تفعيل المشاركة المجتمعية لتطوير وصيانة المدارس واستكمال التشجير بأسيوط    إنفوجراف| أسعار الذهب اليوم السبت 23 أغسطس    1350 مجمعا استهلاكيا يطرح 15 سلعة بتخفيضات ضمن مبادرة خفض الأسعار    «بحوث الصحراء» ينفذ خزانات لتعظيم الاستفادة من مياه الأمطار في مطروح    برئاسة الإمام الأكبر | «حكماء المسلمين» يدين استهداف قافلة إنسانية بالسودان    «صحح مفاهيمك».. مبادرة دعوية خارج المساجد بمشاركة 15 وزارة    ثلاثة أفلام جديدة فى الطريق.. سلمى أبو ضيف تنتعش سينمائيا    ما أسباب استجابة الدعاء؟.. واعظة بالأزهر تجيب    مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية يحيي ذكرى وفاة العالم الكبير الشيخ مصطفى المراغي    طلقات تحذيرية على الحدود بين الكوريتين ترفع حدة التوتر    موعد مباراة النصر والأهلي والقنوات الناقلة بنهائي كأس السوبر السعودي    اليوم.. اجتماع الجمعية العمومية العادية للإسماعيلي لمنافشة الميزانية والحساب الختامي    استئناف مباريات الجولة الأولى بدوري المحترفين    طلاب الثانوية الأزهرية الدور الثانى يؤدون اليوم امتحان التاريخ والفيزياء    تجديد حبس عاطل وشقيقته بتهمة جلب 3000 قرص مخدر داخل طرد بريدي    السجن المشدد 15 سنة لسباك قتل جاره في الجمالية    حبس سائق بتهمة الاستيلاء على سيارة محملة بحقائب وأموال بالسلام    ضبط لحوم وسلع غذائية فاسدة وتحرير 260 محضرًا في حملات تموينية بأسيوط    الأوقاف: «صحح مفاهيمك» تتوسع إلى مراكز الشباب وقصور الثقافة    تحقيق استقصائى يكتبه حافظ الشاعر عن : بين "الحصة" والبطالة.. تخبط وزارة التعليم المصرية في ملف تعيين المعلمين    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : إلى أين!?    "يونيسيف" تطالب إسرائيل بالوفاء بالتزاماتها والسماح بدخول المساعدات بالكميات اللازمة لغزة    جامعة القاهرة تُطلق قافلة تنموية شاملة لمدينة الحوامدية بالجيزة    حملة «100 يوم صحة» تقدّم 59 مليون خدمة طبية مجانية خلال 38 يومًا    أسعار الفراخ اليوم السبت 23-8-2025 فى أسواق محافظة المنوفية    3 وفيات ومصاب في حادث تصادم مروّع على طريق أسيوط الزراعي    توجيه حكومي جديد لبيع السلع بأسعار مخفضة    المكرونة ب210 جنيهات.. أسعار السمك في مطروح اليوم السبت 23-8-2025    استشهاد 19 فلسطينيا إثر قصف إسرائيل خيام النازحين بخان يونس ومخيم المغازي    «الإفتاء» تستطلع هلال شهر ربيع الأول اليوم    حسن الخاتمة.. وفاة معتمر أقصري أثناء أدائه مناسك الحج    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 23-8-2025 في محافظة قنا    الأمم المتحدة: نصف مليون شخص بغزة محاصرون فى مجاعة    تفاصيل وأسباب تفتيش منزل مستشار الأمن القومي الأمريكي الأسبق جون بولتون    وزارة الخارجية الروسية تكشف عدد المواطنين الروس المتبقين في غزة    وزارة الصحة تقدم 3 نصائح هامة لشراء الألبان    تنسيق الجامعات 2025| مواعيد فتح موقع التنسيق لطلاب الشهادات المعادلة    ملف يلا كورة.. خطة انتخابات الأهلي.. رسائل