كان عطية شرارة أكاديمية موسيقية أعطاه الله الموهبة والعمر المديد (نوفمبر 1923 - يونيه 2014) فأنجز أعمالًا يمكن أن تسعد أجيالا من محبى فن الموسيقى العربية والعالمية، كان عازفًا بارعًا على آلة الكمان منذ شبابه الأول وبعد تخرجه فى معهد الموسيقى العربية حتى أنه شارك فى عزف دويتو «حكيم عيون» لمحمد عبد الوهاب وهو صغير السن، كما عزف فى حفل زواج شاه إيران من الأميرة فوزية ونال عن ذلك آلة كمان ممتازة كهدية لبراعته فى العزف. كان مايسترو، وموزعًا للموسيقى الأوركسترالية.. وقبل إنشاء معهد الموسيقى العربية والمعهد العالى للموسيقى المسرحية، كان تحصيل العلوم الموسيقية يتم فى مصر على يد الخواجات بالدروس الخصوصية، فتعلم شرارة التوزيع على يد الخواجة إيزائيا، وعلم التوافق الموسيقى «الهارمونى» والكونتر بوينت على يد الخواجة ميناتو. والعزف على آلة موسيقية خاصة الفيولينة أو الكمان له طريقتان واحدة عربية والأخرى غربية والاختلاف بينهما واضح فى ضبط أوتار الآلة فى كل حالة ليكون لها أحد الطابعين. والغالب أن العازف يختار واحدة من الطريقتين، لكن عطية شرارة كان يجيد الطريقتين بنفس الدرجة. أنشأ فرقة موسيقية تحمل اسمه فى أوائل الخمسينيات الماضية بعد أن عمل عازفًا فى عدة فرق، وكتب لفرقته عدة مقطوعات من النوع الذى كان سائدًَا حينئذٍ، ونجحت موسيقاه التى كتبها فى شكل سلسلة هى «ليالى القاهرة» - «ليالى الإسكندرية» «ليالى المنصورة» «ليالى النور» وأخذت هذه المقطوعات لاسم عطية شرارة أن يكون فى مصاف نجوم الموسيقى والغناء، ووضعت صوره على أبواب المسارح التى كانت الإذاعة تقيم فيها حفلاتها وكانت تذيعها فى برنامجها بصفة دائمة، أنشأت الإذاعة فرقتها الموسيقية فكتب لها مقطوعة «النظرة الأولى» ومقطوعة للكمان والأوركسترا، ثم تبادل قيادة الفرقة مع عبد الحليم نويره وإبراهيم حجاج إضافة إلى كونه عازف الكمان الأول فيها. منذ عام 1952 تحول عطية شرارة إلى طير مسافر ولمدة 17 سنة عزف خلالها فى باريس ودول شمال إفريقيا الجزائر والمغرب وليبيا وتونس، ثم إلى الأردن ولبنان، وعاد لمصر بعد أن أنشأ فى ليبيا فرقة موسيقية لإذاعتها وفى الأردن معهدًا للموسيقى العربية، فتولى قيادة الفرقة القومية للموسيقى العربية التابعة لمعهد الموسيقى العربية، ثم أوركسترا فرقة رضا للفنون الشعبية. ولو استعرضنا إنتاج عطية شرارة الموسيقى سوف يتبين لنا تمسكه بالروح العربية، والموسيقى المصرية الخالصة مع اطلاعه على قوالب الموسيقى العالمية خاصة الكونشرتو وهو حوار بين آلة يسعى المؤلف أن يستعرض إمكانياتها وأجمل ما فى صوتها، والأوركسترا كاملًا، كتب شراره من هذا القالب أكثر من كونشرتو، منها ما هو للعود، وللكمان، وللناى والتشيللو، وقام بعزفها أشهر وأمهر العازفين ومنهم أنور منسى، ومحمود عفت وحسين صابر. أما مصريته الخالصة فقد تجلت فى استخدامه آلة المزمار فى مقطوعة «جبل عرفات للكورال والأوركسترا واللحن الفولكلورى» يا نخلتين فى العلالى فى الحركة الثالثة فى كونشرتو الكمان رقم (1) واللحن الفلولكلورى «حسن يا خولى الجنينة» فى الحركتين الأولى والثالثة من كونشرتو الكمان رقم (2). ثم استخدم قالب «السماعى» المعروف فى التراث الموسيقى المصرى المنقول عن الموسيقى التركية وذلك فى «سماعى نهاوند شرارة» وقالب «متتابعات عربية» وسداسية عربية لموسيقى الحجرة. وبنفس درجة السمو الموسيقى قام بتوزيع أغنيات مصرية كثيرة منها أعمال لمحمد عبد الوهاب وفريد الأطرش كما كتب الموسيقى التصويرية لعدة أفلام سينمائية منها «سماره» و«ابن حميدو». ظل عطاء فرقة «سداسى شراره» الذى أنشأها الموسيقار الكبير عام 1981 دائمًا ولا يزال، كان عماد الفرقة فى بدايتها عطية شرارة، وابنه الأكبر الدكتور حسن شرارة العميد الأسبق لمعهد الكونسيرفتوار والرائد وعازف الكمان الأول لأوركسترا القاهرة السيمفونى، ومعهما أشرف شرارة الابن الثانى لعطية شرارة والعازف على آلة التشيللو ومعهم الدكتور عاطف إمام عميد المعهد العالى للموسيقى العربية السابق وعازف الإيقاع زين عارف، ثم انضم لعضوية الفرقة أحفاد شراره وهم عطية وأحمد ومحمد على آلة «الكمان» وخلود على آلة «الفلوت» وعمر كعازف آخر على آلة «التشيللو». كان عطية شرارة موسيقارًا مصريًا عظيمًا فى إنتاجه ولم يتوقف عطاؤه حتى آخر أيامه، كان أكاديمية موسيقية تشهد لها أعماله المنوعة وإنجازات فى الدول العربية وتلاميذه فى أكاديمية الفنون وخارجها وأبناؤه وأحفاده الذين ورثوا عنه الفن والأخلاق.. رحمه الله.