وزير الري يتابع حالة المنظومة المائية بالمحافظات وموقف إيراد نهر النيل    بتكلفة 227 مليون جنيه.. صيانة 197 مدرسة قبل بدء العام الدراسي الجديد وتسليم 86 مدرسة صيانة عاجلة    أسعار الخضراوات والفاكهة اليوم الأحد 10 أغسطس 2025    إيهاب واصف: مصر تدخل مرحلة جديدة في صناعة الذهب بإضافة التنقية وإعادة التصدير    وزير الصناعة يتفقد 6 مصانع متخصصة في درفلة وجلفنة وطلاء ألواح الصلب المسطح وإنتاج النسيج    الإحصاء: ارتفاع أسعار السكن والمياه والكهرباء والغاز والوقود بنسبة 20.4% خلال عام    لزيادة الإنتاج .. تكتلات اقتصادية جديدة لتعظيم إنتاج العسل وتربية الحمام وتعزيز الصادرات الزراعية بأسيوط    استدعاء 430 ألف جندي احتياط حتى 30 نوفمبر لتوسيع القتال في غزة    طائرات مسيرة أوكرانية تهاجم مصفاة نفطية في مدينة ساراتوف الروسية    الحكم بسجن رئيس وزراء تشاد السابق 20 عاما    موعد مباراة الأهلي وفاركو في الدوري الممتاز    مواعيد مباريات اليوم الأحد 10-8-2025 والقنوات الناقلة لها    ليفربول بقيادة محمد صلاح يتحدى كريستال بالاس بكأس الدرع الخيرية    القبض على مونلي صديق سوزي الأردنية في القاهرة الجديدة    كيف يتعامل القانون مع صراعات رؤية الأطفال بين الآباء والأمهات؟    زلزال بقوة 5.9 درجة يضرب الساحل الجنوبي الغربي ل غواتيمالا    طارق يحيى: ريبيرو يعاني في قراءة المباريات.. والزمالك حقق انطلاقة موفقة    وزير الدفاع يلتقى بعدد من مقاتلى القوات الخاصة من المظلات الصاعقة.. شاهد    «الداخلية» تقرر السماح ل21 مواطنًا مصريًا بالحصول على جنسيات أجنبية    انطلاق امتحانات الدور الثانى للشهادة الإعدادية فى الإسكندرية    في هذا الموعد.. علي الحجار يحيي حفلًا غنائيًا في مهرجان القلعة للموسيقى والغناء    روكي الغلابة يتصدر شباك التذاكر ليلة أمس    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم 10-8-2025 في محافظة قنا    إيران تعليقا علي قرار الكابينت الاسرائيلى باحتلال قطاع غزة كاملا : يهدف لمحو هوية وكيان فلسطين    وزارة الزراعة تعلن التشغيل التجريبى للمتحف الزراعى مجانا للجمهور    إنقاذ مهاجرين في فرنسا اختبأوا داخل شاحنة مبردة متجهة إلى بريطانيا    شكاوى من انقطاع التيار عن قرى بدير مواس وسمالوط بالمنيا وكفر الشيخ    الأرصاد الجوية : ارتفاع فى درجات الحرارة بكافة الأنحاء والعظمى بالقاهرة 38 درجة    موقف مثير للجدل من حسام حسن في مباراة الأهلي ومودرن سبورت (فيديو)    النصر السعودي يعلن التعاقد مع لاعب برشلونة    سعر الذهب في مصر اليوم الأحد 10-8-2025 مع بداية التعاملات    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخيرًا بين قليوب والزقازيق والمنصورة    حظك اليوم الأحد 10 أغسطس 2025 وتوقعات الأبراج    إعلام: إطلاق نار بالقرب من سجن تحتجز فيه مساعدة جيفري إبستين    خريطة الاستخدام الدولي لبطاقات الائتمان في 10 بنوك مصرية خلال موسم الصيف    ريبيرو: كنا الأفضل في الشوط الثاني.. والتعادل أمام مودرن سبورت نتيجة طبيعية    وزير العمل يزف بشرى سارة للمصريين العاملين