اليوم.. فصل التيار الكهربائى عن عدد من مناطق وأحياء مدينة كفر الشيخ    "شد وإعياء".. الزمالك يكشف حالة أحمد حمدي ومحمد صبحي    يانيك فيريرا يرفض منح لاعبى الزمالك راحة بعد الفوز على مودرن سبورت    الدوري المصري – موعد مباراة الزمالك المقبلة ضد فاركو والقناة الناقلة    آدم كايد: لم أتوقع هذا الحب من جماهير الزمالك.. وبدأت التعود على الأجواء المصرية    مصرع شابين غرقا بنهر النيل فى دار السلام بسوهاج    جمصة تحذر من ارتفاع الأمواج اليوم وتطالب بالالتزام بتعليمات فرق الإنقاذ    الجمهور يرفع علم مصر فى حفل على الحجار بمهرجان القلعة خلال تقديمه أغانى وطنية (صور)    أزمة وتعدى.. صابر الرباعى يوجه رسالة لأنغام عبر تليفزيون اليوم السابع    الولايات المتحدة تفرض عقوبات على ميسري مبيعات النفط الإيرانية    برشلونة يمتلك أصغر معدل أعمار فى الدوري الإسباني موسم 2025    العثور على 6 جثث في مصنع ألبان بولاية كولورادو الأمريكية    تقارير استخباراتية إسرائيلية : أغلب ضحايا حرب غزة من المدنيين    زيلينسكي: بوتين لا يفهم سوى القوة والضغط    ما الذي يمنع ظهور حزب معارض قادر على المنافسة بالبرلمان؟ وزير الشؤون النيابية يجيب    جهات طبية تقدم خدمات علاجية للمحامين بالمجان    الشئون النيابية: الدستور يمنح الحق الكامل في تكوين الأحزاب بالإخطار    منتدى المنظمات الأهلية ب"القومى للمرأة" يعقد اجتماعه الدورى    السولية: الإسماعيلي صاحب الفضل الأول فى صناعة اسمى وراض عن فترتى مع الأهلي    نجم الأهلي السابق: أفضل تواجد عبد الله السعيد على مقاعد البدلاء ومشاركته في آخر نصف ساعة    أيمن يونس: تغييرات فيريرا حافظت على الفوز أمام مودرن    لاعب أستون فيلا على رادار أهلي جدة    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الجمعة 22 أغسطس 2025    عيار 21 الآن يواصل الانخفاض.. سعر الذهب اليوم الجمعة 22 أغسطس في الصاغة    جمعوا 100 مليون دولار.. غانا تسلم أمريكا "النصابين الثلاثة".. ما القصة    إعدام مغتصب سيدة المقابر.. تفاصيل جريمة بشعة هزت الإسماعيلية    جثة متفحمة وسط نيران شقة بالمقطم    3 ظواهر جوية تضرب البلاد .. بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم : «توخوا الحذر»    مواصفات وسعر المركبة الفاخرة.. الأمير محمد بن سلمان يقود سيارته برفقة الرئيس السيسي    محمود فوزي: الحكومة ملتزمة بحماية المواطنين في تطبيق قانون الإيجار القديم    محافظ أسيوط بختام صوم العذراء: مصر نموذج للتعايش والمحبة (صور)    علي الحجار ممازحا جمهور مهرجان القلعة: هغني 10 أغاني علشان تلحقوا تروحوا (فيديو)    «إزاي قبلت الإهانة».. تفاعل مع فيديو لعريس يركل عروسه ويسقطها في حمام السباحة    حدث بالفن| النصب على فنانة وإحالة نجمة لمجلس تأديب والتقرير الكامل لحالة أنغام الصحية    وكيل وزارة الصحة بالإسكندرية يتفقد المستشفيات العامة بالإقليم    فلكيًا.. موعد إجازة المولد النبوي الشريف 2025 للموظفين في القطاع العام والخاص    في مؤتمر صحفي.. قائمة المستقبل تعلن عن مرشحيها وبرنامجها لخوض انتخابات نقابة