الزمالك.. واعتماد لجنة الحكام    نوال الزغبي: ضحيت بالفن من أجل حماية أولادي بعد الطلاق    شريف حافظ: الحب هو المعنى في حد ذاته ولا يقبل التفسير... والنجاح مسؤولية يجب أن أكون مستعدًا لها    عميد تجارة القاهرة الأسبق: الجامعات الحكومية ما زالت الأفضل.. وهذه أسباب تفضيل البعض للخاصة    تنسيق دبلوم التجارة 2025.. قائمة الكليات والمعاهد المتاحة لطلاب 3 سنوات «رابط وموعد التسجيل»    سهير جودة عن شيرين عبدالوهاب وحسام حبيب: «انفصال وعودة مزمنة.. متى تعود إلينا؟»    ويجز يغنى الأيام من ألبومه الجديد.. والجمهور يغنى معه بحماس    بعثة منتخب مصر للناشئين تؤدي مناسك العمرة عقب مواجهة السعودية    مدحت صالح يتألق بغناء حبيبى يا عاشق وزى المليونيرات بحفله فى مهرجان القلعة    التعليم تطلق دورات تدريبية لمعلمي الابتدائي على المناهج المطورة عبر منصة (CPD)    اليوم، دار الإفتاء تستطلع هلال شهر ربيع الأول لعام 1447 هجريا    استقالة وزير الخارجية الهولندي بسبب موقف بلاده من إسرائيل    سعر الطماطم والبطاطس والخضار في الأسواق اليوم السبت 23 أغسطس 2025    قطع المياه عن بعض المناطق بأكتوبر الجديدة لمدة 6 ساعات    محمود وفا حكما لمباراة الاتحاد والبنك الأهلى والسيد للإسماعيلى والطلائع    غزل المحلة يبدأ استعداداته لمواجهة الأهلي في الدوري.. صور    مصدر ليلا كورة: كهربا وقع عقدا مع القادسية الكويتي    حدث بالفن| أول تعليق من شيرين عبد الوهاب بعد أنباء عودتها ل حسام حبيب وفنان يرفض مصافحة معجبة ونجوم الفن في سهرة صيفية خاصة    3 أبراج على موعد مع التفاؤل اليوم: عالم جديد يفتح الباب أمامهم ويتلقون أخبارا مشجعة    صحة المنوفية تواصل حملاتها بسرس الليان لضمان خدمات طبية آمنة وذات جودة    قدم لكلية الطب وسبقه القدر.. وفاة طالب أثناء تركيبه ميكروفون لمسجد في قنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ميكلوس روزا موسوعة موسيقى القرن العشرين
نشر في صوت البلد يوم 19 - 04 - 2017

قد يكون ميكلوس روزا هو الموسيقار الأبرز من بين موسيقيي القرن العشرين الذي نجح في أن يجمع بين مؤلفاته السمفونية الأوركسترالية الكلاسيكية، وأعماله الموسيقية الأوركسترالية الخاصة بأفلام السينما، والتي هي الأخرى لم يتركها على حالها بل قام بإعادة توزيعها بشكل سوينتات وكونشيرتات سمفونية كي يضمن استمرارها وخلودها سماعاً في ذاكرة النخبة الموسيقية، وحضوراً في صالات الموسيقى العالمية، في حال فشِلت الأفلام أو اندثرت.
بدئاً لا بد لنا من الإشارة الى أحد أروع وأشهر أعمال روزا وهو كونشيرتو Spellbound الذي نال عليه جائزة الأوسكار عام 1945، والذي كان أصلاً الموسيقى التصويرية لأحد أفلام المخرج العالمي هيتشكوك الذي يحمل نفس الاسم وقام ببطولته النجمان الأسطوريان أنغريد بيرغمان وكريكوري بيك.
يمتاز هذا الكونشيرتو، وكأغلب أعمال روزا، بأنه نغمي بإمتياز، وبأن بعض إيقاعاته اللحنية مستوحاة من الموسيقى الشعبية الهنغارية، بعد أن تم توزيعها بإطار أوركسترالي رومانتيكي.
