لأول مرة منذ تسعينيات القرن الماضي، يقف أربعة أبطال للعالم عند خط انطلاق السباق الافتتاحي، والذي أقيم في مملكة البحرين على حلبة "صخير"؛ مما يبشر بكمّ هائل من الصراعات داخل الحلبات، ولكن الأهم هو الصراعات التي ستدور داخل الفرق. وتحتضن الكثير من الفرق ثنائيات قد تكون قنابل موقوتة، إن لم يُحسن المدراء توفيق الأوضاع مع هؤلاء النجوم، وأول الصراعات المنتظر أن يدور آجلاً أم عاجلاً، سيكون داخل فريق المكلارين؛ فالفريق يحتضن الآن بطلين للعالم الأول جنسن باتون بطل العالم الحالي، والذي انضمّ للفريق بعدما تخلى عنه فريقه السبّاق براون جي بي، أما البطل الثاني؛ فهو الإنجليزي لويس هاملتون بطل العالم لموسم 2008. ويمكن القول بأن المكلارين لديها الكثير من الخبرة في مثل هذه الأمور؛ ففي عام 1989 ضم الفريق البرازيلي الساحر إيرتون سينا إلى بطل العالم الفرنسي "آلان بروست"، ودار بينهما صراع حادّ؛ لدرجة وصلت بهم إلى التراشق بالكلمات الحادة والسباب، وانتقل الصراع إلى الحلبات؛ فقد صدم إيرتون سينا زميله الفرنسي عند بداية جولة إيطاليا؛ مما أخرج الأخير من السباق، وتكرر الأمر؛ ولكن من الطرف الفرنسي؛ فقد أطاح بالبرازيلي إيرتون في جولة اليابان، والتي أقيمت على حلبة فوجي. وآخر الصراعات التي شهدها الفريق كان في الموسم قبل الماضي 2007، عندما استعان الفريق بالإسباني فرناندو ألونسو، بطل العالم لموسمين "2005 - 2006"، إلى جانب الإنجليزي لويس هاملتون؛ حيث تطوّرت الأمور بين السائقين؛ لتتحول إلى صراع حاد؛ فقد هاجم الإسباني ألونسو مكتب مدير الفريق رون دينيس، أثناء سباق بلجيكا، طالباً من دينيس الاعتراف به كسائق أول بالفريق، ووضع حد لتصرفات الإنجليزي هاملتون، ولم يكتفِ ألونسو بذلك؛ بل إنه -وقبل السباق المجرى- اتهم الأخير الفريق بالعنصرية، والانحياز لهاملتون لحمله الجنسية الإنجليزية، وهي نفس جنسية الفريق، وانتهى الأمر بترك ألونسو لمكلارين وعودته مرة أخرى لفرق الرينو. والموسم الحالي سيشهد نفس الصراع؛ ولكن قد يكون أشد ضراوة؛ فكلا السائقين يحمل بطولة للعالم، بجانب جنسيتهما الإنجليزية؛ ولكن النقاط التي قد تثير المشاكل بين السائقين هي أمران: الأول أن هاملتون يعتبر الابن المدلل للمكلارين؛ فقد انضم في أوائل التسعينيات من القرن الماضي إلى برنامج تطوير الناشئين، وتم تصعيده ووصل إلى الفورمولا واحد، أما جونسون باتون؛ فقد وقّع للفريق، مع بداية الموسم الحالي، وقد أشار الأخير إلى ذلك بقوله "إنه يخشى التفرقة بينه وبين هاملتون، وأنه متواجد في الفريق ليس لمنافسة هاملتون؛ وإنما للتنافس على بطولة العالم والدفاع عن لقبه". وتعاني الكثير من الفرق من نفس الموقف؛ ولكن الأكثر جدلاً سيكون ثنائي الفيراري البرازيلي فيلبي ماسا والإسباني ألونسو؛ فقد انضم بطل العالم فرناندو ألونسو إلى الفريق مع بداية الموسم الجاري، ويسعى لاقتناص لقبه الثالث؛ وخاصة بعد ما أمضى موسمين مخيبين للآمال، مع فريقي الرينو والمكلارين على التوالي. أما البرازيلي ماسا؛ فيسعي لاقتناص أول ألقابه؛ وخاصة بعدما فقد اللقب بعد أن أنهى السباق الأخير من الموسم قبل الماضي 2007، في المركز الأول، وبدأ الاحتفال بالنصر؛ إلا أن لويس هاملتون -سائق المكلارين آنذاك- تمكّن من التقدم مركزاً واحداً؛ ليفوز ببطولة العالم بدلاً من البرازيلي، كما عانى ماسا من إصابة في رأسه، خلال مجريات جائزة بلجيكا الكبرى في الموسم الماضي 2009 أقعدته لنهاية الموسم، ويسعى ماسا في الموسم الجاري إلى إثبات نفسه بوصفه سائق أول في الفيراري؛ ولكن المثير هو الصراع المنتظر قيامه بين السائقين؛ لاسيما وأن ألونسو يملك من التاريخ ما يكفي في إثارة النزاعات مع زملائه. كما سيعاني فريق مرسيدس من نفس الأمر؛ وخاصة بعد ضم الألماني مايكل شوماخر والعائد من اعتزال دام ثلاث سنوات كاملة، وسيلعب دور السائق الثاني بجانب مواطنه نيك روزبرج، والذي تحمّس كثيراً بمجرد إعلان مرسيدس عودة الألماني شوماخر لصفوفها بشكل رسمي؛ حيث صرح قائلاً "أنا رقم اثنين؟!! كلا، أنا بالطبع أحترم شوماخر؛ ولكن داخل مرسيدس لا توجد مسافات بين السائقين، ومن الطبيعي إذا نافس أحد السائقين على اللقب مع نهاية الموسم ستكون له الأفضلية". وجاء الرد على روزبرج من صديقه البرازيلي روبنز باريكللو، والذي زامل شوماخر في الفيراري لستة مواسم؛ فكان قوله "اخرج من مرسيدس الآن؛ فأنا عشت في الظل لست سنوات، ولم أتمكن من تحقيق حلمي بأن أكون بطلاً للعالم، وإذا أردت بأن تكون بطلاً للعالم فاترك الفريق؛ وخاصة وأنك تملك الموهبة الكافية لتحقيق هذا الحلم". وأخيراً، لا يسعنا سوى الانتظار لنهاية الموسم لمعرفة لمن الغَلبة في هذه الصراعات الثنائية.. وإن غداً لناظره لقريب!