الأطباء    «الدراسات المستقبلية»: إسرائيل تجاوزت الخطوط الحمراء وتفرض ما يشبه «التطبيع المجاني»    بدرية طلبة تمثل أمام لجنة مجلس تأديب من 5 أعضاء.. اعرف التفاصيل    حُمَّى القراءة.. دُوار الكتابة.. جديد الروائي الأردني جلال برجس    خالد الجندي: الدفاع عن الوطن وحماية مصالحه من تعاليم الإسلام    خام النفط يرتفع مع قوة الطلب الأمريكي    نائب وزير الصحة: الحضانات تكلف مصر 87 مليار جنيه سنويا بسبب الولادة القيصرية    وكيل وزارة الصحة بالمنيا ينهي عمل بعض العاملين في مستشفيات بسبب الاهمال    محافظ القليوبية يستعين بخبرات طبية لمتابعة مصاب حريق الشدية ببنها    قاضي قضاة فلسطين: المسجد الأقصى سيبقى إسلاميًا وعلى العالم الإسلامي حمايته    هل يستجاب دعاء الأم على أولادها وقت الغضب؟.. أمين الفتوى يجيب    أسعار سيارات ديبال رسميا في مصر    وزير الإسكان يستقبل محافظ بورسعيد لبحث ملفات العمل والتعاون المشترك    وزير العمل يعلق على واقعة إطلاق ليبي أسدًا على عامل مصري    متصلة: بنت خالتي عايزة تتزوج عرفي وهي متزوجة من شخص آخر.. أمين الفتوى يرد    لا أستطيع أن أسامح من ظلمنى.. فهل هذا حرام؟ شاهد رد أمين الفتوى    رئيس المعاهد الأزهرية يتفقد المشروع الصيفي للقرآن الكريم بأسوان    جامعة المنوفية الأهلية تتألق بأنشطة صيفية متنوعة لتعزيز مهارات طلابها    فحص طبى ل 150 من العاملين بديوان عام مديرية الزراعة بالإسماعيلية    «الأرصاد» تحذر من حالة الطقس يومي السبت والأحد.. هل تعود الموجة الحارة؟    في جولة مفاجئة.. عميد طب قصر العيني يطمئن على المرضى ويوجه بدعم الفرق الطبية    1.7 مليون عسكري.. اختراق روسي يكشف عدد قتلى الجيش الأوكراني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مبادرات إيجابية لدعم الترجمة
نشر في صوت البلد يوم 10 - 05 - 2018

يقدم مشروع ليتركس الإصدارات الألمانية الحديثة من الكتب الروائية والكتب المتخصصة وكتب الأطفال والشباب التي يتم اختيارها من قبل لجنة من النقاد ويطرحها المشروع مع برنامج لدعم ترجمتها إلى لغة معينة على مدى عدة سنوات.
وكانت اللغة العربية هدفا خلال الفترة من 2005 إلى 2018، وترجم خلالها الكثير من الأعمال الروائية والثقافية والفكرية، وهذه الندوة التي أقيمت ضمن فعاليات معرض أبوظبي الدولي للكتاب في دورته ال 28 تضيء جوانب من المشروع وأبرز العناوين التي تمت ترجمتها وكيف استقبلها الجمهور العربي، كما تتعرض لشئون الترجمة عامة ووضعها عربيا.
تشجيع ودعم
شارك في الندوة المترجم سمير جريس والناشرة كرم يوسف وأدارها د. صديق جوهر، وقد بدأ جريس مشيرا إلى أن تشجيع ودعم ترجمة الأدب الألماني إلى لغات مختلفة كان يتم بين فترة وأخرى، ومنطقة لغوية وثقافية وقال "إن مشروع ليتركس بدأ عام 2004 واختار اللغة العربية اللغة الأولى التي يترجم إليها، واستمر الدعم لعامين 2004 و2005 في مرحلته الأولى، وقال "في تلك الفترة تعرفت على المشروع، وأصبحت عضوا في لجنة التحكيم الخاصة بالأعمال الصالحة للترجمة إلى اللغة العربية، والتي تتوافق ربما مع الذوق العربي أو التي تثير اهتمام القارئ العربي.