إيقاع الكونشرتو استهلالي وبصيغة السوناتا من ثلاثة أجزاء مترابطة ومتواصلة. يبدأ جزؤه الأول بإيقاع شاعري انفعالي مندفع مفعم بالطاقة allegro energico وهو صعب وقوي وذو دلالات عميقة ويتمحور حول لحن العمل الرئيسي.
أما الجزء الثاني adagio فأهدأ ويعطي بعض الراحة للعازفين والمستمعين على حد سواء من الذروة التي عاشوها في الجزء الأول، وتنساب فيه الأنغام من بين مفاتيح البيانو بلطف وشاعرية ساحرة، مع مرافقة الهوائيات والأوركسترا في بعض الأحيان.
أما الجزء الخير Vigoroso فيعود بنا للمزاج الإنفعالي الذي لمسناه في الجزء الأول، ولكن بشكل واندفاع محموم أكثر من سابقه.
هنالك أيضاً "سمفونيا كونشرتانتي" وهي أشبه بكونشرتو للكمان والتشيلو، وتعتبر من أبرز مؤلفات روزا الأوركسترالية. الحركة الأولى يتصدى الكمان لعزف لحنها الرئيسي الذي يشاركه به التشيلو أحياناً بمرافقة الأوركسترا، أما الحركة الثانية فطويلة وتحوي جملا لحنية مختلفة لكنها متناسقة، لذا تعزف أحياناً منفردة بفرق صغيرة كتنويعات كمان وتشيلو مع بعض الهوائيات، يبدأ جزؤها الأول بلحن أساسي للتشيلو المنفرد يبدو أنه مستوحى من الموسيقى الهنغارية يشاركه به الكمان أحياناً.
الجزء الثاني أكثر حيوية لما فيه من حوار نغمي بين آلتين منفردتين ويمتاز بأنغام انفعالية حادة تمهد للجزء الثالث، الذي يمتاز بلحن راقص ذي إيقاع سريع ينتهي بكل الأوركسترا تمهيداً لدخول الجزء الرابع ذي المساحات اللحنية الواسعة للكمان، يليه حوار عاصف غاضب بالجزء الخامس بين العازفين المنفردين معًا بمواجهة الأوركسترا وتناغماً معها، ثم ما يلبث للعودة الى الهدوء ببداية الجزء السادس، لكنه هدوء يسبق عاصفة من الأنغام تمهد لعودة اللحن الأساسي بالجزء السابع والأخير بكمان منفرد بمشاركة خلفية خفيفة من الهوائيات والتشيلو المنفرد.
ولد روزا لعائلة مثقفة، ودرس الكمان في السابعة، ثم واصل دراسته ليحصل على الدبلوم من كونسرفتوار لايبزغ. عزف أول عمل له ببودابست وهو السيرنادا الهنغارية التي أشاد ريتشارد شتراوس بها في حينها. لكن الإنجاز الأكبر له بتلك المرحلة كان عمل بعنوان "مقدمة، تنويعات ونهاية" الذي ألفه بباريس وهو في ال 26 وعزفت لأول مرة بديسبورغ عام 1934 وجعلته موسيقاراً يُشار له بالبنان رغم صغره، وهي عمل من مقدمة وثماني تنويعات وخاتمة.
المقدمة عبارة عن لحن شعبي حزين كئيب للأوبو المنفرد، أما التنويعة الأولى فلحن يبدأ بالفلوت ثم الأوبو ثم الكلارنيت تتبعها وتريات يلتقطه منها البوق فتتبعه وتريات تختمها بهدوء، التنويعة الثانية تقودها الهوائيات بمواجهة الوتريات مع مرافقة أنغام أوتار الهارب وتنتهي التنويعة بالوتريات مع مرافقة الهارب، على العكس من سابقاتها تفتتح التنويعة الثالثة بلحن عنيف يعزفه التشيلو مع الكونترباص تهدأ بالوسط مع مرافقة للوتريات لتنتهي كما بدأت بعنف.
