِ فتاة أنيقة فإنها تلفت نظرك، وتحاولين أن تكوني مثلها أو أفضل منها.. لكن هناك أشياء يمكن للمرء أن يحوزها بمجهوده، وأخرى لا يمكن له أن يحوزها؛ لأنها تكون منحة من الله؛ فالزوج والأولاد والرزق منحة من الله تعالى، والجمال والقوة منحة من الله تعالى.. أما النجاح فهو يعتمد في جزء كبير منه -بعد الاستعانة بالله- على مجهودنا، وكذلك تحقيق مكانة لنا وسط الناس؛ لكننا ببعض الجهد وحسن التدبير يمكن أن نحسن استخدام ما منحنا الله إياه؛ فنصل لمراتب عالية في دراستنا وأعمالنا بمجهودنا؛ فبشيء من الصبر وبعض الجهد تكونين إنسانة لها ثقلها ووزنها في المجتمع، وبالتالي تحوزين زوجاً جيداً، وعملاً أو منصباً رفيعاً، وبشيء من الأناقة تُظهرين جمالك وتخفين عيوبك، وبشيء من الحكمة والتوازن الشخصي تحوزين محبة الناس واحترامهم.
كل ذلك صديقتي طبيعي، وروح المنافسة بين البشر هي ما يفتح الطريق نحو الأفضل، ويساعد في تشكيل أحلامنا وطموحاتنا ورؤيتنا للمستقبل.. والرسول صلى الله عليه وسلم يحفّز هذا الشعور ويباركه؛ لأنه يساعدنا على أن نكون أفضل دائماً؛ فيقول "لا حسد إلا في اثنتين: رجل علّمه الله القرآن فهو يتلوه آناء الليل وآناء النهار فسمعه جار له فقال: ليتني أوتيتُ مثل ما أوتي فلان فعملتُ مثل ما يعمل، ورجل آتاه الله مالًا فهو يهلكه في الحق؛ فقال رجل: ليتني أوتيت مثل ما أوتي فلان فعملت مثل ما يعمل".
والحسد هنا في الحديث معناه الغبطة أو الحسد الحلال -كما يطلق عليه بعض العلماء- ومعناه أن يدفعني الخير الذي عند غيري للاجتهاد والعمل حتى أحصّل مثله.. والنبي الكريم يشرح أن أفضل ذلك يكون في قراءة القرآن والإنفاق في سبيل الله.
لكن في المقابل علينا أن نواجه النوع الآخر من الحسد؛ وهو الحسد السلبي وهو النوع المحرم؛ الذي تكون فيه رغبة أن تزول هذه النعمة من عند صاحبها.. فلا يجوز لمسلم أن يؤذي مسلماً حتى ولو كان بتمني زوال النعمة منه؛ فما هذه أخلاق المسلم مع أخيه.
ولأننا قد نقع في هذه الدائرة دون أن نشعر فقد علّمنا النبي الأكرم أن نقول إذا أعجبنا شيء: "ما شاء الله لا قوة إلا بالله"؛ حتى لو كان ما يعجبني في نفسي؛ فلو أنك رأيت نفسك في المرآة فأعجبت بشكلك؛ فقولي: "ما شاء الله لا قوة إلا بالله".. وإن خشيت على نفسك أو غيرك من الحسد؛ سواء من غيرك أو منك دون أن تشعري فاقرئي سورة الإخلاص والمعوذتين (الفلق والناس)، ثم قولي هذا الدعاء: "أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة".
رزقَنا الله وإياك سلامة الصدر، وأبعدنا عن كل ضرر أو أذى لأنفسنا ولغيرنا.