بالسعودية: لدينا تطبيق لحل المشاكل فورًا (فيديو)    مصرع وإصابة شابين في انقلاب سيارة بسوهاج    لهذا السبب.... هشام جمال يتصدر تريند جوجل    التفاصيل الكاملة ل لقاء اشرف زكي مع شعبة الإخراج بنقابة المهن التمثيلية    «البرلماني والزعيم» و«الثقافوبيا»    محمود العزازي يرد على تامر عبدالمنعم: «وعهد الله ما حصل» (تفاصيل)    الجيش اللبناني يغلق بعض المداخل المؤدية للضاحية الجنوبية    شيخ الأزهر يلتقي الطلاب الوافدين الدارسين بمدرسة «الإمام الطيب»    دعاء صلاة الفجر.. أفضل ما يقال في هذا الوقت المبارك    من غير جراحة.. 5 خطوات فعالة للعلاج من سلس البول    يعاني ولا يستطيع التعبير.. كيف يمكن لك حماية حيوانك الأليف خلال ارتفاع درجات الحرارة؟    دعاء الفجر يجلب التوفيق والبركة في الرزق والعمر والعمل    مصرع وإصابة طفلين سقطت عليهما بلكونة منزل بكفر الدوار بالبحيرة    مصدر طبي بالمنيا ينفي الشائعات حول إصابة سيدة دلجا بفيروس غامض    طلاب مدرسة الإمام الطيب: لقاء شيخ الأزهر خير دافع لنا لمواصلة التفوق.. ونصائحه ستظل نبراسا يضيء لنا الطريق    جنايات مستأنف إرهاب تنظر مرافعة «الخلية الإعلامية».. اليوم    أندريه زكي يفتتح مبنى الكنيسة الإنجيلية بنزلة أسمنت في المنيا    "حب من طرف واحد ".. زوجة النني الثانية توجه له رسالة لهذا السبب    أمين الجامعات الخاصة: عملية القبول في الجامعات الأهلية والخاصة تتم بتنسيق مركزي    ما تأثير ممارسة النشاط البدني على مرضى باركنسون؟    أفضل وصفات لعلاج حرقان المعدة بعد الأكل    أفضل طرق لتخزين البطاطس وضمان بقائها طازجة لفترة أطول    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عن الترجمات المشوهة ..والنصوص المنقوصة:
أيها المترجم.. أيهاالخائن!
نشر في أخبار الأدب يوم 03 - 04 - 2010

كيف يتدخل المترجم في النص الذي يقوم بترجمة. وما هي حدود التدخل؟ وكيف قرانا أعمالا عظيمة ...ولكن نكتشف أنها مشوهة.
يحكي أحد الأصدقاء المقربين من إدوارد سعيد أنه لم يرضَ يوماً عن ترجمة كمال أبو ديب لكتابه " الاستشراق". لغة سعيد التي تميّزت بالبساطة علي الرغم من ثرائها وعمقها، تحولت علي يد أبو ديب (وإن أرضت ترجمته طموح كثيرين) إلي نوع من الكهنوت. من هنا تعالت أصوات داعية إلي إعادة ترجمة كتابات إدوارد سعيد، وخصوصاً مرجعيه " الاستشراق" و"الثقافة والإمبريالية".
دار " رؤية" التي اسسها الناشر رضا عوض حاولت القيام بالمهمة الشاقة، وعهدت بها إلي المترجم الشهير محمد عناني الذي قدم ترجمة لثلاثة من كتب سعيد " المثقف والسلطة" الذي صدرت له من قبل ترجمتين الأولي بعنوان" تمثيلات المثقف"، والثانية بعنوان" الآلهة التي تفشل دوما" ، كما أصدر كتاب " تغطية الإسلام" وأخيراً الكتاب الأشهر لسعيد وهو "الاستشراق".
يعتبر إدوارد سعيد (1935 - 2003) أن الاستشراق ليس مجرد خيال أوروبي، «بل إنه كيان له وجوده النظري والعملي، واستثمرت فيه إمكانات كبيرة علي مر أجيال، وهو ما جعل الاستشراق مذهباً معرفياً عن الشرق، من خلاله تحكمت الإمبريالية بمجال كامل من الدراسات والإبداعات والمؤسسات البحثية.