وأتذكر أن أول عمل ترجمته أنا شخصيا في هذا المشروع كان رواية "عازفة البيانو" للكاتبة النمساوية الفريدي يلينك الحائزة جائزة نوبل للآداب عام 2004، وللحقيقة لم تكن مندرجة في إطار المشروع، لأن المشروع كان يعني بالأدب الحديث جدا، يعني ذلك الذي صدر في آخر أربع أو خمس سنوات. ورواية الفريدي يلينك كانت قد صدرت قبل 20 عاما، ولكن يلينك في هذا العام 2004 حصلت على جائزة نوبل، فاقترحت على مشرفي "ليتركس" البدء بهذه الرواية لكاتبة لا يعرفها أحد في العالم العربي، وبالفعل ترجمت رواية "عازفة الرواية" التي ظهرت آنذاك في معرض القاهرة في 2005 ضمن مشروع "ليتركس"، وترجمت بعد ذلك عدة أعمال متنوعة، منها رواية "حرفة القتل" للكاتب نوربرت جشتراين، التي تتحدث عن حرب البلقان واستحالة كتابة رواية عن الحرب، حيث إن الحرب دائما هي وجهة نظر، وجهة نظر المتحاربين، ووجهة نظر من يعايش هذه الحرب، وأيضا لا يمكن الإحاطة بكل نواحيها.
هذه الرواية صدرت الطبعة الأولى منها في 2006، وأعيد طبعا عام 2015، ويعني وجود طبعتين من الرواية شيء ليس بديهيا في العالم العربي، وهذا يبين قيمة الرواية واهتمام القراء بها.
العمل الثاني كان للروائى الألمانى فريدريش كريستيان دليوس "قاتل لمدة عام"، وهي رواية تاريخية توثيقية ذاتية، يضفر فيها الراوي سيرته الذاتية مع أحداث التاريخ، تتحدث عن الفترة النازية، وعن فترة الحركة الطلابية سنة 1968، وانقسام ألمانيا إلى شطر شرقي وآخر غربي، وظهرت طبعتها العربية الأولى سنة 2007، وأعيد طبعها في مطلع هذا العام، يعني أيضا كان عليها إقبال إلى حد ما، ثم كانت ترجمة كتاب الروائي الألماني ميشائيل كليبرج "الحيوان الباكي.. يوميات الرحلة اللبنانية"، ميشائيل شارك في مشروع أدبي اسمه "ديوان الشرق والغرب" والذي انطلق بعد أحداث 11 من سبتمبر 2001، وكان هدفه الجمع بين كتاب من المنطقة الألمانية مع كتاب من منطقة الشرق الأوسط، وفي إطار هذا المشروع التقى ميشائيل بالشاعر اللبناني عباس بيضون.
عباس بيضون سافر إلى برلين وقضى هناك عدة أسابيع، ثم رد ميشائيل الزيارة وسافر إلى لبنان، وكانت النتيجة كتبا في أدب الرحلة، وقد مزج ميشائيل في كتابه بين أدب الرحلة والسيرة الذاتية، وهو كتاب أعتبره من الكتب الجميلة التي ترجمتها، هكذا كانت الإنطلاقة الأولى ل "ليتركس" الذي انتقل بعد ذلك إلى الصين ثم البرازيل وأميركا اللاتينية، ومنذ عامين عاد إلى المنطقة العربية بعدة كتب، وفي إطار هذا المشروع أترجم الآن أيضا رواية "العاصمة" للكاتب النمساوي روبرت ميناسه التي حصلت على جائزة الكتاب الألماني؛ وتمنح الجائزة عشية افتتاح معرض فرانكفورت للكتاب.
الصورة النمطية للأدب العربي
ورفض جريس المقولة الشائعة التي ترى أن الترجمة أو المترجمين أو دور النشر الغربية تبحث فقط عن الأعمال العربية التي ترسخ الصورة النمطية للأدب العربي أو للمنطقة العربية. وقال بالتأكيد هناك بعض الأعمال تترجم لأسباب تجارية، لأنها تثير خيال القارئ الغربي، ولأن الناشر يعتقد أنها سوف تلقى رواجا، ولكن بالتأكيد هناك أعمال كثيرة تكون مغامرة للمترجم كأن يقوم بترجمة أسماء مجهولة تماما في أوروبا أو في ألمانيا، وكذا ترجمة موضوعات قد تكون بعيدة عن اهتمامات القارئ العربي، وإذا ألقينا نظرة على القائمة التي ترجمها هارتموت فيندريش سوف نجد عددا من الأعمال التي لا يمكن أن ندرجها تحت إطار الصورة النمطية هذا أولا.
