السلام عليكم.. أُحبّ أشكر الموقع الجميل، وكل سنة وحضرتكم بكامل الصحة والعافية؛ أنا مشكلتي إني كنت زمان بحب ابن عمي أوي، بس حصلت ظروف سيئة، وهو اتسبب ليّ في جرح كبير، أنا عشت فترة طويلة مالقتش حد أكلّمه وأفضفض له، وأطلّع اللي في قلبي، دخلت عالم النت والإيميلات، واتعرّفت على شخص فضلنا مع بعض سنة، وبعدها العلاقة اتطوّرت من صداقة إلى حب جامد جداً. أنا عارفة إن ده غلط، ومتأكّدة إنه غلط؛ بس هو وعدني إنه هييجي يتقدّم ليّ السنة الجاية؛ لأنه مسافر ألمانيا.. أنا ساعات باحس إنه كداب، وبيضحك عليّ، بس مش قادرة أبعد عنه خالص، أنا بارتاح جداً لما باكلّمه، وبانسى الدنيا، وبنسى همومي وحزني العميق لما باكلّمه، أنا عارفة إن ده غلط إني أعلّق نفسي بحبال وهمية، بس دي حاجة بتنسيني اللي راح.
أنا كمان مش قادرة أنساه، أنا والله لو اتقدّم ليّ حد محترم أنا هوافق وهبعد عن النت، وهكتفي بخطيبي اللي ربنا هيرزقني بيه، أنا كويسة والله ومحترمة، والناس كلها عارفة كده، أنا مش عارفة ليه ابن عمي باعني من غير سبب، بالرغم من إني كنت بحبه أوي؟!! ربنا يسامحه بقى.
أرجوكم بليز ردّوا عليّ، وقولوا لي الإنسان اللي أنا حبيته ده أو اللي باحس معاه بالأمان ده أَفْضَل معاه.. ولّا أنسحب مِن حياته؟!! وشكراً جزيلاً.
ر.
صديقتي... لقد قدّمتِ في سياق رسالتك إجابة سؤالك "الإنسان اللي أنا حبيته ده أو اللي باحس معاه بالأمان أفضل معاه ولّا أنسحب من حياته؟!!" فالمسألة ببساطة ليست حب ولا صداقة.
أوّلاً لأنه يُقال إن الصداقة بين رجل وامرأة هي علاقة حُب مؤجلة، فعادة ما تصف المرأة بالتحديد بداية علاقتها بشاب بأنها "صداقة"، ولكنها كما تقول الحكمة يا صديقتي علاقة حُب مؤجّلة فقط تحتاج إلى بعض الوقت.
تعالي نعود إلى قصتك؛ فالذي يدفعني أن أقول إنها ليست علاقة حُب هو أنتِ نفسك، وبالتحديد تلك الجملة "حاجة بتنسيني اللي راح"، فقط انغمستِ سريعاً بعد فشل علاقتكِ بابن عمك في علاقة مع هذا الشاب على النت في محاولة لنسيانه، وليس رغبة في البحث عن حُب مع شاب مناسب، ولذلك فهو ليس حبًّا ولا صداقة هي محاولة فاشلة منكِ لنسيان الماضي، وحاولتي أن تقنعي نفسكِ أنها بوادر حُب، وعلاقة لها مستقبل، وستسير بشكل طبيعي مثل كل العلاقات العادية، ولكن الأمر مختلف يا صديقتي.. يا ليت الأمور بهذه البساطة التي نتصوّرها، ونحن نُقدِم على تجربة جديدة في حياتنا سواء سبقها فشلنا، أو حتى نجاحنا نحن وفشل الآخرين.
أوّلاً: لأنه ليس هناك ما يلزم هذا الشاب أن يتقدَّم إليكِ، ويفي بوعده، وعلاقتكما كلها تمت عبر الشاشات والأسلاك، وليست في الواقع، والرجل لا يُقدِم على الارتباط بسهولة، فما بالكِ لو كانت العلاقة تمت عبر النت؟!! ووارد جداً أنه يقيم عشرات العلاقات عبر النت، ويقول نفس الكلام، ويُعطي نفس الوعود، ولكن أين الضمان؟!! لا يوجد!!
ثانياً: والذي أكّد لي أنكِ لا تحبينه ولا تُكنين له أي مشاعر ولا حتى مشاعر صداقة، أنك قلتِ إنك على استعداد للارتباط بأي شاب يتقدَّم لكِ، وأن تتوقّفي عن علاقة النت هذه؛ فالذي يُحبّ حقاً لا يستغني ولا يُفضّل بديلاً عمن يُحبّ مهما كان، خاصة أن فتاكِ الشاب غير صادق في كلامه ووعوده؛ بدليل شككِ أنتِ، وعدم ثقتكِ في صدق ما يقول.
كل ما أُحاول أن أقول لكِ يا صديقتي إن النت لم يُصنع لنا كي نقيم عليه العلاقات العاطفية، ونُعذّب أنفسنا في علاقتنا بأناس لا نراهم ولا نعرفهم ولا يعرفوننا، وكلام الأكاذيب فيه أكثر بكثير من الصدق، فرجاء مني اتركي هذا، وترفّعي عن هذه التسلية، ومحاولة ملء فراغ عاطفي تضرّ أكثر بكثير مما تنفع.
والأمر الآخر أن محاولات نسيان تجربة بتجربة أخرى وشخص بشخص آخر، هذه محاولة فاشلة وغير مجدية، وأيضاً مهينة للفتاة، ولا تُعطي القدر الكافي من الوقت لكي تستعيد النفس طبيعتها، وتحاول أن تخرج من صدمة تجربة فشلت، فتصدميها أنتِ بتجربة ثانية دون أن تعطيها فرصة.. اعطي نفسكِ فرصة لاستعادة نفسكِ؛ لتتخلّص من آلامها، ثم خوضي تجربة أخرى، ولكن مع الشخص المناسب، وبالطريقة المناسبة وليس عبر النت، لتجلسي تستمعي إلى وعود كاذبة لتسمّيها أنتِ بعد ذلك "علاقة حُب".
الإحساس بالأمان لا نبحث عنه عمن يجلسون ويتصوّرون أنهم يُحرّكون الأمور بحركة ماوس، ويتلاعبون بالمشاعر عبر البحار والمحيطات، بل إحساس نستمده مِن مشاركتنا الحياة لشخص يُناسبنا ويهتم لأمرنا، ويبذل كل ما في وسعه ليتقاسم سعادة حقيقية معنا.
اتركيه يا صديقتي غير آسفة، واعطي لنفسكِ فرصة، ثم انتظري النصيب، ولا تُكلّفي نفسكِ عناء البحث فحتماً ستفشلي.