وقد وضع عناني، أستاذ الأدب الإنجليزي في جامعة القاهرة، عنواناً فرعياً جديداً للنسخة «المصرية» من كتاب «الاستشراق»، هو «المفاهيم الغربية للشرق»، فيما كان العنوان الفرعي لترجمة كمال أبو ديب قبل 25 عاماً «المعرفة. السلطة. الإنشاء». فهل نجح عناني في تجاوز أبو ديب، وفي الاقتراب من النص السعيدي، أم أنه ارتكب "مجزرة" جديدة؟
يوضح المترجم المصري أنه اشتغل علي الطبعة الإنكليزية الثانية للكتاب كما صدرت في العام 1995، وفيها أضاف ادوارد سعيد فصلاً كاملاً عن وقع كتابه في الغرب وخارجه. كما أعاد النظر في بعض المسائل التي رأي أنها تحتاج إلي إعادة نظر، ورد علي بعض منتقديه. ويذكر عناني أن اللغة العربية المعاصرة التي تترجم بها الكتب الأجنبية لغة حية ومتطورة، وقد شهدت خلال ربع القرن الماضي عمر ترجمة أبو ديب متغيرات لم تشهدها علي مدار قرن كامل.
لكن هل تكفي هذه الدوافع لإعادة ترجمة "الاستشراق"؟ الطبعة المعتمدة صدر بعدها أكثر من طبعة، والفصل الذي أضافه سعيد ترجم مراراً، بل إن صبحي حديدي أصدره في كتاب. كما أن سعيد أعاد النظر في كثير من أفكار الاستشراق في مقال كتبه قبل رحيله في الاحتفال ب 25 عاماً علي صدور الاستشراق. لكن الأخطر هو أن عناني "عبث" بالنص الأصلي، وتدخل فيه، حتي إنه منح لنفسه الحق في حذف كثير من الفقرات التي رأي فيها إساءة للنبي محمد. الحذف الذي اشار له عناني يتعلق بأجزاء من كتاب دانتي الشهير" الكوميديا الإلهية" التي صدرت لها العديد من الترجماتهرها قام بها حسن عثمان في خمسينيات القرن الماضي. ومؤخرا ظهرت ترجمتان لحنا عبود ولكاظم جهاد. وقد بدأت ترجمة دانتي في الثلاثينيات عندما قدم طه فوزي كتابا عن دانتي قدم فيه ملخصا للكوميديا الإلهية، وفي الوقت ذاته قام عبود أبي رشيد بتقديم ترجمة نثرية ، في 1938 قام المحامي الأردني أمين أبو شعر بنشر كتاب " جحيم دانتي "
المفارقة أن كل الترجمات لم تكن من الإيطالية مباشرة، وإنما عن لغات وسيطة. كما أن النص الذي حذفه عناني تم حذفه في الترجمات الثلاث بدافع " استحالة الترجمة للاختلاف الثقافي"؟ وهو الأمر الذي سألنا عنه الدكتور حسين محمود أستاذ الأدب الإيطالي بجامعة حلوان فأوضح :" قابلية النص للترجمة مصطلح يحتوي بداخله علي نقيضه، لأن مناقشة الأمر تحتمل الوصول إلي إحدي نتيجتين : إما انه قابل للترجمة أو غير قابل ..بينما يري أمبرتو إيكو أن كل لغة تمثل حالة شديدة الجمود في رؤية العالم إلا أن الرأي هو أنه بالإمكان دائما الترجمة من لغة إلي أخري". ويضيف حسين محمود:" في الترجمات الأولي كان هناك اتجاه لدي المترجمين لحذف الجزء الخاص الذي ورد فيه النبي محمد وعلي ابن ابي طالب بينما في الترجمتين الآخيرتين ظهرت هذه الأبيات وزعم أصحابها أنهم تحلوا بالشجاعة وقاموا بما عجز عنه الأوائل ". حسين محمود يري أن المترجمين اعتمدا علي " الابهام" إذ وضع كاظم جهاد " نقاطا" بدلا من الكلمات المحذوفة ، وابهم حنا عبود النص إبهاما كاملا. المفارقة أن حسين محمود قام بترجمة النص محل الخلاف ونشره في مقدمة كتاب كارين ارمسترونج " محمد نبي لزماننا" ولم يثر ذلك أي تخوف. إذ _ كما يقول _ وضعها القارئ في مكانها الصحيح وهو المكان الذي يتعلق بالصورة النمطية للغرب عن شخصية النبي محمد وخاصة في العصور الوسطي".
سلسلة العجائب!