وأوضح جريس أنه بالنسبة لمشروع "ليتركس" فهو - قياسا لمشروعات أخرى - حديث جدا وله هدف محدد وهو ترجمة الأدب الألماني الأحدث أي الصادر في السنوات الخمس الأخير، لكن هناك عدة مشاريع أخرى.
وبالنسبة للكتاب الكلاسيكيين أمثال هرمان هسه وكافكا وبريشت العالم أجمع يحتفي بترجمتهم ويهتم بهم، في حين هناك شبه إهمال أو تجاهل أو عدم معرفة بالإنتاج الحديث، ومن هنا كان إطلاق مشروع ليتركس، في حين هناك برنامج آخر تابع لمعهد جوته يدعم ترجمة الادب الألماني عموما، ويدعم ترجمة الفكر والأدب الألمانيين للعربية ولا يشترط زمنا معينا.
ولكن من الممكن هنا أن نتعلم قليلا من هذين المشروعين، فمشروع ليتركس يصر على عدد سنوات قليلة على الكتاب الذي يتم اختياره للترجمة، بينما قد تكون هناك أعمال صدرت منذ 10 أو 15 سنة وجديرة بالترجمة والتقديم، من الممكن أن يكون هذا عيب، ولكن من ناحية أخرى أدى إلى تعريف القارئ العربي بأحدث وأهم الاصدارات في السنوات الأخيرة التي ربما لم يكن ليلتفت إليها لا المترجم ولا دار النشر العربي، فهو يسلط الضوء على أعمال هو يراها بارزة، طبعا هي اختيارات لجنة تحكيم خاصة ب "ليتركس"، هي ترى أن هذه الاعمال جديرة بالترجمة، لكن هذا لا يمنع الناشرون من اختيار أعمال أخرى والتوجه الى برنامج جوته الأعم.
شيء يعجبني شخصيا في مشروع ليتركس أنه لا يتوقف دوره عند دعم الترجمة فقط، على الرغم من علمه أن أحد أهم عقبات ترجمة الأدب الألماني إلى العربية هو نقص المترجمين، ففي الخمسين سنة الماضية لم يكن هناك إلا ثلاثة أسماء تسيطر على حركة الترجمة من الألمانية: مصطفى ماهر، عبدالرحمن بدوي، وعبدالغفار مكاوي وبتوقفهم أو رحيلهم توقفت الترجمة، في التسعينيات ظهر د. نبيل حفار الذي ترجم عدة أعمال من بينها "العطر" للكاتب الألماني باتريك زوسكيند، ولكن بعد ذلك لم تكن هناك أجيال جديدة، شخصيا بدأت الترجمة عام 2000 ولم أحصل على فرصتي الحقيقية إلا من خلال "ليتركس" وترجمت أربعة أعمال في فترة قصيرة نسبيا، أعمال جيدة احتفي بها نقديا وإعلاميا.
هكذا أحدث مشروع ليتركس هزة إيجابية في سوق النشر وركز الضوء على الأدب الألماني الحديث. الشيء الآخر أنه استطاع أن يهتم بإعداد جيل جديد من المترجمين فقام بإعداد ورش عمل للمترجمين الشباب الذين لم ينشروا شيئا أو نشروا عملا واحدا وأذكر أني ترأست ورشة ترجمة في عام 2004 في بيروت وكان من المفاجآت السارة أن إحدى المشاركات في هذه الورشة كتبت لي قبل فترة أنها تتذكر هذه الورشة وأنها تعلمت منها الكتير وقد أصدرت كتابين، إذن المشروع يؤسس لمستقبل الترجمة بين اللغتين وأن يبني جيلا جديدا من المترجمين.
