الأمسيات الرمضانية عادت لتضيء سماء القاهرة بعد أن اختفت في الأيام الأولي من الشهر الكريم وكانت البداية في قصر الأمير بشتاك بشارع المعز والذي يعد مقراً لبيت الغناء العربي الذي يديره الفنان محسن فاروق الذي أعد برنامجاً ثرياً بدأ منذ يومين بليلة موسيقية لفرقة سداسي شرارة بقيادة عازف الكمان د.حسن شرارة وقد شارك بالعزف عدد من أبنائه وأحفاد الموسيقار عطية شرارة مؤسس الفريق منهم عازف التشيلو د.أشرف والأحداف أحمد ومحمد "كمان" وخلود "فلوت". الحفل جاء بمناسبة العاشر من رمضان والعبور العظيم وبدأ برنامجه بلحن محمود الشريف الشهير ب"رمضان جانا" ثم لحن بليغ ياحبيبتي يا مصر وعقب هذين اللحنين قدمت الفرقة مؤلفات عطية شرارة التي تخصصت فيها منذ إنشائها حيث قدمت بمناسبة شهر رمضان الألحان الصوفية ومناجاة وليالي النور وهما عملان من المؤلفات التي نادراً عزفها ثم بعد ذلك توالت المقطوعات التي اشتهرت الفرقة بتقديمها مثل موسيقي "أفراح" ومقطوعة "المنصورة" والتي عزفها علي الكمان أحمد شرارة ومقطوعة رقصة الفراشة وعزفتها خلود شرارة واختتم البرنامج بموسيقي "توحة" وهي الموسيقي التصويرية للمسلسل الإبداعي الشهير في بداية الستينيات والذي يحمل هذا الاسم.. الحفل الثاني الذي أنار ليل القاهرة في قصر بشتاك أقيم وأحيته فرقة "عشاق النغم" بقيادة المايسترو محمد عبدالستار الأستاذ المساعد بقسم الغناء بالمعهد العالي للموسيقي العربية والمسئول عن فصل الغناء العربي بمركز تنمية المواهب ونجم الغناء في فرقة أم كلثوم ومن تلاميذ الموسيقار الراحل حسين جنيد والفرقة أسسها د.عبدالستار منذ عشر سنوات ومن أهم أهدافها تقديم أصوات جديدة للساحة الغنائية من الدارسين والأكاديميين بالإضافة لتقديم روائع تراث الموسيقي العربية. الفرقة قدمت برنامجاً جاء مناسباً للظروف التي تمر بها والمناسبة التي أقيم فيها فجاء متنوعاً بين الأغنية الوطنية والدينية والعاطفية كما تنوع بين الأغاني الجماعية والفردية. الحفل بدأ بالأغنية الجماعية "حب الوطن" واختتم بأداء جماعي لقصيدة "القلب يعشق كل جميل وبين البداية والختام جاءت الأغاني الفردية حيث شدت حنان عصام بأغنية جمال الدنيا يحلي وتضمن البرنامج عدة ألحان لموسيقار الأجيال حيث أدي محمود عبدالله "اشكي لمين الهويش و"لما انت ناوي تغيب علي طول" كما أدي عز الدين أغنية "حسدوني وباين في عينيهم" وغني محمد سعيد أغنية "إيه انكتب لي يا روحي معاك" وشدا محمود وحيد بلحن "دقت ساعة العمل الثوريش وجاء اختيار كل منهم موفقاً من قبل المايسترو حيث إن صوت كل منهم يتشابه مع نسيج صوت عبدالوهاب في الفترات الزمنية التي أءي فيها موسيقار الأجيال اللحن من الأغاني العاطفية امتعت ميرفت وجدي الحاضرين بأغنية وردة "روحي وروحك حبايب" وغنت نشوي عصام أغنية "طاير ياحمام" ومن أغاني أم كلثوم استمتعنا بلحن السنباطي "عودت عيني" بصوت أمنية أبوبكر. مفاجأة مفاجأة الحفل كان الطفل سيف الدين أحد نجوم مركز تنمية المواهب والذي شارك بأغنية "مدد يانبي" فحاز علي الإعجاب ونال التصفيق الحار ليس لأنه طفل يقلد الكبار وإنما لأن أداءه جاء دقيقاً مع حلاوة في الصوت مما يؤكد أنه تدرب بشكل جيد وبأسلوب علمي. الفرقة الموسيقية كانت من أهم عوامل نجاح الحفل حيث جاءت المصاحبة للمطربين متميزة كما كانت هناك بعض مقاطع العزف المنفرد لمعظم الآلات مما أعطي ثراء للبرنامج والجميل أن الأداء جاء من نجوم العزف علي الساحة الآن فكان هناك محمد نصر بعزفه الرائع علي آلة الكمان وممدوح سرور علي آلة الناي وعازف القانون المتميز محمد سعودي وعازف الطبلة صفوت سرور وعازف الرق هاني زين. وأخيراً ما لاشك فيه أن هذه الحفلات أعادت لنا السهرات الرمضانية التي افتقادناها هذا العام والتي نتمني أن تستمر وتشمل باقي البيوت والمراكز الثقافية وأن يعود الأمن والأمان الذي بدونهما لا تزدهر الفنون.