أما التنويعة الرابعة فتبدأ بلطف مع أنغام منسابة من أوتار الهارب يرافقها صعوداً الكونترباص والتشيلو ثم الوتريات ليعود اللحن لطيفاً هادئاً كما بدأ، بعدها تأتي تنويعة خامسة تتضمن سريعا، ثم السادسة المبنية على لحن شعبي هنغاري موزع على الوتريات مع مرافقة الهارب.
التنويعة السابعة تبدأ قوية مندفعة بلحن مارش تعزفه هوائيات بمرافقة آلات إيقاع وكمانات، وأخيراً تأتي تنويعة ثامنة ذات شكل عنيد صارخ بلحن منبعث من الباسون والكونترباص والتشيلو يبدأ بالتصاعد بعنف لتعزفه الأوركسترا ولتسلمه بالنهاية للكمان الذي ينهي العمل بلحن مستوحى من المقدمة.
يمتاز العمل بتلونه اللحني، إذ يبدأ بلحن عالي قوي لينتهي بلحن واطيء سوداوي.
عام 1943 كان من المحطات المهمة في حياة هذا الموسيقار الأسطورة، فقد قام فيه بعمل موسيقى لباليه عزف في لندن ونال استحسان الموسيقيين والنقاد، وكان من بينهم المخرج جاكوس فيدر الذي قال بأنه قد وجد الموسيقار الذي سيضع موسيقى فيلمه القادم، والذي كان من بطولة أسطورة السينما مارلين ديتريش، وقد نالت الموسيقى التي وضعها روزا لفلم فيدرKnight Without Armour الكثير من التقدير، دعي بعدها لكي يكون ضمن فريق عمل شركة لندن فيلم الإنكليزية لإنتاج الأفلام، والتي مثلت الموسيقى التي وضعها لفلمهاThe Four Feathers أول نجاح عالمي له تلتها موسيقى فيلمThe Thief of Baghdad (لص بغداد).
بعد إنتقاله الى هوليوود مع لندن فيلم عام 1944عرضت عليه شركة بارامونت أن يقوم بتأليف موسيقى عملها القادم Double Indemnity. ثم توالت نجاحاته في عالم موسيقى الأفلام لتتوج عام 1946 بنيله لجائزة الأوسكار عن موسيقاه التصويرية الخالدة التي وضعها لفلم هيتشكوك Spellbound والتي تحولت فيما بعد لواحد من أشهر كونشرتات بيانو القرن العشرين.
بعدها إنتقل روزا الى فريق عمل MGM التي بقي معها لمدة 12 عاما وضع خلالها موسيقى تصويرية لمجموعة من أشهر أفلامها التأريخية وهيQuo Vadis و Ivanhoeو Julius Caesarو Ben Hur .
تعكس أغلب أعمال روزا الموسيقية، سواء الأوركسترالية منها أو التصويرية، تأثره بعنصرين أساسيين يبدوا أنهما قد ساهما في بلورة شخصيته ولغته الموسيقية، الأول هو دراسته الأكاديمية الألمانية الكلاسيكية الصارمة، والثاني هو ولعه بالجمل الطويلة والألحان المتسلسلة، والذي تكون لديه على الأغلب من خلال سماعه للألحان الشعبية الهنغارية وأعمال المدرسة الرومانتيكية خصوصاً المتأخرة منها، والتي كانت في ذروة مجدها خلال فترة نشأته ونضوجه الفني.
لذا رغم انشغاله بكم هائل من الالتزامات لموسيقى الأفلام واستهلاكها لوقته وجهده وإبداعه فيها، إلا أنه لم ينس الموسيقى الأوركسترالية التي كانت نوتاتها تنساب من حبر أقلامه بين حين وآخر، وقد استغل فترة قضائه لإجازة صيفية سنوية في سانتا مارغريتا بايطاليا لكتابة مجموعة من أروع أعماله الأوركسترالية الساحرة مثل كونشيرتو الكمان والأوركسترا عام 1956، وكونشيرتو البيانو والأوركسترا عام 1966، وسيمفوني كونشيرتانتي عام 1966، وكونشيرتو التشيلو والأوركسترا عام 1969، وكونشيرتو الفيولا والأوركسترا عام 1979.