مؤسسات معنية
وأكدت الناشرة كرم يوسف صاحبة دار "الكتب خان" إيجابية وجود مؤسسات معنية بالإنفاق على تقديم أدب كتابها للغات أخرى، وأن يكون هذا الأدب حديث القراء في مجتمعات أخرى. وقالت إن مشروع "ليتركس" من المشروعات التي تعرفت عليها تقريبا سنة 2014، وقد قرأت كتاب "كافكا: السنوات الأولى" ل "لراينر شتاخ"، واهتممت به وحاولت الحصول على حقوق نشره وأيضا دعم "ليتركس" للجزء الأول منه، ووجدت أن الكتاب عبارة عن 3 أجزاء، تقريبا لراينر شتاخ قضى 15 سنة من حياته يعمل عليه، وكان السؤال بالنسبة لي كناشر هل سأكتفي بالجزء الأول لأنه مدعوم من "ليتركس" أم تراني أقوم بمسئولية ترجمة الأجزاء الثلاثة، وكان قرار بترجمة الأجزاء الثلاثة وأتحمل كاملة تكاليف الحقوق والترجمة والطباعة كافة.
إن الكتاب يضم كنزا من الصور والخرائط، والأجزاء الثلاثة تتجاوز من 2200 صفحة من القطع المتوسط تقريبا (22 سم × 15 سم)، أنجزت الكتاب الأول، وهو ترجمة هبة الله فتحي التي ترجمت رواية في السابق تسمى "روعة الحياة" عن كافكا للكاتب الألماني ميشائيل كومبفمولر.
وأضافت أن الجزء الأول من كتاب شتاخ يصدر خلال شهرين، يعقبه الجزء الثاني، وقالت "إن كافكا يحظى بأهمية كبيرة جدا عند القارئ العربي والمصري وإلى جانب أهميته لدى الكتاب، لذا أنا سعيدة إن حظيت بالحصول حقوق ترجمته وطبعه.
وأضافت كرم يوسف: يصعب على الناشر أن يجد مترجما متميزا للتعاون معه في ترجمة الأعمال التي يختارها خاصة أن مشكلة دور النشر كدار "الكتب خان" أنها صغيرة ومستقلة ولا تعتمد دائما على برامج الدعم من المؤسسات المختلفة.
إن وجود مترجم كفء ولديه خبرة في ترجمة الكتب وأصدر العديد منها، أمر مهم، وبالطبع ليس مطلوبا في كل الأوقات وجود مترجم مراجع مخضرم، فمثلا مع مترجم كسمير جريس أو د.هبة فتحي لن يكون هناك مراجع، المراجع مع مترجم ربما يترجم لي للمرة الأولى أو لم يصدر له غير كتاب واحد أو اثنين، ففي هذه الحالة يتطلب أن يترجم فصلا أو فصلين ويقوم مراجع ثقة بمراجعتهما، كذلك حتى لو أن المترجم كبير ومخضرم وعمل شغل كثير فإنه حريصا على أن يخرج الشغل بشكل جيد من الممكن الاستعانة برأي مترجم آخر كما حدث في ترجمة كتاب كافكا السنوات الأولى، حيث الكتاب يحتوي على ألفاظ ومصطلحات من اللغة التشيكية، ومن ثم استعنا بالدكتور خالد البلتاجي وهو من أهم المترجمين المصريين للغة التشيكية وجرى التعاون بينه وبين د. هبة وبين خالد ليخرج الكتاب بترجمة دقيقة وأمينة.
يقدم مشروع ليتركس الإصدارات الألمانية الحديثة من الكتب الروائية والكتب المتخصصة وكتب الأطفال والشباب التي يتم اختيارها من قبل لجنة من النقاد ويطرحها المشروع مع برنامج لدعم ترجمتها إلى لغة معينة على مدى عدة سنوات.
وكانت اللغة العربية هدفا خلال الفترة من 2005 إلى 2018، وترجم خلالها الكثير من الأعمال الروائية والثقافية والفكرية، وهذه الندوة التي أقيمت ضمن فعاليات معرض أبوظبي الدولي للكتاب في دورته ال 28 تضيء جوانب من المشروع وأبرز العناوين التي تمت ترجمتها وكيف استقبلها الجمهور العربي، كما تتعرض لشئون الترجمة عامة ووضعها عربيا.