سلسلة الجوائز التي تصدر عن هيئة الكتاب ، واحدة من السلاسل التي تقدم نموذجا آخر لتشويه الترجمة، مرات لأسباب رقابية ومرات أخري بسبب جهل المترجم باللغة التي يترجم منها. السلسلة قدمت أعمالا أعمال التركي أورهان باموق والنمساوية إلفريده يلينك، والأفريقي جي إم كويتزي، إلي جانب الإنجليزية زادي سميث ، و آخرين بهدف " استيعاب أبرز ملامح المشهد الإبداعي عربياً وعالمياً، وتقديم أعمال تتميز بالخصوصية والجودة" كما جاء في المقدمة التي كتبها رئيس الهيئة السابق للسلسلة. ولكن للأسف تعرضت الكثير من الأعمال الصادرة فيها للكثير من التشويه. مثلاً، تمّت ترجمة رواية " القلعة البيضاء" لأورهان باموق عن الإنجليزية لا عن التركية، ما أغضبه كثيراً أثناء زيارته للقاهرة منذ عامين بدعوة من الهيئة للمشاركة في معرض القاهرة الدولي للكتاب. إذ انتقد الهيئة بشدة، قائلاً: "تتحدثون عن التواصل الحضاري والإرث الثقافي المشترك وتترجمون أعمالي عن لغة وسيطة" . الهيئة نفسها لم تجد ما تردّ به علي باموق سوي أنّها سلكت طريقاً قانونياً وحصلت علي حقوق ترجمة ثلاثة من أعماله من ناشره الإنجليزي. أما إلفريده يلينك صاحبة نوبل 2004 فكان حظها أسوأ. إذ ترجمت روايتها "العاشقات" التي وصفها مترجمها الدكتور مصطفي ماهر بأنّها "رواية محيرة ومستفزة".
هذا الاستفزاز لم يصل إلي القارئ ليحكم عليه، لأنه أصاب المترجم والناشر. إذ نقع علي عشرات السطور والكلمات المحذوفة من الترجمة، مع إشارات المترجم في الهامش "الكلمة في الأصل مبتذلة" ولا تكاد صفحة تخلو من هذه الإشارة.
الدكتور مصطفي ماهر برر ما قام به في حوار مع أخبا رالأدب "بأنك لو أحضرت السيدة يلينك وألبستها الملابس المصرية وحجبتها أو نقبتها، ثم أنزلتها هنا إلي الجمهور لكان لها شكل آخر. أستاذ الأدب الألماني يريد أن ينقب ويحجب الكاتبة النمساوية الشهيرة " لكي تصبح مناسبة للمجتمع الذي ستقدمها فيه " وأضاف :" لا أستطيع أن أجعل عملاً من الأعمال الأدبية يصل إلي أناس لم يصلوا بعد إلي المرحلة التي تسمح لهم بقراءة كل هذه الأشياء بكل ما فيها من تفاصيل جنسية في المجتمعات الأوربية، لا نستطيع نحن أن نقولها ...وإذا قرأ الناس النص كما هو، سيتصورون أن الكاتبة عاهرة وقوادة وقليلة الأدب! ليست هذه صورة صحيحة".
المترجم الألماني سمير جريس الذي ترجم أيضا ليلنيك " عازفة البيانو" أوضح " من يعرف يلينك وادبها سيدرك علي الفور أن أدبها يتحدث عن أخلاقيات المجتمع الأوروبي في فترة ما ، والجنس في أدبها يأتي من منطلق أخلاقي تماما إذ تنتقد هي ابتذال الجنس ، هي تريد أيضا أن تصدم القارئ، الصدمة هدف أساسي من أهدافها في الكتابة".
السلسلة اصدرت أيضا رواية " عن الجمال للكاتبة الإنجليزية زادي سميث، وقام المترجم مفرح كريم بحذف العديد من الجمل والعبارات التي لا تتضمن أي من التابوهات الثلاثة المعروفة في الثقافة العربية، وإنما لأن لغة الرواية تعتمد في كثير من مقاطعها علي الاختصارات ، ولغة الإنترنت..وعندما لم يجد مرادفا له في العربية قام بالحل الأسهل وهو الحذف..مثال ذلك عندما ترسل الراوية رسالة إلكترونية وتختمها بالحروف ASAP وهي تعني (As Soon As Possible) فقد قام المترجم بحذف الرسالة كلها رغم أنها اساسية في فهم النص. وهو ايضا يدفع للتساؤل عن عدم وجود مراجعة للنصوص التي تنشر.
الغريب أنّ الهيئة ترفض أن تقوم أي دور نشر عربية أخري بترجمة الأعمال التي طالها التشويه، وتعهدت بمواجهة قضائية مع أي دار نشر عربية ستقدم علي ترجمة كل الأعمال التي أعلنت أنها اشترت حقوق ترجمتها، ما يعني استمراراً في التشويه حتي إشعار آخر!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.