عام 1982 وأثناء قضائه لعطلته الصيفية المعتادة في سانتا مارغريتا أصيب بأزمة صحية خطيرة أصابته بشلل نصفي وأقعدته عن الحركة، عاد بعدها الى كاليفورنيا وظل حبيس بيته منذ ذلك الحين، لكنه روحه المَرحة المُتقِدة ألهَمَته الشجاعة وبالتالي القدرة على الإستمرار بكتابة بعض الأعمال الخفيفة لآلات منفردة كسوناتا الكمان التي ألفها عام 1986، وعلى الإستمرار في التواصل مع الآخرين وحضور بعض العروض والتسجيلات الموسيقية، ثم بدأت حالته تسوء شيئاُ فشيئاً حتى وافته المنية عام 1995.
https://www.youtube.com/watch?v=9L_z2OcL8-U
https://www.youtube.com/watch?v=xOkjEpOPe5w
https://www.youtube.com/watch?v=t7jTkX2wWXY
https://www.youtube.com/watch?v=CCL6VvZCkEA
قد يكون ميكلوس روزا هو الموسيقار الأبرز من بين موسيقيي القرن العشرين الذي نجح في أن يجمع بين مؤلفاته السمفونية الأوركسترالية الكلاسيكية، وأعماله الموسيقية الأوركسترالية الخاصة بأفلام السينما، والتي هي الأخرى لم يتركها على حالها بل قام بإعادة توزيعها بشكل سوينتات وكونشيرتات سمفونية كي يضمن استمرارها وخلودها سماعاً في ذاكرة النخبة الموسيقية، وحضوراً في صالات الموسيقى العالمية، في حال فشِلت الأفلام أو اندثرت.
بدئاً لا بد لنا من الإشارة الى أحد أروع وأشهر أعمال روزا وهو كونشيرتو Spellbound الذي نال عليه جائزة الأوسكار عام 1945، والذي كان أصلاً الموسيقى التصويرية لأحد أفلام المخرج العالمي هيتشكوك الذي يحمل نفس الاسم وقام ببطولته النجمان الأسطوريان أنغريد بيرغمان وكريكوري بيك.
يمتاز هذا الكونشيرتو، وكأغلب أعمال روزا، بأنه نغمي بإمتياز، وبأن بعض إيقاعاته اللحنية مستوحاة من الموسيقى الشعبية الهنغارية، بعد أن تم توزيعها بإطار أوركسترالي رومانتيكي.
إيقاع الكونشرتو استهلالي وبصيغة السوناتا من ثلاثة أجزاء مترابطة ومتواصلة. يبدأ جزؤه الأول بإيقاع شاعري انفعالي مندفع مفعم بالطاقة allegro energico وهو صعب وقوي وذو دلالات عميقة ويتمحور حول لحن العمل الرئيسي.
أما الجزء الثاني adagio فأهدأ ويعطي بعض الراحة للعازفين والمستمعين على حد سواء من الذروة التي عاشوها في الجزء الأول، وتنساب فيه الأنغام من بين مفاتيح البيانو بلطف وشاعرية ساحرة، مع مرافقة الهوائيات والأوركسترا في بعض الأحيان.
أما الجزء الخير Vigoroso فيعود بنا للمزاج الإنفعالي الذي لمسناه في الجزء الأول، ولكن بشكل واندفاع محموم أكثر من سابقه.