تشجيع ودعم
شارك في الندوة المترجم سمير جريس والناشرة كرم يوسف وأدارها د. صديق جوهر، وقد بدأ جريس مشيرا إلى أن تشجيع ودعم ترجمة الأدب الألماني إلى لغات مختلفة كان يتم بين فترة وأخرى، ومنطقة لغوية وثقافية وقال "إن مشروع ليتركس بدأ عام 2004 واختار اللغة العربية اللغة الأولى التي يترجم إليها، واستمر الدعم لعامين 2004 و2005 في مرحلته الأولى، وقال "في تلك الفترة تعرفت على المشروع، وأصبحت عضوا في لجنة التحكيم الخاصة بالأعمال الصالحة للترجمة إلى اللغة العربية، والتي تتوافق ربما مع الذوق العربي أو التي تثير اهتمام القارئ العربي.
وأتذكر أن أول عمل ترجمته أنا شخصيا في هذا المشروع كان رواية "عازفة البيانو" للكاتبة النمساوية الفريدي يلينك الحائزة جائزة نوبل للآداب عام 2004، وللحقيقة لم تكن مندرجة في إطار المشروع، لأن المشروع كان يعني بالأدب الحديث جدا، يعني ذلك الذي صدر في آخر أربع أو خمس سنوات. ورواية الفريدي يلينك كانت قد صدرت قبل 20 عاما، ولكن يلينك في هذا العام 2004 حصلت على جائزة نوبل، فاقترحت على مشرفي "ليتركس" البدء بهذه الرواية لكاتبة لا يعرفها أحد في العالم العربي، وبالفعل ترجمت رواية "عازفة الرواية" التي ظهرت آنذاك في معرض القاهرة في 2005 ضمن مشروع "ليتركس"، وترجمت بعد ذلك عدة أعمال متنوعة، منها رواية "حرفة القتل" للكاتب نوربرت جشتراين، التي تتحدث عن حرب البلقان واستحالة كتابة رواية عن الحرب، حيث إن الحرب دائما هي وجهة نظر، وجهة نظر المتحاربين، ووجهة نظر من يعايش هذه الحرب، وأيضا لا يمكن الإحاطة بكل نواحيها.
هذه الرواية صدرت الطبعة الأولى منها في 2006، وأعيد طبعا عام 2015، ويعني وجود طبعتين من الرواية شيء ليس بديهيا في العالم العربي، وهذا يبين قيمة الرواية واهتمام القراء بها.
العمل الثاني كان للروائى الألمانى فريدريش كريستيان دليوس "قاتل لمدة عام"، وهي رواية تاريخية توثيقية ذاتية، يضفر فيها الراوي سيرته الذاتية مع أحداث التاريخ، تتحدث عن الفترة النازية، وعن فترة الحركة الطلابية سنة 1968، وانقسام ألمانيا إلى شطر شرقي وآخر غربي، وظهرت طبعتها العربية الأولى سنة 2007، وأعيد طبعها في مطلع هذا العام، يعني أيضا كان عليها إقبال إلى حد ما، ثم كانت ترجمة كتاب الروائي الألماني ميشائيل كليبرج "الحيوان الباكي.. يوميات الرحلة اللبنانية"، ميشائيل شارك في مشروع أدبي اسمه "ديوان الشرق والغرب" والذي انطلق بعد أحداث 11 من سبتمبر 2001، وكان هدفه الجمع بين كتاب من المنطقة الألمانية مع كتاب من منطقة الشرق الأوسط، وفي إطار هذا المشروع التقى ميشائيل بالشاعر اللبناني عباس بيضون.
عباس بيضون سافر إلى برلين وقضى هناك عدة أسابيع، ثم رد ميشائيل الزيارة وسافر إلى لبنان، وكانت النتيجة كتبا في أدب الرحلة، وقد مزج ميشائيل في كتابه بين أدب الرحلة والسيرة الذاتية، وهو كتاب أعتبره من الكتب الجميلة التي ترجمتها، هكذا كانت الإنطلاقة الأولى ل "ليتركس" الذي انتقل بعد ذلك إلى الصين ثم البرازيل وأميركا اللاتينية، ومنذ عامين عاد إلى المنطقة العربية بعدة كتب، وفي إطار هذا المشروع أترجم الآن أيضا رواية "العاصمة" للكاتب النمساوي روبرت ميناسه التي حصلت على جائزة الكتاب الألماني؛ وتمنح الجائزة عشية افتتاح معرض فرانكفورت للكتاب.
