هو الإنسان يقدر يعيش من غير جواز سعيد؟ آسف إني بدأت رسالتي طس كده من غير ما أصبّح ولا أمسّي على أصحابي الأعزاء قراء "بص وطل". أنا مشكلتي بسيطة؛ هي إني مش عايز أتجوز، مش حابب فكرة الجواز والمؤسسة الاجتماعية دي؛ بس كل أصحابي بيقولوا إن اللي بيفكروا زيي كده بتكون آخرتهم الانتحار أو الموت بالأمراض؛ قصدي يعني اللي مش بيتجوزوا؛ مع إني سعيد أوي كده والله، وبرضه مش باعمل حاجة غلط ولا حرام والحمد لله؛ لا تدخين، ولا عادة سرية، ولا بنات، ولا كازينوهات.. يبقى إيه المانع إني أكمّل كده؟ أرجوكم بلاش الطريقة السلطوية، وخلينا في النصيحة الأخوية.. شكراً. kemoo مع عدم إدراكي تماماً لما تعنيه ب"الطريقة السلطوية"؛ إلا أني سأحاول أن أستجيب لك بمنحك "النصيحة الأخوية" قدر استطاعتي، والتي سأبدأها -كما أظن أنك تريد أن تسمع وتقرأ- بتحيّة شجاعتك وعدم خوفك من مخالفة الجميع، وأقول لك: نعم.. تستطيع أن تعيش دون زواج سعيد ودون الارتباط بإنسانة تشاركك حياتك وأفراحك، وتخفّف عنك أحزانك، ودون أبناء تتحمل مسئوليتهم ويتعبونك في تربيتهم، وليس هناك ضمان أنهم سيردّون لك الجميل عندما تكبر وتحتاج من يرعاك. فالرغبة في الزواج يا صديقي سواء بدافع ممارسة العلاقة الجنسية أو لإنجاب أبناء، هي حاجات فسيولوجية اجتماعية، وليست احتياجات فسيولوجية خالصة، ويفرّق علماء النفس بين النوعين بقولهم "إن الاحتياجات الفسيولوجية هي التي يموت الإنسان إذا لم يحصل عليها، وتنقسم إلى الحاجة للهواء، والحاجة للماء والطعام، والحاجة لتوازن الحرارة؛ أما الجنس والأمومة وتحقيق وتقدير الذات؛ فهي حاجات لا يموت الإنسان إذا لم يلبِّها"؛ لكنه بالتأكيد سيكون قد حُرم من تحقيق بعض احتياجاته الأساسية سواء كان هو السبب فيها أو الظروف أو غير ذلك. وعلى هذا الأساس يا صديقي تستطيع أن تحيا دون زواج ما دمت تستطيع ذلك، وما دام لا يؤدي بك هذا للوقوع في الحرام. لكن كما اتفقنا سأمنحك النصيحة الأخوية؛ ألا وهي أنك لن تجد كثيرين مثلك، وأصدقاؤك الملتفّون حولك الآن سرعان ما سيبحث كل منهم عن شريكة حياته لتكوين أسرة ينشغل بها عنك وعن تواجده معك؛ خاصة وأن قليلين يقبلون دخول شخص أعزب وسط الأسرة؛ على الأقل لاختلاف الاهتمامات، ولأن الزوجات عادة ما يشعرن بأن الأعزب هو وسيلة لتحريض أزواجهن ضدهن، وبالتالي يقفن لهذه الصداقة بالمرصاد؛ فلا يجد الصديق المتزوج -غالباً- مفراً من أن يحافظ على أسرته التي يحتاجها بشدة، والتي يكون عليه دور كبير في الحفاظ على استقرارها، في مقابل علاقته بصديقه الأعزب. ولكن حتى أكون صادقة معك؛ فإنه على مستوى الواقع، ليست كل قصص الزواج أو أغلبها وردية، وكثيراً ما نسمع عن إحباطات الأزواج والزوجات، وأعتقد أن هذا ما يجعلك ترفض فكرة الزواج، دون مبرر آخر لتحرم نفسك من مُتَع حلال مَنَحَها الله تعالى للبشر لتساعدهم على مواصلة حياتهم وتحمّل ابتلاءات الدنيا وصعابها؛ فيقول الله سبحانه وتعالى {المَالُ وَالبَنُونَ زِينَةُ الحَيَاةِ الدُّنْيَا}، ويقول الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام "الدنيا متاع وخير متاعها الزوجة الصالحة". لكني أعود فأقول لك إننا كثيراً ما نسمع عن التعاسة الزوجية، وأنها تزيد الهموم ولا تريح القلب؛ وظني أن هذا بسبب الأنانية المفرطة وعدم القدرة؛ بل وانعدام الرغبة في التضحية؛ فكل طرف يرى مصلحته فقط وما يريده.
لذلك يا صديقي امضِ في طريقك، وركّز في عملك ومستقبلك؛ فإذا وجدت الحب ووجدت شريكة لحياتك تُرضي عقلك وقلبك، وأيضاً تستثير رغبتك في حمايتها، وأن تكون مسئولاً عنها وعن تحقيق أحلامها؛ فلا تتردد في الارتباط بها، وتأكّد أنها ستمنحك ما تريد من سعادة واستقرار وأهداف أخرى تُشعرك بقيمتك كإنسان خَلَقه الله تعالى لتعمير الأرض؛ أما إذا لم تجدها؛ فلا تتتزوج لمجرد أن تكون مثل الجميع، وحتى لا تتعرض لنهاية حزينة لك أو لفلذات كبدك تُعرّضهم بها للأذى لإساءة الاختيار، وبالتالي تشعر أن حياتك قد ضاعت هباء ولم تحقق هدفك منها.