هنالك أيضاً "سمفونيا كونشرتانتي" وهي أشبه بكونشرتو للكمان والتشيلو، وتعتبر من أبرز مؤلفات روزا الأوركسترالية. الحركة الأولى يتصدى الكمان لعزف لحنها الرئيسي الذي يشاركه به التشيلو أحياناً بمرافقة الأوركسترا، أما الحركة الثانية فطويلة وتحوي جملا لحنية مختلفة لكنها متناسقة، لذا تعزف أحياناً منفردة بفرق صغيرة كتنويعات كمان وتشيلو مع بعض الهوائيات، يبدأ جزؤها الأول بلحن أساسي للتشيلو المنفرد يبدو أنه مستوحى من الموسيقى الهنغارية يشاركه به الكمان أحياناً.
الجزء الثاني أكثر حيوية لما فيه من حوار نغمي بين آلتين منفردتين ويمتاز بأنغام انفعالية حادة تمهد للجزء الثالث، الذي يمتاز بلحن راقص ذي إيقاع سريع ينتهي بكل الأوركسترا تمهيداً لدخول الجزء الرابع ذي المساحات اللحنية الواسعة للكمان، يليه حوار عاصف غاضب بالجزء الخامس بين العازفين المنفردين معًا بمواجهة الأوركسترا وتناغماً معها، ثم ما يلبث للعودة الى الهدوء ببداية الجزء السادس، لكنه هدوء يسبق عاصفة من الأنغام تمهد لعودة اللحن الأساسي بالجزء السابع والأخير بكمان منفرد بمشاركة خلفية خفيفة من الهوائيات والتشيلو المنفرد.
ولد روزا لعائلة مثقفة، ودرس الكمان في السابعة، ثم واصل دراسته ليحصل على الدبلوم من كونسرفتوار لايبزغ. عزف أول عمل له ببودابست وهو السيرنادا الهنغارية التي أشاد ريتشارد شتراوس بها في حينها. لكن الإنجاز الأكبر له بتلك المرحلة كان عمل بعنوان "مقدمة، تنويعات ونهاية" الذي ألفه بباريس وهو في ال 26 وعزفت لأول مرة بديسبورغ عام 1934 وجعلته موسيقاراً يُشار له بالبنان رغم صغره، وهي عمل من مقدمة وثماني تنويعات وخاتمة.
المقدمة عبارة عن لحن شعبي حزين كئيب للأوبو المنفرد، أما التنويعة الأولى فلحن يبدأ بالفلوت ثم الأوبو ثم الكلارنيت تتبعها وتريات يلتقطه منها البوق فتتبعه وتريات تختمها بهدوء، التنويعة الثانية تقودها الهوائيات بمواجهة الوتريات مع مرافقة أنغام أوتار الهارب وتنتهي التنويعة بالوتريات مع مرافقة الهارب، على العكس من سابقاتها تفتتح التنويعة الثالثة بلحن عنيف يعزفه التشيلو مع الكونترباص تهدأ بالوسط مع مرافقة للوتريات لتنتهي كما بدأت بعنف.
أما التنويعة الرابعة فتبدأ بلطف مع أنغام منسابة من أوتار الهارب يرافقها صعوداً الكونترباص والتشيلو ثم الوتريات ليعود اللحن لطيفاً هادئاً كما بدأ، بعدها تأتي تنويعة خامسة تتضمن سريعا، ثم السادسة المبنية على لحن شعبي هنغاري موزع على الوتريات مع مرافقة الهارب.
التنويعة السابعة تبدأ قوية مندفعة بلحن مارش تعزفه هوائيات بمرافقة آلات إيقاع وكمانات، وأخيراً تأتي تنويعة ثامنة ذات شكل عنيد صارخ بلحن منبعث من الباسون والكونترباص والتشيلو يبدأ بالتصاعد بعنف لتعزفه الأوركسترا ولتسلمه بالنهاية للكمان الذي ينهي العمل بلحن مستوحى من المقدمة.
يمتاز العمل بتلونه اللحني، إذ يبدأ بلحن عالي قوي لينتهي بلحن واطيء سوداوي.
عام 1943 كان من المحطات المهمة في حياة هذا الموسيقار الأسطورة، فقد قام فيه بعمل موسيقى لباليه عزف في لندن ونال استحسان الموسيقيين والنقاد، وكان من بينهم المخرج جاكوس فيدر الذي قال بأنه قد وجد الموسيقار الذي سيضع موسيقى فيلمه القادم، والذي كان من بطولة أسطورة السينما مارلين ديتريش، وقد نالت الموسيقى التي وضعها روزا لفلم فيدرKnight Without Armour الكثير من التقدير، دعي بعدها لكي يكون ضمن فريق عمل شركة لندن فيلم الإنكليزية لإنتاج الأفلام، والتي مثلت الموسيقى التي وضعها لفلمهاThe Four Feathers أول نجاح عالمي له تلتها موسيقى فيلمThe Thief of Baghdad (لص بغداد).
بعد إنتقاله الى هوليوود مع لندن فيلم عام 1944عرضت عليه شركة بارامونت أن يقوم بتأليف موسيقى عملها القادم Double Indemnity. ثم توالت نجاحاته في عالم موسيقى الأفلام لتتوج عام 1946 بنيله لجائزة الأوسكار عن موسيقاه التصويرية الخالدة التي وضعها لفلم هيتشكوك Spellbound والتي تحولت فيما بعد لواحد من أشهر كونشرتات بيانو القرن العشرين.
بعدها إنتقل روزا الى فريق عمل MGM التي بقي معها لمدة 12 عاما وضع خلالها موسيقى تصويرية لمجموعة من أشهر أفلامها التأريخية وهيQuo Vadis و Ivanhoeو Julius Caesarو Ben Hur .
تعكس أغلب أعمال روزا الموسيقية، سواء الأوركسترالية منها أو التصويرية، تأثره بعنصرين أساسيين يبدوا أنهما قد ساهما في بلورة شخصيته ولغته الموسيقية، الأول هو دراسته الأكاديمية الألمانية الكلاسيكية الصارمة، والثاني هو ولعه بالجمل الطويلة والألحان المتسلسلة، والذي تكون لديه على الأغلب من خلال سماعه للألحان الشعبية الهنغارية وأعمال المدرسة الرومانتيكية خصوصاً المتأخرة منها، والتي كانت في ذروة مجدها خلال فترة نشأته ونضوجه الفني.
لذا رغم انشغاله بكم هائل من الالتزامات لموسيقى الأفلام واستهلاكها لوقته وجهده وإبداعه فيها، إلا أنه لم ينس الموسيقى الأوركسترالية التي كانت نوتاتها تنساب من حبر أقلامه بين حين وآخر، وقد استغل فترة قضائه لإجازة صيفية سنوية في سانتا مارغريتا بايطاليا لكتابة مجموعة من أروع أعماله الأوركسترالية الساحرة مثل كونشيرتو الكمان والأوركسترا عام 1956، وكونشيرتو البيانو والأوركسترا عام 1966، وسيمفوني كونشيرتانتي عام 1966، وكونشيرتو التشيلو والأوركسترا عام 1969، وكونشيرتو الفيولا والأوركسترا عام 1979.
عام 1982 وأثناء قضائه لعطلته الصيفية المعتادة في سانتا مارغريتا أصيب بأزمة صحية خطيرة أصابته بشلل نصفي وأقعدته عن الحركة، عاد بعدها الى كاليفورنيا وظل حبيس بيته منذ ذلك الحين، لكنه روحه المَرحة المُتقِدة ألهَمَته الشجاعة وبالتالي القدرة على الإستمرار بكتابة بعض الأعمال الخفيفة لآلات منفردة كسوناتا الكمان التي ألفها عام 1986، وعلى الإستمرار في التواصل مع الآخرين وحضور بعض العروض والتسجيلات الموسيقية، ثم بدأت حالته تسوء شيئاُ فشيئاً حتى وافته المنية عام 1995.
https://www.youtube.com/watch?v=9L_z2OcL8-U
https://www.youtube.com/watch?v=xOkjEpOPe5w
https://www.youtube.com/watch?v=t7jTkX2wWXY
https://www.youtube.com/watch?v=CCL6VvZCkEA


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.