الصورة النمطية للأدب العربي
ورفض جريس المقولة الشائعة التي ترى أن الترجمة أو المترجمين أو دور النشر الغربية تبحث فقط عن الأعمال العربية التي ترسخ الصورة النمطية للأدب العربي أو للمنطقة العربية. وقال بالتأكيد هناك بعض الأعمال تترجم لأسباب تجارية، لأنها تثير خيال القارئ الغربي، ولأن الناشر يعتقد أنها سوف تلقى رواجا، ولكن بالتأكيد هناك أعمال كثيرة تكون مغامرة للمترجم كأن يقوم بترجمة أسماء مجهولة تماما في أوروبا أو في ألمانيا، وكذا ترجمة موضوعات قد تكون بعيدة عن اهتمامات القارئ العربي، وإذا ألقينا نظرة على القائمة التي ترجمها هارتموت فيندريش سوف نجد عددا من الأعمال التي لا يمكن أن ندرجها تحت إطار الصورة النمطية هذا أولا.
وأوضح جريس أنه بالنسبة لمشروع "ليتركس" فهو - قياسا لمشروعات أخرى - حديث جدا وله هدف محدد وهو ترجمة الأدب الألماني الأحدث أي الصادر في السنوات الخمس الأخير، لكن هناك عدة مشاريع أخرى.
وبالنسبة للكتاب الكلاسيكيين أمثال هرمان هسه وكافكا وبريشت العالم أجمع يحتفي بترجمتهم ويهتم بهم، في حين هناك شبه إهمال أو تجاهل أو عدم معرفة بالإنتاج الحديث، ومن هنا كان إطلاق مشروع ليتركس، في حين هناك برنامج آخر تابع لمعهد جوته يدعم ترجمة الادب الألماني عموما، ويدعم ترجمة الفكر والأدب الألمانيين للعربية ولا يشترط زمنا معينا.
ولكن من الممكن هنا أن نتعلم قليلا من هذين المشروعين، فمشروع ليتركس يصر على عدد سنوات قليلة على الكتاب الذي يتم اختياره للترجمة، بينما قد تكون هناك أعمال صدرت منذ 10 أو 15 سنة وجديرة بالترجمة والتقديم، من الممكن أن يكون هذا عيب، ولكن من ناحية أخرى أدى إلى تعريف القارئ العربي بأحدث وأهم الاصدارات في السنوات الأخيرة التي ربما لم يكن ليلتفت إليها لا المترجم ولا دار النشر العربي، فهو يسلط الضوء على أعمال هو يراها بارزة، طبعا هي اختيارات لجنة تحكيم خاصة ب "ليتركس"، هي ترى أن هذه الاعمال جديرة بالترجمة، لكن هذا لا يمنع الناشرون من اختيار أعمال أخرى والتوجه الى برنامج جوته الأعم.
شيء يعجبني شخصيا في مشروع ليتركس أنه لا يتوقف دوره عند دعم الترجمة فقط، على الرغم من علمه أن أحد أهم عقبات ترجمة الأدب الألماني إلى العربية هو نقص المترجمين، ففي الخمسين سنة الماضية لم يكن هناك إلا ثلاثة أسماء تسيطر على حركة الترجمة من الألمانية: مصطفى ماهر، عبدالرحمن بدوي، وعبدالغفار مكاوي وبتوقفهم أو رحيلهم توقفت الترجمة، في التسعينيات ظهر د. نبيل حفار الذي ترجم عدة أعمال من بينها "العطر" للكاتب الألماني باتريك زوسكيند، ولكن بعد ذلك لم تكن هناك أجيال جديدة، شخصيا بدأت الترجمة عام 2000 ولم أحصل على فرصتي الحقيقية إلا من خلال "ليتركس" وترجمت أربعة أعمال في فترة قصيرة نسبيا، أعمال جيدة احتفي بها نقديا وإعلاميا.
