بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. على موقعكم الكريم نتلقى أسئلة ونجيب عنها.. سؤال يقول: لديّ استفسار، وأتمنى أن يتسع لي صدركم؛ لأني أطمع في إجابة مفصّلة ووافية؛ فأنا أعيش في السويد، والناس هنا غاية في الرقي والأدب والتعامل الاجتماعي الحسن؛ بل يتمتعون بكثير من الفضائل الحميدة، والرغبة الصادقة في التعرّف على الآخر؛ خاصة على المسلمين؛ حيث إن نسبة اللاجئين المسلمين تزايدت عندهم بشكل ملحوظ خلال السنوات العشر الأخيرة؛ لذا -وبناء على ذلك- بدأتُ أتلقى أسئلة لم أتمكن من الإجابة عليها بشكل صحيح؛ ففضلت أن أعمل بقوله تعالى {فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ}.. ويأتي على رأس هذه الأسئلة: لماذا لا نأكل لحم الخنزير؟ حتى إنهم يسوقون السؤال، ويردّون على السبب الذي يذكره معظم المسلمين، وهو وجود الدودة الشريطية التي تعيش في نسيج الخنزير؛ بأنه يتمّ تحليل اللحوم جميعها وعلى رأسها لحم الخنزير. نحن لا نأكل لحم الخنزير لسبب واضح؛ وهو أن الله سبحانه وتعالى في كل كُتبه التي أنزلها على رسله، حرّم على البشر أكل لحم الخنزير؛ سواء أكان لحم الخنزير فيه ضرر طبي، أو فيه احتمال ضرر طبي، أو فيه منفعة؛ فإن الله سبحانه وتعالى لم يخلق شيئاً ضاراً مُطلقاً؛ وعلى ذلك فالتحريم إنما هو عبادة لله رب العالمين، أَمَرَنا ربنا اختباراً لنا وامتحاناً لنا؛ لأن الله سبحانه وتعالى من حقه أن يمتحننا، وأن يختبرنا، ومن حق المؤمنين أيضاً أن ينجحوا في الاختبار وفي الامتناع؛ فقال لنا: هذا حلال، وهذا حرام. بل إن الحلال والحرام قد تغيرا من شريعة إلى شريعة؛ فشريعة اليهود والمسلمين وبعض طوائف المسيحيين تُحرّم الخنزير وتُحرّم الخمر؛ برغم أن الخمر هذا قد يكون فيه منافع للناس، وقد يكون -كما يقول بولس الرسول- قليل منه يُصلح المعدة.. هذا واقع صحيح؛ ولكن الخمر حرام؛ لأن الله سبحانه وتعالى امتحننا واختبرنا بأن نبتعد عن هذه الأشياء؛ فحرم علينا الميتة، وحرّم علينا الخنزير، وحرّم علينا الخمر، وحرّم علينا المخدرات. كما أنه حرّم علينا بعض الأفعال التي قد يكون فيها منافع للناس؛ ولكن الله حرّمها علينا؛ كالزنا فيه شهوة وقضاء شهوة؛ لكن الله سبحانه وتعالى حرّمه علينا؛ فالله عندما يحرم علينا شيئاً؛ ففي الحقيقة نحن لا نبحث إن كانت هذه الأشياء تأتي لنا بأمراض، أو بنقص، أو كذا.. أبداً.. قد يكون فيها نقص، وقد لا يكون؛ ولكننا نبتعد عنها؛ لأن الله سبحانه وتعالى يحب هذا الابتعاد، ونحن نحبه ونحب أن نطيعه، ونحب أن نقول له: يا رب سمعنا وأطعنا، غُفرانك ربنا وإليك المصير.. نحب أن نقول له: يا رب أنت تأمر ونحن نطيع، أنت فعال لما تريد، لا تُسألُ عما تفعل ونحن نُسأل، يا رب أنجحنا في هذا الامتحان، وفي هذا الاختبار. إذن، فمدخل أن هذه مريضة أو غير مريضة، أنها نافعة أو غير نافعة، أنها كذا.. إلخ؛ مدخل غير صحيح.. المدخل الصحيح أننا نفعل ما أمر الله به طاعة لله على حدّ قول {سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ}. إلى لقاء آخر، أستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته إضغط لمشاهدة الفيديو: