السلام عليكم.. في البداية أنا من زوار موقع "بص وطل" منذ افتتاحه، وأحب أحييكم على المجهود الرائع ده، أنا مشكلتي إني حاسس إن كل اختياراتي في الحياة غلط، كل أصحابي اللي عرفتهم مع الوقت اكتشفت إن كل واحد فيهم بيدوّر على مصلحته؛ حتى البنت اللي حبتها -برغم إن الموضوع ماكانش في دماغي من الأول بس هي اللي فضلت ورايا لحد ما حبتها- سابتني من غير سبب. الغريب في الموضوع إن أي حد يتعرف عليّ لأول مرة -سواء ولد أو بنت- يحب أوي إنه يستمر في معرفتي ونبقى أصحاب؛ لكن أنا بقيت أخاف أعرف أي حد؛ لأني باتعب أوي لما يبيعني من غير سبب. أنا لما باعرف أي حد باكشف نفسي قدامه، وبابيّن له عيوبي قبل مزاياي؛ أنا بس نفسي أعرف هو العيب فيّ ولا في الناس، ولا في الزمن اللي إحنا عايشين فيه ده، ولا إيه بالظبط؟ معليش على الإطالة؛ بس أنا حبيت أفضفض بكل اللي جوايا.. مستني ردودكم في أقرب وقت إن شاء الله. Dr.baskoota وعليك السلام ورحمة الله وبركاته صديق "بص وطل" العزيز.. أما بعد. كنت أتمنى صديقي أن أعرف سنك، ونوع دراستك، وظروف المحيطين بك من أصدقاء وأقارب، لك بهم صلات خاصة: زمالة، صداقة طياري، صداقة حميمة؛ يعني أسراركم وخيركم وشركم مع بعضكم (أنتيم يعني).. فهذه الملابسات تمكنني من معرفة من أين يأتي الخلل في علاقاتك الاجتماعية بمن حولك؛ لكن سأحاول أن أجتهد وأخمّن أنك صغير السن (يعني ثانوي مثلا أو أولى جامعة)، وأن صداقاتك بمن حولك تدور في فلكك وحدك؛ يعني أن تصوراتك عن الصداقة مرجعها أنت، أحاسيسك أنت، تصرفاتك أنت، والآخرون في وجهة نظرك بالضرورة يكونون مثلك في الصدق مع الصديق، والتصرف بنزاهة عن المصالح ما دامت غير متبادلة.. يعني من الآخر أنت في وادٍ والناس من حولك في وادٍ آخر؛ لأنهم في زمن المصالح (خد وهات)، والمصلحة هي الهدف المرجوّ تحقيقه أولا.. وبعد كده نتكلم في الصداقة للصداقة، والحب للحب.. إلخ. يقول رب العزة في كتابه العزيز:{وَالْعَصْرِ، إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ، إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ}. فهل تعرف صديقي لماذا أقسم الله عز وجل بالدهر والزمان؟ أقسم الله عز وجل بالزمان؛ لما فيه من أصناف الغرائب والعجائب، والعِبَر والعظات على أن الإنسان في خسران؛ لأنه يفضّل العاجلة على الآجلة، ولأنه تغلب عليه الأهواء والشهوات، ولأنه ترك الطاعات وتمسك بالمحرمات؛ هذا بالطبع إلا من رحم ربي؛ بمعنى أن الآية لجميع الناس إلا من أتى بهذه الأشياء الأربعة؛ وهي: الإيمان، والعمل الصالح، والتواصي بالحق، والتواصي بالصبر؛ فإن نجاة الإنسان لا تكون إلا إذا كمّل الإنسان نفسه بالإيمان والعمل الصالح، وكمّل غيره بالنصح والإرشاد؛ فيكون قد جمع بين حق الله وحق العباد، وهذا هو السر في تخصيص هذه الأمور الأربعة بالذكر في هذه السورة القصيرة، وقد جاءت في غاية الإيجاز والبيان؛ لتوضيح سبب سعادة الإنسان أو شقاوته، ونجاحه في هذه الحياة أو خسرانه ودماره. فهل وصلك ما أريد أن أوضحه لك؟ خلاصة قولي: الناس ليسوا سواء في هذه الأمور الأربعة؛ بل حُرم البعض منها فنزلت الآية تحذرهم من الخسران في الحياة الدنيا والآخرة، وكذلك تنصحهم باتباع الحق والتحلي بالصبر. وهذا ما أنصحك به صديقي: أن تظل على الحق ما دمت مقتنعا أنك على حق، وأن تصبر حتى يسوق لك ربك مَن هو مثلك يعرف الحق في الصداقة والأخوة، وأن يُبعدك عن أهل المصالح والحاجات؛ فالحياة لا تزال أمامك، وستعرف من الناس الكثير، الكثير جدا، وسترى وتتعامل مع أصحاب المصالح، وأصحاب القلوب مثلك؛ يعني لا تتعجل الأمور وتحكم عليها لعلاقة بفتاة سعت إليك لغرض في نفسها؛ فلمّا حققته أو فشلت في تحقيقه انصرفت لحال سبيلها.. وبركة إن جت منها. كل ما أطلبه منك ألا تجعل نفسك كتابا مكشوفا أمام الآخرين، وكن حذّر في تعاملاتك مع الآخرين؛ فنحن في زمن "أنا ومن بعدي الطوفان".