هكذا أحدث مشروع ليتركس هزة إيجابية في سوق النشر وركز الضوء على الأدب الألماني الحديث. الشيء الآخر أنه استطاع أن يهتم بإعداد جيل جديد من المترجمين فقام بإعداد ورش عمل للمترجمين الشباب الذين لم ينشروا شيئا أو نشروا عملا واحدا وأذكر أني ترأست ورشة ترجمة في عام 2004 في بيروت وكان من المفاجآت السارة أن إحدى المشاركات في هذه الورشة كتبت لي قبل فترة أنها تتذكر هذه الورشة وأنها تعلمت منها الكتير وقد أصدرت كتابين، إذن المشروع يؤسس لمستقبل الترجمة بين اللغتين وأن يبني جيلا جديدا من المترجمين.
مؤسسات معنية
وأكدت الناشرة كرم يوسف صاحبة دار "الكتب خان" إيجابية وجود مؤسسات معنية بالإنفاق على تقديم أدب كتابها للغات أخرى، وأن يكون هذا الأدب حديث القراء في مجتمعات أخرى. وقالت إن مشروع "ليتركس" من المشروعات التي تعرفت عليها تقريبا سنة 2014، وقد قرأت كتاب "كافكا: السنوات الأولى" ل "لراينر شتاخ"، واهتممت به وحاولت الحصول على حقوق نشره وأيضا دعم "ليتركس" للجزء الأول منه، ووجدت أن الكتاب عبارة عن 3 أجزاء، تقريبا لراينر شتاخ قضى 15 سنة من حياته يعمل عليه، وكان السؤال بالنسبة لي كناشر هل سأكتفي بالجزء الأول لأنه مدعوم من "ليتركس" أم تراني أقوم بمسئولية ترجمة الأجزاء الثلاثة، وكان قرار بترجمة الأجزاء الثلاثة وأتحمل كاملة تكاليف الحقوق والترجمة والطباعة كافة.
إن الكتاب يضم كنزا من الصور والخرائط، والأجزاء الثلاثة تتجاوز من 2200 صفحة من القطع المتوسط تقريبا (22 سم × 15 سم)، أنجزت الكتاب الأول، وهو ترجمة هبة الله فتحي التي ترجمت رواية في السابق تسمى "روعة الحياة" عن كافكا للكاتب الألماني ميشائيل كومبفمولر.
وأضافت أن الجزء الأول من كتاب شتاخ يصدر خلال شهرين، يعقبه الجزء الثاني، وقالت "إن كافكا يحظى بأهمية كبيرة جدا عند القارئ العربي والمصري وإلى جانب أهميته لدى الكتاب، لذا أنا سعيدة إن حظيت بالحصول حقوق ترجمته وطبعه.
وأضافت كرم يوسف: يصعب على الناشر أن يجد مترجما متميزا للتعاون معه في ترجمة الأعمال التي يختارها خاصة أن مشكلة دور النشر كدار "الكتب خان" أنها صغيرة ومستقلة ولا تعتمد دائما على برامج الدعم من المؤسسات المختلفة.
إن وجود مترجم كفء ولديه خبرة في ترجمة الكتب وأصدر العديد منها، أمر مهم، وبالطبع ليس مطلوبا في كل الأوقات وجود مترجم مراجع مخضرم، فمثلا مع مترجم كسمير جريس أو د.هبة فتحي لن يكون هناك مراجع، المراجع مع مترجم ربما يترجم لي للمرة الأولى أو لم يصدر له غير كتاب واحد أو اثنين، ففي هذه الحالة يتطلب أن يترجم فصلا أو فصلين ويقوم مراجع ثقة بمراجعتهما، كذلك حتى لو أن المترجم كبير ومخضرم وعمل شغل كثير فإنه حريصا على أن يخرج الشغل بشكل جيد من الممكن الاستعانة برأي مترجم آخر كما حدث في ترجمة كتاب كافكا السنوات الأولى، حيث الكتاب يحتوي على ألفاظ ومصطلحات من اللغة التشيكية، ومن ثم استعنا بالدكتور خالد البلتاجي وهو من أهم المترجمين المصريين للغة التشيكية وجرى التعاون بينه وبين د. هبة وبين خالد ليخرج الكتاب بترجمة دقيقة وأمينة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.